مسجد الكوفة أقدم مؤسسة علمية في تاريخ الكوفة وكان أول مدرسة لإقراء القرآن الكريم، وأبو عبد الرحمن السلمي، شيخ القراء، أول من جلس لإقراء في مسجد الكوفة
مسجد الكوفة أقدم مؤسسة علمية في تاريخ الكوفة وكان أول مدرسة لإقراء القرآن الكريم، و«أبو عبد الرحمن السلمي»، شيخ القراء، أول من جلس لإقراء في مسجد الكوفة. وأفادت وكالة الأنباء القرانية العالمية (ايكنا) انه كتب الباحث والكاتب العراقي وعضو جمعية المؤرخين العراقيين واتحاد المؤرخين العرب «جابر رزاق غازي»، مقالة بعنوان "مسجد الكوفة أقدم مؤسسة علمية في تاريخ الكوفة" وقد تم اصدار هذه المقالة في موقع النجف عاصمة الثقافة الاسلامية عام 2012 ميلادي.
وقد جاء في هذه المقالة: السنة السابعة عشر للهجرة كانت بداية عهد علمي جديد ليس في الكوفة وحدها وإنما في العراق كله ثم في العالمين العربي والإسلامي وبعد تمصيرها شهدت الكوفة نشاطاً علمياً كبيراً لا يقل عن النشاط السياسي والديني. وقد ساعد على ذلك نزول القبائل العربية فيها مثل "كندة ومذحج وطي والأزد وهمدان وقيس عيلان وربيعة وإياد وقضاعة" وقبائل سواها. كما ساعد موقعها التجاري الممتاز والأراضي الزراعية وتوفير وسائل العيش الرغيد على كثرة مستوطنيها إذ بلغت دور العرب وحدهم ما يقرب من ثمانين ألف دار في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجريين.
وقد حفلت كتب التاريخ بالأخبار والحكايات التي تدل على أهمية مدينة الكوفة وعلو شأنها في التاريخ وخاصة ما جاء حول مسجدها الجامع والذي يعد من المساجد الإسلامية المهمة.
مسجد الكوفة يمتد تاريخه إلى أزمنة سحيقة في التاريخ ويعتقد البعض أن إبراهيم " عليه السلام" صلى في هذا المسجد كما صلى فيه ألف نبي، وأن في المسجد عصى موسى وخاتم سليمان، وقال الإمام جعفر الصادق"عليه السلام": أن في مسجد الكوفة مقام إبراهيم ومقام جبرائيل ، كما أوردوا أحاديث وأقوال لعدد من الأئمة الأطهار والعلماء ما لهذا المسجد من المكانة والفضل، منها قول الأمام جعفر الصادق(عليه السلام): أن في مسجد الكوفة مقام إبراهيم ومقام جبرائيل، وقال: "والذي نفسي بيده لو يعلم الناس من فضله ما أعلم لأزدحموا عليه".
وغير ذلك من الأقوال التي تؤكد مكانته السامية في نفوس المسلمين إذ يعده المسلمون رابع المساجد المحدودة في العالم الإسلامي، المسجد الحرام والمسجد النبوي في المدينة والمسجد الأقصى ومسجد الكوفة. والكوفة بقيت طول حياتها صاحبة المركز العلمي الذي كان يساير مركزها السياسي، فأخذ أسم الكوفة والكوفيين يدخل في التاريخ العربي الإسلامي، وبدأ شعاعها الفكري من جامعها العظيم الذي خطط مع تخطيط المدينة عام 17هـ. وكانت مدينة الكوفة قد بدأت بجامعها وكان نواتها العلماء الصحابة الذين هبطوا أرضها وكان عددهم ثلاثمائة من أصحاب الهجرة وسبعون من أهل بدر.
وكان الإمام علي(عليه السلام) قد أتخذ الكوفة عاصمة بعد وقعة الجمل العام 36هـ وصار مسجد الكوفة مركز الدولة وأخذ طابعاً علمياً واسع النطاق فكان عليه السلام قد ألقى في مسجد الكوفة قسماً من خطبه العظيمة التي ضمها كتاب نهج البلاغة وحفل مسجد الكوفة بأنه كان أول مدرسة لإقراء القرآن الكريم، وقد جلس القراء في مسجد الكوفة يلقنون طلبته القرآن القراءات التي رووها بأسانيدهم، وكان أبو عبد الرحمن السلمي شيخ القراء أول من جلس لإقراء في مسجد الكوفة وكان السلمي قد أخذ القراءة عن الامام علي وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ورواها عن الحسن والحسين أبنا الإمام علي" عليه السلام" و"عاصم بن أبي النجود ألأسدي" أحد القراء السبعة وهو تابعي من أهل الكوفة وكان ثقة في القراءات توفي سنة 127هـ. ومن شيوخ الإقراء "حمزة بن حبيب" المعروف بالزيات وهو أحد القراء السبعة كان يجلس هذا العالم في مسجد الكوفة ويعلم تلاميذه القراءات القرآنية ومن شيوخ القراء في مسجد الكوفة علي بن حمزة ألكسائي وهو أحد القراء السبعة في العالم الإسلامي. لهذا صارت الكوفة التي كان مقرها مسجد الكوفة أشهر مدرسة للإقراء في العالم الإسلامي. ومسجد الكوفة كان موطن الفقه ومستقر الفقهاء وأن عدداً كبيراً من العلماء الأجلاء دخلوا الكوفة وكان لهم دورهم الكبير في إقامة مدرسة فقهية سامية، مثال ذلك الإمام علي(عليه السلام) وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وخباب بن الأرت وغيرهم، كما برز في الكوفة عامر الشعبي وسعيد بن جبير.
كما جلس في مسجد الكوفة الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) يعطي دروساً في الفقه، وقد استقطبت مدينة الكوفة في فترة وجود الإمام الصادق أعلاماً من البصرة وواسط والحجاز. وقد نقل الناس عن الإمام الصادق(عليه السلام) ما سارت به الركبان وأنتشر صيته في جميع البلدان. وذكر الحسن الوشاء: " أدركت في هذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد. وحفل مسجد الكوفة بعدد كبير من اللغويين والنحاة أمثال "علي بن حمزة ألكسائي وأبي الأسود الدؤلي ويحيى بن زياد الفراء" والذي قال فيه ثعلب: لولا الفراء لسقطت العربية، ومن مشاهير الكوفيين الذين كانوا يعلمون الطلاب في مسجد الكوفة "يعقوب بن إسحاق" المعروف بإبن السكيت وكان عالماً بنحو الكوفيين وعلم القرآن والشعر وهو من الرواة الثقاة قتل سنة 244هـ ولعل من أشهر المشتغلين في اللغة والأدب "أبو عمر بن علاء التميمي" المتوفى بالكوفة سنة 154هـ. ومن الذين كانت لهم صولات وجولات في مسجد الكوفة من اللغويين "أبو عبيد القاسم بن سلام الخزاعي" و"عمرو بن أبي عمر الشيباني" و"أحمد بن يحيى المعروف بثعلب بن رياح الجريري" المتوفى سنة141هـ. كما أشتهر مسجد الكوفة بالشعراء الكبار الذين تخرجوا في ذلك المسجد العتيد.