القسم السياسي من كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في ذكرى القادة الشهداء في النبي شيت عصر اليوم الجمعة 24-02-2012
القسم السياسي من كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في ذكرى القادة الشهداء في النبي شيت عصر اليوم الجمعة 24-02-2012
في ذكرى القادة الشهداء، السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد، يجب أن نحفظ لهؤلاء الكبار فضلهم العظيم. ونحن عندما نحيي ذكراهم إنمّا نتذكر فضلهم ونذكّر بفضلهم، ويجب أيضا أن ندرك أهمية وعظمة وأهمية الأمانة التي خلّفوها في عهدتنا جميعاً، وهي أمانة المقاومة التي عاشوا من أجلها واستشهدوا من أجلها وأوصوا بها خيراً. بهذه المقاومة حرّرنا أرضنا عام 2000 وبهذه المقاومة استعدنا أسرانا أعزاء، وبهذه المقاومة حقّقنا لشعبنا وأهلنا الأمن والإستقرار والطمأنينة مع العزة والكرامة.
بهذه المقاومة حطمنا أخطر المشاريع الأمريكية والإسرائيلية التي كانت تستهدف لبنان والمنطقة، خصوصاً عام 2006 ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان مشروع تقسيم المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، يعني تقسيم المنطقة على أساس تفجيري وتدميري وتخريبي، لتبقى إسرائيل الدول الأقوى. وبهذه المقاومة حمينا بلدنا ونحمي بلدنا ونحمي خيرات بلدنا ونستعيد بقية أرضنا المحتلة، وبهذه المقاومة نواجه كل التحديات والتهديدات. بالأمس سمعنا كلاما نُقِلَ عن رئيس حكومة العدو (بنيامين) نتنياهو يهدد بضرب لبنان وتدميره، وينكر، ويقول إنّه في خارطة العالم الجديد لا شيء اسمه لبنان. أنا لا أعلم هل فعلاً نتنياهو قال هذا الكلام أم لا، وطلبت من إخواني الذين يتابعون عادة الإعلام الإسرائيلي فقالوا فتشنا ولم نجد هذا الكلام في الإعلام الإسرائيلي، وبكل الأحوال هو كلام ملفت. لكن على أي حال نُقِلَ عنه هذا الكلام وسواء قاله أم لم يقله هذا (الكلام) أساساً منسجم مع العقلية الإسرائيلية.
هنا نعود لنفتح ملفّنا من جديد، هذه العقلية الإسرائيلية وهذا العدو الإسرائيلي وهذا المشروع الإسرائيلي، هي عقلية التهديد الدائم بشطب الآخرين وحذف الآخرين وتدمير وقتل الآخرين وإلغائهم، وبهذه العقلية ومن خلال الممارسات التي تعبر عن هذه العقلية، أصلاً قام هذا الكيان على القتل والترهيب وتهجير الشعب الفسطيني وارتكاب المجازر بحق النساء والأطفال وبقر بطون الحوامل واغتصاب المقدسات والإعتداء على الدول العربية والشعوب العربية وتهديد دول وشعوب المنطقة منذ الأيام الأولى للمنظمات الصهيونية الإرهابية ، وما زال هذا الأمر قائما.
نحن في ذكرى قادتنا الشهداء يجب أن نذكّر بهذا العدو، بعقليته وبمخاطره وسلوكه وبأداء هذا العدو.
اليوم في فلسطين هذا الأمر مستمر، المزيد من اقتطاع الأراضي وأين؟ في الضفة الغربية حيث من المفترض إذا جرت تسوية أن تكون جزءاً من الدولة الفلسطينية، تقتطع أراضٍ جديدة ويقرّر إقامة مستوطنات جديدة وآخرها بين نابلس ورام الله ، المزيد من السيطرة على الأراضي، اقتلاع مزروعات الفلطسينيين، قتل الفلطسينيين، الإحتفاظ بآلاف الفلسطينيين أسرى وسجناء في ظروف قاسية، الإعتداء على حرمة مقدسات مسلمين ومسيحيين، سواء على الكنيسة قبل أيام في القدس أو على المسجد الأقصى قبل أيام، وهذا اليوم والآن أتكلم معكم وقد أخبرني الإخوة أنّ هناك مواجهات مستمرة وما زالت قائمة في المسجد الأقصى دفاعاً عن حرمة وقداسة وكرامة المسجد الأقصى.
يجب أن نفتش عن هذا العقل الإسرائيلي وهذه الأيادي الإسرائيلية التي تقف خلف الكثير من الممارسات والأحداث التي تحصل اليوم في العالم، على سبيل المثال حرق المصاحف سواء في داخل أمريكا أو ما جرى قبل أيام في أفغانستان وعندما خرج الناس للتظاهر إدانةً للإعتداء على المصاحف الشريفة أطلقت النار عليهم من قبل الجنود الأمريكيون وسقط عشرات الشهداء والجرحى.
