23-11-2024 06:30 AM بتوقيت القدس المحتلة

حرب نايف بن عبد العزيز آل سعود في البحرين

حرب نايف بن عبد العزيز آل سعود في البحرين

نايف بن عبد العزيز لروبرت غيتس: سوف ألجأ لأحضان رجال الدين الوهابيين

كتب نضال حمادة
 
يقول مصدر عربي مقيم في باريس وله صلات بالعائلة الحاكمة في السعودية، إن بداية عهد الملك عبد الله شهدت مساع انفتاح على أطياف المعارضة السعودية، بما فيها المعارضة الشيعية التي تولى مستشار الملك المقرب عبد العزيز التويجري، الاتصال بها في بلاد المنفى المتعددة. ويقول المصدر العربي إن التويجري  نجح في إقناع شخصيات سعودية معارضة بالعودة إلى البلد. ويروي مصدرنا ما دار من حوار بين هذه الشخصيات الشيعية والملك عبد الله بن عبد العزيز أثناء لقاء  حصل في القصر الملكي في مدينة الرياض بالقول:

"بادر الملك ضيوفه بالقول ماذا تطلبون؟ في إشارة منه إلى عطاء مالي يقدم في مثل هذه الحالات، فأجاب الحاضرون لا شيء. ومن ثم أعاد الملك السوآل نفسه وكان ذات الجواب، مضيفا أنه بعد ثوان من الصمت تقدم أحد أعضاء الوفد وقدم للملك عبدا لله نسخة عن كتاب مدرسي سعودي يدرس لتلاميذ المرحلة الابتدائية  في المدارس الرسمية السعودية، وخاطب الملك بالقول: أنظر جلالتك إلى ما  يدرس في كتبنا المدرسية عن الشيعة، هل يمكن أن يستقيم وطن مع هذا التحريض.

إن أولادنا يدرسون في المدارس نصوصا تكفرهم وتنعتهم بكل الأوصاف السيئة وتضعهم في مرتبة دون غيرهم من أبناء الوطن، وهم يدرسون في الكتب الرسمية ما يمهد للفتنة والتقسيم."


الصراع بين الملك والجناح السديري
ودائما حسب المصدر فإن الملك عبد الله استغرب ما يدرس في هذا الكتاب وأنكر معرفته بوجود هذا التحريض في المنهاج المدرسي السعودي، ووعد بإلغاء هذه النصوص فورا كما وعد بإصلاحات تشريعية وتنموية  طالبا فترة زمنية للقيام بخطته. غير أنه بعد سنوات بقيت هذه الوعود مجرد كلام ولم ينفذ منها شيئا يختم المصدر.

والحقيقة أن عهد الملك عبدا لله بن عبد العزيز يشهد منذ بدايته صراعا كبيرا بينه وبين الجناح السديري في العائلة الذي يضم ستة أخوة أشقاء من أم سديرية، بينما هو وحيد وأخ غير شقيق من أم تنتمي الى قبائل شمر.
وقد اشتد الصراع العائلي بعيد قيام عبدالله بوضع نظام جديد للتوريث يبدأ عند ولاية سلطان بن عبد العزيز للعرش بحيث ينتخب ولي العهد من المجلس العائلي ومن ثم، بعد سلطان، تنطبق القاعدة على منصب الملك. وهذا ما أثار حفيظة رجل الداخلية القوي وحليف المؤسسة الدينية السلفية في المملكة وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز، الذي رأى في هذا النظام الجديد حرماناً له من الملك الذي يقوم على مبدأ السن.

فكان رده عنيفا في الداخل عبر التضييق الأمني والتعاون المباشر مع المؤسسة الوهابية في إصدار الفتاوى التكفيرية للطوائف الأخرى ولدعاة الديمقراطية في المملكة والمنطقة، فضلا عن قيامه بحملات أمنية  في منطقة نجران التي يقطنها غالبية إسماعيلية، وهي شهدت مظاهرات قمعت بشكل دموي.

وهنا استغل الملك عبدالله الوضع لصالحه عازلا أمير نجران تركي الفيصل من الجناح السديري، وعين مكانه إبنه مشعل ما أثار حفيظة أشقائه السديرين عليه وكان الرد في المدينة المنورة عبر التعدي على المعتمرين من الشيعة وما تبعها من مظاهرات وأعمال عنف وقمع.


الصراع داخل الجناح الواحد
الصراع على الملك السعودي انتقل إلى الحلف السديري نفسه بعيد مرض ولي العهد السعودي سلطان بن عبد العزيز آل سعود الذي ذهب برحلة استجمام طويلة للمغرب، ما جعل القرار السياسي بين عبدا لله ووزير الداخلية نايف.

