قبل ايام قليلة "صعقنا" بالكم الهائل من "الافواه" التي خرجت علينا تنادي بالتضامن العربي وتستنكر ما تعتبره خروجا عن هذا التضامن، هذا التضامن الذي يبدو انه يجب ان يفسر بحسب رغبات جهة سياسية بعينها.
ذوالفقار ضاهر
قبل ايام قليلة "صعقنا" بالكم الهائل من "الافواه" التي خرجت علينا تنادي بالتضامن العربي وتستنكر ما تعتبره خروجا عن هذا التضامن، هذا التضامن الذي يبدو انه يجب ان يفسر بحسب رغبات جهة سياسية بعينها، فما تريده هذه الجهة يجب ان نجمع عليه ونلتف حوله ونتكاتف في تنفيذه، لا فرق في ذلك بين مكره او من يقدم بمحض إرادته.
فالرياض كما يبدو هي من تحدد معنى هذا المسمى "تضامنا عربيا" وهي بالطبع تحدد نسبته ومنسوبه بمعايير حكامها دون غيرهم، ولكن ما بالكم بالتضامن العربي لو كان ضد مصلحة او معتقدات الرياض؟؟ فلو سلمنا جدلا ان حزبا لبنانيا رفض "البصم" بكل ما تريد الرياض ورفض الخضوع لارادتها ولذلك تشن عليه هذه الحرب الشعواء، فماذا نقول في رفض بعض العرب لما أراده حكام الخليج من وصف حزبٍ بـ"الارهاب"، فهذه الجزائر ومعها العراق رفضتا ما صدر عن اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب، ولبنان على لسان وزير داخليته تحفظ عن هذا الموقف، حتى ان تونس ظهر انها ضد هذه التصنيفات للمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي والعدو التكفيري
أين الاجماع العربي وأين التضامن العربي؟
فأين التضامن العربي من كل ذلك؟ وهل الهجوم على حزب لبناني، يمثل شريحة لبنانية وازنة ممثلة في البرلمان والحكومة مضافا اليها تحالفات سياسية داخلية مهمة، هل الهجوم من قبل مجلس التعاون الخليجي ومجلس وزراء الداخلية العرب على هذا الحزب يتطابق مع التضامن والاجماع العربي رغم وجود دولا عربية ترفض او تتحفظ ومن ضمنها لبنان نفسه؟ وهل التضامن العربي يستخدم "غب الطلب" بحسب رغبة الحكام هنا وهناك؟ أليس رفض 3 دول عربية على الاقل لوصف حزب الله بالارهاب يكفي للقول ان لا إجماعا عربيا على هذا الامر ولا تضامن لتنفيذه؟ وبالتالي يسقط هذه الشعارات الرنانة الفضفاضة التي تستخدم لدغدغة مشاعر الانسان العربي البسيط والفقير الذي ينتظر من العروبة أمورا مختلفة كثيرا عما يريده حكام وانطمة البترو-دولار.
ولكن يبدو بحسب الظاهر ان ما يجري من تحالفات هنا وهناك توصف بالاسلامية تارة وبالعربية تارة اخرى، ومن اجتماعات عاجلة وآخرى طارئة وتنسيق على أعلى المستويات، ما هو إلا "كرنفالات" محضرة سلفا وتُعطى التسميات المناسبة التي تليق بالمقام التي ستستخدم فيه ولأجله، انطلاقا من معايير استنسابية للحاكم الاكبر صاحب الثروة الاعلى ومن لديه السطوة الكبرى لدى الراعي الاميركي.
حول ذلك، أكد المحلل السياسي اللبناني غسان جواد ان "القرار الذي صدر عن اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس او قرار مجلس التعاون الخليجي لا يعكسا موقف الشعوب العربية"، ولفت الى ان "بعض الشعوب العربية استطاعت ان تفرض على حكامها نمط التعاطي المبدئي مع هذه القضية ورفض توصيف المقاومة بما تريده بعض الانظمة".
