30-11-2024 01:59 AM بتوقيت القدس المحتلة

نص رسالة الإمام الخامنئي بمناسبة العام الجديد

نص رسالة الإمام الخامنئي بمناسبة العام الجديد

نص رسالة الإمام الخامنئي بمناسبة العام الجديد

بسم الله الرحمن الرحيم
يا مقلب القلوب و الأبصار، يا مدبّر الليل و النهار٬ يا محوّل الحول و الأحوال٬ حوّل حالنا إلى أحسن الحال.
أبارك لكم أبناء وطننا الأعزاء في كل أنحاء البلاد عيد النيروز السعيد وحلول الربيع والعام الجديد٬ وكذلك لكل الإيرانيين في البلدان الأخرى حيثما كانوا في أرجاء العالم٬ و كذلك للشعوب الأخرى التي تكرّم النيروز وتحييه. وأبارك خصوصاً للأفراد والعوائل العاملة على خدمة البلاد وخدمة الثورة وخدمة النظام٬ عوائل الشهداء الأعزاء٬ والمعاقين وعوائلهم٬ وعوائل المأمورين الذين يمارسون أعمالهم الحساسة والمهمة ويُحرمون من مشاركة أسرهم في هذه الأيام التي يجتمع الكلّ في بيوتهم. أتمنى بفضل من الله ورحمته أن يكون أمام الشعب الإيراني عام سعيد زاخر بالبركات والنعم٬ وأن يكون هذا الشعب موفقاً وشامخاً ومنتصراً في جميع الميادين.
طبعاً الأحداث المريرة التي تجري على الناس في بعض البلدان - ما يجري في البحرين على الشعب هناك٬ وفي اليمن٬ وفي ليبيا - تجعل العيد غير عذب علينا وتحول دون أن يشعر الإنسان بسرور العيد كاملاً. نتمنى أن يفرّج الله تعالى عن هذه الشعوب - شعب البحرين٬ و شعب اليمن٬ و الشعب الليبي - فرجاً عاجلاً٬ ويجازي أعداء الشعوب بعقوبته.

العيد مؤشر حركة الإنسان الطبيعية طوال السنة والأشهر والأيام والليالي٬ ولأن هذه الحركة يجب أن تكون نحو الكمال والتعالي لذا كان كل عيد مقطعاً يمكِّن الإنسان من أن يبدأ مرحلة جديدة. نحن الشعب الإيراني استطعنا بتوفيق وفضل من الله إنجاز أعمال كبيرة في عام 89. لقد سمّينا عام 89 باسم عام "الهمّة المضاعفة و العمل المضاعف". و لحسن الحظ تحقق هذا الشعار عملياً على امتداد السنة. يمكننا الادعاء أن شعار "الهمّة المضاعفة و العمل المضاعف" كان من الشعارات التي حظيت طوال هذه السنوات بأكبر قدر من اهتمام الناس والمسؤولين والعمل بها وانطباق واقع البلاد عليها٬ فالحق أن الشعب والحكومة لحسن الحظ أبدوا في هذا المضمار وفي هذه الحركة السنوية همّة مضاعفة وعملاً مضاعف. لقد شهدنا لحسن الحظ أعمالاً كبيرة في المجالات الاقتصادية والسياسية وفي مجال مشاركة الشعب العظيمة في مختلف الساحات السياسية والثورية٬ وفي حقل العلوم والتقنيات٬ وعلى صعيد السياسة الخارجية٬ وفي شتى الصعد٬ وهي إنجازات قام بها مسؤولو البلاد في السلطة التنفيذية٬ والسلطة التشريعية٬ والسلطة القضائية٬ وخصوصاً السلطة التنفيذية حيث أنجزوا خلال فترة هذا العام أعمالاً كبيرة٬ ومنها مشروع ترشيد الدعم الحساس والكبير٬ إذ قد بدأوا هذا المشروع الضخم٬ ونتمنى أن يتمّوه إن شاء الله بنجاح كامل.
ما أشعر به على الإجمال هو أن بلدنا بدأ مسيرة جيدة على جادة التقدم و التعالي والحمد لله. وبالطبع فإن هذه المسيرة اكتسبت يوماً بعد يوم سرعة أكبر وهي نتيجة جهود ومساعي المسؤولين والشعب طوال هذه الأعوام المتمادية٬ ولحسن الحظ كلما مضى الوقت اكتسبت هذه المسيرة سرعة أكبر. مثلاً على صعيد إنتاج العلم طبقاً للإحصائيات التي تعلنها المراكز العالمية المتخصصة والمراكز الدولية فإن مشاركة بلدنا في التقدم العلمي وفي إنتاج العلم في العالم أكثر من أحد عشر بالمائة٬ والحال أننا واحد بالمائة من سكان العالم٬ والبلد الذي كان له أعلى نصيب من بعدنا في هذه المنطقة سجّل أقل من ستة بالمائة من التقدم. وبالتالي فإن تقدم البلاد في الميادين المختلفة جيد جداً والحمد لله. وينبغي إن شاء الله استمرار هذه الحركة المتسارعة والمتسمة بالجدّ والهمّة.

