مقابلة مع اللواء يفغيني إيفانوفيتش كوبيشيف رئيس اللجنة التنفيذية المركزية للإتحاد الدولي للضباط السوفييت
احمد الحاج علي- موسكو
مقابلة مع اللواء يفغيني إيفانوفيتش كوبيشيف رئيس اللجنة التنفيذية المركزية للإتحاد الدولي للضباط السوفييت
1-جنرال يفغيني كوبيشيف، ما هي الأسباب التي دفعت روسيا الى محاولة إستعادة موقعها على المستوى الدولي بعد غياب طال سنوات؟
القيادة الروسية الحالية بدات تتفهم انه بعد ليبيا، سوريا و إيران، سيأتي الدور على روسيا، و مواردها الطبيعية، ما يحصل اليوم في العالم و إلى ما تهدف دول الناتو بقيادة الولايات المتحدة، هو التحكم بالموارد الطبيعية للعالم، وضع اليد على هذه الموارد كي يعيش مليار من سكان العالم خمس سكان العالم على أكتاف و رقبة المليارات الخمسة الباقية. لذلك هم يزحفون نحو روسيا و لكن هم بحاجة لتدمير أصدقاء روسيا أولا مثل سوريا و إيران و هذه الإستفزازات ضد سوريا المرتبطة بالتحريض ضد إيران، هدفها النهائي الوصول إلى التحكم و السيطرة على الموارد الطبيعية الروسية. و هذا يقلق الإدارة الحالية في روسيا، و يجبرها على تأييد تلك الدول التي كانت حليفة للإتحاد السوفياتي .
2-هل هذه العودة إلى الساحة الدولية تهدف الى إعادة التوازن إلى النظام العالمي مع الولايات المتحدة أم تنحصر بإستراتيجية تحقيق مصالح روسيا الخارجية؟
انتم تطرحون السؤال بالشكل الصحيح.. نعم، اليوم الولايات المتحدة الاميركية، بقيادتها لحلف الناتو تحاول تأسيس نظام أحادي الأقطاب في العالم ، و لكن هذا النظام لا يلائم العديد من الشعوب و العديد من الدول، بما فيها روسيا الصين و إيران، و ليس من سبيل المصادفة أن تلك الدول تنتهج سياسة منسقة واضحة المعالم في منظمة الأمم المتحدة، كي يتم تطبيق ميثاق الأمم المتحدة أولا، في الدرجة الأولى يجب أن لا يتدخل أحد في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، و شعب كل دولة لديه الحق في تقرير مصيره دون أي تدخل من الخارج. و هذه هي المهمة الرئيسية لروسيا في هذا الإطار... في وقتنا الحاضر.
هذا ينم عن إحترام حقوق الشعوب من ناحية، و من ناحية أخرى ينم أيضا عن إحترام روسيا لأصدقائها التاريخيين فمن العار التخلي و خيانة الأصدقاء مهما كانت الظروف.
3-إلى أي حد إستفادت روسيا من تراجع النفوذ الأميركي، و الإنهيار الإقتصادي للإضطلاع بهذا الدور؟
لقد تكلمنا حول هذا الموضوع سابقا، فالولايات المتحدة الاميركية هي الدولة الرأسمالية الأولى في العالم، و الرأسمالية بالمطلق يمكنها الإستمرار في الحياة عن طريق سرقة الشعوب و الدول الأضعف ، و في نهاية المطاف لا يتوانون عن الإعتداء العسكري المباشر، فلا يوجد من يعتاش على حساب الحروب أكثر من الدول الرأسمالية. نحن نذكر في بداية الحرب العالمية الثانية كيف كانت الولايات المتحدة تساعد ليس فقط الإتحاد السوفياتي بل دعمت ألمانيا الهتلرية بدايةً كما بريطانيا، و التاريخ يعيد نفسه فهم يعتقدون أن الرأسمالية لا يمكنها الإستمرار، إلا بالتحكم بمصادر الموارد الطبيعية، و أين هذه الموارد الطبيعية و مصادر الطاقة؟ هي في العالم العربي و الشرق الأوسط.. و ماذا يجب فعله من وجهة النظر الرأسمالية؟ يجب السيطرة على هذه الموارد و التحكم بها. بأية وسيلة وصولا للعدوان المسلح.
