الكلمة المتلفزة لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الثلاثاء 1-3-2016
الكلمة المتلفزة لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الثلاثاء 1-3-2016
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبدالله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته .
في البداية أود أن أتوجه بأسمى آيات التبريك وأيضاً التعبير عن مشاعر المواساة لعوائل الشهداء، هذه الكوكبة من شهدائنا المجاهدين المقاومين الأبطال، ومن بينهم الشهيد القائد الحاج علي فياض المعروف باسم الحاج علاء، والذين استشهدوا في الأيام القليلة الماضية في مواجهة تنظيم داعش التكفيري والإرهابي أثناء مساعدتهم ومساهمتهم في فتح طريق طريق خناصر أثريا وفك الحصار عن منطقة حلب ومدينة حلب.
في كل الأحوال، أنا أتوجه إلى هذه العائلات الكريمة بالتبريك والتعزية، وأيضاً سوف يكون هناك فرصة إن شاء الله للحديث عن الشهيد القائد الحاج علاء وعن إخوان هذا الشهيد وعن هذه المعركة بشكل أفضل وأوسع في الأيام القليلة المقبلة عندما ـ إن شاء الله إذا بقينا على قيد الحياة وإذا وفقنا الله عز وجلّ لذلك ـ سأتحدث في ذكرى أسبوع هذا الشهيد القائد.
الهدف من الإطلالة هذه الليلة هو تناول التطورات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة والأيام الاخيرة فيما يتعلق بالوضع في لبنان والمواقف التي أعلنتها المملكة العربية السعودية تجاه لبنان، وما حصل منذ ذلك الوقت إلى اليوم ضمن عدة عناوين أتعرض إليها قد الإمكان في الوقت المتاح.
منذ أن أعلنت السعودية في 19-2-2016 عن إيقافها للهبات المعلن عنها سابقاً، الهبات المفترضة للجيش اللبناني، بدأت في لبنان وفي المنطقة حملة سياسية وإعلامية واسعة جداً وشهدنا تصعيداً سياسياً وإعلامياً كبيراً جداً، إن من جهة السعودية نفسها ومعها بعض دول الخليج، أو من جهة بعض القوى السياسية في لبنان أيضاً دخلت في نفس هذا المناخ وفي هذا السياق منذ ذلك اليوم، ونتيجة هذا التصعيد الإعلامي والسياسي، وكما رأيتم هم يخطبون ويتكلمون ويقيمون مؤتمرات وجلسات ولقاءات، ونحن كنا نعلّق بالحد الأدنى فيما كان يقوله الإخوة وبعض الأصدقاء، لكن هذا أدخل لبنان في مناخ من التوتر الشديد على المستوى السياسي والإعلامي والشعبي، ما أدى إلى بروز مخاوف كبيرة لدى اللبنانيين أو لدى المقيمين في لبنان من غير اللبنانيين أو لدى الذين يودّون السفر إلى لبنان لأغراض متعددة انتشرت شائعات كثيرة في نفس هذا السياق. أيضاً قامت بعض وسائل الإعلام السعودية بتقديم برامج مهينة ومسيئة، وعلى خلفية هذه البرامج أيضاً حصلت تحركات شبابية في الشارع.
يجب أن نتوقف عند هذه التحركات وعند بعض ما حصل وبعض ما قيل فيها، ومن موقع المسؤولية يجب أن نتطرق لهذا الموضوع.
بكل الأحوال، من الواضح أننا منذ 19 -2 -2016 تاريخ الإعلان عن وقف الهبات وإجرءات سعودية أخرى دخلنا مرحلة جديدة من الصراع السياسي والإعلامي، قامت السعودية بتصعيده، والتوتر موجود ولكن هذا التصعيد العالي والكبير والذهاب به إلى مديات جديدة وبعيدة.
أنا سأتحدث بثلاثة عناوين :
الأول: المناخ السياسي والأمني في البلد والتحليلات والتوقعات والمقالات والإشاعات .
العنوان الثاني هو حلقة الـ "أم بي سي" وردود الأفعال وتعليقي عليها وعلى أمثالها.
والعنوان الثالث هو المشكل القائم الآن مع السعودية، تقييمنا وتشخيصنا لهذا المشكل وموقفنا وكيف سنتعاطى معه، طبعاً بالمقدارالمتاح، يمكن بالتأكيد الوقت لن يتسع لمعالجة هذا الملف من كل جوانبه، لذلك هناك جزء منه سأترك معالجته إلى ذكرى الشهيد القائد علي فياض إن شاء الله.
بالعنوان الأول: بعد مناخ التصعيد الخطابي، طبعاً السعودية قامت بإجراء وأعلنت أنها أوقفت المنح. بالمقابل في لبنان الفريق السياسي الآخر قام قيامته، خطابات وبيانات ومؤتمرات صحافية وتحركات ووفود شعبية ومواقع انترنت وتصعيد وتهييج وإثارة. كل هذا صار في ظل هذا المناخ المتوتر وحصلت عدة أمور:
1- وُزعت بيانات مجهولة المصدر، معلومة الخلفية، وراحت تتكلم عن نوايا أن حزب الله سيدخل المنطقة الفلانية، هم اختاروا مناطق ذات لون طائفي معين، وأنه يا أهل السنّة في الضاحية انتبهوا بالساعة الفلانية ماذا تعملون، مثل إعطائهم تدابير وإجراءات وإن "الطريق الجديدة" مستهدفة، ولا أعرف أين وأين.
