24-11-2024 11:08 PM بتوقيت القدس المحتلة

"الوحدة الاسلامية" مفتاح التقارب مع المسيحيين.. لكن أبعدوا الايدي الخفية

"الناس صنفان: إما اخ لك في الدين واما نظير لك في الخلق" بهذه الكلمات حدد الامام علي بن ابي طالب(ع) -بما له من مكانة إسلامية وانسانية- العلاقة بين الانسان واخيه الانسان.

"الناس صنفان: إما اخ لك في الدين واما نظير لك في الخلق" بهذه الكلمات حدد الامام علي بن ابي طالب(ع) -بما له من مكانة إسلامية وانسانية- العلاقة بين الانسان واخيه الانسان، فالرابط ان لم يكن الدين الواحد فبالتأكيد هي الاخوّة الانسانية التي تجمع بين الانسان واخيه الانسان.


فلا يمكن تحديد علاقة البشر على اساس واحد هو الدين او الطائفة او المذهب او المعتقدات الفكرية او الثقافية التي يؤمن بها بل لا بدُّ من وضع ضابط اعم واشمل يضبط العلاقة بين بني البشر وهذا ما حدده الامام علي (ع) بأنه "النظارة" في الخلق حيث ان الخالق واحد للجميع وهو الله تعالى سبحانه فمهما اختلف الناس هناك حدود مسلّمة تجمعهم وتتمثل في ان الانسان نظير لاخيه الانسان في الخلق بما يترتب على ذلك من نتائج تتمثل بحقوق وواجبات لا يسع المقام لذكرها هنا.

 

هل يتخوف المسيحيون من الوحدة الاسلامية؟


ولكن هل التقارب بين من ينتمي الى فكر واحد او دين واحد او مذهب واحد ايا كان هذا الدين او الفكر او المذهب يؤثر سلبا او ايجابا على العلاقة مع من لا ينتمي او لا يؤمن بهذا الفكر او الدين او المذهب؟ وهل ان التقارب مثلا بين المذاهب الاسلامية يؤثر سلبا في العلاقة بين المسلمين وغيرهم من اتباع الديانات الاخرى كالمسيحيين؟ ام ان هذا التقارب بين المسلمين يسهم بطريقة او بأخرى في تحسين العلاقة بين المسلمين والمسيحيين انطلاقا من ان الاديان مهما تعددت مصدرها رب واحد هو الله تعالى؟

 

وفي مناسبة أسبوع الوحدة الاسلامية الذي اعلنه الامام الخميني(قده) تثار في سياق الحديث عن الوحدة بين المسلمين تساؤلات عدة منها هل يتخوف المسيحيون من الوحدة الاسلامية؟ هل يعتبرون ان الوحدة بين المسلمين تهديد لهم؟ ام انهم يعتقدون انها تقضي على التطرف الذي ألصق بالاسلام وبالتالي تزيل عامل تهديد الاقليات المسيحية في الشرق؟

 

فارس: الوحدة بين المسلمين أساسها ان الاديان السماوية توحد ولا تفرق



للاجابة على هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى النائب اللبناني مروان فارس الذي اعتبر ان "اسبوع الوحدة الاسلامية الذي دعا اليه الامام الخميني يشكل مفصلا هاما في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين"، واضاف ان "الوحدة بين المسلمين تعني الكثير بالنسبة للمسيحيين بالاخص فيما يتعلق بإزالة الفروقات بين المذاهب الاسلامية"، ولفت الى ان "الوحدة بين المسلمين أساسها ان الاديان السماوية توحد ولا تفرق بين الناس".


وأشار فارس في حديث لموقع قناة "المنار" الالكتروني الى انه "بالنسبة للمسيحيين موضوع الوحدة بين المسلمين دقيق لانه يحل مشاكل كثيرة سواء في المجتمعات الغربية والشرقية لان المسلمين منتشرون في كل القارات في العالم وليسوا محصورين في منطقة واحدة "، ولفت الى ان "الوحدة هي وحدة دينية وايضا وحدة ثقافية وحضارية واجتماعية لانها تفتح الباب لحل كل الخلافات القائمة بين المذاهب ومن ثم بين الديانات او بشكل ادق بين اتباع هذه المذاهب والديانات". 


وقال فارس إنه "اذا خفّت او حلّت الخلافات بين المذاهب الاسلامية فهذا يساعد وبشكل ضمني لحل الخلافات مع المسيحيين ايضا لذلك فمشروع الوحدة ليس فقط للمسلمين او المسيحيين انما هو مشروع للوحدة في الثقافة البشرية التي تجمع الناس من مختلف الاديان"، ورأى ان "موضوع الوحدة بين المسلمين هام جدا في لبنان لانه يساعد على نزع فتيل الفتن بين المسلمين من سنة وشيعة"، واكد ان "منع الفتنة بين الشيعة والسنة يؤدي الى نزع اي فتيل للفتنة بين المسلمين والمسيحيين وهذا له تأثير كبير بالنسبة لمستقبل لبنان واللبنانيين".