4- يعني جنرال هل أنتم تعتقدون أن روسيا تحسن الإستفادة من هذه الظروف و من الإخفاقات الاميركية لتحسين موقفها و مكانتها على الساحة الدولية و الإقليمية؟
كمواطن روسي و كضابط سوفياتي أتطلع لدور أكبر و أكثر فاعلية من قبل إدارة الفدرالية الروسية، في روسيا المعاصرة. نحن نرى ما حصل في العراق و ما يحصل في أفغانستان نرى كيف يستهزىء الجنود الأميركان بالمقدسات الإسلامية، و هذا يمكن أن يعيد ثقة الشعوب بروسيا. نعم بعد الإخفاق الروسي في ليبيا، من الجيد أن روسيا تذكرت ما عليها فعله و هي الآن تدعم سوريا، و لكن لا أحبذ بعض المقولات كقول ناطقين بإسم الإدارة الروسية "هم لا ينصتون لنا، او لا يعيروننا إهتمامهم، لا يردون علينا، " فأنا اعتقد أن الرئيس الأسد يتصرف بموجب مصلحة الشعب السوري و على الإدارة الروسية دعمه على المستوى الدولي بكل الوسائل، كما هذا الدور يقع على عاتق جمهورية الصين الشعبية كذلك . فالعالم يشهد ولادة قطب جديد الصين روسيا و إيران، و الداعمة التي يؤمنها هذا المحور أو القطب العالمي الجديد سيساعد في دعم الشعب السوري.
5- اين موقع الصين ؟ لقد ذكرتم الدور الصيني فأين موقع الصين في هذا التشكيل الدولي الجديد؟ بعد الملاحظة على الثنائية التي ذكرتموها روسيا و الصين و اضفتم إيران إلى هذا المحور أو هذا القطب الجديد.
الصين تتطور بنجاح مميز، و إقتصادها يتنامى و بحسب توقعات المراقبين و الخبراء، الصين بعد خمس أو سبع سنوات، سوف تتبوأ المركز القيادي في الإقتصاد العالمي، و هذا تراه الولايات المتحدة، و هم بالمطلق لا يريدون رؤية منافس من هذا النوع ... لذلك هم يسعون الآن لحرمان الصين من الموارد الطبيعية و في أولوياتها مصادر الطاقة و النفط من الشرق الأوسط و الخليج، فهم يخططون أنه بعد خنق سوريا، يفترضون تدمير البنية التحتية الإيرانية لصناعات الطاقة و النفط و الغاز، بذلك يتوقف توريد النفط و الغاز للصين، ما سيؤدي لتدهور الصين إقتصاديا. و لكن الصداقة التاريخية بين الشعبين الروسي و الصيني، تعطينا الحجة لإفتراض أن ذلك الحلف لن تبقى مفاعيله مقتصرة على إجتماعات مجلس الأمن بل سيتطور للأمور التطبيقية العملية بما فيها المساعدة التقنية العسكرية لسوريا شعبا و قيادة في مواجهة العدوان الخارجي.
6- إذاً الثبات الروسي تجاه الدفاع عن سوريا و القيادة في سوريا مرده إلى حلف إستراتيجي مع النظام أم له علاقة بموضوع الغاز و موارد الطاقة؟ أم هل له علاقة بالقواعد العسكرية البحرية في طرطوس مثلا؟
بالطبع نعم نحن ندرك ما يعني الإنقضاض المسلح على سوريا الذي يخطط من ورائه لكارثة في إيران، ما سيتدحرج إلى منطقة القوقاز الروسي و أذربيجان ، جورجيا و أرمينيا، و جمهوريات آسيا الوسطى، و هناك تفضلوا نحن أمام حدود الصين!!
7- إذاً ما يمكن أن تقوم به روسيا و الصين لتفادي هكذا سيناريو؟
على روسيا و الصين ان تكونا أكثر حزما في التعاطي مع هذه الملفات، أنا بالطبع أتابع تصريحات الخارجية الروسية القوية، التي تضع النقاط على الحروف بشكل ثابت و الصين قد دابت على هذا النحو أيضا، بل كانت أكثر حزما فنحن نفترض أن الصين عبرت عن جهوزيتها لتقديم المساعدة العسكرية إذا إستمر تفاقم العدوان على سوريا، و روسيا في الوقت الحالي تقدم المساعدة الفعلية أيضا. فروسيا تزود سوريا بأنواع السلاح، السلاح الذي لا يستعمل لتفريق التظاهرات كما يدعي المتآمرون، و ليس مخصصا للصراع الداخلي، بل لحماية الأجواء السورية، و لحماية الحدود السورية في مواجهة تهديدات الأعداء من الخارج.. و هذا بكل صراحة عمل ضروري..