للأسف الشديد أيضاً تم تلقف مضمون هذه البيانات، واشتغلوا فيه على المواقع الإلكترونية، واهتمت بعض وسائل الإعلام، وصار هناك قلق إلى حد أن بعض الجهات الأمنية الرسمية اضطرت أن تسأل أن هذا هل هناك شيء منه أم لا؟ إذاً واحد من الأساليب هو البيانات التي يرتفع منها بقوة صوت الفتنة. "طيّب فيه حدا" يريد فتنة، يريد توظيف هذا المناخ الذي استجد ليعمل فتنة في لبنان، خصوصاً بين السنة والشيعة.
ثانياً: السعودية وبعض دول الخليج الأخرى معها أعلنت منع سفر رعاياها إلى لبنان وطلبت من رعاياها الموجودين في لبنان مغادرة لبنان، وحكوا عن اعتبارات أمنية. طيّب أنتم اعتباركم سياسي عقابي، لماذا تُدخلون الاعتبارات الأمنية، "وما حدا عندو شي" لا أحد لديه أي مؤشر أو معلومة أو معطى أن الرعايا الخليجيين في لبنان سيتعرضون لأذى أو ما شاكل. هذا أيضاً الأمر الثاني أوجد مناخاً سلبياً.
ثالثا : المقالات والتحليلات التي صدرت في بعض وسائل الإعلام العربية واللبنانية، وخاصة اللبنانية، وهذا النائب وهذا الوزير وهذا الحربي وهذا المصدر المقرب والمصدرالمسؤول و"ما بعرف شو" الذين صاروا يتحدثون عن نوايا حزب الله وأن حزب الله غاضب ومتوتر ويخطط لـ "7 أيار" جديد وجهّز القمصان السود وأخرج السلاح من المخازن و"شوفوا شو بدو يصير بالبلد".
رابعا : الأخبار على المواقع الإلكترونية والتي أيضاً، للأسف الشديد، بعض وسائل الإعلام تعاطت معها بشكل أو بآخر أكاذيب خلال الأيام الماضية، هنا يوجد اشتباك وهنا يوجد قتلى وهنا يوجد استنفار وهنا يوجد معركة، وكله ليس له أي أساس من الصحة. طبعاً هذا أيضاً ساعد في بلبلة البلد، لا شك أيضا ـ لنعترف ـ أن الحراك الشبابي الذي حصل برد الفعل على برنامح الـ "أم بي سي" ساعد بشكل أو بآخر، هذا أبقي له عنوان لوحده بإثارة المخاوف والقلق في الأوساط اللبنانية وخصوصاً الأوساط الشعبية. بكل الأحوال هذا المقطع الأول سوف أعلق فيه بالقول بالنسبة لحزب الله والذين يحللون أو يتوقعون أو للذين يكذبون أو للذين يريدون أن تحصل فتنة في البلد أقول لهم بصراحة وبوضوح شديدين، طبعاً سوف أقول شيئاً له علاقة بالموضوعين، بالعنوانين، بل بالعناوين الثلاثة، البعض يفترض أن حزب الله مضغوط ومحشور بالزاوية و"مزنوق" و"السماء مطربقة على رأسه"، اسمحوا لي أن أتكلم بالعامية، وأنه لا نعرف ماذا سيفعل، هل سيقلب الطاولة؟ هذا الكلام كله سخيف. نحن لسنا كذلك. اقول هذا للصديق وللخصم وللعدو، العدو كي ييأس والخصم حتى تبقى حساباته واقعية، لا يقلق حتى يخطئ بالحسابات، وللصديق كي لا يتوتر، نحن أقوياء ومرتاحون، وإذا أردنا أن نقيس وضعنا من الآن حتى قبل خمس سنوات، نحن في أفضل وضع من خمس سنوات إلى الآن على كل صعيد محلي وإقليمي، نحن لسنا مضغوطين ولا محشورين، بل بالعكس وبعد قليل سوف أتكلم عن ذلك بالتقييم، لذلك هذا الكلام فليوضع جانباً.
وبالعودة إلى أسسنا ومنطلقاتنا ومبادئنا، نحن نصر ونقول: نحن حريصون على الاستقرار في لبنان، على الأمن في لبنان، على السلم الأهلي في لبنان، على الهدوء والطمأنينة في لبنان. بكل وضوح كل هذا الذي يحصل ولتضعوا فوقه كل الذي تريدون أن تضعوه.
نحن حتى حين نعاود الكلام عن سبعة ايار في ذلك الوقت تكلمنا لماذا حصل سبعة ايار، ليس لدينا سبعة أيار، ولسنا بصدد التحضير لشيء، وليس هناك قمصان سوداء، ولا أحد متوتر، وليس هناك من هو مضغوط ولا شيء من هذا القبيل.
البعض قد يقول بالسياسة يا سيد هذا خطأ يجب أن تبقي الخصم قلقاً وكذا... لا، في الموضوع الوطني هناك اعتبار أعلى، اعتبار وطني وأخلاقي وأمني.
لذلك يجب أن يعلم كل اللبنانيين وكل المقيمين في لبنان، يجب أن يعلموا، كل الذين يرغبون بزيارة لبنان يعرفون أنه ليس هناك مشكلة أمنية في البلد، والبلد ليس على حافة حرب أهلية ولا قتال ولا خطوط تماس ولا صدام ولا كل هذا، بل كل ذلك من باب التهويل وليس له أي أساس من الصحة، بالحد الأدنى من جهتنا، نحن ليس لدينا أي نوايا على الإطلاق.
في أصعب الظروف أنا قلت يجب أن نحيّد بلدنا، هذه المنطقة كلها فيها مشاكل، والبعض ما زال ينتقد عندما قلت إنه إذا أردنا أن نتقاتل ونحن ننصر فئة في سوريا وأنتم تنصرون فئة فلنذهب من أجل أن نتقاتل في سوريا، على كل حال هناك قتال في سوري?