06-05-2024 06:26 PM بتوقيت القدس المحتلة

"الوحدة الإسلامية": عنوان يجعل من الثورات ربيعاً

أدرك الإمام الخميني (قدس سره) لحظة دعوته إلى اعتبار الفترة الممتدة من 12 إلى 17 ربيع الأول أسبوعاً للوحدة الإسلامية، أبعاد تبني هذا المفهوم الذي بات ضربه واحداً من وسائل الحرب المعتمدة في العالم العرب

أدرك الإمام الخميني (قدس سره) لحظة دعوته إلى اعتبار الفترة الممتدة من 12 إلى 17 ربيع الأول أسبوعاً للوحدة الإسلامية، أبعاد تبني هذا المفهوم الذي بات ضربه واحداً من وسائل الحرب المعتمدة في العالم العربي. حالياً، نستحضر هذا المفهوم وندرك أهميته في ظل حضور قوي للغة التفرقة المذهبية في الأمة الإسلامية، والإقتتال أو النزاع المذهبي الذي تشهده بعض البلدان العربية.

لقد حوّل الإمام الخميني الخلاف الحاصل بين السنّة والشيعة حول تاريخ ولادة الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) إلى أسبوع للوحدة، بحيث يبدأ هذا الأسبوع بتاريخ ولادة النبي محمد (ص) بحسب اعتقاد السنة وينتهي بالتاريخ الذي يحتفل فيه الشيعة بولادته.
وكما جعل الإمام من هذا الخلاف مناسبة لإعادة إسقاط مفهوم الوحدة في وعينا الجماعي، يحضر السؤال التالي: كيف تستطيع القيادات الإسلامية خصوصاً تلك التي استلمت زمام السلطة في البلدان العربية التي شهدت ثورات مؤخراً، جعل مفهوم الوحدة الإسلامية جزءاً من الأداء السياسي والإجتماعي لديها ولدى شعوبها؟

التفرقة المذهبية تهدف إلى حماية الكيان الصهيوني وضربها يكون بجعل فلسطين القضية الأولى

شرح رئيس تجمع علماء جبل عامل الشيخ علي ياسين أهمية الإلتزام بمفهوم الوحدة الإسلامية خصوصاً خلال الفترة الحالية، قائلاً "إن دين الإسلام هو دين التوحيد ودين الوحدة، لذا يجب على كل معتنق للإسلام أن يعمل على تطبيق مفهوم الوحدة، خصوصاً في وقتنا هذا، الذي تعمل فيه قوى الإستكبار العالمي على إضعاف المسلمين في المنطقة ببثّ الفرقة المذهبية. يجب على كل مسلم إدراك أن ما يفرق المذاهب الإسلامية أقل بكثير مما يجمعها، وأن عدو الإسلام لا ينظر إلى الفرد إنطلاقاً من هويته المذهبية بل يستهدفه لأنه مسلم. لذا على المسلمين في عالمنا العربي تحديداً تفويت الفرصة على العدو بالعمل على إبراز القواسم المشتركة بين السنة والشيعة".

وفي حديث لموقع المنار، لفت الشيخ ياسين إلى أن "قوى الإستكبار العالم سعت من خلال اتفاقية سايكس بيكو (1916 م) إلى تفتيت المنطقة على أساس طائفي ومذهبي لحماية الكيان الصهيوني، لأن المنطقة عندما تكون موحدة فكرياً وعملياً من الصعب استمرار وجود هذا الكيان". وتحدث الشيخ ياسين عن أهداف الفرقة المذهبية في عالمنا "التي تزداد شراسة في وقتنا هذا، والتي تعمل على بثّ الضعف في المنطقة لضمان سيطرة قوى الإستكبار اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً على شعوب العالم الإسلامي، خصوصاً بعد فشل الخيارات العسكرية". كما شدد ياسين على أن "من يقومون بالعمليات الإنتحارية في العراق وغيره من البلدان نسوا أن المؤمن يحرم دمه وماله وعرضه".

