هناك أنظمة فاشلة كالنظام السعودي والنظام البحريني تمنع شعوبها حتى من مجرد التعبير عن مواقفها وأرائها والمطالبة بحقوقها المشروعة, وتقمع وتطارد كل من يطالب بذلك ويزج به في السجون أو ينفى من البلد
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن هناك أنظمة فاشلة كالنظام السعودي والنظام البحريني تمنع شعوبها حتى من مجرد التعبير عن مواقفها وأرائها والمطالبة بحقوقها المشروعة, وتقمع وتطارد كل من يطالب بذلك ويزج به في السجون أو ينفى من البلد ويجرد من جنسيته كما يفعل النظام البحريني ببعض العلماء المعارضين, بل أن النظام السعودي يعدم من يطالب ولو سلمياً ببعض الحقوق كما فعل مع الشيخ نمر النمر الذي لم يؤسس خلية ارهابية ولم يتعرض لأمن البلد واستقراره وانما كانت لديه بعض المطالب المشروعة التي يعبر عنها بشكل سلمي.
نص الخطبة
قبل أيام مرت علينا ذكرى شهادة السيدة فاطمة الزهراء (ع ) حسب الرواية الثانية المشهورة التي تقول بأن شهادتها كانت بعد وفاة أبيها بخمسة وسبعين يوماً, أي في الثالث عشر من شهر جمادى الأولى من سنة احدى عشر للهجرة النبوية الشريفة.
وفي هذه الذكرى الأليمة والحزينة نستحضر علاقة رسول الله(ص)بفاطمة(ع) ونستحضر الأحاديث والنصوص في مكانتها عند أبيها، هذه العلاقة التي كانت قائمة على الحب والحنان والإحترام والاهتمام والرعاية والعناية الخاصة. فقد كان النبي يحبها حباً شديداً لا يشبه محبة الآباء لبناتهم، فقد كان الحب ممزوجاً بالاحترام والتعظيم والإجلال والتقدير.
ولم يكن هذا الحب والتقدير بدافع العاطفة الأبوية فقط أو بدافع العلاقة النسبية، بل كان النبي(ص) ينظر إلى ابنته نظرة إكبار وإجلال لما كانت تتمتع به من مواهب ومزايا وكفاءات وفضائل عظيمة وكبيرة،فقد كانت الزهراء(ع) تملك في شخصيتها وفي ذاتها من المواصفات الإنسانية والأخلاقية والكمالية ما لا تملكه امرأة في هذا الوجود, ولعل النبي(ص) كان مأموراً من الله باحترامها وإجلالها, فما كان يَدَعُ فرصة أو مناسبة تمرّ إلاّ وينوّه بعظمة ابنته، ويشهد بمواهبها ومكانتها السامية عند الله تعالى وعند رسول الله(ص).
ولم يُسمع من الرسول(ص) ثناءاً أو مديحاً لأحد من بقية بناته كالثناء الذي كان يوجهه للزهراء(ع)، ولم يكن ثناؤه عليها انطلاقاً من عاطفة أو حب نفسي فقط، بل كان ذلك أيضاً بدافع كشف حقيقة الزهراء وجوهر الزهراء أمام الناس، وإظهار مقامها ومكانتها ومنزلتها وموقعها عند الله وعند رسول الله، حيث كان النبي(ص) يعلم بما سيجري على ابنته من بعده من أنواع الظلم والاضطهاد والإيذاء وهتك الحرمة، ولهذا أراد الرسول(ص) أن يتمّ الحجة على الناس، حتى لا يبقى لأحد مبرر أو عذر.أما الأحاديث التي تدل على مكانة الزهراء وموقعها في قلب رسول الله (ص) فهي أحاديث كثيرة نذكر بعضها:
فقد ورد عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله (ص) من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقبَّل يديها وأجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحبَّت به وقبّلت يديه..
وروى أيضا: أنها كانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ورحب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه, وكانت هي إذا دخل عليها رسول الله (ص) قامت إليه مستقبلة وقبلت يده.
وروي أن النبي) ص) قال لفاطمة (ع): فداك أبي وأمي.
