ليبيا بين مصالح أميركا ومصالح بريطانيا وفرنسا،التي غيرت طقمها الوزاري في ضوء المتغيرات الليبية.
كتب نضال حمادة
يبدو أن الصراع الدائر في ليبيا حالياٍ بين نظام القذافي وثوار الشعب الليبي انتقلت تأثيراته إلى خارج الحدود الليبية، لينعكس تبايناً في المواقف والمصالح بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة و بين دول أوروبية في طليعتها فرنسا من جهة ثانية.
باريس، التي تنظر بكثير من الهواجس للأحداث الدائرة في العالم العربي، قامت في بداية هذا الأسبوع بتعديل وزاري مهم شمل وزارات الدفاع والخارجية والداخلية، حيث يعتبر التغيير في الخارجية والداخلية مرتبطا إلى حد كبير بالصراع الدموي الليبي. فوزير الخارجية الجديد (آلان جوبيه) معروف بحساسيته الديغولية من كل ما هوأميركي. أما وزير الداخلية الجديد (كلود غيان) يعتبر عراب إعادة العلاقات الفرنسية السورية منذ ان خدم مديراً لمكتب (نيكولا ساركوزي) الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية في ظل حكم الرئيس (جاك شيراك) الذي اتسم في سنواته الأخيرة بعداء كبير لدمشق. وكان (غيان) صلة الوصل بين الأجهزة الفرنسية من جهة وأجهزة الأمن السورية والليبية من جهة أخرى. وقد أثمر هذا التواصل والتعاون عن الكشف عن سيارة مفخخة كانت معدة للتفجير في مدينة مرسيليا الفرنسية مطلع العام (2007).
وكان لـ (غيان) دور أساس أيضا في إعادة التواصل الفرنسي السوري بعيد وصول ساركوزي لقصر الرئاسة الفرنسي حيث شغل معه (غيان) منصب مدير مكتب الرئاسة. ويعتبر (غيان) الطرف المشجع لعلاقات مميبزة بين فرنسا وسوريا في مواجهة طرف آخر من محيطي ساركوزي يتقدمه مستشار الرئيس السياسي (جان دافيد ليفيت) عراب القرار الدولي 1559، عندما كان سفيرا لفرنسا لدى الولايات المتحدة خلال التحضير لهذا القرار والتصويت عليه في مجلس الأمن الدولي. لذلك لا يمكن فصل وصول (غيان) رجل المخابرات الفرنسي عن الحدث الليبي، حيث تحتاج فرنسا الى وزير داخلية لديه خبرة أمنية في شؤون المنطقة، فضلا عن علاقات مع الأجهزة الأمنية العربية تشكل حصانة ضد أية أخطار قد تنجم عن انفلات الوضع الأمني في ليبيا وانتقال آثاره الى اوروبا.
ما هي أسباب الخلاف الأميركي الأوروبي؟
يمكن الحديث عن ثلاثة أسباب خلافية في الموضوع الليبي هي التالية:
أ – الرغبة الأوروبية في الحصول على غطاء دولي عبر مجلس الأمن يؤمن لفرنست وبريطاميا مشاركة، وهذا ما لا تريده أميركا التي تحرك أساطيلها ولا تورد أي ذكر للمجتمع الدولي.
ب- خوف فرنسي حقيقي من فقدان السوق الليبية في حال تدخلت أميركا عسكرياً في هذا البلد على غرار ما حصل في العراق والذي لا زالت فرنسا غاضبة جراءه.
ج- دخول المانيا على خط الأزمة، ولكن خلافا لما تريده فرنسا وبريطانيا من لجوء لمجلس الأمن لفرض حظر جوي أو لتامين غطاء لتدخل دولي في ليبيا.
فقد ظهرت بوادر الخلافات بين الطرفين في تصريحات وزير الخارجية الفرنسي (آلان جوبيه) التي قال فيها إنه لا مجال لتدخل عسكري غربي في ليبيا دون غطاء واضح من مجلس الأمن الدولي. وهذه التصريحات القوية تعتبر رسالة فرنسية واضحة للولايات المتحدة أن ليبيا ليست كالعراق، كما لا يمكن فصل ما قاله (جوبيه) عن كلام آخر قاله الرئيس الفرنسي في لقاء مع الجالية الفرنسية في تركيا منذ عشرة أيام عندما أجاب على سوآل لصحفي في إذاعة فرنسا الدولية بالقول: "لا مجال لتدخل عسكري غربي في ليبيا." في نفس الوقت عبرت فرنسا وبريطانيا عن الاستعداد للتصويت على قرار في مجلس الأمن يفرض حظراً جوياً فوق ليبيا في سعي واضح لمنع الولايات المتحدة من التفرد بأي تحرك هناك. ومن المفارقات أن بريطانيا، وخلافا للعادة، تجد نفسها في تباين مع أميركا، وفي الوقت نفسه قامت الولايات المتحدة بتحريك قطع بحرية باتجاه ليبيا في رسالة أريد منها القول إن اميركا هي وحدها من يملك القدرة على ترجيح كفة الصراع في ليبيا.
في الجانب الأوروبي أيضا برز الدور الألماني المحابي للولايات المتحدة، وذلك يعود للتنافس داخل المجموعة الأوروبية حول حزمة المصالح في ليبيا، حيث لفرنسا وبريطانيا عقود ضخمة في جميع قطاعات الاقتصاد الليبي، بما فيه قطاع التسلح، بينما تطمع المانيا في الحلول محل الدولتين الأخيرتين عبر ركوب الموجة الأميركية. فالقذافي يقمع شعبه بسلاح بريطاني كما قال معلق قناة إخبارية المانية.
جل القضية مصالح دول كبرى... كان الله في عون أهل ليبيا.