«المنطقة الدماغية التي تسبّب القلق هي نفسها التي تتغلب عليه».. تنبع أهميّة هذا الاكتشاف، الذي توصّل إليه فريق من الباحثين في جامعة «ستاتفورد»، من حقيقة راهنة مفادها أن أكثر من ربع سكان العالم يعانون م
«المنطقة الدماغية التي تسبّب القلق هي نفسها التي تتغلب عليه».. تنبع أهميّة هذا الاكتشاف، الذي توصّل إليه فريق من الباحثين في جامعة «ستاتفورد»، من حقيقة راهنة مفادها أن أكثر من ربع سكان العالم يعانون من الشعور بالقلق طوال حياتهم.
ولكن قبل التعمّق في تبيان أهمية اكتشاف مماثل، لا بدّ من توضيح الالتباس الشائع بين مفهومي التوتر والقلق. يمضي الباحث بيار - ماري ليدو من معهد «باستور» - وحدة الإدراك والذاكرة في تفنيد الفوارق بين هذين المفهومين، فيرى أن الشخص المتوتر هو من يخضع لتأثيرات بيئته العقليّة والخارجية على السواء، مضيفاً «يمكننا الحديث عن توتر «مائي» لدى فرد يشعر بالظمأ الشديد وذلك بسبب وجود كمية من الملح في الدم تفوق المعدل الطبيعي. ويكفي في هذه الحالة أن يشرب الشخص المذكور حاجته من الماء كي يزول التوتر».
أما القلق، بحسب ليدو، فيأتي في مرحلة لاحقة فـ»لو أن الشخص نفسه شعر بالظمأ وهو في الصحراء على بعد 60 كم من أقرب نقطة ماء، وأحس باستحالة أن يدركها، وبدأ حينها بتخيّل أمور يعرف أنها لن تتحقق، فهو يكون قد دخل في حالة القلق».
وبالعودة إلى أهميّة الاكتشاف المذكور، يشرح ليدو كيف أن إثبات وجود بيانات عصبيّة يتم إصدارها في المنطقة الدماغيّة نفسها، المعروفة بـ»منطقة اللوزة الدماغيّة»أو amygdale، تسبّب الشعور بالقلق، وعلى العكس، تخفّف منه، ما يساعد في فهم طبيعة ما يشعر به البعض من اضطرابات ثنائية تتعاقب فيها مشاعر النشوة والاكتئاب.
ويمضي ليدو بالقول إن هذا الاكتشاف «يفضي بنا إلى فهم السبب الذي يجعل بعض المرضى الذين نعالجهم بأدوية مضادة للاكتئاب لا يشعرون بأي تحسّن يذكر ويميلون أحياناً إلى الانتحار». وعما يمكن أن يقدّمه هذا الاكتشاف، الذي اختبر بداية على الفئران، للإنسان يجيب ليدو بالقول «يمكن أن نأمل أن يتوصل الباحثون إلى ابتكار دواء مضاد للقلق، وهذا بحد ذاته يعدّ خطوة كبيرة في هذا الصدد».