وسط الضجيج والصراخ والشعارات الفارغة من كل مضمون إلا من حقدها على المقاومة، ضربت المعادلة الذهبية بيد من حديد منظومة تجسس زرعها العدو الصهيوني في جنوب لبنان، لتقطع الشك باليقين
وسط الضجيج والصراخ والشعارات الفارغة من كل مضمون إلا من حقدها على المقاومة، وعلى نغمة الخطابات الإستعراضية والشعرية والتحريضية على السلاح الذي قهر من قيل عنه في يوم من الأيام أنه جيش لا يهزم، وفي ظل استهداف معادلة الجيش والشعب والمقاومة الذهبية التي حمت لبنان، برزت المزيد من الإنجازات! فحقد القلّة القليلة من قوى "لأ للسلاح" لم يستطع أن يرفّ جفن عين المقاومة الساهرة على حماية لبنان وشعبه من الإعتداءات الإسرائيلية، ومرّة أخرى ضربت المعادلة الذهبية بيد من حديد منظومة تجسس زرعها العدو الصهيوني في جنوب لبنان، لتقطع الشك باليقين، وتؤكد أنها وحدها قادرة على الحفاظ على حرية وسيادة واستقلال الوطن.
فمنظومة التجسس والتصوير الإسرائيلية المتطورة التي قامت وحدة متخصصة من الجيش اللبناني يوم الخميس 17 آذار / مارس 2011 بتفكيكها في بلدة شمع قرب صور، كانت المقاومة قد اكتشفتها وبلّغت عنها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بحسب بيان مديرية التوجيه. وتبيّن أنها تمسك كلياً بزاوية لبنان الجنوبية، بدءاً من الساحل الممتد من البياضة إلى مدينة صور وصولاًإلى الناقورة، بالإضافة إلى عشرات الكيلومترات في العمق شرقي صور وجنوبها، وهي كناية عن صخرة اصطناعية مصنّعة من مادة "فيبر غلاس"، وتشبه إلى حد كبير شبكتي الباروك وصنين.
منظومة ذكيّة يستحيل اكتشافها !!!
"الأهمية الأولى للمنظومة المكتشفة هو الفارق بينها وبين المنظومتين السابقتين، وهو أنّ منظومة شمع ترتبط بجهاز تحكم، يتحكم به قمر اصطناعي أو طائرة استطلاع، فيتم تشغليه عبر هاتين الوسيلتين، وعندها تبدأ الكاميرا المنصوبة ضمن المنظومة ببث ما تلتقطه مباشرةرإلى الوسيلة المشغّلة، التي تخزّن بدورها ما يتم التقاطه من صور وأفلام، وعندما تأخذ كامل حاجتها من الصور الحيّة للقطاع المستهدف بالتصوير تعمد وسيلة التشغيل إلى وقف عمل المنظومة، والغاية من عدم التشغيل المتواصل لتلك المنظومة هو الحؤول دون رصدها عبر الذبذبات، وهنا تكمن صعوبة الإنجاز الذي تحقق".
هذا ما يؤكده خبير الإتصالات الدولي رياض بحسون في مستهل حديثه لـ"موقع قناة المنار"، ويضيف بحسون "أهميتها الثانية هي وجودها في منطقة شمعة المرتفعة نسبياً والتي تكشف على أماكن قد تعتبر مخابرات الجيش الإسرائيلي أنها مواقع لتخزين سلاح المقاومة أو غرف عمليات لها، كما أنّ المنطقة التي تغطيها تشمل المقر العام لقيادة قوات اليونيفيل في الناقورة، وبحسب تقديري فإنّ هذه المنظومة زرعت بعد حرب تموز وهي تحوي معدات حديثة، ولا أعتقد أن فرقة من الكومندوس الإسرائيلي قد زرعتها بل عملاء موجودين على الأراضي اللبنانية".
قوات اليونيفيل في غيبوبة !
المنظومة الواقعة في منطقة عمل القوّة الإيطالية العاملة في إطار قوات اليونيفيل تدفع بحسون إلى التساؤل مستغرباً: "لماذا لم تكتشف اليونيفيل منذ حرب تموز أي من هذه المنظومات؟فاكتشافها منذ مدة شبكة تجسس عليها يعني امتلاكها للإمكانيات التي تكشف هذه المنظومات، فإذاً لماذا لم تجرِ مسحاً للأراضي التي تقع ضمن إطار عملها؟ ولم هذا الإهمال؟"، ويتابع بحسون "يجب العمل على هذه التساؤلات بالتنسيق بين الجيش والمقاومة واليونيفيل بأسرع وقت، لأن الإحتمال كبير بأن تكون إسرائيل قد زرعت شبكة كبيرة للتجسس، وبمجرّد أن هذه المنظومات مرتبطة ببعضها وتشكّل بحد ذاتها شبكة، فأنا أجزم أنها تشكّل أيضاً غطاءاً للعديد من الشبكات الأخرى. فنحن نتكلم عن منظومات مزروعة على الجبال وعلى الساحل كالتي اكتشفت في صيدا منذ فترة، ولبنان بمساحته الصغيرة يمكن أن يغطى بأكمله بهذه الطريقة".