وهذا بدوره اثأر مخاوف أولاد سلطان أن يؤدي موت والدهم إلى تولي نايف ولاية العهد وإخراجهم من السلطة، فكانت حرب اليمن والتدخل السعودي فيها والتي يمكن اعتبارها حرب الأمير خالد بت سلطان  نائب وزير الدفاع  قائد سلاح الطيران، الذي رأى أن إدخال الجيش الذي يقوده والده في الحرب سوف يحقق انتصارا سريعا على الحوثيين ويقوي موقعه في السلطة، وهذا ما لم يحصل حيث طالت الحرب وظهر الترهل في الجيش السعودي رغم السلاح الذي يمتلكه والذي كلف مئات المليارات من الدولارات خلال العقدين الماضيين.

بقي خالد بن سلطان لوحده داخل العائلة و تركه عمه عبد الله وحيدا يتحمل نتائج هذه الحرب ولم يرسل الملك إلى الحدود مع صعده أي جندي من الحرس الوطني الذي يقوده وقوامه 360 ألف رجل غالبيتهم من قبائل شمر أقارب والدته ـ ولم يقم الملك بزيارة الجبهة إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على التدخل السعودي وأتى إلى منطقة تبعد مائة وخمسين كلم عن الجبهة. وبعد أن بدأت آثار الهزيمة والترهل في الحرب تأكل من رصيد السعودية العربي والعالمي خصوصا أنها عجزت عن استرداد أي موقع من يد جماعة قليلة التسلح والعدد، استغل عبدا لله مأزق السديريين وأعاد فتح العلاقة مع سوريا عبر ابنه عبد العزيز واضعا بندر خارج الخدمة، ومعززا سلطته الداخلية، كما وضع يده على ملفات خارجية طالما كانت خارج سلطته بفعل وجود سعود الفيصل.

مصادر فرنسية مطلعة شبهت في حديث لموقع المنار وضع وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز حاليا بوضع خالد بن سلطان أثناء مرض والده، إذ إن مرض الملك عبد الله وذهابه في رحلة علاج طويلة جعل من نايف الحاكم الفعلي في المملكة، وهذا ما جعله يصدر إشارات في الآونة الأخيرة إلى أهليته الصحية والمعنوية والسياسية لاستلام الحكم في حال الفراغ.

 وقد ازدادت في الأشهر الأخيرة تحركات الهيئات السلفية في المملكة والمقربة من نايف، كما أن مصادر فرنسية أبلغتنا أن نايف استغل هذه الفترة لتعزيز  عديد الشرطة وعدتها فضلا عن زيادة تسليح الوحدات الخاصة في وزارة الداخلية التي تسمى (صقور نايف) والتي تؤكد مصادر فرنسية أنها هي التي أرسلت إلى البحرين تحت غطاء الجيش وقوات درع الخليج.

بأي شيء هدد نايف الأميركيين ليوافقوا على تدخل السعودية عسكرياً في البحرين؟
ما يتداول هذه الأيام في العاصمة الفرنسية باريس يؤكد أن نايف هو الذي فرض التدخل السعودي في البحرين، وبحسب ما يتردد فإن وزير الداخلية السعودي أبلغ وزير الدفاع الأميركي (روبيرت غيتس) أنه لن ينتظر سقوط الحكم السعودي كما سقط حسني مبارك، مهددا بمواجهة أية ضغوط أميركية  عليه لمنعه من التدخل في البحرين باللجوء لأحضان المؤسسة الدينية الوهابية. وقد نحج هذا التهديد في تحول الموقف الأميركي وموافقة إدارة اوباما على التدخل السعودي في البحرين أو عدم اعتراضها عليه، وهي التي تملك اكبر قاعدة عسكرية في هذه الجزيرة مع آلاف الجنود .

لقد وصف بعض المحللين السعوديين ترقية نايف المفاجئة لمنصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء بالخطوة الحاسمة التي قربته من العرش، وها هو الأمير المتعجل للسلطة يريد تقوية نفوذه عبر غزو البحرين وقمع ثورة شعبها الأعزل، سياسة اتبعها قبله في اليمن خالد بن سلطان وانتهت بهزيمة نكراء، فهل يتعظ الأمير الهرم من خطأ إبن أخيه وينسحب قبل أن تغرقه مياه البحرين العميقة؟
 
نايف بن عبد العزيز آل سعود: نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، هو الابن الثالث والعشرون من أبناء عبد العزيز آل سعود من زوجته  حصة بنت أحمد السديري، من مواليد العام 1933 و يشغل  منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء  منذ العام 2009 ومنصب وزير الداخلية منذ العام (1975) معروف بقربه الشديد والوثيق من المؤسسة الدينية الوهابية كما يعرف بحسه الأمني وبطشه وقد وصف سعد الحريري ابنه محمد بن نايف الذي يشغل منصب مساعده في وزارة الداخلية في شهادته أمام قاضي التحقيق الدولي التي نشرتها محطة تلفزيون الجديد، وصفه بالـ (السفاح).