نشرت وكالة «فرانس برس» أمس، تقريراً عن رئيس أركان جيش العدوّ غادي إيزنكوت، بدا كأنّه ترويج للرجل، وتلميع لصورته.
نشرت وكالة «فرانس برس» أمس، تقريراً عن رئيس أركان جيش العدوّ غادي إيزنكوت، بدا كأنّه ترويج للرجل، وتلميع لصورته. فبعد قراءة التقرير أكثر من مرّة، ستخال أنّ من أعدّه هو الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، أو أحد المسؤولين عن العلاقات العامّة في قيادة الأركان الإسرائيلية، وليس وكالة الأنباء الفرنسيّة، عبر مكتبها في القدس المحتلّة.
نقلت بعض وسائل الإعلام الأجنبيّة تقرير الوكالة باللغة الانكليزيّة بعنوان «رئيس الأركان الإسرائيلي يثير جدلاً بسبب «فطرته السليمة». ونشرت خدمة الوكالة العربيّة التقرير بعنوان «رئيس الأركان الإسرائيلي يثير جدلاً بدعوته إلى عدم الإفراط باستخدام القوة ضدّ الفلسطينيين». بجانب الخبر، نشرت الوكالة صوراً من حفلة تسليم إيزنكوت مهامه في شباط الماضي. أرفقت الصور بتصريح لوالدته يعود للعام 2014، قالت فيه إنّ ابنها كان مهيّئاً منذ صغره «ليصير رجلاً حكيماً»، وأنّها شعرت بذلك عندما كانت حبلى به.
تحدّث تقرير الوكالة عن نشأة ايزنكوت، وتدرّجه في جيش الاحتلال، وسنوات طفولته، ودراسته، وتحدّره من أصول مغربيّة، ولفت إلى أنّه «يثير جدلاً في إسرائيل حاليًّا بعد دعوته إلى عدم الإفراط في استخدام القوة مع الفلسطينيين كردّ على أعمال العنف التي بدأت في تشرين الأوّل»، بحسب اللغة المستخدمة في النصّ.
وذكّرت الوكالة الفرنسيّة أنّ ايزنكوت قال الشهر الماضي في مداخلة على قناة تلفزيونيّة إسرائيليّة: «حين تحمل فتاة في الثالثة عشرة مقصًّا أو سكينًا وهناك مسافة بينها وبين الجنود، لا أريد أن أرى جنديًّا يطلق النار ويفرغ بندقيته عليها، حتى لو كانت ترتكب عملًا بالغ الخطورة». ولفتت إلى أنّ تصريحاته لقيت «ترحيباً من الداعين إلى اعتماد أسلوب أكثر ليونة في مواجهة عمليات الطعن، مقابل غضب كبير من الجناح اليميني».
وفي سعيها لمنح تقريرها نبرة متوازنة، وتجنّب الوقوع في فخّ الدعاية المجانيّة لممارسات جيش العدوّ، ذكّرت «فرانس برس» في سياق الخبر بتعرّض الفلسطينيين للقتل على مدى الأسابيع الماضية. وصاغت الوكالة خبرها كالتالي: «تقول الشرطة الإسرائيليَّة أنّ نحو نصف الفلسطينيين قتلوا برصاص عناصرها أو الجيش خلال تنفيذهم أو محاولتهم تنفيذ هجمات بالسكين على إسرائيليين. ويشكّك الفلسطينيون غالبًا بهذه الرواية».
وأشارت إلى حصول «حالات عدّة اتُّهم فيها الجيش والشرطة الإسرائيليان باستخدام القوّة المفرطة، كما حدث في تشرين الثاني الماضي عندما قامت فتاتان تبلغان من العمر 14 و16 عامًا بطعن رجل باستخدام مقصّ». إذاً، وبحسب «فرانس برس» لم يلجأ الجيش الإسرائيلي إلى القّوة المفرطة إلا مرّة واحدة، منذ بدء عمليّات الطعن في الضفّة المحتلّة في شهر تشرين الأوّل الماضي.
وللمزيد من الإضاءة على فطرة الجنرال السليمة، لم يفت الوكالة الإشارة إلى رأي ضابط متقاعد كان مسؤولاً عن إيزنكوت، وصف رئيس الأركان الجديد بأنّه صاحب «مقاربة متوازنة جدّاً، وغير متسرّعة». كما نقلت الوكالة تصريحاً عن أستاذ إيزنكوت في الثانويّة، أشار فيه إلى أنّ تولّي تلميذه منصباً في الجيش شكل مفاجأة له، «لأنّه كان فتىً هادئًأ».
تفادياً لأيّ سوء فهم، أشارت «فرانس برس» إلى أنّ تصريحات ايزنكوت الأخيرة لا تعني «أنّه يرفض استخدام القوّة بالمطلق، بل استخدام القوة اللازمة فقط». وبالطبع أوردت موقفه من «ميليشيا حزب الله الشيعيّة»، «تهديده بتدمير قرى الجنوب اللبناني ردًّا على أيّ قصف من جانب الحزب»، بحسب ما جاء في نصّ التقرير.
أمام تقرير «فرانس برس» عن رئيس أركان العدوّ، يخال القارئ أنّ الرجل من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، أو صاحب جمعيّة خيريّة، وليس جنرالاً صهيونيًّا له تاريخ حافل في الإجرام. قبل تصريحه الجديد حول ضرورة التريّث قبل القتل، اختبر إيزنكوت خلال مسيرته العسكريّة الحافلة، أنواع القوّة المفرطة كافّة على الفلسطينيين واللبنانيين.
فقبل تولّيه قيادة الأركان حديثاً خلفاً لبيني غانتز، شغل إيزنكوت منصب قائد عمليّات القيادة الشماليّة بعد حرب تمّوز في العام 2006، وشارك في معظم المعارك ضدّ المقاومة اللبنانيّة منذ الاجتياح، مروراً بسنوات الاحتلال حتى تحرير الجنوب. كما كان له دور فاعل في حروب «إسرائيل» الأخيرة على غزّة في الأعوام 2009، و2012، و2014. لم يكن ينقص «فرانس برس» سوى توجيه تهنئة رسميّة لإيزنكوت على «رأفته» المستجدّة بالأطفال الفلسطينيين، ودعوته عناصر جيشه لعدم إطلاق النيران عليهم! فطرة سليمة بالفعل. ينصح بترشيحه لجائزة نوبل للسلام