مجرد القول عن إعتبارات مصالح إستراتيجية و علاقات إستراتيجية ، او الربط بملفات الغاز و النفط و الإستئثار بهذه الموارد و عدم إعطائها للولايات المتحدة الأميركية ، هي كلها عناصر نعم موجودة و مؤثرة أيضا، و لكن اليوم السؤال يطرح بالشكل التالي ، الإهتمام و الدفاع عن سوريا يعتبر دفاعا عن مستقبل روسيا!!
و لكن أريد ان أنبه الشعب السوري إلى أمر هام فلدينا مثل شعبي يقول: توكل على الله و لكن عليك الإتكال على نفسك أيضا، أي بما معناه أن تفعل كل ما بوسعك و لا تتهاون و تطمئن في الإتكال على الغير.. عليكم التكاتف حول قيادتكم، قد يكون هناك خلل من بعض المسؤولين يمكن تغييرهم قد يكون الخلل من دستور قديم و هو تغير، قد يكون الخلل في التمثيل الشعبي و الحزبي و قد أقرت الإنتخابات البرلمانية لمجلس الشعب، و لكن إياكم و التفريط بوطنكم فإذا فقدتم وطنكم تفقدون كل شيء و لن ينفعكم احد، و لن تجدون امامكم اية حكومة او سلطة بل ستجدون انفسكم أمام قبعات جنود البحرية الأميركية المارينز، و امام إستهزاء جنود الناتو بالشعب السوري...
8- هناك كلام غربي حول إحتمال تغيير الموقف الروسي بخصوص سوريا ، كيف تنظرون لهذا الرهان؟ والبعض يعتقد ان الوقوف إلى جانب سوريا له إعتبارات و أهداف إنتخابية و بعد تمكن فلاديمير بوتين من الوصول إلى سدة الرئاسة، سيقوم بالمساومة على سوريا على مائدة التفاوض مع الغرب.. ما هي واقعية هذه الفرضيات؟؟
لقد رأيتم كيف تمت الإنتخابات في روسيا و كيف طالبت جماهيرنا بإنتخابات نزيهة و شفافة، و نحن في المعارضة اليسارية كما طرحنا شعار عدم حصر السلطة بشخص الرئيس، أردنا أن تكون الإنتخابات نزيهة و أن تشرك غالبية الشعب في الحياة السياسية للبلد، و أعتقد انه من احد اهم مطالباتنا بغض النظر عن إعتبارات سياسية كشعب روسي بمعظمه، و ما يعيش في روح الشعب الروسي، هو مساعدة تلك الشعوب التي عشنا و إياها على مدى أعوام طويلة ، ايام الإتحاد السوفياتي و الحضارة التي بناها الإتحاد السوفياتي، و مهما كانت السلطة في الكريملين لا يمكنها تجاهل هذا التوجه لدى الشعب الروسي، و إذا وقفت السلطة في وجه هذه الرغبة الصادقة للشعب الروسي في الدفاع عن أصدقائه التاريخيين، فأيا كانت الحكومة او الإدارة ستجد نفسها خاسرة قلوب مؤيديها من أبناء الشعب الروسي، لذلك هذا الشعور بأن الشعب يراقب تعاطي الإدارة مع هذه الملفات، يعطي الأمل في حث السلطة على إنتهاج السياسية الصحيحة لا سيما بعد خيانة يوغوسلافيا و التخلي عن ليبيا، هذا ما حث القيادة الروسية لفتح المجال للوزير لافروف من إتخاذ الموقف الصلب و الصائب حيال السياسةالخارجية و كلي أمل أن تستمر القياد الرسية على ثبات موقفها..
من جهتنا كضباط من خريجي المدرسة السوفياتية و قوى وطنية روسية سنقوم بكل ما بوسعنا كي لا يضعف الدعم الروسي لسوريا، في مواجهتها للناتو و الولايات المتحدة الأميركية، بل ليتعاظم هذا الدعم فنحن لم نتعود مبادلة الصداقة بالدولارات، و سنحث القيادة الروسية على هذا الموقف...