أنا أقول إنّ الإدارة الأمريكية والعقلية الأمريكية لا ينقصها شيء من الشيطنة، ولكن هذا النوع من السلوك وهذا النوع من الإعتداء على الكتب المقدسة وعلى الأنبياء وعلى حرمات الأنبياء وعلى مقدسات الآخرين، هذا سلوك إسرائيلي ولنقل يهودي "بين هلالين" ـ وسوف يقولون إن هذا معاداة للسامية ـ القرآن الكريم أخبرنا عن هذه الجماعة: كيف اعتدوا على أنبيائهم وكيف قتلوا أنبياءهم وكيف أساؤوا لأنبيائهم وكيف أساؤوا للسيد المسيح عليه السلام وكيف أساؤوا للسيدة مريم عليها السلام وكيف أساؤوا لرسول الله الأعظم محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم. هذا النمط الذي اسمه الإعتداء على الكتب المقدسة وعلى الأنبياء وعلى الرسل وعلى المقدسات، هذه عقليتهم، وقد يكون هؤلاء يريدون الدفع أكثر فأكثر باتجاه صراع ديني في العالم.
اليوم المعركة مع الولايات المتحدة الأمريكية ـ عندما كانت المقاومة في العراق تقاتل الأمريكيين، القتال في أفغانستان ـ إذا احتل الأمريكيون أي بلد وقاتلهم شعب هذا البلد ـ إذا كان شعبا مسلما ـ فهذا قتال على قاعدة سياسية: أن هناك محتل لأرضي وأنا أقاتله، وليس قتال المسلمين مع المسيحيين. ولكن المشروع الصهيوني هو دائماً يريد أن يدفع الأمور باتجاه قتال مسلمين ومسيحيين وأن يحوّل الصراع القائم مع قوى استعمار أو قوى استكبار أو قوى هيمنة إلى صراع ديني وإلى صراع طائفي، وهم يدفعون الأمور بهذا الإتجاه، وطبعا نحن كمسلمين علينا أن نكون حذرين جداً عندما ندافع عن مقدساتنا وعن قرآننا وعن أنبيائنا يجب أن لا نمس مقدسات الآخرين ورموز الآخرين لأننا بذلك نقع في الفخ الإسرائيلي الصهيوني الذي يريد تحويل هذا الخطأ إلى صراع ديني.
كذلك يجب أن نفتش عن الأيادي الإسرائيلية في الفوضى المنتشرة في منطقتنا، لنأخذ ظاهرة مؤلمة: أمس حصلت تفجيرات في بغداد ذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، أكثر من خمسين شهيداً، تلك السيارات المفخخة التي يتم وضعها في الطرقات العامة، (قرب) المدارس والمساجد والكنائس والحسينيات والأسواق والمكتبات، قتل ذريع. هذا الأمر ليس جديداً، قبل مدة حصل وكل مدة يحصل، إذا أحصينا عدد العراقيين الذي قُتلوا بالسيارات المفخخة وبالعمليات الإنتحارية سوف نجد أن مئات الآلاف من العراقيين قُتلوا بهذه الطريقة، ودعوا جانبا الذي قتلوا برصاص وقذائف قوات الإحتلال وهذا مشهود وموثق، لكن ما هو غير واضح ـ يعني أنه ليس قوة احتلال حملت رشاشاً وأطلقت النار على صدور العراقيين ـ وهذا اسمه عبوات وسيارات مفخخة وعمليات انتحارية، من أجل أي شيء (يحصل) ومن أجل أي هدف؟ لماذا هذه الإستباحة لدماء العراقيين، من كل العراقيين، من كل المذاهب ومن كل الطوائف ومن كل العرقيات؟ من يريد تدمير العراق؟ أريد أن أذكّر بكلمات كنّا نقولها أنا وإخواني في بدايات الإحتلال الأمريكي للعراق وكنا نستند على دراسات وعلى كتب وعلى أبحاث وعلى مؤلفات وعلى أبحاث إسرائيلية، كنّا نقول بالدليل القاطع إن المشروع الإسرائيلي للعراق هو تدمير العراق وعدم السماح لقيام دولة اسمها العراق، لأنّ العراق لو أتيح له فرصة أن ينهض من جديد سيكون دولة غنية، دولة قوية، دولة لديها إمكانات هائلة، وكلنا يعرف أنّ الشعب العراقي شعب مثقف ويحب القراءة والعلم والثقافة، وبالتالي يمكن أن نكون أمام نموذج جديد. الإسرائيليون لا يريدون عراقاً من هذا النوع، وهذا الأمر يرتبط حتى بخلفيتهم الدينية والتاريخية والعقائدية ونبؤاتهم التي ترتبط بالمستقبل وتوقعاتهم للمستقبل، لأنّ الصهاينة يعتقدون بأنّ القوات أو الرياح التي سوف تأتي وتعصف مجدداً بهذا الكيان الغاصب في فلسطين سوف تأتي من الشرق، هذا الشرق هو إيران والعراق وكل من يقع في شرق فلسطين المحتلة، ولذلك هم يريدون لهذه البلدان أن تكون مفتونة متقاتلة متنازعة وأن تدمّر. حتى لو كان لَبوس بعض هذه العمليات جماعات إسلامية أو تتحدث عن الإسلام أو ترفع اسماً إسلامياً يجب أن نسلّم بأن هناك اختراقاً كبيراً جداً لهذا النوع من المجموعات القتالية التكفيرية من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية وأنا لا أقول هذا ادّعاءً وإنمّا هناك معطيات ومعلومات وموجودة لدى الإخوة العراقيين. ما يجري في العراق يجب أن نفتش فيه عن هذه العقلية الإسرائيلية وعن هذا السلوك الإسرائيلي وعن هذه الأيادي.
