24-11-2024 03:41 PM بتوقيت القدس المحتلة

كلمة السيد نصرالله في احتفال "الوعد الأجمل" بعد اختتام أعمال "مشروع وعد"

كلمة السيد نصرالله في احتفال

نص كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال "الوعد الأجمل" بعد اختتام أعمال "مشروع وعد" لإعادة أعمار الضاحية الجنوبية في حارة حريك يوم الجمعة 11- 05 - 2012

نص كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال "الوعد الأجمل" بعد اختتام أعمال "مشروع وعد" لإعادة أعمار الضاحية الجنوبية في حارة حريك يوم الجمعة 11- 05 - 2012


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

الأخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويسعدني أن أرحب بكم جميعاً في هذا الحفل المبارك وفي هذا الإنجاز العظيم.


أولاً يصادف احتفالنا ولقاؤنا مناسبة عزيزة وغالية هي الذكرى العطرة لولادة سيدتنا ومولاتنا سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تلك السيدة العظيمة الجليلة من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ومن القربى الذين أمر الله تعالى بمودتهم كأجر لأعظم رسالة وتضحيات أعظم رسول، هي السيدة التي كانت خلاصة نساء هذه الأمة لتكون ممثلتهم مع رسول الله في مواجهة المباهلة، وهي كما قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم ابيها وروحه التي بين جنبيه وسيدة نساء أهل الجنة.
إننا نتلقى هذا التلاقي والتناسب بين احتفالنا وانجازنا وهذه المناسبة بفأل حسن، أبارك لكم ولجميع المسلمين في العالم ولحفيدها المهدي عليه السلام هذه المناسبة العظيمة.


أيها الأخواة والأخوات: مناسبة احتفالنا هذا معروفة للجميع، وهي موضوع حديثي بشكل أساسي.

أود أن أتحدث عن إعادة الإعمار في الضاحية الجنوبية بالتحديد  ضمن سياق عام، لأهمية هذه التجربة، لمعانيها ومضمونها ودلالاتها وعبرتها، ولإداء بعض الحق للذين كانوا شركاء حقيقيين في هذا الانجاز اليوم. وفيما يتبقى من وقت إن شاء الله سأتعرض لبعض العناوين السياسية على مستوى المنطقة وفي  لبنان.

هناك بعض الأمور يمكن أن أشير إليها كعناوين، وشهر أيار والأشهر القادمة فيها مناسبات كثيرة، يمكن أن أتحدث أنا وإخواني ونفصّل بعض هذه العناوين. لذلك سأكتفي بالإشارة الإجمالية لبعض هذه العناوين.

الكل يعرف أن هدف حرب تموز كان سحق المقاومة، لم يكن الهدف هو نزع سلاحها أو إخراجها من جنوب الليطاني، أو استعادة الأسيرين أو ما شاكل، كان الهدف سحق المقاومة وإخضاع لبنان كجزء من المتغيرات الكبرى التي يحضر لها في المنطقة وخصوصاً في فلسطين وسورية ولاحقاً إيران.

لإقامة شرق أوسط جديد، وبالتالي إلحاق لبنان والمنطقة بالكامل بالمشروع الأميركي الإسرائيلي ومحور الاستسلام العربي فشلت الحرب في تحقيق أي من أهدافها. وخلال السنوات الماضية، بعد الحرب، تحدّثنا وتحدّث كثيرون عن تلك الحرب وأهدافها ومجرياتها وتداعياتها ونتائجها في المجالات العديدة، من سياسية وأمنيّة وعسكرية ومعنويّة ونفسية وأقتصادية وإجتماعية وإعماريّة والخ، ... أنا سأتحدث بالجانب الذي يرتبط بالبعد الاجتماعي النفسي وفيما يتعلّق بالاعمار أيضا بالاختصار الممكن.

