تسعى الثورة الليبية التي باتت تسيطر على مناطق واسعة من البلاد الثلاثاء لتنظيم الكفاح المسلح سعيا لطرد زعيم النظام الليبي معمر القذافي من السلطة. فيما يدرس الغربيون عدة سيناريوهات بينها العسكري.
تسعى الثورة الليبية التي باتت تسيطر على مناطق واسعة من البلاد الثلاثاء لتنظيم الكفاح المسلح سعيا لطرد زعيم النظام الليبي معمر القذافي من السلطة. فيما يدرس الغربيون عدة سيناريوهات مع دخول الثورة في هذا البلد اسبوعها الثالث. وفي هذه الاثناء وجهت الامم المتحدة "نداء عاجلا" الى الاسرة الدولية للقيام بعملية انسانية تهدف الى اجلاء عشرات الاف الاشخاص الساعين للفرار من ليبيا والذين ينتظرون حاليا عند الحدود التونسية.
في هذا الوقت عبرت سفينتان حربيتان أمريكيتان قناة السويس المصرية يوم الاربعاء في طريقهما الى البحر المتوسط صوب ليبيا. وحذرت واشنطن من أن الدولة المنتجة للنفط في شمال أفريقيا قد تنزلق الى الفوضى اذا لم يتخل القذافي عن السلطة وسط مخاوف من منحنى أكثر عنفا في واحدة من أكثر الاحتجاجات دموية في العالم العربي.
لكن القذافي ظل على تحديه كما حذر ابنه سيف الاسلام القذافي الغرب من شن اي هجوم عسكري على بلاده مكررا ان الزعيم المخضرم لن يتنحى ولن يعيش في المنفى. ونفى سيف الاسلام القذافي نجل معمر القذافي ان يكون النظام يهاجم المدنيين. في مقابلة بثتها محطة سكاي نيوز البريطانية الثلاثاء. واقر بانه لم يعد هناك "جيش نظامي" في شرق البلاد. لكنه رفض فكرة ان الحكومة لم تعد تسيطر على هذه المنطقة. وطلب نائب وزير الخارجية الليبي خالد كعيم من الاتحاد الاوروبي ارسال مراقبين الى ليبيا للمشاركة في تحقيق حول الاحداث الجارية في بلاده مؤكدا من جهة اخرى ان المناطق النفطية لم تتعرض لاي تفجير.
وفي شتى انحاء ليبيا تواصل انشقاق زعماء القبائل والمسؤولين وضباط الجيش ووحداته على القذافي وانضمامهم الى صفوف الثورة وهم يقولون انهم أصبحوا اكثر تنظيما. وقال التلفزيون الليبي يوم الاربعاء ان القذافي غير وزيرين استقالا وانضما للثورة الشعبية التي تطالب بتنحيه. وعين القذافي مسعود عبد الحافظ بدلا من عبد الفتاح يونس العبيدي وزيرا للامن العام وغير وزير العدل السابق مصطفى محمد عبد الجليل فضيل ليحل محله محمد أحمد القمودي. كما حل محمد المحجوبي محل عبد الرحمن العبار كنائب عام.
وفي اليوم الخامس عشر من انتفاضة غير مسبوقة. لم يعد القذافي وقواته يسيطرون الا على طرابلس ومنطقتها بشكل اساسي. غير ان شهودا افادوا ان قوات موالية للقذافي عززت الموقع الحدودي مع تونس في واسن بعدما كانت اخلته في الايام الاخيرة. وبعدما سيطرت قوات الثورة على شرق البلاد وقطاعات من غربها. شكلت في بنغازي مجلسا عسكريا هو بمثابة نواة لجيش مستقبلي ضد القذافي. ولو ان بعض المسؤولين فيها لم يستبعدوا تقديم طلب الى دول اجنبية بتوجيه ضربات جوية الى القوات التابعة للقذافي في حال وجدوا انفسهم عاجزين بمفردهم عن اسقاط نظامه.
