معاناتي مستمرة منذ أن اخبرني الطبيب بان ابني مصاب بالتوحد فهنا بدأت المشكلة فلم اعرف أين سأذهب فلا يوجد مركز صحي حكومي أو خاص في فلسطين للعلاج بل لا يوجد دواء لهذا المرض الذي يصيب الأطفال
’’ معاناتي مستمرة منذ أن اخبرني الطبيب بان ابني مصاب بالتوحد فهنا بدأت المشكلة فلم اعرف أين سأذهب فلا يوجد مركز صحي حكومي أو خاص في فلسطين للعلاج بل لا يوجد دواء لهذا المرض الذي يصيب الأطفال ... أين حقوق الأطفال في العلاج؟ أين الجهات الحكومية من هذا الموضوع؟. مناشدة لسيدة فلسطينية سمعتها منذ عدة أسابيع ويعاني ابنها من التوحد.
هذه السيدة واحدة من عشرات النساء والأسر التي يعاني احد أطفالها من التوحد،وهناك بطبيعة الحال ازدياد مضطرد لعدد الأطفال المصابين بأطياف التوحد في فلسطين.
ولمن لا يدرك معني إن يكون شخصا مصابا بالتوحد نشير باختصار إن ذلك يعني اضطراب الجهاز العصبي للطفل التوحّدي ما يؤدي إلى عزله ويجعله غير مدرك لما يحدث حوله ولا يشعرون بالجوع أو الحزن أو السعادة.
لكن ما يزيد ألمي أكثر كل يوم هو تعامل الجهات المسؤولة معهم بطريقة العزل والتهميش وعدم الاهتمام!
ففلسطين لا يوجد فيها مركز حكومي واحد لتأهيل أطفال التوحُّد ولا إحصائيات رسمية لأعدادهم كما أن التشخيص الطبي الدقيق لدرجات المرض أيضا غير موجود.
وعلميا حتي الآن ليس هناك أسباب تفسر هذا الاضطراب الذي يصيب الأطفال لكن الإحصائيات العالمية، تؤكد إلى أنّ الذكور الأطفال يصابون بهذا المرض بنسبة واحد إلى الأربعة من الإناث، ويمكن أن يُظهر المصابون بهذا الاضطراب سلوكاً متكرراً بصورة غير طبيعية.
ومنذ أسابيع كنت مهتما بالتواصل مع إحدى السيدات التي يعاني ابنها من التوحد،وذلك في أطار تكليفي بتشكيل مجلس إدارة في الضفة الغربية لإحدى المنظمات الدولية المهتمة بالتوحد في البلدان العربية،حيث تفاجأت بأن تلك السيدة "هاجرت " وصحبت ابنها معها لإحدى الدول الأوروبية،بعد ان خشيت عليه بسبب عدم توفر المراكز والاهتمام الكافي بأطفال التوحد في فلسطين.
ولا نذيع سرا أذا قلنا إن إحدى الجمعيات الفلسطينية المختصة - وتكاد تكون وحيدة - بتأهيل أطفال التوحُّد بشكل خاص قائمة على تبرعات فردية غير ثابتة، وعلى بعض الرسوم الرمزية التي تؤخذ لقاء جلسات العلاج.وهذا بطبيعة الحال يضع مجلس الوزراء ووزارة الصحة الفلسطينية أمام التزاماتها وواجباتها الوطنية والإنسانية على حد سواء.
وتقدِّم الجمعية خدمات محدودة بإمكانياتها لحوالي 30 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 4 - 10 سنوات، من مختلف المحافظات وفي بعض الأحيان لا يستطيع بعضهم حضور جلسات العلاج لصعوبة في الوصول إلى المركز، حيث لم تتمكّن الجمعية من توفير مركبة خاصة لنقل الأطفال على الرغم من المطالبة بذلك.
إن التقصير الحكومي لا يتمثل بعدم دعم اطفال التوحد فحسب بل يتمثل أيضا في إن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لا يصنّف مرض التوحّد تصنيفاً مستقلاً بل يضمنه في بند الإعاقات أو صعوبات التواصل بشكل عام، ويعتبر هذا التصنيف خاطئاً حيث أن للتوحُّد صفات ومتطلبات تختلف عن أي إعاقة أخرى. غير أن الجهاز يتذرع إن سبب هذا التصنيف هو عدم وجود تشخيص طبي للمرض أصلاً. كما أن الجهاز المركزي للإحصاء اليوم مدعو مرة أخرى من أجل العمل على إحصائية خاصة بالتوحُّد.
ويؤكد خبراء إن المشكلة الرئيسية للتوحُّد تكمن في التواصل، حيث يحتاج مرضى التوحُّد إلى تشخيص مبكّر وبدء فوري للتأهيل، قبل بلوغ سن الدراسة علّ هذا التأهيل يمكنّهم من الدراسة في المدارس.
في المقابل ، هناك مشكلة بالوعي تجاه مرض التوحد في مجتمعنا الفلسطيني فهناك عائلات تفضّل عزل أطفالها وعدم الحديث عن إصابتهم لاعتبارات اجتماعية بحته.وتبقى مشكلة عمل إحصائيات هي مشكلة موازنة ،ومشكلة إنشاء مراكز أو دعم مركز موجود مشكلة تمويل، وتوفير التشخيص الطبّي الخاص يحتاج إلى كوادر وتدريبات وإلى إدراج تخصصات ذات علاقة من قبل وزارة التربية والتعليم.
ويبقى الأمل حاضرا بالنسبة لأطفال التوحد وذويهم بعد إن تمكنا من تشكيل مجلس إدارة في الضفة الغربية لإحدى المنظمات الدولية المهتمة بالتوحد في االبلدان العربية وننتظر اعتمادنا كفرع لها ، حيث سنسعى وبالتعاون مع كافة المعنيين والمهتمين وأصحاب المسؤولية للمضي قدما في تحمل مسؤولياتنا إزاء قضية أكثر ما يمكن إن توصف بــ’’الإنسانية’’.
نهاد الطويل