عندما نذهب إلى باكستان وهذا القتل الذريع في كل يوم، عندما نذهب إلى الصومال، والآن فيما فُتِحَت عليه بعض البلدان العربية من اقتتال هنا وفوضى هناك أيضاً يجب أن نبحث عن هذه العقلية وهذا السلوك وهذا الأداء. يجب القول والتنبيه والتحذير إن المشروع الأمريكي الإسرائيلي الفعلي، عند العجز عن السيطرة على سلطة ما في بلد عربي أو إسلامي ما، هو تخريب هذا البلد وتدميره وإشاعة الفوضى فيه، وبالتالي تصبح المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والدينية والوطنية والقومية وبأي اعتبار وبكل المعايير تصبح المسؤولية هي مواجهة الفتنة ومواجهة الفوضى ومواجهة مساعي التدمير لأنّ هذا مصداق المشروع الأمريكي الصهيوني وتحقيق لأهداف إسرائيل.
في كل الأحوال هذه هي العقلية التي تقف وراء التهديد بقصف لبنان وضرب لبنان وتدمير لبنان.
في المقابل، نحن أولا ـ وتعلمنا هذا من قادتنا الشهداء من السيد عباس ومن الشيخ راغب ومن الحاج عماد ـ لا نخاف، هذا (تصريح نتنياهو) لا يخيفنا، لا نتنياهو ولا (ايهود) باراك ولا (ايهود) أولمرت ولا وزير الحرب السابق ولا (دان) حالوتس ولا "مالوتس"، هؤلاء لا يخيفوننا أصلاً، فليقولوا ما شاؤوا وليهددوا بما شاؤوا وليفعلوا ما شاؤوا.
بالماضي عندما كانت إسرائيل في عيون الناس قوية جبارة مقتدرة لا تُقهر، وكانت لا تخيفنا، فكيف اليوم، في الماضي عندما كنّا قليلي العدد والعدّة، وقد سمعتم قبل قليل الشهيد السيد عباس يقول إنه يرضى أن يخرج من اللويزة خمسة إلى ستة ومن عين بوسوار خمسة إلى ستة ومن صور أحد عشر أو اثني عشر، عندما كنّا قلّة، إسرائيل هذه في زمن جنرالاتها الكبار مثل شارون وإسحاق رابين كانت لا تخيفنا، فكيف اليوم
ونحن في جوار السيد عباس نقول له يا سيدنا هؤلاء الخمسات والعشرات والعشرينات صاروا عشرات الآلاف من الذين يحملون فكرك وروحك ودمك وعزمك وشجاعتك وإرادتك وتصميمك على صنع النصر لهذا البلد ولهذه الأمة. بالتأكيد هؤلاء لا يخيفونا على الأطلاق، هذه التصريحات هي جزء من الحرب النفسية، وبالتأكيد نحن أيضاً نخوض حرباً نفسية مع هذا العدو ولا نخضع لتأثيرات هذه الحرب النفسية للحظة واحدة من اللحظات.
وثانياً في مواجهة هذا النوع من التهويل والتهديد يجب أن نكون يقظين وواعين لكل ما يجري حولنا، أولاً في داخل الكيان وثانياً في منطقتنا وفي بلدنا.
المنطقة كلها ومن جملتها لبنان ـ نحن جزء من هذه المنطقة ـ تمر في مرحلة حساسة وخطيرة وتاريخية ومصيرية. هناك إعادة صياغة جديدة للمنطقة. تذكرون دائما كنا نقول لا يمكن لأحد أن يتعاطى مع موضوع لبنان كأنه جزيرة في المحيط الهندي "ما إلنا خصة شو عم بصير" فيما يجري في منطقتنا. لا، نحن جزء من هذه المنطقة، جزء من شعوب هذه المنطقة، جزء من دول هذه المنطقة، أمننا من أمن المنطقة، استقرارنا من استقرار المنطقة، ما يخطط لهذه المنطقة يخطط لبلدنا، كل التبعات تلحق ببلدنا، نؤثر فيها ونتأثر بها. طبعاً هذه الميزة أوجدتها المقاومة في لبنان. دائماً لبنان كان بلداً يتأثر بما يجري في المنطقة ولا يؤثر، كان دائماً في موضع المنفعل وليس في موقع الفاعل.