وروي عن ثوبان مولى رسول الله (ص)قال: كان رسول الله (ص)إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة .وعن حذيفة قال: كان رسول الله (ص) لا ينام حتى يقبل عرض وجنة فاطمة..
وعن ابن عمر: أن النبي (ص) قبّل رأس فاطمة وقال: فداكِ أبوكِ، كما كنت فكوني. وفي رواية: فداكِ أبي وأمي.
وفي ذخائر العقبى عن عائشة: قبّل رسول الله (ص) نحر فاطمة.
وفي رواية: فقلت: يا رسول الله فعلتَ شيئاً لم تفعله؟ فقال: يا عائشة إني إذا اشتقت إلى الجنة قبّلت نحر فاطمة.
وروى القندوزي عن عائشة قالت: كان النبي (ص) إذا قدم من سفر قبّل نحر فاطمة وقال: منها أشمّ رائحة الجنة.
إن هذه الأحاديث كما تظهر فضل فاطمة الزهراء(ع) ، فإنها توجهنا إلى ما ينبغي أن تكون عليه علاقة الأب مع ابنته، فعلى الأب أن يغمر إبنته بالمحبة والعطف والاحترام, لأن للبنت وللمرأة عموماً في الإسلام مكانة لا تقل عن مكانة الرجل, فالله سبحانه وتعالى خلق المرأة لتقوم بأدوار إنسانية عظيمة فهي شريكة الرجل في بناء الكون وتسيير شؤون الحياة, ولا سيما قي بناء حياة زوجية مستقرة, وفي تربية أسرة صالحة, وفي اقامة حياة اجتماعية متكاملة .
وقد أعد الله سبحانه المرأة للعب دور الأمومة، بدءاً من الحمل والحضانة وانتهاء بالتنشئة والتربية, وتحتاج هذه المهمة إلى مؤهلات نفسية خاصة، وإلى مخزونٍ كبيرٍ من العاطفة والمشاعر لتعينها في القيام بواجباتها. إن تميز المرأة بقدر كبير من العاطفة ليس عيباً كما يظن بعض الناس ، فلولا هذا المخزون العاطفي لما استطاعت المرأة أن تطيق الحمل تسعة أشهر، ولما صبرت على آلام الولادة والوضع، ولما تحملت تعب الرضاعة، ومعاناة تربية الأولاد وتنشئتهم ومواكبتهم. ينبغي النظر في حقيقة الأمر إلى هذه القدرات باعتبارها مؤهلات وألطاف ونعم منّ الله بها على المرأة لتمارس دورها الكبير في هذه الحياة.
إن تميز المرأة بقدرعاطفي كبير لا يتناقض وامتلاكها القدرات العقلية المتميزة. فالمرأة كالرجل في سائر المقومات، لكنها تمتاز عليه بهذا الثراء العاطفي الذي جبلت عليه للقيام بأدوارها الحيوية الكبيرة. من هنا ينبغي على المحيط العائلي، وخصوصا الآباء والأزواج، أن يأخذوا هذا الأمر بعين الاعتبار، فيتعاملون مع البنت بقدر كبير من الرعاية والاهتمام، من أجل اشباع عاطفتها، ذلك لأن البنت ستكون أقرب للإصابة بالأزمات النفسية، والمشاكل السلوكية، إذا ما عانت من جوع وفراغ عاطفيين في محيطها العائلي، الأمر الذي سوف ينعكس سلبا على دورها التربوي مع زوجها وأبنائها.
وهناك الكثير من النصوص الدينية التي تشدد على أهمية التعامل اللطيف والرقيق مع البنات.
فقد ورد في الحديث عن رسول الله أنه قال: (رفقاً بالقوارير ( أي بالبنات. وهذا الحديث يشبه المرأة في رقتها ومشاعرها واحاسيسها بالقوارير والأوعية الزجاجية والخزفية فهي قابلة للكسر والتحطم إذا لم يحسن الإنسان حملها ومراعاتها، وكذلك المرأة إن لم يتم التعامل معها بالمراعاة والمدارة لعواطفها ومشاعرها فإنها تشعر بالإنكسار . لذلك ينبغي أن يكون التعامل مع النساء مع البنات والزوجات في غاية الرفق، لأن مشاعر المرأة أقرب ما تكون للانكسار اذا تم التعامل معها بشدة أو بإسلوب قاس، أو في حال اهمالها والتعامل معها بجفاء .
