25-11-2024 05:35 PM بتوقيت القدس المحتلة

الملل ..مرض عصري يعادل الإرهاق

الملل ..مرض عصري يعادل الإرهاق

هناك من يقومون بفرز الرسائل الإلكترونية والتنقل بين عدد كبير من الوثائق والنظر في الملفات دون هدف، فهي جميعها محاولات للتظاهر بالانشغال

هناك من يقومون بفرز الرسائل الإلكترونية والتنقل بين عدد كبير من الوثائق والنظر في الملفات دون هدف، فهي جميعها محاولات للتظاهر بالانشغال في العمل. ولكن هذا التظاهر بالإنشغال عمل صعب، بل إنه في الواقع صعب للغاية إلى حد يتسبب في إنهاكك وربما يدفع بك إلى دائرة "الملل المزمن"، وهي متلازمة تصيب الأشخاص المفتقرين إلى الدافع والحافز.
يقول فولفغانغ ميركله، طبيب نفسي من مدينة فرانكفورت الألمانية: "مجتمعنا منقسم، فالأشخاص الناجحون يعانون من الإرهاق المزمن ويجذبون إليهم كافة الأنظار والاهتمام. ولكن ليس هناك اهتمام يذكر تجاه الأشخاص الذين يعانون من الملل المزمن، رغم أنه تظهر عليهم نفس الأعراض تقريبا." ويشير إلى أنه من بين أعراض الملل المزمن الشعور باليأس والافتقار إلى الحافز والأرق وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة.


تظهر على المصابين بالملل المزمن أعراض جسدية أيضا، مثل مشاكل المعدة أو الدوار أو طنين الأذن أو الصداع أو التعب. هذه الشكاوى تأتي نتيجة لغياب الحافز أو قلة العمل، على عكس حالات الإرهاق المزمن التي تظهر أعراضها نتيجة الإفراط في التحفيز أو الإجهاد في العمل. الشخص الذي يعاني من الافتقار إلى الحافز هو شخص مكلف بعدد ضئيل للغاية من المهام التي لا تكون على قدر كاف من الأهمية. هذا التناقض بين قدرات الشخص ونشاطاته، إلى جانب عدم تقدير جهوده، يؤدي إلى إصابته بالتوتر النفسي الشديد للغاية.
يشير جورج فيلدمان، من المعهد الاتحادي الألماني للسلامة والصحة المهنية، إلى أن الموظفين الذين دائما ما يقومون بمهام فرعية يعانون أيضا من الملل المزمن، نظرا لأنه من المهم من الناحية النفسية على المدى الطويل اكتساب شعور بالإنجاز من خلال استكمال بعض الأعمال.  ويقول إن الافتقار إلى الحافز في العمل من ناحية الكم والكيف يرتبطان ببعضهما البعض. فإذا لم تكن مفتقرا إلى الحافز من حيث كم العمل، فلن تضطر إلى تبني استراتيجيات سلوكية" تعكس الملل المزمن، في إشارة إلى طرق التظاهر بالانشغال لإخفاء المعاناة من الفراغ. أحد هذه الطرق يتمثل في تبني استراتيجية للتظاهر بالإجهاد في العمل الذي يؤدي إلى الإرهاق المزمن، وذلك من خلال التواجد في المكتب في وقت مبكر من الصباح وحتى وقت متأخر من المساء.


ويقول فيردر إنه "لا معنى تماما" للقول إن أصحاب متلازمة الملل المزمن هم أشخاص كسالى، موضحا أن "الشخص الذي يعاني من الملل المزمن يريد العمل ولكنه لا يستطيع، ومن هنا تأتي معاناته". ويوصي الموظفين الذين يرون أن الروتين اليومي في عملهم ينجرف بهم إلى دائرة الملل المزمن باتخاذ إجراء مناسب في أسرع وقت ممكن. ويقترح العمل لبعض الوقت فقط، بدلا من كامل الوقت، كحل لهذه المشكلة، قائلا إن الشخص الذي يتولد لديه شعور بالافتقار إلى الحافز يمكن أن يطلب من رئيسه في العمل خفض عدد ساعات عمله الرسمية. صحيح أن الأجر الشهري سيقل، لكن الموظف سيكون مشغولا خلال ساعات عمله ويستطيع أن يستغل الوقت المستقطع بشكل أفضل.


ويقول ميركله إنه في حال الإصابة بالاكتئاب والتعب، فإنه ينبغي على الشخص المصاب أن يصف أعراضه لطبيبه، الذي ربما يحوله إلى أخصائي في الطب النفسي. وأضاف: "يمكن علاج المشكلة في جلسة أو جلستين أسبوعيا"، لكنه رغم ذلك أشار إلى أنه في بعض الحالات لا يستطيع الطبيب عمل شيء، قائلا: "في بعض الأحيان لا يفيد شيء سوى الاستقالة من الوظيفة".