السؤال الأساسي دائماً: لماذا يلجأ العدو الاسرائيلي إلى هذا الحجم من التدمير عندما يواجه حركة المقاومة، أو عدواً يقاتله؟

لماذا لا يكتفي للقتال في الميدان، لماذا لا يكتفي باستهداف المواقع العسكريّة والأهداف العسكريّة والنقاط العسكريّة، وأن من يوسع عدوانه عامدا لتدمير أكبر عدد ممكن من البيوت من المحلات التجارية من الأسواق من المدارس من البنى التحتية؟ ما هو السبب؟ هل هناك حاجات عسكرية حقيقية لذلك؟

لا، ما يرتكبه العدو الإسرائيلي في هذا المجال هو جرائم حرب، وهو ماهيّته ماهية إجراميّة وإرهابية، إن من يلجأ إلى هذا المستوى من التدمير (لديه هدف)، لأن لدى العدو الاسرائيلي نظرية، أن البيئة الحاضنة لأي حركة مقاومة سواء في فلسطين أو في لبنان أو في أي مكان أخر يجب أن تعاني، يجب أن تتألم، يجب أن تتحول حياتها الى جحيم حقيقي، يجب أن تعيش حياة بائسة، يجب أن تدفع ثمن خيارها إن كانت مقاومة وثمن حمايتها لخيار المقاومة. وبالنهاية المقاومة هي بنت بيئتها، هي نتاج هؤلاء الرجال والنساء والأمهات والآباء، هذا المكوّن الاجتماعي، وهذا كله يشكّل ضغطاً. العدو الاسرائيلي يتعمّد تحويل حياة الناس إلى جحيم في أي مواجهة.

يتعمد (العدو) ـ كما يستعملون هم في مصطلاحاتهم ـ كي الوعي، أن تفهم جيداً أن المواجهة مع العدو لها أثمان باهظة جداً، إنك إن كنت تريد أن تعيش في هذه المنطقة التي يتواجد فيها كيان إرهابي إجرامي هو إسرائيل، إن كنت تريد أن تعيش حياة كريمة وعزيزة، أن تكون لك أرضك وتحمي عرضك ويبقى رأسك مرفوعاً يجب أن تقدّم تضحيات جسيمة ويجب أن تكون مستعداً لتقديم التضحياات الجسيمة. إذا لم تكن جاهزاً فعليك أن تقبل بالفتات، عليك أن تقبل بما يمنّ به عليك الأميركي والإسرائيلي، من هامش حرية شخصية، من قطعة أرض تمارس عليها حكماً بلدياً، أن تكون مختاراً على مدينة، أن يبقى لاجئوك وأهلك خارج الديار، وأن تبقى ذليلاً خاضعاً مستسلماً، هذا كي الوعي وكان في مقابل هذه الحرب التدميرية كان هناك حرب أيضا كنت هناك مواجهة أيضا كانت هناك مقاومة، كما في المواجهة العسكرية المقاومة العسكرية، كما في المواجهة الامنية مقاومة أمنيّة، كما في المواجهة الاعلامية والحرب النفسية والسياسية مقاومة من هذا السنخ كذلك في حرب التدمير، حرب المس في الإرادة والمعنويات والعزم، هناك حرب الإعمار، حرب الثبات حرب البقاء في الأرض، حرب الصمود، وهذا ما يعبّر عنه مشروع الإعمار الذي قام في لبنان في كل المناطق، وواحد منه مشروع وعد في إعمار مباني الضاحية الجنوبيّة.

ولذلك اليوم نحن نحتفل كما احتفلنا في 22 أيلول 2006 في الضاحية الجنوبيّة بالانتصار الإلهي الكبير، اليوم نحتفل بانتصار آخر هو إنتصار الإعمار على حرب التدمير، بل هو إنتصار الارادة، إرادة البقاء في الارض، إرادة الصمود، إرادة الحياة الكريمة العزيزة، لا أي حياة كيفما كانت الحياة، لأن الحياة بذلّ وهوان وفي ظل الاحتلال هي ليست حياة، هي موت.

اليوم نحن نحتفل بهذا الانتصار، إنتصار الإعمار وإنتصار إرادة البقاء والثبات هنا في أرضنا، هنا أصحاب الوحدات السكنية في كل لبنان وخصوصا في الضاحية الجنوبية عندما أصرّوا على أن يُعاد بناء بيوتهم وشققهم في نفس الاماكن، وكانوا يستطيعون، عندما بدأوا بأخذ الدفعة الاولى "إن شاء الله يأخذوا الدفعة الثانيّة"، عندما يأخذون الدفعة الأولى يقولون يا أخي نحن لا نريد أن نعمّر هنا ولا نريد العيش في هذه الضاحيّة ونريد أن نسافر خارج البلد ونهاجر، وبلاد الهجرة واسعة. لأننا نحن نعمر الآن في الضاحيّة، في لبنان الذي ما زال في دائرة الخطر والتهديد الاسرائيلي، كما هو الحال المنطقة كلها، ولكنهم قالوا نريد أن نبقى هنا، أن نعمّر هنا أن نعود الى بيوتنا هنا، أن نعيش هنا وأن نموت هنا، هذه هي رسالة هذا الاحتفال وهذا الانجاز وهكذا سيتلقّاها العدو الاسرائيلي.