وفي نص آخر عن علي (ع): المرأة ريحانة وليست بقهرمانة . والقهرمان هو الشخص الموكل بجباية أموال الخراج من الناس، فمثل هذا الشخص غالبا ما تكون علاقته بالناس وعلاقة الناس به قائمة على الشدة والمناكفة والتحدي.
ان هذا النص يريد أن يقول بأن علاقتك أيها الرجل مع زوجتك لا ينبغي أن تكون قائمة على أساس المناكفة والتحدي، بل على العكس من ذلك تماماً، فهي ريحانة ينبغي التعامل معها بلطف وبرقة.
وفي حديث ثالث مروي عن النبي(ص (يقول: من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج, وليبدأ بالإناث قبل الذكور, فإن من فرح ابنته فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل. وهذا يشير إلى أهمية مراعاة المشاعر والأحاسيس للبنات تحديدا, والتعامل اللين معهن ,وإعطاء المرأة عموماً حقوقها التي ضمنها الإسلام .
اليوم هناك إفراط وتفريط في التعاطي مع المرأة في العالم .الغرب مثلاً يفرط في إعطائها الحرية بلا حدود ولا ضوابط ولا قيود , ويتعاطى مع المرأة غالباً كسلعة للدعاية والإعلان والتسويق واستقطاب الزبائن.
بينما بعض الأنظمة الفاشلة كالسعودية تسلب المرأة أبسط حقوقها, وتمنعها من العمل, والقيادة, والمشاركة, والتعبير عن أرائها ومواقفها, والمطالبة بحقوقها, وتتعاطى مع المرأة كمجرد أداة للإستمتاع الجنسي.بل إن نظاماً كالنظام السعودي والنظام البحريني لا يمنع المرأة وحدها من حقها في التعبير عن مواقفها وأرائها والمطالبة بحقوقها.. بل يمنع كل الناس فيه من أن يمارسوا حريتهم في التعبير عن أرائهم, ومن المطالبة بحقوقهم المشروعة.. ومن يطالب بذلك يقمع ويطارد ويزج به في السجون ويعذب أو ينفى ويطرد من البلد ويجرد من جنسيته كما يفعل النظام البحريني ببعض العلماء المعارضين, بل أن النظام السعودي يعدم من يطالب ولو سلمياً ببعض الحقوق كما فعل مع الشيخ نمر النمر الذي لم يؤسس خلية ارهابية ولم يتعرض لأمن البلد واستقراره, وانما كانت لديه بعض المطالب المشروعة التي يعبر عنها بشكل سلمي.
اليوم هذه الأنظمة لا تكتفي بقمع شعوبها فقط وكمّ أفواههم, بل يريدون كمّ أفواه شعوب المنطقة وكم أفواه اللبنانيين, ويريدون أن يكون لبنان ورائهم وتابعاً لهم في سياساتهم في المنطقة, فاذا ذهبوا الى اليمن فعلى لبنان أن يذهب معهم ويكون ورائهم, واذا عادوا ايران فعلى لبنان ان يعادي ايران.. وإلا يحرم من هباتهم ومساعداتهم ومكرماتهم الملكية .. ما هذا الإبتزاز الرخيص؟!.
نحن هنا لبنان. ولسنا السودان ولا جيبوتي ولا الصومال ولا جزر القمر. لبنان لا يباع ولا يشترى بحفنة من المال . لبنان له كرامته وكرامة أهله وشعبه وليس من حق أحد إهانته وإذلاله وإذلال شعبه لإرضاء السعودية . السياسة السعودية تحاول تخريب الوحدة الوطنية في لبنان من خلال دفعه في محاور تضر بوحدته وتماسكه وعلاقة أبناءه بعضهم ببعض.لبنان ليس إمارة سعودية, ولا يحق للسعودية أن تفرض على اللبنانيين خيارات سياسية معينة.
لبنان قائم على الحريات والسعودية تريد ضرب الحريات في لبنان.
