تبنى البرلمان الفرنسي مساء الاثنين مشروع القانون الذي ينص على معاقبة انكار "الابادة" الارمنية في العام 1915 بعد تصويت اخير في مجلس الشيوخ ما يهدد بتفاقم الازمة بين باريس وتركيا.
تبنى البرلمان الفرنسي مساء الاثنين مشروع القانون الذي ينص على معاقبة انكار "الابادة" الارمنية في العام 1915 بعد تصويت اخير في مجلس الشيوخ ما يهدد بتفاقم الازمة بين باريس وتركيا. وعلى الرغم من ان قسما من الغالبية اليمينية ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه اليسار تحفظ على النص الذي يدعمه الرئيس نيكولا ساركوزي. الا انه تم تبنيه.
وصادق مجلس الشيوخ بغالبية 127 صوتا مقابل 86 على مشروع القانون الذي كانت تبنته الجمعية الوطنية في 22 كانون الاول/ديسمبر. ومع اعتبار مجلس الشيوخ ان النص مناسب (من دون تعديل). يكون البرلمان قد تبنى القانون نهائيا.
ومساء الاثنين. ذكرت وسائل الاعلام التركية ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تابع عن كثب مع معاونيه المناقشات في مجلس الشيوخ الفرنسي واضعا اللمسات الاخيرة على الاجراءات الانتقامية المقررة من قبل حكومته في حال تبني اقتراح القانون.
ودانت وزارة الخارجية التركية "بشدة" تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي مساء الاثنين على اقتراح قانون معاقبة انكار الابادة الارمنية واعتبرته "عملا غير مسؤول" من قبل فرنسا. وقالت الوزارة في بيان ان "تركيا لن تتردد في ان تطبق سريعا ما تراه صائبا من الاجراءات المتوقعة" ضد فرنسا وذلك في اشارة الى عقوبات جديدة ضد باريس. واتهم البيان ايضا فرنسا بتحويل العلاقات التركية الفرنسية الى "ضحية" وذلك لاهداف انتخابية. واضاف ان "الامر يتعلق بمبادرة سلبية باسم السياسة الفرنسية".
وفور صدور نتائج التصويت. اعتبر وزير العدل التركي سعدالله ارجن من جهته ان تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي "لا يحترم ابدا" تركيا وهو "ظلم كبير" ايضا بحقها. وصرح الوزير التركي للمحطة الاخبارية التركية "سي ان ان تورك" ان هذا القانون بالنسبة لتركيا "لاغ".
وكذلك هددت تركيا مجددا بعمليات انتقامية "دائمة" ضد فرنسا في حال اصدرت السلطة التنفيذية خلال الايام المقبلة القانون الذي يعاقب انكار الابادة الارمنية. وقال المتحدث باسم السفارة التركية في باريس انجين سولاك اوغلو "في حال اصدار القانون. فان العواقب ستكون دائمة. فرنسا في صدد خسارة شريك استراتيجي".
وعلى العكس. اعتبر وزير الخارجية الارمني ادوارد نالبانديان الثلاثاء ان تصويت مجلس الشيوخ هو "مبادرة تاريخية ستساهم في الحؤول دون ارتكاب جرائم اخرى ضد الانسانية". وقال في بيان "هذا اليوم سيكتب بحروف من ذهب ليس فقط في تاريخ الصداقة بين الشعبين الارمني والفرنسي وانما ايضا في سجلات حماية حقوق الانسان في العالم". واضاف ان هذا التصويت "سيعزز الاليات القائمة لناحية الوقاية من الجرائم ضد الانسانية".
وكان نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينك اعلن ان تركيا قد تتوجه الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان لادانة فرنسا في حال اقر اقتراح القانون. كما هددت محطة التلفزيون التركية "تي ار تي" بانهاء مشاركتها في يورونيوز. اول محطة دولية اخبارية في اوروبا ومقرها فرنسا وهي تساهم فيها بـ15.5%.
وينص مشروع القانون على فرض عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة بقيمة 45 الف يورو على كل من ينكر الابادات المعترف بها امام القانون الفرنسي وبينها "الابادة" الارمنية. وكانت باريس اعترفت في 2001 بـ"ابادة" الارمن في الاناضول بين 1915 و1917 (مليون ونصف المليون قتيل بحسب الارمن). واصبحت بالتالي تعترف بـ"ابادتين". وحاولت تركيا حتى اللحظة الاخيرة الضغط على البرلمان الفرنسي للتراجع عن ذلك. وترفض تركيا تعبير "ابادة" ولا تعترف سوى بمجازر ادت الى مقتل حوالى 005 الف ارمني.
وصرح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاثنين ان الحكومة التركية ستتخذ اجراءات انتقامية ضد فرنسا اذا اقر مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع القانون. وقال للصحافيين "حددنا مسبقا سلسلة اجراءات ننوي اتخاذها اذا اقر النص نهائيا. لا احد يجب ان يشك في ذلك". وكان الوزير التركي الغى زيارة الى بروكسل الاثنين للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين.
وكان النواب الفرنسيون صوتوا على النص في 22 كانون الاول/ديسمبر ما حمل انقرة الى استدعاء سفيرها من باريس لبضعة اسابيع. وكانت تركيا الدولة العضو في حلف شمال الاطلسي جمدت تعاونها العسكري والسياسي مع باريس التي ترى في انقرة شريكا اساسيا لتسوية الازمة في سورية. وافادت مصادر في انقرة ان تركيا قد تستدعي هذه المرة ممثلها في باريس الى اجل غير مسمى وتخفض حجم بعثتها وتتخذ تدابير ثأرية في المجالين التجاري والاقتصادي.
ويخشى الفرنسيون من ان يتم استبعادهم من الاسواق الكبرى خلال استدراجات العروض. وقد يؤدي ذلك الى استبعاد فرنسا من اعمال بناء المحطات النووية او افشال المفاوضات لاشراك شركة الغاز الفرنسية في مشروع وضع انبوب غاز نابوكو الاوروبي. وحذر فرع اصحاب العمل الاتراك في باريس من ان "النص اذا تم التصويت عليه قد يهدد العلاقات المميزة بين فرنسا وتركيا". ودعت باريس الاثنين الى "التهدئة". وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في لقاء مع صحافيين "ندعو الى التهدئة. تركيا شريكة وحليفة مهمة جدا لفرنسا". ووصل حجم المبادلاات بين البلدين الى حوالى 12 مليار يورو في العام 2010 وتعمل مئات الشركات الفرنسية في تركيا.
وخلال نهاية الاسبوع تظاهر الاف الاتراك في باريس للتنديد بـ"استخدام مأساة تاريخية لاهداف سياسية". وقبل ثلاثة اشهر من الانتخابات الرئاسية في فرنسا. تتهم السلطات التركية الرئيس الفرنسي الذي تتوقع استطلاعات الرأي ان يهزم فيها. بالسعي الى ضمان اصوات الجالية الارمنية في فرنسا (يقدر عددها بـ600 الف بينهم اكثر من 400 الف ناخب). وكانت العلاقات بين البلدين شهدت فتورا في 2007 منذ وصول الرئيس نيكولا ساركوزي الى سدة الحكم. المعارض لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.
ومنذ بداية الازمة. حاول ساركوزي تهدئة الاجواء ودعا انقرة الى "تغليب العقل والحفاظ على الحوار" في وقت ابدى اعضاء في الحكومة الفرنسية تحفظات على هذا النص. ووصف وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه هذا النص بانه "غير مناسب". واعتبرته لجنة القوانين في مجلس الشيوخ "مخالفا للدستور".