لم تثمر المفاوضات بين ايران ومجموعة 5+1 بشأن الملف النووي الإيراني عن أي اتفاق واضح، لكن الطرفين وجدا فيها نقطة انطلاق بناءة لجولة أخرى من المتوقع أن تحط رحالها في العاصمة العراقية بغداد.
"ايجابية" كانت الجولة الأولى من المفاوضات بين ايران ومجموعة 5+1 في اسطنبول. هذه الجولة سبقها جولات عديدة طُرح فيها الملف النووي الإيراني كقضية خلافية بين ايران التي تحرص على تأكيد سلميته، والغرب الذي يرفض تصديق ذلك فارضاً المزيد من العقوبات على الجمهورية الإسلامية. لم تثمر هذه الجولة أي اتفاق واضح، لكن الطرفين وجدا فيها نقطة انطلاق بناءة لجولة أخرى من المتوقع أن تحط رحالها في العاصمة العراقية بغداد.
آشتون وجليلي متفائلان
اختتمت محادثات اسطنبول بين ايران ومجموعة 5+1 وسط أجواء ايجابية عبّر عنها كل من وزيرة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون وكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي. ففي تصريح صحافي ادلت به في ختام الاجتماع، قالت اشتون إن "المحادثات حول المسألة النووية الإيرانية كانت بناءة ومفيدة وتعكس نص وروح الرسائل الأخيرة التي تبادلناها مع ايران"، مضيفةً "سنلتقي مجدداً في 23 أيار/مايو في بغداد". وأوضحت اشتون أن المفاوضات المقبلة "ستجعلنا نتقدم بشكل ملموس جداً"، قائلةً "نأمل أن تفضي الاجتماعات المقبلة الى تدابير حسية للتوصل الى حلّ شامل تفاوضي يعيد ثقة المجتمع الدولي بشأن طبيعة برنامج ايران النووي السلمية".
من جهته، رحب كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي بالموقف "الإيجابي" لمجموعة 5+1، خلال مفاوضات اسطنبول. كما أشاد جليلي، أمام الصحافيين، "برغبة الجانب الآخر في التحاور والتعاون، وهذا أمر ايجابي"، مضيفاً أن "الدول الست (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، اعتبرت أن فتوى السيد القائد علي الخامنئي حول حظر الأسلحة الذرية ذات أهمية كبرى وأنها أساس التعاون لنزاع شامل للأسلحة النووية".
وأوضح كبير المفاوضين الإيرانيين أن شعار ايران هو "لا أحد يجب أن يمتلك السلاح الذري وعلى الجميع أن يحصل على الطاقة الذرية". ورداً على سؤال حول تخصيب اليورانيوم، الذي يعدّ أحد أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات، قال جليلي إن "الجانبين لم يبحثا هذه المسألة" في اسطنبول. وأكد جليلي أنه "وفقاً لمعاهدة الحد من الانتشار النووي هناك حقوق محددة للدول الموقعة عليها خصوصاً حق التخصيب".
فرنسا تبدي تحفظاً..وواشنطن تصف المحادثات بالخطوة الإيجابية
من جهة ثانية، بدا وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه أكثر تحفظاً، حيث قال، في بيان له، إن بلاده تنتظر من ايران "اجراءات عاجلة وملموسة لإعادة الثقة طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية المتعلقة بهذا البلد". كما أكد الممثل الفرنسي في مفاوضات اسطنبول جاك اوديبير، عقب انتهاء المفاوضات، أن الجولة المقبلة من المفاوضات في بغداد ستكون صعبة.
في السياق، أكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن محادثات اسطنبول تمثل خطوة اولى نحو ايجاد حلّ سلمي، معتبراً أن "الطريق لا يزال طويلاً". وأعلن هيغ أن بلاده "تنتظر باهتمام المفاوضات المقبلة في بغداد"، مضيفاً أن "القوى الست المنخرطة في المفاوضات بدأت هذه المحادثات مع نية حازمة بمتابعة حوار جدي مع ايران، وتريد التوصل الى حلّ سلمي تفاوضي لهذه المشكلة النووية".
أما البيت الأبيض فقد وصف المحادثات التي شهدتها اسطنبول بأنها "خطوة اولى ايجابية". وأكد مساعد مستشار الرئيس باراك اوباما للأمن القومي بن رودس، خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة الأميركيتين في كولومبيا، أن ايران ودول 5+1 أظهروا "موقفاً ايجابياً"
في مقاربة الملف النووي الإيراني.
وعن أجواء المفاوضات، أشار دبلوماسي غربي حضر المباحثات الى "تغير في لهجة" كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي، موضحاً "دخل جليلي بسرعة في صلب البرنامج النووي ورأينا بوضوح أن ايران تود المشاركة في عملية جدية". وقال مصدر قريب من مجموعة 5+1 إن الايرانيين "يبدون استعداداً للتحاور بشأن برنامجهم النووي من دون وضع شروط كما فعلوا قبل 15 شهراً، اذا استمرت المفاوضات على هذا النحو فإننا على استعداد لإطلاق جولة مفاوضات". هذا وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الذي يقود الوفد الروسي، أن "الأجواء بناءة والمباحثات جدية، حتى الآن الأمور تسير جيداً".
في السياق نفسه، كتبت صحيفة كيهان الإيرانية أمس أن "ما تنتظره ايران من مجموعة 5+1 هو في الحد الأدنى أن يثقوا بنا عبر إلغاء كل القرارات غير الشرعية للأمم المتحدة وكل العقوبات التي تستهدف ايران كإجراء أول". وصدرت بحق طهران ستة قرارات دولية منها أربعة مرفقة بعقوبات، حيث تمّ تشديد هذه العقوبات منذ عام 2010 بتطبيق حظر تجاري ومالي ونفطي أميركي وأوروبي. إضافة إلى ذلك، فقد قررت دول الإتحاد الأوروبي فرض حظر نفطي تدريجي غير مسبوق على ايران يدخل حيز التنفيذ في الأول من تموز/يوليو، كما فتحت واشنطن الباب لفرض عقوبات جديدة على ايران نهاية حزيران/يونيو تطال صادرات النفط.