لبنان بلد الحريات وواحة للديمقراطية, يستطيع الإنسان التعبير فيه عن آرائه بحرية.طول عمرو لبنان تجتمع فيه الجماعات المعارضة للدكتوريات والأنظمة الفاشلة وتعبر فيه عن معارضتها بشكل حضاري وسلمي.صار اليوم ممنوع أن تحكي على النظام القمعي في البحرين, وممنوع أن تعترض أو توصف الإجرام الذي يمارسه بنو سعود في اليمن!.
لماذا يحق لك أنت أن تحكي على إيران وعلى حزب الله وتصفهما بأبشع الأوصاف الباطلة, ولا يحق للذين يعارضون النظام في السعودية أو في البحرين أو غيرهم أن يتحدثوا بآرائهم ويتحدثوا عن مظلوميتهم؟!.
لماذا يحق لكم أن تتكلموا على النظام في سوريا والنظام في العراق وعلى المعارضة البحرينية وعلى الحوثيين وغيرهم, وتسبون وتشتمون, ولا يحق لنا أن نوصف الجريمة التي ترتكبها السعودية بحق شعب فقير وبلد فقير كاليمن؟
ثم يأتينا البعض ويحدثنا عن مملكة الخير!. وأنها لم تُنشأ ميليشيات كما فعلت إيران! إيران لم تنشأ ميليشيات, إيران دعمت مقاومة شريفة وصادقة في لبنان, هي المقاومة الإسلامية وحزب الله الذي حرر البلد وأخرج المحتل الإسرائيلي وصد اعتداءاته وأعاد لكم حريتكم وسيادتكم وبعضاً من كرامتكم وكرامة أسيادكم ومماليككم الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة على المحتل وعجزوا عن فعل شيء في مواجهة إسرائيل.
إيران دعمت مقاومة في لبنان وفي فلسطين ولا زالت.. أما مملكة الخير فهي التي أنشأت الميليشيات ودعمت الإرهاب ونشرت الإرهاب . ألم تُنشىء الميليشيات في سوريا والعراق واليمن بهدف تدمير هذه البلدان؟من الذي صنع الجماعات التكفيرية الإرهابية ودعمها بالمال والسلاح والإعلام والسياسة؟! من الذي أنشأ فتح الإسلام وأحرار الشام والجيش الحر وغيره من المسميات في سوريا ودعمها وجاهر بدعمها؟ مملكة الخير أم إيران؟.من الذي دعم جبهة النصر والهم داعش وأخواتها؟ من الذي أغدق المال على هذه الجماعات الإرهابية؟ أمراء إيران أم أمراء السعودية؟!.
من الذي يجاهر صباحاً ومساءاً بأنه يدعم ويساند الجماعات الإرهابية في سوريا ويفرضهم كمفاوضين في جنيف وغيرها؟ وزير خارجية إيران أم وزير خارجية السعودية؟.من الذي يدعم الميليشيات والعصابات والمرتزقة في اليمن من أجل الاستعانة بهم في مواجهة الشعب اليمني وتخريب هذا البلد؟! إيران أم السعودية؟من الذي سلم عدن للميليشيات والقاعدة؟! إيران أم السعودية؟من الذي يشتري الذمم والأوطان والدول والرؤساء والسياسيين بالمال ليساندوا موقفه ولو كان على باطل..؟! إيران أم السعودية؟.
أنتم الميليشيا.. أنتم الإرهاب بعينه.. أنتم تتبعون أنظمة فاشلة وبائدة ومتحجرة ودكتاتورية قمعية تكتم الأفواه وعلى الإنسان فيها أن يكون عبداً لأمير أو سلطان يدين له بالسمع والطاعة صباحاً ومساءاً ويكون ذليلاً وحقيراً أمامه.
كلا يا سادة.. لبنان واللبنانيون ليسوا كذلك.. لبنان ليس إمارة سعودية، لبنان ليس الرياض ولا جدة ولا تبوك ولا أبها.. لبنان هو لبنان, بلد الحريات والديمقراطية, بلد المقاومة والتحرير والانتصار على إسرائيل, ولن يكون غير ذلك مهما كانت الظروف ومهما علا الصراخ.