أما بالنسبة لكيفية التقليص من الهوة التي تفصل بين نظرية الوحدة الإسلامية والواقع المعاش حالياً، رأى ياسين أن "المشكلة لا تكمن في أصل التعاليم الإسلامية التي تؤكد على الوحدة، بل في التكفيريين من أهل السنة والشتامين من أهل الشيعة وهؤلاء هم أقلية، لكن الأجواء مهيأة لهم من قبل الإستخبارات العالمية من أجل إثارة الفتنة. إن أهم ما يساعد على الحفاظ على الوحدة هو إبقاء القضية الفلسطينية قضية المسلمين والعرب الأولى والإنصراف إلى تحريرها تاركين القضايا الصغرى جانباً".  
  
التدين ليس في إطلاق اللحى بل هو سلوك يقوم أساساً على مبدأ الوحدة والسعي للتطور

من جهته، أكد رئيس حركة الأمة الشيخ عبد الناصر الجبري ضرورة أن يكون أسبوع الوحدة الإسلامية عنواناً للمرحلة الحالية، مشيراً إلى أن ما نشهده حالياً هو "صراع سعت إلى إرسائه الولايات المتحدة الأميركية التي سبق أن تحدثت عن فوض خلاقة في المنطقة، حيث تسعى من خلال هذه الفوضى إلى إلهاء الشعوب عن محاربة العدو الصهيوني من أجل ضمان استمرار احتلاله للأراضي الفلسطينية".
وفي حديث لموقع المنار، لفت الجبري إلى أن ما تشهده المنطقة أكبر من نزاع ضيق بين السنة والشيعة بل هو "ضرب لوحدة المستضعفين في وجه المستكبرين".
ومن أجل تعزيز مفهوم الوحدة بين الشعوب، شدد الجبري على أنه يجب "أن يتعاون المسلمون بكل مذاهبهم على مستوى مجابهة الإستعمار الذي يريد الإستيلاء على المنطقة بفرض نفوذه عليها، الوحدة بين المسلمين ليست مجرد نظرية، إنما هي أمر ضروري وطبيعي".

كما رأى الجبري أن شعوب المنطقة بحاجة "لكثير من الوعي لمواجهة أداة الفتنة، حيث أنه في أوساط الكثير من المتدينين نجد ثغرات على المستوى الفكري والديني، إذ أن التدين ليس في الصلاة والصوم وإطلاق اللحى إنما التدين هو سلوك وايمان والإلتزام بالتوجهات الكبرى وعدم الإنصراف إلى الخلافات الضيقة".
ودعا الجبري الجماعات الإسلامية التي استلمت زمام الحكم مؤخراً خصوصاً في مصر إلى "الحذر من التمويل الخارجي لبعض الجماعات المتطرفة التي ستتحرك لإضعاف الداخل ومنع هذه الجماعات من الحكم وقيادة البلدان تجاه التغيير، نحن بحاجة إلى خطة مدروسة تقوم على التعاون بين الجماعات الإسلامية التي فازت في انتخابات البلدان العربية مؤخراً للتنسيق ودراسة كيفية إحداث تغيير جدي على المستويات كافة السياسية والإقتصادية والتكنولوجية، ويمكن الإستعانة بتجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذا المجال".

يصلح شعار "الوحدة الإسلامية" لأن يكون عنواناً للمرحلة الحالية أو مبدءاً من مبادىء حكم السلطات التي أفرزتها ثورات العالم العربي في كل من مصر وتونس وليبيا. تحتاج هذه المرحلة لكون هذا الشعار واقعاً يرتكز عليه الأداء السياسي الذي، في حال التزامه الوحدة، قد يكسر إزميل الفتنة ويصرف الشعوب إلى العمل على إحداث تغيير حقيقي يتمثل بالوصول إلى الإكتفاء على جميع المستويات.