المقاومة، مقاومة هؤلاء القادة، هؤلاء الشهداء، هي التي نقلت لبنان إلى مرحلة الفعل أيضاً، إلى مرحلة التأثير، ولذلك عندما يخطط شيء لهذه المنطقة من قبل الأمريكيين أو من قبل الإسرائيليين، فهم لا يستطيعون أن يتجاهلوا موقع لبنان ودور لبنان وتأثير لبنان في معادلات المنطقة، وذلك بفعل وجود المقاومة والمعادلة الثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، هذا أمر بات واضحاً اليوم عندما يتكلم عن المحاور والإصطفافات والمعسكرات. هذه حكاية النأي بالنفس هي كتسوية معمولة حتى تستمر هذه الحكومة، وإلا أين النأي بالنفس؟ على كلٍ يجب أن نعي ونلتفت إلى ما يجري في منطقتنا ونتحمل المسؤولية بشكل كامل.
بناءً عليه نحن ما زلنا، ونحن نحيي الذكرى العشرين لاستشهاد السيد عباس، على القناعات السابقة نفسها والمرتكزات السابقة، ما زلنا نرى أن الأولوية، ما زلنا نرى أن التهديد الأكبر هو التهديد الإسرائيلي للبنان، لشعب لبنان، لكل المنطقة، وما زلنا نرى أن الأولوية المطلقة هي لمواجهة هذا التهديد للبنان وللمنطقة، ووسيلتنا في مواجهة هذا التهديد هي المقاومة والمعادلة الثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، وعلى هذا نحن نبني مواقفنا وسياساتنا ورؤيتنا وعلاقتنا كما تحدثت في احتفال بيروت.
من هنا أود التأكيد على عدة نقاط وأختم:
أولاً: في مثل هذا الوضع الموجود في المنطقة، ومن موقع المقاومة، ومن موقع أولوية مواجهة التهديد الإسرائيلي للبنان والمنطقة، نحن نتشدد في حرصنا على الاستقرار الأمني في لبنان وعلى الاستقرار السياسي في لبنان. الذين يريدون الفوضى في المنطقة يريدون الفوضى أيضاً في لبنان. من يود أخذ سورية للحرب الأهلية أو الحرب المذهبية الطائفية والذي يود أخذ العراق لحرب أهلية او طائفية، ومن يود أخذ بلد مثل ليبيا، شعبها من طائفة ومذهب واحد، يود أخذها لحرب قبلية أو حرب جهوية شرق وغرب، هؤلاء مصممون على نشر الفوضى في المنطقة، ولبنان جزء منها.
في مواجهة هذا المشروع علينا مسؤولية كبيرة جداً هي الحرص على الاستقرار الأمني في لبنان وعلى الاستقرار السياسي في لبنان. وبالتالي كل ما يساعد على الفتنة أو يدفع إلى الفتنة أو يحرّض على الفتنة يجب تجنبه في القول وفي العمل.
من الممكن أن يعبر كلّ منا عن موقفه السياسي، حتى في القضايا الخلافية، سواء كانت داخلية أو إقليمية، حتى في موضوع سورية، ولكن كلنا يستطيع أن يعبّر عن موقفه من الأحداث في سورية، على تباين المواقف، فيما بيننا دون أن يلجأ الى لغة التحريض المذهبي والطائفي، لأنه يجب إبعاد لبنان عن هذا الأمر. حتى هذه اللحظة انظروا إلى المنطقة كلها، هنا قتال وهنا تفجيرات، هنا فوضى، هنا حرب، حتى في بعض البلدان التي أسقطت انظمتها وهي على موعد مع الحرية والدولة العادلة والبناء والديمقراطية، تعاني بعض هذه الدول وبعض هذه البلدان، ولكن استطاع اللبنانيون حتى الآن أن يحفظوا الاستقرار الأمني والسياسي في بلدهم بشكل عام وهذا ما يجب أن نحرص عليه.
وأمام كل محاولات احداث فتن في منطقتنا وفي محيطنا يجب أن تبقى منهجية التعاطي هي محاصرة الفتنة في أي بلد، العمل على منع امتدادها إلى أي ساحة أخرى، والعمل على إخمادها في ساحة الفتنة، هذه هي المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والشرعية لأي انسان حريص، لأي انسان مخلص.
إخواني وأخواتي، نحن كبشر، كمنتمين للديانة الإبراهيمية، إلى إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين، نحن أهل الرأفة، أهل الرحمة، نحن نحزن لكل دم يسفك في أي مكان، في لبنان، في سورية، في العراق، في فلسطين، في باكستان، في إيران، في أفغانستان، نحن نتألم لأي طفل يصاب باليتم، لأي امرأة تصاب بالثكل، لأي بيت يُهدم، لأي ألم يدخل إلى أي قلب وإلى أي بيت وإلى أي عائلة. هذا أمر طبيعي. ولكن لا يكفي أن نتألم، يجب أن نبحث عن الموقف، عن الأداء الذي يسد أبواب الفتنة وأبواب الصراع وأبواب الألم.
