إن تفاقم الوضع الجيوسياسي حول سورية وإيران يقلق روسيا ويحثها على استكمال وتعزيز مجموعاتها من القوات المتواجدة في مناطق جنوب القوقاز وبحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود على وجه السرعة.
إن تفاقم الوضع الجيوسياسي حول سورية وإيران يقلق روسيا ويحثها على استكمال وتعزيز مجموعاتها من القوات المتواجدة في مناطق جنوب القوقاز وبحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود على وجه السرعة.
وأفادت مصادر في وزارة الدفاع الروسية، أن الكرملين قد تلقى معلومات عن هجوم إسرائيلي محتمل بدعم من الولايات المتحدة الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، وستكون الضربة فجائية، وقريبة جداً في اليوم "X"، ومن المتوقع أن ترد طهران تلقائيا، ما يمكن أن يتسبب في اندلاع حرب شاملة لا يمكن التنبؤ بعواقبها الآن.
وهذه المسألة كانت من بين الأولويات التي نوقشت في اجتماع القمة بين روسيا والاتحاد الأوروبي نهاية هذا الأسبوع في بروكسل بمشاركة الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف. وكان مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف، قد صرح على هامش هذا اللقاء، بأن وقوع هجوم عسكري إسرائيلي أو أميركي على إيران من شأنه أن يؤدي إلى "تطور كارثي للأحداث". وأكد الدبلوماسي أن الأثر السلبي لن ينعكس على المنطقة فحسب، بل وعلى "نطاق أوسع من ذلك بكثير".
من المعروف أن تعاطي الدبلوماسية الروسية المباشر مع أوروبا والمجتمع الدولي في مسائل حرب محتملة على إيران، بدأ في الآونة الأخيرة، بعد أن قامت الوكالة الذرية للطاقة الذرية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بنشر تقرير حول برنامج إيران النووي.
غير أن التحضيرات العسكرية من أجل إقلال الخسائر المحتملة في حال نشوب عمليات قتالية ضد طهران فقد شرعت روسيا في اتخاذها قبل عام كامل لتنتهي منها، تقريبا، الآن.
ومست تلك الإجراءات تجهيز القاعدة العسكرية الروسية 102 في أرمينيا بشكل مناسب بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي من العام الحالي. وجرى تقليص ملاك الحامية الروسية في ضواحي يريفان ونقلت بعض الوحدات العسكرية منها إلى منطقة غورمي القريبة من من الحدود الأرمينية التركية، إذ أن الضربة المحتملة للمواقع الإيرانية من قبل القوات الأميركية ستكون على الأغلب من الأراضي التركية. كما تم ترحيل أسر العسكريين الروس من أرمينيا إلى روسيا.
ومن غير الواضح تماماً اليوم المهام التي ستقوم بها القاعدة العسكرية الروسية 102 بهذا الخصوص، ولكن ما هو واضح، أنه منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) الجاري وضعت القوات العسكرية الروسية في حالة الجاهزية القتالية التامة في القواعد الروسية في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، كما تتحرك سفن أسطول البحر الأسود في المناطق القريبة من حدود جورجيا، التي ستنضم إلى الجانب المعادي لإيران في حال وقوع مثل هذا النزاع.
كما وضعت على أهبة الاستعداد في منطقة إيزبرباش (في داغستان) المحاذية للحدود الأذربيجانية كتيبة الصواريخ الساحلية، المجهزة بصواريخ "بال – أي" المضادة للبوارج الحربية والتي يصل مداها الأقصى إلى 130 كيلومترا. كما تم إرسال مجموعة من الزوارق الصاروخية التابعة لأسطول بحر قزوين الروسي من ميناء أستراخان إلى منطقة العاصمة الداغستانية محج قلعة. وسينضم إلى سفينة الحراسة الكبيرة "تتارستان" المسلحة بصواريخ ذات مدى 200 كيلومتر، قريبا سفينة "فولغودونسك" المجهزة بالمدفعية الساحلية الثقيلة.
