لا يدع الجيش السوري مجالاً للشك في شأن من المسيطر الآن في درعا، فنقاط التفتيش تحاصر المدينة والملصقات التي تحمل صور الرئيس بشار الأسد على الجدران وضباط الأمن يتولون القيام بدوريات الحراسة.
لا يدع الجيش السوري مجالاً للشك في شأن من المسيطر الآن في درعا، فنقاط التفتيش تحاصر المدينة والملصقات التي تحمل صور الرئيس بشار الأسد على الجدران وضباط الأمن يتولون القيام بدوريات الحراسة. ولكن في الشوارع المكتظة بالمتسوقين والسيارات تضطرم نار الخوف والغضب تحت الرماد. وتهتف فتيات واقفات خارج المدرسة قائلات «حرية.. حرية»، بينما يمشي صحافيون بالقرب منهم. ويفشل الطلاء الأسود على الجدران تماماً في إخفاء النقوش تحته. والنقوش بكلمة «ارحل» لا حصر لها، وأصبحت هذه الكلمة لازمة شائعة الاستخدام في العالم العربي منذ اندلاع احتجاجات في العام الماضي أسقطت حكام تونس ومصر وليبيا ومثلت مصدر إلهام للاحتجاجات في سورية.
وزارت «رويترز» مدينة درعا، قرب الحدود الأردنية، في رحلة ترعاها الدولة برفقة مرافق من الحكومة. وكانت درعا جنوب سورية معقلاً لانطلاق الاحتجاجات التي بدأت في آذار الماضي. وخرج المتظاهرون الغاضبون إلى الشوارع بعد أن اعتقلت الشرطة و«عذبت» مجموعة من المراهقين الذي كتبوا شعارات مناهضة للحكومة على جدران المدينة. وسحق الجيش «التمرد» في درعا بعد أشهر عدة، لكنه انتشر إلى مدن في وسط سورية وفي المناطق الجبلية الشمالية على الحدود مع لبنان وتركيا. ويتعين على الزائرين الآن المرور عبر خمس نقاط تفتيش عسكرية على الأقل لدخول درعا. ويفتش الجنود سياراتهم ويفحصون بطاقات هوياتهم. وفي آذار أضرم متظاهرون النار وأسقطوا تمثالاً للرئيس الراحل حافظ الأسد، لكن الآن تشاهد صور كل من حافظ وبشار الأسد على واجهات المتاجر وشوارع المدينة.
وفي مبنى حكومي قال مسؤولون إن متظاهرين أشعلوا فيه النار تناثرت شظايا الزجاج المحطم في الطوابق. وقال قائد الشرطة في محافظة درعا اللواء محمد أسعد «أحرقوا مراكز الشرطة والمباني الحكومية وهاجموا أكثر من 400 مدرسة هنا». وأضاف إنه ينبغي للمعارضة ألا تحتج لأن الحكومة وعدت بإصلاحات. وتابع «استجابت القيادة لبعض مطالبهم... إنهم يطالبون بالحرية، ولكن ليس لديهم فكرة بشأن ما هي الحرية».
وعند المسجد العمري في درعا حيث اندلعت اشتباكات خلال الاحتجاجات يحيط الجنود ونقاط التفتيش بالمبنى. وينظر المارة للغرباء بعين الشك. ولم يلحق بالمسجد في ما يبدو أي أضرار. ورفض أصحاب المحال التجارية من حوله الحديث. وقال بائع «إذهب ولا تثر مشاكل لي.. أي شخص يريد أن يرى الحقيقة بإمكانه رؤيتها». واقتربت صحافية سورية من «رويترز» لتقول إنها تعرضت للتهديد لأنها أبدت تأييدها للأسد. وأضافت «قلبي يعتصره الحزن. عندما أشاهد ما يحدث لبلادي يتمزق قلبي.. يريدون إرهابنا هنا في درعا.. لماذا؟».
وأوضح اللواء اسعد أن المدينة الآن آمنة وتحت سيطرة الدولة. وأضاف إنه تم الإفراج عن 200 معتقل في المدينة. وتابع «الحيـاة عادية الآن والطرق مفتوحة. ما تبقى هو عدد قليل من المسلحين وهم من اللصوص». وعلى نواصي بعض الشوارع نقشت حديثاً على الجدران عبارة «الله.. سورية.. الأسد». لكن بالقرب من المسجد العمري الذي تحيط به إجراءات أمنية أشار بعض السكان إلى أن الكثير من سكان المدينة، البالغ عددهم 120 ألفاً، ما زالوا يشعرون باستثناء بالغ رغم صمتهم. وقال بائع «ما الذي تريد مني أن أقوله؟ الأمور غير واضحة. نفضل أن نكتمها في قلوبنا»، فيما قال آخر «لا شيء تغير».