ثانياً: في هذا السياق أهمية الحفاظ على الحكومة الحالية، للاستقرار الأمني والسياسي، لكن هذا لا يجوز أن يكون حجة لدى أطراف أو مكوّنات الحكومة لعدم الانتاجية وعدم الفاعلية "انه والله نحن عذرنا وحجتنا أنه يا أخي هذه الحكومة محافظة على الاستقرار في البلد، محافظة على الأمن في البلد، يكثّر خيرها، خلص سقط التكليف" ليس صحيحاً طبعاً. هذا أمر هو مدعاة للحرص ولكن هذا لا يُسقط التكليف لا عن حكومة ولا عن مكوّنات الحكومة، عندما تكون حكومة تتحمل مسؤولية البلد أمنياً، سياسياً، إنمائياً، مالياً، اقتصادياً، اجتماعياً، إدارياً، فيجب أن تتحمل كامل المسؤولية، يجب أن تكون منتجة، يجب أن تكون فاعلة.
طبعاً العديد من مكوّنات الحكومة، ومنها نحن، أحياناً يكون هناك شكوى من الفعالية، أحياناً شكوى من الانتاجية، أحياناً تشعر أنك تود أن تذهب الحكومة في هذا الاتجاه، "لا أعرف من" يدفعها في اتجاهات أخرى. هناك ـ واقعاً ـ من يريد أن يعطّل هذه الحكومة، من يريد أن لا تكون هذه الحكومة منتجة وفعالة، من يريد إسقاط هذه الحكومة لو استطاع أن يسقطها. وتعرفون منذ اليوم الأول هذه الحكومة لم تعطَ أي فرصة حتى لأسابيع أو شهور، أُعلنت الحرب عليها وتم تحريض المجتمع الدولي عليها لمقاطعتها وهذا لم يعطِ نتيجةً لأن المجتمع الدولي كله يتعاطى ببراغماتية وواقعية وليس بتمنيات. هذا بحث آخر.
اليوم أنا ايضا أريد أن أجدد الدعوة والحرص والتأكيد على وجوب ان تبادر هذه الحكومة إلى عقد اجتماعات جديدة كمكوّن من مكونات هذه الحكومة "هلأ طبعا جماعة الرابع عشر من آذار كل شوي يخرق ويقول لك المرشد وما المرشد هذا حكي فاضي".
إن قصة (القول) من اول يوم شكلت الحكومة انها حكومة حزب الله، هم يعرفون أنها ليست حكومة حزب الله، وإنما سموها بذلك فقط ليحرّضوا عليها الأمريكيين والغربيين والإسرائيليين ومن أجل أن تقاطع على المستوى الدولي والعرب. فقط من أجل ذلك وهم يعرفون أنها من مكوّنات عديدة وأحياناً قد لا تكون منسجمة، تلتقي على أمور وتختلف على أمور، بل أستطيع أن أسمح اليوم لنفسي وأقول إننا في هذه الحكومة أكثر المكوّنات تواضعاً في التأثير أو في الإستفادة من خلال هذا الحضور في حكومة سموها منذ اليوم الأول حكومة حزب الله، ويوماً بعد يوم يثبت أن الأمور ليست كذلك.
نعم، نحن نبذل كل جهد ـ سأكون صريحاً معكم ـ نبذل كل جهد، نقدّم تنازلات، نؤجل ملفات ينبغي أن لا تؤجل لمصلحة بقاء الحكومة، استمرار الحكومة، تعاون أطراف الحكومة، أن تنجز هذه الحكومة شيئاً للبنان وللشعب اللبناني، ولكن هذا الجهد يتواصل وهذه الحكومة يجب أن تتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد.
ثالثاً: يجب أن أذكر وغيرنا أيضاً يذكر ـ عندما تعود الحكومة للإنتاج ـ ملف النفط والغاز لأنه في النهاية هذا البلد إذا بقي يعيش على الديون والفقر والشحادة والتعتير وعلى الضرائب والv a t وعلى الخ. لا أفق لا أفق. الدين سيزداد والعجز سيزداد وعدم قدرة الدولة على تلبية المتطلبات الاجتماعية والمعيشية والإنمائية، هذا العجز سيزداد أيضاً هناك باب، هناك نعمة الله سبحانه وتعالى أعطانا إياها وأودعها بالحد الأدنى في بحرنا في مياهنا. انظروا إلى ناتنياهو، يعمل في الليل والنهار، للأسف الشديد نأخذ العبرة من عدونا، الجماعة شغالين والنفط ليس نفطهم والغاز ليس غازهم، هذا نفط الفلسطينيين هذا غاز الفلسطينيين ما يجري في المياه الإقليمية الفلسطينية أو في الحدود الاقتصادية لفلسطين المحتلة هي عملية نهب واغتصاب تقوم به حكومة اسرائيل المحتلة لأرض فلسطين، لأموال وخيرات الشعب الفلسطيني وهي تنهب بجدية، والرجل يذهب إلى قبرص ويبرم معاهدات أمنية وينشئ خططاً أمنية لحماية المنشآت النفطية. وهذا الأمر يتعاطى الإسرائيلي معه على درجة عالية من الجدية. في الوقت الذي يناقش فيه بعض الناس في لبنان سلاح المقاومة يضع الإسرائيلي الخطط ويفرز الموازنات حول كيفية حماية منشآته النفطية من سلاح المقاومة، طيب نحن في لبنان ماذا نفعل؟
"بألف يا ويلاه" حتى صدر قانون النفط و"بألف يا ويلاه" حتى صدرت المراسيم و"بألف يا ويلاه" حتى تشكل اللجنة المعنية، حسناً إلى اين؟
هذا الأمر يجب أن يحمّلنا مسؤولية كبيرة، لأنه باب. غداً سيأتي بحث الموازنة ومناقشة الأوضاع الاجتماعية والمعيشية من جديد وهذا الملف مفتوح بشكل دائم كيف سيعالج؟
بالمساعدات الخارجية؟ التجربة تقول "ما حدا يساعد أحد لعيونه لسواد عيونه او اذا عيونك خضر للعيون الخضر". أبداً. هذه مصر، الآن يقال إن الخزينة المصرية (فارغة). يقال إن الجماعة "يكاد أن لا يكون لديهم رواتب للموظفين والعسكر لشهرين أو ثلاثة". الولايات المتحدة الأمريكية تضغط عليهم اوروبا تضغط عليهم .... أوروبا تضغط عليهم بالفلوس، يعني يمسكون المصري من معدته، إياك أن تفكر بشرفك وكرامتك وعزّتك وفلسطين وغزة وشعب غزة. ولماذا ما زالت غزة محاصرة لغاية الآن؟ ولماذا الحدود مقفلة؟ الا استثناءً جرحى ومرضى وطلاب... لماذا في الأيام الماضية عندما انقطع التيار الكهربائي تقول الحكومة في غزة إنها أمّنت جزءاً من الوقود للمحطة الكهربائية عبر الأنفاق!
حسناً، هذه مصر التي قامت بثورة عظيمة، فالاميركي أين يمسك بالعالم ؟ العالم الغربي أين يمسك بالعالم ؟ بجوعها، بأموالها، بديونها، بعجزها.
أنتم تتصورون عندما تأتي أميركا وأوروبا وتقدم مساعدات للبنان من أجل سواد عيون اللبنانيين؟ "هم عاشقين اللبنانيين". لا، بل لأنه مطلوب من لبنان دور سياسي معين، موقع سياسي معين ضمن مشاريعهم.
أما لبنان السيادة الحقيقية، الاستقلال الحقيقي، الحرية الحقيقية، القرار الحقيقي المستقل، لا يمكن أن يمتلكه لبنان ومعدته وزلعومه وشرايينه مربوطة بالمساعدات الخارجية، هذا شرط الاستقلال، شرط السيادة، وشرط الحرية، شرط القرار المستقل، شرط قيام الدولة، طيب هذا نحن قادرون على فعله، لماذا لا يعمل به ألف علامة استفهام؟؟؟؟...
رابعاً: أيضاً سنبقى نحذّر ضمن الأجواء والمناخات الموجودة بالمنطقة حول الشائعات والتشويهات، خصوصاً فيما يعني المقاومة، بالأخص فيما يعني حزب الله.
هذا التشويه للمقاومة ولحزب المقاومة، يجب أن ننتبه، يعني آخرها من يومين: أن وزير داخلية نظام حسني مبارك ـ خلف القضبان ـ الذي يحاكم بتهمة إطلاق النار على المتظاهرين"، تصوّروا هذه التظاهرات التي صارت في القاهرة وأُطلق عليها النار وبالاسكندرية وبالسويس، بأماكن مختلفة من مصر، ما الذي صدر عن وزير الداخلية؟ إنه لم يعطِ قراراً، وأصلاً الشرطة لم تطلق النار على المتظاهرين. من الذي أطلق النار على المتظاهرين؟ عناصر حزب الله وحماس"جيد أننا ليس لوحدنا بل أشركوا حماس"، أنه عناصر من حزب الله وعناصر من حماس اندست بين المتظاهرين وأطلقت النار على المتظاهرين. يعني لم ننتهِ بعد من خلية حزب الله "التي كان هدفها إسقاط النظام وتغيير بنية الحكم ونشر التشيع في مصر"؟ الآن تبيّن معهم أننا قتلنا متظاهرين في مصر وليس لدينا علم، طيب هذا وزير يعتبر نفسه وزيراً محترماً وهو وزير داخلية أكبر دولة عربية، وفجأة يقف أمام كل القضبان وأمام محكمة وأمام كل الناس ويقول هذا الكلام.
وأعتقد في لبنان أن بعض الناس لولا اعتبارهم أن بعض الناس ستضحك عليهم من قبل الآخرين كانوا تبنوا ايضا هذه النظرية وسوّقوا لها في البلد.
أيضاً فجأة تقول إسرائيل إن حزب الله يعمل قواعد باميركا اللاتينية ـ والحمد لله ما عدنا سمعنا بهكذا خبرية من كذا سنة لانه لا يوجد شيء ـ الآن يعمل قواعد بـ "غرب أفريقيا"، وكذلك (ما حصل) في الهند وجورجيا وتايلند وباذربيجان. والله "يا ليت نحن هكذا"، هذا اتهام لا يزعل ولكن هو ليس حقيقة وغير صحيح، ونتمنى لو كنا هكذا وعندنا امتداد، ويا ليت عنا هذا الحضور، وهذا سيدعنا نشعر بالقوة وبالفعالية، وباننا نحن قادرون أن نشكّل نوعاً من أنواع الردع، وليس فقط في لبنان وانما على امتداد العالم .
