من حق "حلفاء" المملكة السعودية ان يشعروا بالقلق وهم يرون الراعي والممول يخبط يميناً وشمالاً لتحقيق هدف ما في مرمى السياسة الخارجية
علي عبادي
من حق "حلفاء" المملكة السعودية ان يشعروا بالقلق وهم يرون الراعي والممول يخبط يميناً وشمالاً لتحقيق هدف ما في مرمى السياسة الخارجية التي تهدد بتكاليفها وأعبائها الضخمة بإفلاس المملكة مالياً وسياسياً.
من حق هؤلاء "الحلفاء" ان يشعروا بالرعب وهم يرون الراعي والممول يدير الظهر لهم ولا يسأل عن خاطرهم، لأن الأزمة التي تعصف به داخلياً وخارجياً تدفعه الى سلوك طريق وعر يؤذيه ويؤذي حلفاءه معه.
لم تعد السعودية تقيم وزناً لأحد، وعلى طريقة جورج بوش الابن تقول للجميع: من ليس معنا فهو ضدنا. وقد تعمدت ضرب مثل بلبنان البلد الصغير: فقد وجهت اليه جام غضبها، لأنه تجرأ ودافع عن قراره السيادي ونأى بنفسه عن مقررات وزراء الخارجية العرب مؤخراً. ولهذا ربما، لم يجرؤ وزراء الداخلية العرب في أغلبهم على مخالفة الهوى السعودي في تجريم حزب الله.
السعودية ليست في أفضل أحوالها، وأخطر ما في توجهاتها الخارجية انها ليس فقط لا تترك خطاً للرجعة في البغض والعداوة (والامام علي يقول: أبغض بغيضك هوناً ما ، عسى ان يكون حبيبك يوماً ما)، وانما ايضا باتت تتصرف على أساس ان التحدي وجوديّ بالنسبة للمملكة، وفي ذلك تحدّ للذات وللواقع الخارجي ايضا. والرهان على كسب هذا التحدي المكلف قد يكون مغامرة مدمرة لها وللمنطقة على السواء.
وحلفاء السعودية - تبعاً لذلك - ليسوا أفضل حالاً طالما انهم ركبوا في مركبها وقرروا ان لا يناقِشوا ما دام انهم لا يشاوَرون ، وهم الذين يبصمون على قراراتها ويؤمّنون في الوقت نفسه على الدعاء بأن تأتي عواقب هذا الهوج السياسي المتشلّع سليمة.
القرار السعودي الاخير تجاه حزب الله يعطي دليلاً اضافياً على ان السعودية تضع حلفاءها في لبنان في مهبّ الريح، ولا شك انها تقدّر سلفاً ان قراراً خطيراً كهذا – ولو انه متوقع منذ فترة – من شأنه ان يضع لبنان على سكة الاضطراب. وقد كان السياسيون اللبنانيون الى الأمس القريب يعتبرون ان لا قرار اقليمياً ودولياً بهزّ استقرار لبنان، ويبدو ان عليهم ان يعيدوا النظر في هذا الاعتقاد. فالمملكة "غاضبة" وقد ربطت دورها ووجودها بالأزمة السورية والوضع في اليمن والاقليم وقررت خوض اشتباك مدمر مع ايران وحلفائها من دون ترك مجال للتفاهم والتفاوض (بخلاف مع تفعله مع روسيا فوق الطاولة ومع اسرائيل من فوق وتحت الطاولة). وهي لا تسأل عن التكاليف المالية والسياسية والبشرية، ولا عن رأي حلفائها المفترضين حتى، وجلـّهم يلحق بها طمعاً في مؤونة او التماساً للسلامة من غضبها.
الاستحقاقات المتعثرة في لبنان ستتعثر أكثر على ضوء القرار السعودي: ماذا لو فرضت السعودية "فيتو" على مشاركة حزب الله في أية حكومة مقبلة، هل ستجرؤ جماعتها في لبنان على مخالفتها؟ ماذا سيكون الحال بالنسبة لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهناك من اعضاء الجماعة السعودية من يدعو الى نبذ خيارَيْ ترشيح عون وفرنجية والعودة الى المربع الأول؟ وماذا عن بقية الاستحقاقات النيابية وغير النيابية؟ بل وماذا عن الوضع الأمني الذي يفاخر المسؤولون اللبنانيون بأنه ممسوك برغم العواصف التي تهبّ على المنطقة، هل ستتركه السعودية على ما هو عليه أم تحاول هزَّه أملاً في هزّ حزب الله؟
لبنان في مواجهة الريح السعودية، وروحُ "الانتقام" تسري في العروق الملكية، أيها اللبنانيون حصِّنوا وطنكم جيداً!