ما يلاحظه الإنسان في مجمل قضايا البلاد٬ وهو ما ينبغي أن نجعله موضوعاً لهممنا في عام 90 هو أن التركيز الأساسي لأعداء شعبنا وبلادنا لمواجهة بلادنا منصبّ على القضايا الاقتصادية. وهم طبعاً ينشطون في المجال الثقافي أيضاً٬ وكذلك في المجال السياسي٬ وعلى مستوى الاحتكار العلمي أيضاً٬ لكنهم ينشطون على الصعيد الاقتصادي بنحو فعال جداً. أنواع الحظر هذه التي يمهّد لها أعداء الشعب الإيراني أو التي فرضوها على الشعب الإيراني٬ كان الهدف منها توجيه ضربة لتقدم البلد وصدّه عن هذه المسيرة المتسارعة. طبعاً لم تتحقق إرادتهم ولم يستطيعوا الحصول على النتائج التي كانوا يرجونها من الحظر٬ وتغلبت تدابير المسؤولين ومواكبة الشعب على أحابيل الأعداء٬ لكنهم يتابعون نشاطهم. لذلك علينا في هذه السنة التي تبدأ من هذه اللحظة أن نتنبّه لأهم قضايا البلاد وأعمقها٬ ومحورها جميعاً برأيي هو القضايا الاقتصادية. لذلك أسمّي هذه السنة سنة "الجهاد الاقتصادي"٬ وأتوقع من مسؤولي البلاد سواء في الحكومة أو في مجلس الشورى أو في القطاعات الأخر‌ى ذات الصلة بالقضايا الاقتصادية٬ و كذلك من شعبنا العزيز٬ أن يعملوا في الميدان الاقتصادي بتحرك جهادي ويجاهدوا في هذا المضمار٬ فالحركة الطبيعية ليست كافية٬ إنما ينبغي أن تكون لنا في هذا الميدان حركتنا القفزية والجهادية.
تعلمون أننا في هذه الساعة ندخل العام الثالث من عقد التقدم والعدالة. طبعاً تم إنجاز أعمال جيدة على صعيد التقدم٬ وأيضاً على صعيد العدالة إلى حد كبير٬ لكن حركتنا يجب أن تكون بحيث نستطيع أن نجعل هذا العقد مظهراً للتقدم ولتكريس العدالة في بلادنا بالمعنى الحقيقي للكلمة. ولحسن الحظ يشعر المرء بهذه الحركة التي انطلقت في العالم الإسلامي أن هذا العقد سيكون بتوفيق من الله عقد التقدم والعدالة للمنطقة أيضاً.
نتمنى أن يشملكم الله تعالى أيها الشعب العزيز وأيها المسؤولون الأعزاء وأيها الشباب المؤمن النشيط الموهوب ذو المعنويات العالية بلطفه وبالأدعية الزاكية لسيدنا الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه). نحيّي ذكرى شهدائنا الأعزاء وإمامنا الجليل٬ ونتمنى ببركة الأرواح الطيبة لهؤلاء العظماء أن يشمل الله الشعب الإيراني برحمته وفضله وبركته ورضوانه وغفرانه.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته