28-11-2024 02:58 PM بتوقيت القدس المحتلة

الوزير نعمان للموقع: اميركا تريد مناطق عازلة في سورية وستعمل على استنزاف النظام

الوزير نعمان للموقع: اميركا تريد مناطق عازلة في سورية وستعمل على استنزاف النظام

يلاحظ المراقب ان التعاطي مع الازمة السورية تحت العنوان الانساني البراق يشكل نمطا متبعا من قبل الولايات المتحدة، التي ينتابها في هذه الايام الحرص على حماية المدنيين

يلاحظ المراقب ان التعاطي مع الأزمة السورية تحت العنوان الانساني البراق يشكل نمطا متبعا من قبل الولايات المتحدة، التي ينتابها في هذه الايام الحرص على حماية المدنيين بحيث اصبحت واشنطن الام الحنون للمواطنين المسالمين، لتتظهر لاحقا الاهداف الحقيقية من وراء ادعاء الحرص الكاذب، فيما دم اهل فلسطين والعراق ولبنان وافغانستان لم يجف بعد وهو الذي سال بيد اميركية او بسلاح اميركي.. ويصبح بذلك التحجج بحماية المدنيين أمرا مضحكاً..

امس دعا السيناتور الأميركي جون ماكين الولايات المتحدة لقيادة جهود دولية "لحماية المدنيين" في سوريةعن طريق شن ضربات جوية على القوات السورية .. واليوم  حثت السفيرة الاميركية في بيروت  مورا كونيللي –الحريصة على الانسانية- الحكومة اللبنانية على تقديم "الاحتياجات الإنسانية والأمان" لجميع السوريين الذين فروا إلى لبنان.. بما في ذلك المنشقين والمعارضين المنتمين الى ما يسمى الجيش السوري الحر!.

حول هذه المواقف والتعاطي الاميركي  وتطورات الاوضاع في سورية بشكل عام تحدثنا مع الوزير السابق عصام نعمان وكان الحوار التالي:

  • ما رأيكم بالتركيز الاميركي الاعلامي والسياسي على "الحرص" على حماية المدنيين او إيصال مساعدات انسانية في الموضوع السوري وما الهدف الحقيقي؟

 
من المعروف ان الولايات المتحدة تدعم المعارضة السورية المسلحة، وقد لاحظَت في الفترة الاخيرة ان عناصر من "القاعدة" قد تسللت اليها وقامت بعمليات تفجير ضخمة في كفرسوسة في ضواحي دمشق كما في حلب، وبالتالي تحفظت قليلا لجهة دعم ما يسمى الجيش السوري الحر بشكل مباشر مخافة ان تصل الاسلحة الى يد القاعدة وهو تنظيم تعتبره معاديا لها، لذلك عدّلت سياستها في هذا المجال واخذت تدعو الى حماية المدنيين السوريين بصورة عامة واقامة ممرات انسانية لتمكين المنظمات الدولية وغير الحكومية من ايصال مواد الاغاثة والمواد الطبية للمدنيين.. لكن هذه الدعوة تستبطن في الواقع محاولة اقامة مناطق عازلة في شمال ادلب على الحدود السورية التركية وربما على الحدود بين لبنان وسوريا، كل ذلك بقصد تحقيق امرين:
الاول: اشعار المعارضة المسلحة انها لا تزال تستحوذ على تأييد دولي وتأييد اميركي بشكل خاص
الثاني: امكانية اقامة مناطق عازلة تحت ادارة ما يسمى الجيش الحر لتكون نقطة اجتذاب للعناصر التي تنشق عن الجيش النظامي، وبالتالي نقطة انطلاق للقيام بعمليات مسلحة.. لكن نجاح الجيش السوري باقتلاع البؤرة الاساسية للمعارضة المسلحة من "بابا عمرو" وايضا من منطقة الحدود اللبنانية السورية في "القصير" احبط الى حد بعيد هذا التوجه الاميركي، واذا تمكن الجيش من اقتلاع باقي البؤر على الحدود التركية فهذا يضع حدا نهائيا لهذا التوجه الاميركي المريب.

  • هناك في هذا الاطار موقفان اميركيان مستجدان في الموضوع السوري: دعوة السفيرة الاميركية في لبنان كونيللي لحماية السوريين الذين يتوجهون الى لبنان ومن ضمنهم افراد ما يسمى الجيش الحر ، ودعوة السناتور الاميركي ماكين الادارة الاميركية امس الى ضرب الجيش السوري بحجة ايجاد مناطق آمنة للمدنيين.. ما رأيكم بمثل هاتين الدعوتين؟

تأتي دعوة كونيللي الى احتضان ورعاية السوريين سواء مدنيين او مسلحين هاربين من المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري في حمص وضواحيها وعلى الحدود اللبنانية، تأتي في السياق نفسه وهو محاولة ايجاد ممرات انسانية، وقد تكون هي بدورها مساحات لإمكانية اقامة مناطق عازلة اذا امكن، كل ذلك بقصد دعم المعارضة المسلحة بصورة غير مباشرة في مرحلة اولى واذا تمكنت من اقامة مناطق ارتكاز في مرحلة ثانية تصبح هذه النقاط منطلقا لمناطق عازلة..
لذا اعتقد ان ما قالته كونيللي وما دعا اليه ماكين يصب في غاية واحدة هي دعم المعارضة المسلحة بشكل او اخر، كل ذلك لابقاء حال الاستنزاف لسورية؛ هم اخفقوا في قلب نظام الحكم بالمظاهرات والقوات المسلحة ولم يبق لديهم الا اتباع الاسلوب الثالث املا في جعل سورية غير قادرة على الوفاء بموجباتها تجاه حلف الممانعة والمقاومة القائم بينها وبين ايران وبين المقاومة اللبنانية.

  • هل هناك امكانية عملية على الارض لإقامة مناطق عازلة؟


الامر الاساسي ان يتمكن الجيش النظامي السوري من السيطرة على جميع المناطق الحدودية بين سورية وكل من لبنان وتركيا والاردن.. عندما يكون الجيش مسيطرا على المناطق الحدودية يستحيل اقامة لا "ممرات انسانية" ولا مناطق عازلة..
من الناحية السياسية لا سبيل لإقامة ممرات انسانية ولا ايصال مواد غذائية وطبية الى المدنيين او غيرهم الا بموافقة الحكومة السورية، والحكومة تنظر في الموضوع ولا توافق الا على المساعدات الانسانية المحض والتي يمكن ايصالها بمراقبتها وبمعرفتها، ذلك انها محيطة بأجهزة الصليب الاحمر الدولي الموجودة في سورية واجهزة الهلال الاحمر السوري وهي منظمة وطنية سورية، بالتالي بإمكانها مراقبة كل انواع المساعدات التي يجري ايصالها الى هاتين المنظمتين ليصار الى توزيعها تحت رقابة السلطات السورية.

  • هل ترون امكانية لتحقيق آمال ماكين بضربات جوية؟


مسلحون في سوريةأستبعد موافقة الولايات على هذا الموضوع لأن هناك نوعين من الضربات العسكرية:
-ضربات تجري في اطار قرار لمجلس الامن الدولي وهذا مستبعد جدا بسبب الفيتو الروسي والصيني، وقد جربوا مرتين تمرير هذا النوع من القرار فتصدت روسيا والصين ومنعتا ذلك..
-الأمر الآخر ان تقوم اميركا وحلفاؤها في الحلف الاطلسي بضربات من دون قرار من مجلس الامن، وهذا مستبعد في الظروف الراهنة لأن الجامعة العربية المتحالفة في قراراتها مع الولايات وحتى مؤتمر اصدقاء سورية في تونس لم يوافق على اي تدخل خارجي في سورية، وبالتالي يصعب على الولايات المتحدة ان تقوم بضربة عسكرية من دون موافقة الجامعة العربية ومن دون موافقة مجلس الامن. مع الاشارة الى ان كلينتون وغيرها من المسؤولين الاميركين لمحوا الى ان سوريةغير ليبيا وان لديها سلاحا جويا قويا ويمكن ان يلحق بها خسائر كبيرة.

  • في ظل ما تفضلتم به كيف تتوقعون مسار الامور في المستقبل سواء كان الواقع الميداني، او  التعاطي الدولي والعربي تجاه الموضوع السوري؟

اعتقد ان الولايات المتحدة وتركيا ستثابران على دعم المعارضة المسلحة سواء تمثلت بالجيش السوري الحر او مجموعات مسلحة في الداخل السوري طالما بعض دول الجامعة العربية وخاصة الخليجية تدعو للقيام بهذا الامر، والبعض مثل قطر يدعو الى اكثر من ذلك وانشاء قوة عربية دولية للتدخل في سورية..
لصعوبة التدخل بصورة مباشرة -كما ذكرنا- ستكتفي اميركا وتركيا بتسهيل إيصال أسلحة الى المعارضة المسلحة، لكن في الوقت نفسه وخاصة بعد قيام كوفي انان بمهمته في سورية التي يصلها السبت، اميركا ستفسح في المجال أمام البحث عن حلول وتسويات سياسية دون ان يعني ذلك بالضرورة الوصول الى هذه التسويات بسرعة، ذلك ان سياسة الولايات المتحدة كما ذكرت هي: اذا تعذر اسقاط النظام بالقوة او المظاهرات فليستمر خط استنزاف سورية كيما تصبح عاجزة عن الوفاء بموجباتها تجاه حليفيها في حلف الممانعة والمقاومة وهما ايران والمقاومة اللبنانية..