9- كيف تنظرون لمحور المقاومة و الممانعة بشكل كامل من إيران سوريا العراق و المقاومة في لبنان فلسطين ؟ و ما هو برأيكم الموقف الذي يجب أن تقفه الإدارة الروسية في هذا الخصوص؟
ليس سرا ان المعقل الأساس للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط هو الكيان الصهيوني إسرائيل، و القوة الحديدية العسكرية لهذا الكيان، فالولايات المتحدة بعيدة خلف المحيط ، و إسرائيل قريبة و بالتحديد ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية بأيادي ربيبتها إسرائيل، لتنفيذ المخططات الأميركية الصهيونية من أجل مصالح الغرب،
نحن نرى اهمية القوى المقاومة و الممانعة الرافضة للتدخل في شؤون الداخلية للشعوب و الدول و هنا يظهر دور المقاومة و المقاومة في فلسطين و الدور الإيراني، و القوى الأخرى المقاومة و الممانعة، و من المؤسف موقف بعض الدول العربية التي لا تتضامن من أجل نصرة القضايا العادلة و المحقة من لبنان إلى فلسطين و سوريا... فمن الخطأ بمكان الإكتفاء بالدعم الصيني و الروسي و التأييد الروسي و الصيني و من الأهمية البالغة توعية هذه الشعوب و الدول العربية للتضامن في مواجهة هذه الهجمة و هذه المؤامرة، و على هذه الدول العربية النظر مليا لما حصل في ليبيا و ما يحصل في سوريا لانهم ليسوا بمأمن عن هذه الأحداث و لن يكونوا بمأمن عن تداعيات هذه الأحداث. فنحن نرى أن الأمور لم تنتهي في ليبيا بل تزداد تعقيدا و تنحى منحى الحرب الأهلية بسبب ما حصل من تدخل الناتو و حلفائه...
10- ما قولكم بمماشاة القذافي للرغبات الغربية و رضوخه أمام طلباتهم و دعمه لتقسيم السودان و إنفصال جنوبه منذ سنوات؟
احمد تعلم أنه بعض الناس يصابون بالهزيمة من جراء أفعالهم و ظنهم بانهم يقومون بالعمل الصائب، فذنبه أنه صدق الأميركان قالوا له الأميركان انه سيحصل كيت و كيت فقال لهم نعم أنا ملتزم و لن أعارض .. قال له ساركوزي هذا و ذاك فقال : نعم بأمركم. ما هو المطلوب أن نعترف بأننا فجرنا طائرتهم؟ فلنعترف بهذا للقرد، هم يقولون انه يجب أن لا تمتلك ليبيا أسلحة نووية؟ نعم فلن نمتلكها، و في المقابل سنحصل على علاقات صداقة مع الغرب، و لكن هؤلاء الرأسماليون الغربيون قعرهم مملوء بالكذب و الخداع، فالبرجوازية المتعفنة تبيع أمهاتها من أجل الدولارات..
أعطهم قطعة و سيطالبون بكامل قالب الحلوى؟؟
نعم نعمم أعطهم ليعضوا إصبع يدك فيقضموها من المرفق لحد الكتف!!
لذلك إستراتيجية الأسد كانت مختلفة في ممانعته و عدم تماشيه مع الرغبات الغربية و دعمه للمقاومة..
صحيح فالاسد تعلم كيف يدير اللعبة مع هؤلاء الناس، و اتخذ موقفا صارما و حازما لمصلحة شعبه، و بنى جيشا قويا، و تسلح كما يجب بما اتاحت له الإمكانيات، فالكل يعلم أنه إذا هوجمت سوريا بإمكانها التصدي لنصف جيوش العالم، لذلك هم يحاولون تفتيت هذا البلد من الداخل. و كي لا تنجح مؤامراتهم على الشعب أن يكون علي الوعي و الحذر للمخطط الشيطاني. فلا يمكن التغلب على شعب يدرك غالبية عماله و فلاحيه انهم يدافعون عن قيادتهم الشعبية. نعم لفترة معينة ممكن التهجم على هذه الدولة و لكن الناس سيستفيقون لا محالة و يعون ما يحصل و يدركون ما أضاعوه، و سيتصرفون مع العملاء و الخونة بما يليق بخيانتهم و ما لا يتصوره هؤلاء من ضعاف الأنفس.
أنا أنظر للشعب السوري كيف يخرج للتظاهر دعما لرئيسه و هذا يعني أن الغالبية تعي ما يحصل و تتحلى بالوعي الكافي، و لا تريد أن تخسر .
دور المقاومة عظيم نحن قاومنا و نعرف معنى المقاومة، في أي بلد كان 470 الكسندر ماتروسوف ( إستشهاديين) اين نجد 595 طيار الذين قاموا بعمليات جوية إستشهادية، 506 طيارين توجهوا بطائراتهم نحو أهداف العدو و قتلوا مع طواقمهم ( إستشهدوا مع الطواقم) 1216 من الضباط و الجنود، رموا بانفسهم ملغمين أنفسهم بالدبابات الفاشية، و نحن نرى أن الشعب السوري سيواجه بنفس الطريقة أي عدوان على أراضيه و على سيادته و استقلاله.