وفي الشرق الليبي الذي بات تحت سيطرة المعارضة. شكل قادة الثورة مجلسا عسكريا ما زال يتحتم تحديد تشكيلته في بنغازي. مركز الاحتجاجات. واكدوا ارسال "متطوعين" الى غرب البلاد وطرابلس للتصدي لقوات القذافي. غير ان بعض قادة الثورة لم يستبعدوا الطلب من دول اجنبية توجيه ضربات جوية الى القوات الموالية للقذافي في حال وجدوا انفسهم عاجزين بمفردهم عن اسقاط نظامه. واعلن نائب سفير ليبيا لدى الامم المتحدة ابراهيم الدباشي الثلاثاء ان المجلس الوطني المستقل الذي شكلته المعارضة الليبية سيبدأ العمل في ليبيا حتى لو بقي القذافي في موقعه في طرابلس. وقال ان اتصالات اجريت في الامم المتحدة بهدف الحصول على اعتراف دولي.
ويسيطر الثوار على مدينة زنتان جنوب طرابلس لكنها تخشى التعرض لهجوم مضاد من قوات القذافي. كما تؤكد السيطرة على عدة مدن محيطة بالعاصمة وفي الغرب بينها نالوت والزاوية رغم وقوع مواجهات بين عناصر موالين للقذافي ومعارضين. وفي الزاوية عاد الوضع هادئا بعد اشتباكات ليلية وفتحت المتاجر والمخابز ابوابها. كما تسيطر قوات الثورة على ما يبدو ايضا على مدينتين استراتيجيتين هما مصراتة في الشرق وغريان في الجنوب. اضافة الى ذلك يسيطر الثوار على اهم حقول النفط في البلاد وقد اعلنت عن استئناف وشيك لصادرات النفط انطلاقا من شرق البلاد.
وفي سياق الضغوط الدولية على القذافي ونظامه, وبعدما جمدت الاسرة الدولية ارصدة القذافي وعددا من افراد عائلته والمقربين منه. اعلنت في الايام الاخيرة انها تدرس امكانية حظر المجال الجوي الليبي لمنع النظام من قصف المدنيين والمعارضين. غير ان البنتاغون حذر من ان اقامة منطقة حظر جوي كهذه يتطلب القيام قبل ذلك بتدمير الدفاعات الجوية الليبية. وذلك بعدما نشرت الولايات المتحدة قوات بحرية وجوية حول ليبيا وفي وقت تقترب بارجة حربية اميركية "يو اس اس كيرسارج" من هذا البلد الواقع في شمال افريقيا وعلى متنها مئات من عناصر المارينز. واعلن وزير الحرب روبرت غيتس انه "ليس هناك اجماع في الامم المتحدة" حاليا بشان تدخل عسكري, محذرا في الوقت نفسه من ان اقامة منطقة حظر جوي فوق هذا البلد سيكون امرا على قدر "استثنائي" من التعقيد.
وفي المقابل شددت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على ان "الرهانات كبيرة", معتبرة ان "ليبيا قد تصبح في السنوات القادمة ديموقراطية سلمية او انها قد تغوص في حرب اهلية طويلة" وتغرق في الفوضى. اما نظيرها الفرنسي آلان جوبيه. فلزم الحذر مشيرا الى ان تدخلا عسكريا للحلف الاطلسي في ليبيا امر "ينبغي درسه بامعان" محذرا من انه قد يأتي "بنتائج عكسية تماما" لدى الراي العام العربي. وكان الاتحاد الاوروبي قرر الاثنين بعد الامم المتحدة والولايات المتحدة. فرض حظر على مبيعات الاسلحة الى ليبيا وتجميد ارصدة القذافي و25 من المقربين منه ومنع منحهم تأشيرات دخول. ودعا لعقد قمة استثنائية في 11 اذار/مارس في بروكسل مخصصة للازمة في ليبيا وشمال افريقيا. كما صوتت الجمعية العامة للامم المتحدة الثلاثاء على تعليق عضوية ليبيا في مجلس حقوق الانسان.
من جانب اخر. اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة الثلاثاء ان الوضع على الحدود بين ليبيا وتونس بلغ مستوى "الازمة" بعد فرار ما بين 70 الفا و75 الف شخص من ليبيا منذ 20 شباط/فبراير. ووجهت الامم المتحدة الثلاثاء "نداء عاجلا" الى الاسرة الدولية للقيام بعملية انسانية تهدف الى اجلاء عشرات الاف الاشخاص الذين فروا من ليبيا وينتظرون حاليا عند الجانب الليبي من الحدود مع تونس كي يتمكنوا من عبور الحدود. واعلن الاتحاد الاوروبي من جهته انه مستعد لمواجهة تدفق كثيف من اللاجئين القادمين من ليبيا ويتابع عن كثب تطور الانتفاضات في الدول العربية ولا سيما البحرية وعمان واليمن.