واشار جواد الى ان "حتى تونس التي جرى الاجتماع العربي فيها كسبت تعاطف شعبها المتعاطف مع المقاومة أكدت رفضها للقرار"، وأشاد "بالموقف الجزائري الذي فرضه هذا الشعب المقاوم الذي تناغم مع حكومته"، وشدد على انه "في بلد المليون شهيد لا يمكن ان يمر اي قرار ضد المقاومة التي قاتلت العدو وحررت اول ارض عربية بقوة".
ورأى جواد انه "في كل شمال افريقيا لا سيما في الجزائر وتونس هناك أناس لديهم عصب مقاوم وداعم للمقاومة"، واعتبر ان "هذه الشعوب تنظر لكل الامور في المنطقة من منظار الصراع العربي الاسرائيلي"، واكد ان "هذه الشعوب لم تلوث بلوثة الوهابية والتكفيرية"، منوها "بالموقف العراقي الرافض للاعتداء على المقاومة والذي يعكس تناغما بين الشعب والقيادة هناك".
من جهة ثانية، قال جواد "تبين ان موضوع ما يسمى الاجماع العربي المفتعل من قبل تيار المستقبل والسعودية هو محاولة لاستهداف المقاومة والتصويب على لبنان بغية إصابت المقاومة"، واضاف ان "وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لم يخطئ بل أعلن اكثر من مرة انه تضامن مع الدول العربي"، واضاف ان "الوزير نهاد المشنوق كرر تقريبا نفس الموقف الذي اتخذه الوزير باسيل ومع ذلك لم نرى تلك الحملة التي شُنت على حليف المقاومة".
وبالنسبة للموقف المطلوب من لبنان في هذه المرحلة، اعتبر جواد ان "المطلوب أقصى انواع الاستنفار وعلى كل الصعد الحكومية والنقابية والقانونية"، وتابع "التحرك يجب ان يكون عبر الحكومة اللبنانية والوزارات المعنية وعلى اللبنانيين بكل تياراتهم واحزابهم ونقاباتهم التحرك لان هناك إعلان حرب على مصالح اللبنانيين".
ورأى جواد انه "في حال حصل وطرد لافراد او عائلات لبنانية من دول خليجية لا بد من تفعيل هذا الامر عبر الاطر القانونية المناسبة في منظمات العمل الدولية والاسيوية والعربية ومواجهة هذه السياسات عبر الاطر الديبلوماسية بحسب ما تفرضهه القوانين الداخلية والجولية في هذا الاطار"، سائلا "أين حقوق الجاليات اللبنانية في دول الخليج ومن يحمي هذه الحقوق امام تعسف السلطات في هذه الدول؟".
وحول انعكاس التصعيد السعودية على الداخل اللبناني، اعتبر جواد ان "فريق السعودية في لبنان محرج ومربك خاصة سعد الحريري باعتبار انه ارسل الى لبنان وفي نفس الوقت بدأ التصويب على من يتحاور معهم تيار المستقبل"، ولفت الى انه "قد يكون احد اسباب الهجوم على المقاومة هو محاولة لانتزاع تسوية سياسية بشروط السعودية"، مؤكدا ان "هذا غير وارد لان المقاومة لا تقدم تنازلات ولا تغير مواقفها تحت الضغط"، موضحا انه "رغم كل شيء المقاومة حاضرة دائما لصوغ تفاهمات داخلية تحفز امن واستقرار لبنان ضمن إطار الميثاق والصيغة الدستورية بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية باعتباره المرشح الرسمي للمقاومة".
رغم كل الضجيج المثار من بعض الانظمة ومحاولة رفعها سقف البيانات لايهام أنفسها والآخرين، انها في موقع المهاجم ضد المقاومة، إلا ان الشعب العربي من الجزائر الى تونس وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق وغيرها ممن لم يرفعوا الصوت بعد، أكدوا يتأييدهم للمقاومة ورفض وصفها بـ"الارهاب" ان المزاج العربي في واد وبعض الانظمة في واد آخر، ما يؤكد ان هذه الانظمة تعاني وتعيش في مأزق حقيقي وان المستقبل مستقبل الشعوب والمقاومة.