زيارة الرئيس الأسد لحي بابا عمرو تعبر عن نجاح سورية في استيعاب المؤامرة التي استهدفتها.. وسقوط هذه القاعدة وقيام راس الدولة بالوقوف على دمارها يعني وقوف القائد على قبر مؤامرة استهدفت بلاده...
خاضت القيادة السورية المعارك بكل أشكالها ومستوياتها بدءا من الدبلوماسية مرورا بالامني العسكري وصولا الى السياسي متسلحة بمعرفتها الاحترافية المتقنة لفن قيادة المعارك الاستراتيجية في كل الابعاد والمواقع. وحقق الجيش السوري انتصارا قويا على مجموعة الدول المتآمرة على كثرتها ممثلة بالمجموعات المسلحة في أكثر من مدينة ومحافظة وخاصة في حمص وحيها الذي أصبح شهيرا لدرجة ربط اسمه بسقوط النظام أي حي (بابا عمرو).
من حي بابا عمرو التي تحول الى القاعدة العسكرية المركزية لادارة المؤامرة والتوسع من حمص للسيطرة على كامل البلاد. جاء الاعلان الرسمي للانتصار العسكري ليس فقط على مسلحي بابا عمرو بل على كل الدول المتآمرة وكل زمر المسلحين في أقطار البلاد. واعلن الانطلاق الفعلي والميداني لقطار حل الأزمة كما تشتهي سورية. هذا ما يؤكده الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد المتقاعد أمين حطيط لموقع المنار.
واعتبر العميد حطيط ان قيام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة حي بابا عمرو مركز الاشتباكات التي حصلت بين الجيش السوري والمسلحين واستغرقت عشرين يوما انتهت بسيطرة القوات السورية عليه تماما "تعبر عن نجاح سورية في استيعاب المؤامرة التي استهدفتها"، مؤكداً ان "سقوط هذه القاعدة وقيام راس الدولة بالوقوف على دمارها يعني وقوف القائد على قبر مؤامرة استهدفت بلاده"، لافتاً إلى ان الزيارة تأتي تأكيداً "ان المؤامرة سقطت وسورية انتصرت والمخاطر انحسرت... هذا اعلان انتصار عسكري".
العميد حطيط يرى في حديثه لموقع المنار أن "للزيارة دلالة عسكرية أمنية "حيث أن الرئيس الذي سمح لنفسه ان ينتقل براً من دمشق إلى حمص اي مسافة 200 كلم تقريبا.. هذا يعني أنه رئيس آمن في بلده خلافاً لما كان يروج من افتراءات". وتؤكد "ان الدولة تستطيع ان تؤمن الأمن وتسقط منطق المناطق المغلقة".
ومن حيث المضمون المستقبلي - السياسي الاقتصادي العمراني – يشير الخبير الاستراتيجي إلى ان الرئيس الأسد أراد ان يتخذ من المنطقة التي ارادوها مدخلا لتدمير سورية مدخلا لاطلاق ورشة اعادة الاعمار والبناء وفق خطة زمنية محددة"، معتبراً أن لكلام الرئيس الأسد عن اعادة الإعمار دلالة هامة "حيث ان الانسان لا يفكر في البناء الا عندما يتجاوز الاخطار وهذه رسالة ضمنية". أما سياسياً داخليا فقد اعتبر العميد حطيط ان الاحتكام الى الرقابة الشعبية (ونتوقف عند كلمة مهمة جداً "اعطوا الخطة الزمنية واتركوا الناس ترى") يعد تطوراً بالغ الاهمية في الدولة السورية بحيث يتحول الشعب الى مراقب للسلطة.
وحملت الزيارة رسالة للسوريين بثلاث عناوين، حسبما يرى الخبير الاستراتيجي، "الزيارة تجديد للعهد والوعد لمن احتضن النظام في حركته الاصلاحية".. "حيث قالت للمواطنين اللذين بقوا مع النظام "كنتم معي وانا معكم وبينكم ونحن معا نبقى وانا بينكم الآن".
وبالنسبة للمعارضة الوطنية الداخلية الغير مرتبطة بالخارج والتي لم تدعوا يوماً وترفض التدخل العسكري، فهي "دعوة لهم لكي يلتحقوا بالحوار وان الدولة دولة السوريين وليست دولة اي شخص آخر".
أما بالنسبة للمعارضة الملتحقة بالخارج، فحملت الزيارة "رسالة عميقة حيث قال لهم "احلامكم باتت في قبر بابا عمرو".. لن يتوقف عند آرائهم ولن يستجدي منهم موقفاً ولا حوار.. واقفلت الطريق امام المعارضة الغليونية الاسطنبولية الفنادقية لانهم يريدون ان يحاوروه كيف يسلم السلطة".
وللعرب بشكل عام وخاصة لـ"جامعة الإعرابية المتقطرنة المتسعودة" التي دعته للتنحي وهو قال الشعب يقرر وها انا ذا بين شعبي فلتكن قراراتكم في قبور صدوركم تنفجر غيظاً وحنقاً فالشعب السوري هو الذي يقرر حكامه. وهو في هذه الرسالة يتلاقى مع الموقف الروسي الذي قال ان الشعب هو الذي يقرر الحكام وان الدعوة لتنحي الاسد هي نوع من قصر النظر... وفق تعبير العميد حطيط في سرده لرسائل زيارة الرئيس الاسد لبابا عمرو. ويضيف "في الزيارة تسخيف لكل ما قامت به الجامعة العربية وتقوم به". ويعتبر الخبير الاستراتيجي ان "ما يصح على الجامعة العربية يصح على تركيا التي تشكل مثلث الشر والتآمر على العرب مع كل من السعودية وقطر"
ولفت الخبير حطيط ان "الزيارة وجهت الرسالة لقيادة المؤامرة الغربية (الادارة الاميركية واوروبا) ان سورية قوية بنظامها وانا الرئيس القوي بين شعبي والتسوية السلمية تكون بين أقوياء أو تتحول الى اذعان". وشكلت حسب رأي العميد حطيط "الانطلاق الفعلي والميداني لقطار حل الأزمة السورية كما تشتهي سورية". وأشار ان "تجاوز المرحلة العسكرية وبدء الحل السياسي بدء أمس". ويرى العميد حطيط أنه "بدأ تلمس الحل السياسي عندما تم تعيين المبعوث الدولي والعربي لسورية كوفي انان". "الحل السلمي تفرضه سورية بقيادة الرئيس الاسد وبسعي دولي لحفظ ماء الوجه للاميركيين والاوروبيين". يضيف حطيط
و رسالة أخرى وجهتها الزيارة، حسبما قال الخبير الاستراتيجي، هي للحاضنة الاقليمية والدولية (ايران وروسيا والصين) ان سورية المنتصرة هي محافظة على مواقعها الاستراتيجية التي كانت فيها قبل المؤامرة والتي تستمر فاعلة فيها بعد سقوط المؤامرة. ويضيف "هذا الامر سيعزز ما ولد من الرحم السوري من نظام عالمي جديد قائم على تعدد القطبية".
ومن هنا تكون الرسالة الاخيرة والأهم للزيارة الحدث أن "النظام العالمي الجديد ولد من الرحم السوري والرئيس الأسد في بابا عمرو يؤكد هذه الولادة".