في كل الأحوال، هذا سنظل نسمعه وسمعناه بالماضي وسنبقى نسمعه، وغداً لا تستغربوا إذا حصل أي أحداث بأي بلد عربي أو أي مكان في العالم أن يُتهم حزب الله بأن له علاقة وهو يقاتل ويقتل. يعني الحمد لله لغاية الآن منظمة "بوكو حرام" في نيجيريا لم يتهمونا فيه بعد.
على كل نحن افترضنا هذا منذ الأيام الاولى ولذلك يجب أن لا نتأثر بكل ما يقال على هذا الصعيد. نحن نحترم كل هذه الشعوب، لا نتدخل بشؤون الاخرين، نعم نأخذ مواقف سياسية، خصوصاً اذا كان لها علاقة بالقضية المركزية.
الشيء الأخير الذي أود أن أقف عنده هو العودة إلى الدعوة العامة في عالمنا العربي وفي عالمنا الاسلامي، نجدد الدعوة إلى حل المعضلات والمشكلات بطريقة الحلول السياسية والحوار السياسي.
الغريب أن كل التنظير الذي كان العرب ينظّرونه علينا بلبنان عندما يختلف اللبنانيون بين بعضهم، يتقاتلوا ويتخاصموا الخ، كانت تأتي وفود عربية، هذا على مدى 30 سنة، وتعطينا دروساً ومحاضرات: يفترض أن تحل الأمور بالسياسة ويجب على الناس الجلوس على طاولة مستديرة ولازم الحوار وأن تقدم الناس تنازلات لبعضها البعض ويجب تدوير الزوايا ولازم .. ويستشهدون بالآيات القرآنية أيضاً والاحاديث النبوية وعِبر التاريخ وسنن التاريخ والمخاطر والتهديدات والخ...
لكن عندما تصل النوبة إليهم كيف يعالجون الامور؟ مفهوم كيف يعالجون الامور.
نحن تكلمنا مطولا عن سوريا ولا أريد الاعادة، هناك إصرار على عدم الحل السياسي في سوريا، يعني هم لا يريدون حلاً سياسياً ولذلك لا حل..
أنا أستغرب من أن مبادرة السلام العربية بعد العام 2000 كانت على الطاولة، وفجأة قالوا إنها لن تبقى طويلاً على الطاولة، هذا كلام منذ عدة سنوات انها لن تبقى طويلاً على الطاولة ولكنهم تركوا باب الحوار مفتوحاً. ولكن مع سوريا لا، لا يوجد حل سياسي، فلنذهب إلى القتال، وإلى الدمار، طيب من يتحمل مسؤولية القتال والدمار؟ تعالوا نحدد المسؤوليات بشكل واضح. نعم هناك طرفان يتقاتلان، تعالوا لنرى من الذي يصرّ على القتال، ومن الذي يصر على رفض أي حل سياسي ومن الذي يصر على رفض أي حوار؟ من الذي يدفع ويحرّض باتجاه المزيد من القتال؟ طيب اسمعوا كلينتون (وزيرة الخارجية الاميركية) امس ماذا كانت تتحدث؟ اسمعوا الاسرائيلي ماذا كان يتحدث؟ واسمعوا الغرب أيضاً ماذا كان يتحدث؟
وطبعا هم يريدون قتالاً عربياً، لا أمريكا جاهزة لأن ترسل جنوداً إلى سوريا ولا حلف "الناتو" جاهز لأن يرسل جنوداً إلى سوريا، وجميعنا سمعنا ما قاله أمين عام حلف الاطلسي: "حتى لو كان هناك تفويض من مجلس الامن" وقالوا له حتى ولو من أجل ممرات انسانية قال لهم نعم ولو"، لا يريد أن يتدخل ولا يريد قتل جنود فرنسيين..
المطلوب العيون السود تذبح في سوريا أما عيون الخضر والزرق.. لا، هذا الشعب الاوروبي العظيم لا، إذن ينأى بنفسه. حتى الولايات المتحدة الاميركية ليست حاضرة. نعم يرسلون السلاح والمال ويحرّضون السوريين أن اقتلوا بعضكم بعضاً ويا عرب كم من المقاتلين لديكم بهذا البلد وذاك البلد ارسلوهم واؤلئك الذين كنتم ترسلونهم الى العراق حتى يدمر العراق ارسلوهم الان الى سوريا لكي تدمر سوريا. اليس هذا الذي يحصل.
بالمقابل أيضاً (يتم) إيصاد الأبواب في أي مكان. في البحرين باب الحل السياسي مقفل. أنا أتكلم عن حل سياسي، ولكن الشعب البحريني قد يكون يريد إسقاط النظام وسقفه أعلى من هذا، هذا شأنه، نحن لا نتدخل بأسقف الناس. لكن نحن نقول في أي مكان يجب أن نفتش على حل سياسي ويجب أن نرأب الصدع. ممنوع الحل السياسي في البحرين وأنا اقول لكم اليوم أكثر من هذا: حتى لو أرادت الحكومة في البحرين ان تسير في حل سياسي فممنوع عليها الحل السياسي، هناك منع إقليمي ومنع دولي أن تحقق حلاً سياسياً.