وأبحرت في الآونة الأخيرة مجموعة من القطع الحربية الروسية وعلى رأسها الطراد الثقيل الحامل للطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط ، حيث تتوجه إلى ميناء طرطوس السوري. وقالت مصادر في وزارة الدفاع الروسية أن هذه المجموعة قد ترافقها عدة غواصات روسية.
وفي طبيعة الحال لا يتم الإبلاغ عن المهام التي سيتم القيام بها من قبل الجيش والبحرية الروسية، في حال اندلاع حرب ضد إيران على المستوى الرسمي، ولكن المسؤولين في وزارة الدفاع الروسية، على ما يبدو، يشعرون بالقلق على مستقبل القاعدة 102 العسكرية التي تعتبر نقطة الارتكاز الهامة بالنسبة لروسيا في جنوب القوقاز. علما بأن جورجيا قد ألغت في نيسان (ابريل) من هذا العام العمل باتفاق بشأن نقل شحنات عسكرية من روسيا إلى أرمينيا عبر الأراضي الجورجية. وبذلك يكون في الواقع ، قد تم عزل مجموعة القوات الروسية المتمركزة في جنوب القوقاز، إذ يجري إمداد وحدات من الجيش الروسي هناك بالمؤن والعتاد عن طريق الجو فقط أو توريد المواد الضرورية وفي مقدمتها المحروقات والوقود من الجانب الأرميني الذي يشتري هذه البضائع بدوره من إيران.
ويعتبر اللواء يوري نيتكاتشوف، الذي طالما كان نائب قائد مجموعة القوات الروسية في جنوب القوقاز، أنه في حال وقوع حرب شاملة ضد إيران، ستعمل روسيا في البحث عن سبل لتأمين إمدادات عسكرية عبر ممرات آمنة في جورجيا. وتابع: "قد تقوم روسيا بكسر الحصار عن طريق فتح ممرات في جورجيا بالوسائل العسكرية لتوفير الإمدادات إلى أرمينيا".
وأضاف الخبير: "يبدو أن الجيش الروسي الآن حذر جدا من أذربيجان أيضا، التي كانت على مدى السنوات الثلاث الماضية تضاعف ميزانيتها العسكرية وتشتري طائرات إسرائيلية بدون طيار وأجهزة استطلاع متقدمة أخرى ما يسبب قلقاً مشروعاً لدى طهران ويريفان".
ويقول رئيس مركز التنبؤات العسكرية الروسي اناتولي تسيغانوك، إن باكو كثفت ضغوطها على موسكو، مطالبة بزيادة كبيرة في ثمن إيجار محطة رادار "غابالا"، ولكن حتى في حالة وجود نزاع بين إيران وأذربيجان على حقول النفط في جنوب بحر قزوين ، فإنه من "غير المحتمل القول بثقة أن باكو ستدعم حملة عسكرية معادية لإيران. كما من المستبعد أن تطلق أذربيجان العنان أيضا ضد أرمينيا".
ولا يتفق معه الخبير العسكري الروسي العقيد فلاديمير بوبوف ، الذي قام بتقديم تحليلات للأعمال الحربية بين باكو ويريفان في الفترة 1991-1993 في وقت سابق، والآن يراقب الإصلاحات العسكرية التي يقوم بها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. ويعتبر بوبوف أن هناك "تأخيراً غير معقول في عملية التفاوض بشأن تسوية نزاع قره باخ، حيث تطالب أصوات في باكو بشكل علني بالثأر، ولكن الخبير يؤكد أن مسألة التسوية تتوقف على شكل وماهية التصرف الروسي اللاحق.
وأضاف بوبوف: "أنه في حال اندلاع حرب على إيران، فإن أذربيجان وبدعم من تركيا قد تهاجم أرمينيا، وفي المقابل ستقف وحدات الدفاع الجوي الروسية إلى جانب القوات المسلحة الأرمينية، ولكن القوات الروسية البرية لن تشارك إلا في حال ظهور تهديد عسكري لأرمينيا من قبل تركيا أو أذيربيجان".
سيرغي كونوفالوف - وكالة أنباء موسكو
http://ar.rian.ru/russia/20111217/373047532.html