 

موسى: المسيحيون يعتبرون الوحدة بين المسلمين امرا ايجابيا


من جهته اعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النيابية في لبنان النائب ميشال موسى انه "بالنسبة للمسيحيين وجود نوع من الوحدة والتقارب بين المسلمين بما يشكله من قاسم مشترك ينطلق من وضعية تعايشية في المناطق كافة يعتبر امرا ايجابيا بشكل كلي للمسيحيين، لانه عندئذ تتلاقى الطوائف والمذاهب في نمط من الاعتدال والتعايش وهذا يريده المسيحيون"، وأمل أن "يتوصل المسيحييون فيما بينهم الى نوع من الوحدة والتقارب للاتفاق على قواسم مشتركة بينهم وتعزيز هذه القواسم المشتركة".


واعتبر موسى في حديث لموقع قناة "المنار" الالكتروني ان "السير في طريق الوحدة من المفترض ان يوصل الى قواسم بين كل المذاهب والطوائف ايا كانت ولاي دين انتمت"، ولفت الى ان "هذه الطوائف يجمعها الايمان بالله ومسالك الحياة المختلفة ضمن مبادئ المحبة والاعتراف بالاخر واحترام كرامة الانسان في كل مكان"، وتابع انه "اذ وجد اختلاف عقائدي في بعض الاحيان ومن الطبيعي وجود مثل هذا الاختلاف الفكري يمكن من خلال السير بمبادئ الوحدة والتقارب تنظيمه كي لا يؤثر على امور الحياة التنفيذية".

 
وأسف موسى ان "هناك أيادي خفية وطوابير خامسة تلعب ادوارا بالخفاء لضرب علاقة الاديان ببعضها ولاثارة الفتن بين المذاهب المنتمية لنفس الدين مما يؤدي كما حصل في العراق مثلا الى تهجير المسيحيين او للاقتتال بين المسلمين في اكثر من منطقة في العالم"، ولفت الى ان "لا شيء يأتي من العدم فالحروب والاعمال الارهابية التي تقع تكون بتخطيط من قبل بعض الجهات التي لها اهداف معينة ترجو تحققها بوقوع هذه الاحداث".


واعتبر موسى ان "وجود عصبية دينية ما سواء لدى بعض الجماعات الاسلامية او المسيحية يؤثر على باقي المكونات في المجتمع التي قد تنتمي الى ديانات أخرى"، واشار الى انه "من الطبيعي ان المسلمين سنة وشيعة عندما يعيشون في منطقة او بلد واحد فإن مناخ للتهدئة بينهم يسحب ذاته وينعكس على باقي مكونات المجتمع لاي دين او مذهب انتموا".

 

موسى: السياسة تلعب دورا بزيادة التشنج بين المسلمين والمسيحيين


واوضح موسى ان "السياسة قد تلعب دورا ما في زيادة حدة التشنج بين المسلمين انفسهم او بينهم وبين المسيحيين"، واكد انه "لو تترك العلاقة بين الناس الى الاديان فمن السهل خلق جو هادئ في العلاقة بين بني البشر لتأدية عباداتهم وحفظ ديانتهم ولتسيير شؤون حياتهم"، واشار الى ان "العمل السياسي والتدخلات السياسية من خلال قوى لا تريد للمنطقة الاستقرار يخلق مناخ متشنج اساسه ديني وطائفي وينسحب على المنطقة كلها"، معتبرا ان "هناك استغلالا سياسيا للصراع بين المذاهب والاديان وتأجيجا للصراع بينها في حين ان الاديان لا تأمر بهذا الامر".


بالتأكيد ان التقارب والتعاون بين المسلمين لا يتعارض بتاتا مع التعاون والتحاور والتواصل الدائم مع الديانات الاخرى لا سيما المسيحيين في العالم والمنطقة، بل ان التقارب هو ما توجبه وتدعو اليه العقيدة الاسلامية الحقة التي توجب التعاطي بسلم وامان بين الانسان واخيه الانسان دون تباغض او تقاتل اوتنازع ودون النظر الى مصالح مادية ضيقة، حيث ان الفطرة الانسانية التي جُبٍلَ عليها البشر هي التقارب والتآلف مع غيرهم والعيش بسلام سواء كانوا من نفس المذهب او الدين ام لا.


وهذا ما أعلنه وشدد عليه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير بمناسبة ولادة الرسول محمد بن عبد الله(ص) واسبوع الوحدة الاسلامية حيث قال "نحن كحركة إسلامية في لبنان عندما نتحدث عن تعاون وطني بين المسلمين والمسيحيين وعن ضرورة بناء دولة وطنية في لبنان يشارك فيها الجميع يتمثل فيها الجميع تخدم مصالح الجميع تحمي الجميع نحن لا نتكلم سياسة بل ننطلق من أصولنا الدينية العقائدية الفقهية وهذا ليس تكتيكا سياسيا".