في السعودية نفسها، كيف يرد على الناس بـ "العوامية"؟ كيف يرد على الناس بالقطيف ؟ اذا تظاهر الناس في الشوارع. ويُحكى عن اساس اخلاقي. في القطيف وبالعوامية لا يطالبون باسقاط النظام ولا يطالبون بشيء، يتحدثون فقط عن القليل من الاصلاحات والحقوق والانماء في منطقة هي من أشد مناطق المملكة العربية السعودية فقراً في شعبها وسكانها، وغنىً فيما هو تحت الارض، النفط كله هناك.
كيف يُرد على هؤلاء الناس؟ يُرد بالرصاص وبالدبابات وبالدعوات الى الحسم العسكري، ويقول المفتي أمس ان هؤلاء الناس ضالون وفئة ضالة ومجرمون.. على مهلك قليلا على الناس.
حسناً، في بلد من البلدان مطلوب الاصلاح، مطلوب أن يتنحى الرئيس، مطلوب الخضوع للارادة الشعبية، وفي بلد آخر اذا صرخ شخص ليقول أنا جوعان وأن تعترفوا بي، انا مواطن من الدرجة الثانية، ليس من الدرجة الاولى، مباشرة يواجه بالقول أنت ضال وأنت مجرم ويرسل اليه الدبابات.
"تفضلوا نحكي، ممنوع نحكي". تفضلوا لنتحاور، ممنوع الحوار. أصغوا لنا، ممنوع الإصغاء. اليس هذا هو واقع الحال اليوم؟
نحن هنا نريد أن نؤكد هذا العنوان العريض، نحن نقول في الختام: نعم، المشروع الأميركي – الإسرائيلي وتخريب المنطقة ونشر الفوضى في المنطقة، تدمير المنطقة، إيجاد صراع طائفي ومذهبي وقومي وعرقي وقبلي وجهوي ومناطقي في كل دول هذه المنطقة، (سببه) أنهم يئسوا من الناس.
أنا واحد من الناس لست خائفاً من أن الأميركيين سوف يرجعون ويحسّنون صورتهم ويرمّمون مشهدهم في المنطقة ، أبداً.
شعوب منطقتنا ـ حتى لو اختلفت على ملفات معينة، ها نحن نختلف على سوريا، نختلف على البحرين، نختلف على العراق، يمكن أن نختلف على إيران، طبعاً نتفق على موضوع إسرائيل وفلسطين ـ مهما اختلفنا هناك حقيقة اليوم، على امتداد العالم العربي والإسلامي اسمها: الوعي والشعور الكبير تجاه المشاريع الأميركية والمشاريع الإسرائيلية. أمريكا لا تستطيع أن تعود وتدخل إلى قلوب الناس وعقول الناس، حتى لو حاول بعض الحكام العرب وبعض الفضائيات العربية أن تفعل ذلك.
طالما أن أمريكا والغرب يتبنى اسرائيل التي تدنس في كل يوم المسجد الأقصى والكنائس والمساجد في القدس وفلسطين وتقتل وتقتطع الأراضي وتفعل ما تفعل، لن تكون أمريكا مقبولة ولا إسرائيل مقبولة، ولأنهما لن تكونا مقبولتان تريدان أخذ المنطقة بهذا الاتجاه.
هنا تأتي المسؤولية الكبيرة، وهنا تأتي الحاجة الملحة في كل يوم وفي كل ساعة وفي كل ذكرى إلى فكر السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد، إلى وعي السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد، إلى إرادتهم وتصميمهم وعزمهم، إلى الأولويات، إلى فقه الأولويات، إلى الإخلاص لهذه الأولويات حتى نتمكن من أن نعبر ببلدنا وبمنطقتنا أيضاً هذه المرحلة التي هي لن تكون أشد من المراحل السابقة.
العقد الماضي من 2000 حتى 2010 كان عقداً خطيراً جداً على هذه المنطقة، كان المطلوب هيمنة أميركية مطلقة، كان المطلوب تسوية لفلسطين وتصفية للقضية الفلسطينية بشروط إسرائيلية، كان المطلوب "شرق أوسط جديد".
هناك أناس انهارت واستسلمت ويئست، ووجدت أن الأبواب كلها مسدودة أمامها، ولكن المؤمنين الواثقين العازمين المجاهدين المضحين الثابتين في أكثر من بلد وفي أكثر من منطقة استطاعوا أن يدفعوا هذه العاصفة الخطيرة والعاصفة الآتية أيضاً بالوعي، بالإيمان، بالتصميم، بالصبر، بالوحدة، بالثقة، بالتوكل على الله، بالحضور، بالإخلاص، بالاستعداد للتضحية، نحن قادرون على مواجهتها وعلى صدّها وعلى دفعها لنحقق آمال الشهداء في الحرية والتحرير والسيادة والعزة والكرامة والأمن والاستقرار والطمأنينة.