أكد المحلل السياسي اللبناني ومنسق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية أنيس النقاش أن حسم الموقف الروسي واعتبار التدخل في الشؤون السورية خطاً أحمراً جاء لقطع الطريق على أي حل عسكري للأزمة السوري
أكد المحلل السياسي اللبناني ومنسق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية أنيس النقاش أن حسم الموقف الروسي واعتبار التدخل في الشؤون السورية خطاً أحمراً جاء لقطع الطريق على أي حل عسكري للأزمة في سورية، وإيصال ما مفاده أن أزمة سورية لا تحل إلا سياسياً، وبالتالي فإن الروس يريدون بذلك أخذ ما اقترحوه من ضرورة إجراء حوار بين المعارضة والنظام على محمل الجد، وجره إلى طاولة النقاش في مجلس الأمن.
وأضاف النقاش في حديث خاص مع الموقع الالكتروني لقناة المنار أن روسيا أدركت أن عليها أن تكون اكثر وضوحاً وحزماً في مواقفها كي تقطع الطريق على أي تحليل قد يرى بأن مواقف روسيا قابلة للمقايضة، معتبراً أن الملفت في حديث لافروف قوله إن روسيا والصين لن تسمحا، ما يعني أن الروس باتوا واثقين تمام الثقة من الموقف الصيني.
روسيا ردت بحزم: في سورية لا مجال إلا للحل السياسي
واعتبر أن موقف روسيا الحازم الذي جاء على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، جاء رداً على الاقتراح القطري الذي يستدعي تدخل قوات عربية في سورية والذي رأى فيه البعض مقدمة لأي تدخل عسكري عربي او دولي في سورية.
ولم يستغرب النقاش المواقف القطرية تجاه النظام السوري، معتبراً أن هناك التزاماً قطرياً بتنفيذ مشروع اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأردف "قطر بالوزن والحجم والمصالح ليس لها أي مصلحة في كل ما يجري من تدخلات تقوم بها، وهي تقوم بذلك نيابة عن طرح أميركي - صهيوني بالمنطقة أُلبس لباساً عربياً عن طريق قطر".
ولفت إلى أن قطر سعت منذ بداية الأزمة في سورية لأن تمارس وصاية عربية على الحراك السوري، من خلال شرائها موقع رئاسة جامعة الدول العربية من الفلسطينيين. كما أنها حاولت أن تلتف على النظام السوري وأن تحشره في الزاوية في المبادرة العربية التي طرحتها، مضيفاً بأن اقتراح ارسال القوات العربية أتى بعد فشل كل المحاولات القطرية السابقة.
وتابع المحلل السياسي اللبناني أن الرياح لم تجرِ بما تشتهيه سفن قطر، لأن المواقف العراقية والمصرية والجزائرية كانت واضحة بأنه ينبغي الانتقال من مهمة مضايقة النظام في سورية للبحث عن حل لهذه الأزمة، وردت على اقتراح الشيخ حمد بأنه حتى ولو طرح موضوع القوات العربية للنقاش فإنها لن توافق على ارسال أي جندي إلى سورية.
اللهجة التركية انخفضت دون ان تتغير المواقف
وليس بعيداً عن الأزمة السورية، أوضح النقاش أن موقف تركيا تجاه النظام السوري لم يتغير، إلا أنه المواقف تراجعت حدتها، مشيراً أن صمود النظام كان أحد أهم أسباب مواقف تركيا الهامدة إلى حد ما ، على حد وصفه.
وأضاف بان التركي أدرك أن الأميركيين والأوروبيين يدفعون به إلى واجهة الصراع مع سورية دون أن يقدموا أي دعم أساسي له، ولذلك رفع بوجه المعارضة السورية شروطه بانه لا يمكن أن يتدخل عسكرياً دون ان يكون هناك قرار دولي وعربي يغطي هذا التحرك، ودون ان تؤمن الولايات المتحدة وأوروبا هذا التدخل مادياً ومعنوياً. وعلّق النقاش بان شروط تركيا المرتفعة تدل على أن التركي لا يريد أن يتورط في وحول الأزمة الفلسطينية أكثر من اللازم، خصوصاً بعد أن انعكست العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية سلباً على اقتصاده.
وأوضح المحلل السياسي اللبناني أن المواقف الاقليمية والدولية الواضحة في دعمها للنظام السوري (روسيا، الصين، ايران) كان لها أثرها على خفت الصوت التركي، مؤكداً في الوقت نفسه أن انخفاض لهجة تركيا لا تعني بالضرورة تغيراً في مواقفها التي أعلنتها سابقاً لأن تركيا حتى اليوم لم تتحدث عن حلول للأزمة بل لازالت تحرض بصوت منخفض، وأن هذا ما حصل في اجتماع وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو بالنائب محمد رعد، إذ تحدث أوغلو عن ضرورة أن يغير حزب الله موقفه أو أن ينأى بنفسه عن مساندة النظام السوري، فرد عليه رعد طارحاً وجهة نظر الحزب المغايرة، وأنه على تركيا أن لا تلعب دور المحرض بل أن تغيّر موقفها.. لينتهي الاجتماع بدون اي تفاهم بين الطرفين.
لبنان نأى بنفسه من أن يكون طرفاً ضد سورية
وعن أسباب تأخر تصريح قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي فيما يخص مسألة ضبط الحدود مع سورية، فسر النقاش قائلاً بان البعض كان لا يولي أهمية لعمليات التهريب معتبراً أن الموضوع الأساسي يتعلق بالبُعد السياسي للأزمة السورية، ولكن بعدما تراجعت المظاهرات لمدنية والعمل السياسي في سورية ولم يبق إلا المجموعات المسلحة التي تُضخ لها الأموال والأسلحة تبيّن لدى هؤلاء أن البُعد العسكري لا يقل أهمية عن البُعد السياسي.
وتناول المحلل السياسي اللبناني المواقف اللبنانية الرسمية بشأن الأزمة السورية، مشيراً إلى أن القرارات في لبنان تتخذ بإجماع وموافقة كل الأطراف، وأنه نظراً للانقسام الذي يشهده البلد فقد نجح لبنان في أن ينأى بنفسه من أن يكون طرفاً ضد سورية، مع أن مواقفه كان من المطلوب أن تكون أقوى من ذلك لأن المؤامرة على سورية واضحة، ولأن أمن سورية ينعكس على أمن واستقرار لبنان، وبالتالي فلا مجال للمواقف الرمادية، على حد تعبير النقاش.
وتابع بأن لبنان يعيش حالة انقسام بين القوى الأمنية وأجهزتها وسياساتها، لافتاً إلى أن هناك تواطؤاً من قبل أطراف لبنانية مع ما يُفتعل من أعمال تخريب وقتل في سورية، وفي المقابل تبدي أطراف لبنانية أخرى غيرة وحرص على أمن سورية، مشيراً إلى أن الانقسام والتناقض في المواقف اللبنانية برز في مواقف وزير الدفاع اللبناني فايز غصن الذي تحدث عن وجود للقاعدة وكيف انتقلت مجموعاتها من لبنان الى سورية ليهبّ البعض للهجوم على هذه التصريحات وانكارها.