والكشف عن هذه المنظومة الخطيرة الذي تزامن مع الهجوم على سلاح المقاومة في محاولة يائسة لإضعافها يدفع بحسون إلى تقديم تحيّة لشباب المقاومة "الذين يجب الإعتراف بجهدهم وجديتهم ودقتهم في استخدامالأجهزة المتطوّرة لكشف شبكات التجسس، وأن نقدّر تنسيقهم مع الجيش اللبناني. كما يجب أن يذكّر هذا الإنجاز اللبنانيين، بأنّ العمل الإستخباراتي الإسرائيلي لا يتوقف في جميع الظروف، ومن المفترض أن يعلم الناس أنّ حماية البلد ضد القرصنة والتنصت والتجسس تفيدهم جميعاً، فعندما تزرع إسرائيل معداتها وتصوّر أماكناً وأشخاصاً فلا أحد يعلم ما هو الإنتماء السياسي للشخص الذي يتم تصويره، وليس من مصلحة أي كان أن يقوم العدو بتصويره".
الإدارة اللبنانية لا تتعاطى بجدية
ويلفت خبير الإتصالات الدولي رياض بحسون إلى أنّ "الكشف عن هذه المنظومة يذكرنا بعدم جدية الإدارة اللبنانية في التعاطي مع مواضيع بغاية الأهمية، فقد عُقد مؤتمر في وزارة الإتصالات حول هذا الموضوع منذ أشهر وأتى بعد قرار إدانة تم التصويت عليه في مؤتمر المندوبين المفوّضين لدى الإتحاد الدولي للإتصالات وهو المرجع الأعلى للإتصالات في العالم، وأدان هذا القرار القرصنة الإسرائيلية وطلب تصحيح الوضع وأعطى الحق للبنان بتعويضات مالية، وقد إتصل بي أمين عام الإتحاد الدولي للإتصالات حمدون توريه منذ بضعة أيام ليسألني عن الإهمال اللبناني لهذا الموضوع!والدليل الواضح على سوء التعاطي هو ما قام به وزير الدفاع الياس المر فعوضاً عن تعزيز مكتب الإرتباط بين وزارتي الدفاع والإتصالات المؤلف من خمسة عناصر بقيادة العقيد في الجيش اللبناني داني فارس، الذي فكك منظومة التجسس الأولى في الباروك، تم إلغاء هذا المكتب بقرار من الوزير المر في أولى القرارات التي اتخذها عند تسلمه مهامه، كما تمّت إحالة فارس وهو خبير اتصالات متميز إلى فوج الأشغال!".
ويرى بحسون أنه "على الحكومة القادمة أن تتناول هذه المواضيع بجديّة، فهذا الموضوع مكوّن من 800 ملف ومن البديهي أن يتم الإستعانة بأشخاص لهم خبرة كبيرة في هذا المجال، كما يجب أن يضاف ملف الشبكة التجسسية الأخيرة إلى ملف الشكاوى الذي قدّمه لبنان إلى مجلس الأمن".
الجيش والشعب والمقاومة ليس شعاراً
الأمر المؤسف بحسب بحسون هو "أنّ تفكيك هذه المنظومة لم يعطَ أهمية تذكر وكأنه من المفروض أن يمرّ الحدث مرور الكرام، وأستغرب أن بعض المسؤولين الكبار لم يذكروا الدور الذي لعبته وحدات المقاومة في كشف هذه المنظومة، وكل هذا دليل على أن البلد يسير في درب استنكار دور المقاومة المهم لحماية لبنان وشعبه. وإذا استمر هذا الدور أخاف أن تنتهي معادلة الجيش والشعب والمقاومة، فهذه المعادلة ليست شعاراً للإستخدام السياسي، وإذا أخذنا أميركا كمثال، فنرى أنه عندما كان الجيشان الإنكليزي والفرنسي موجودين في الأراضي الأميركية، كان الأميركيون محتارين بين الإنحياز إلى طرف منهم أم بناء مقاومة شعبيّة تتحوّل إلى جيش، فاختاروا حلّ الجيش والشعب والمقاومة، وسويسرا والصين والجزائر كذلك بنيت على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وعدة دول عظمى في العالم بنت نفسها على هذا الأساس، هذه المعادلة تهدف إلى حماية الشعب عبر المقاومة بالتنسيق مع الجيش، أو إلى حماية الشعب عبر الجيش بالتنسيق مع المقاومة، وليست على الإطلاق حماية الشعب بالإختيار بين الجيش أو المقاومة".
بناءً عليه، فإنّ الجيش والشعب والمقاومة ليست شعاراً، إنها معادلة جوهرية إستراتيجية يجب تعزيزها، فأن يكون أحد ضد حزب الله في السياسية ليست بمشكلة، بل هي دليل على الديموقراطية في لبنان، ولكن أن يكون ضد المقاومة في السياسة! فهذا ما لا يمكن اعتباره من ضمن حرية الرأي والتعبير، لا بل هو إضعاف لإمكانية المواجهة ضد عدو يجاهر في الليل والنهار برغبته في القضاء على لبنان ومقاومته، وقمة الطواطؤ تكمن في إضعاف إمكانية لبنان في المواجهة عبر استهداف سلاح المقاومة، ففي النهاية لا يسعنا سوى القول بأنه لا يمكن حماية الوطن بخلع الملابس وإلقاء الأبيات الشعرية والتبكبك على شاشات التلفزة وطعن المقاومة في ظهرها، لا بل يمكننا التأكيد بأنّ وجود لبنان حتى يومنا هذا على خارطة العالم ليس سوى نتاج للمعادلة الذهبية.. الجيش والشعب والمقاومة.