المسألة ليست حيطان باطون، المسألة هي إرادة شعب، على البقاء والثبات والصمود هنا.

بين يدي هذا الانجاز يجب أن أتوجه أولاً إلى ارواح الشهداء، شهداء حرب تموز، شهداء البطولة والمقاومة بالتحية والتقدير.  لولا زنودهم الفتية ودمائهم الزكية لما بقينا ولما كان إعمار أو إنتصار أو إنجاز.

أيها  الاخوة والاخوات نريد أن نتكلم قليلاً عن مشروع وعد ثم ننتقل لاحقاً إلى النقاط السياسية.

في الأيام الأخيرة من حرب تموز، في الاسبوع الاخير بالتحديد، كان واضحاً أن الحرب تتجه الى النهاية. العدو فشل في تحقيق أي من أهدافه، ليس لديه قدرة الإستمرار لأسباب تحدثنا عنها طويلاً، ولا أعيد الآن، والأمور ستنتهي في خلال أيام، ونحن سوف نصبح أمام استحقاقات وتحديّات جديدة وكبيرة جداً.

في تلك الأيام كنّا نفكر جيداً كيف نتحضّر لمواجهة تلك الاستحقاقات. طبعاً بعض هذه الاستحقاقت هو إعلامي سياسي معنوي، إذ بدأت معركة  (من نوع) هل حصلت هزيمة، هل حصل إنتصار، هل ما حصل هو فشل للعدو فقط.

وتعرفون أن الذين راهنوا على أن نُسحق وأن نُقتل وأن نُذبح وأن يُبنى على أشلائنا وأشلائكم وأشلاء الوطنيّين في لبنان شرق أوسط جديد، ووجدوا أن الحرب فشلت، ذهبوا إلى مكان آخر لينكروا علينا إنتصارنا أو ليقلّلوا من  أهمية هذا الانتصار.

هذه كانت معركة، أيضاً إستحقاق عسكري وميداني لإستخلاص العبر والدروس والتحضر لما هو أت، إستحقاقات إنسانية وشعبية وإجتماعيّة وحياتية.

وتحت عنوان الاستحقاق الإنساني والحياتي والشعبي تدخل مجموعة قضايا، واحدة منها  عودة الهجرين، هذا يعني أنه في لحظتها أننا كنا نفكر: حسناً إذا توقف إطلاق النار أو العمليّات الحربية، مثلا في 13 أب 14 أب 15 أب يعني أن الأمور خلال أيام ستنتهي، لدينا أولا استحقاق المهجرين، مئات الآلاف من المهجرين الذين غادروا منازلهم، يريدون العودة ونحن نعرف الناس.

تذكرون في 14 آب الناس قرروا العودة، وعادوا بكل شجاعة وكل ثبات، وواجهوا مخاطرات شديدة، كان يوجد إحصائية تقول إن الاسرائيلين في الأيام الأخيرة ألقوا على جنوب لبنان 4 ملايين قنبلة عنقوديّة، وقد يكون هذا الرقم متواضعاً أمام حقيقة الأرقام.

في كل الاحوال، ملف المهجرين الذين سيرجعون هو إستحقاق، فتح الطرق وإزالة الانقاض هو أيضاً استحقاق، إزالة الألغام والقنابل العنقوديّة من المناطق السكنية والطرق التي يستخدمها الناس، ـ "ونحن لاحقون على الفلوات" هذا استحقاق، إيواء العائدين إلى بيوتهم. حسناً المهجّر عاد إلى قريته، إلى مدينته، حسناً الى أين يمكن أن يذهب ؟ هذا إستحقاق، ترميم البيوت التي لم تهدّم كليّاً، إعادة إعمار البيوت المهدّمة، هذا إستحقاق، إعادة بناء البنية التحتية العامة هذا استحقاق.

ويجب أن نتحضر لمواجهة كل هذه التحديات والاستحقاقات. طبعاً لا يوجد وقت سأتحدث عن كل المواضيع، سأتحدث عن موضوعي الأساسي لكن هذا السياق العام.

في تلك الأيام أنا اتصلت بالإخوة في إيران في الجمهورية الإسلامية ـ طالما أننا نتحدث على المكشوف لنتحدث على المكشوف ـ اتصلت بالإخوة في إيران في أيام الحرب وما زال القصف مستمراً، والاتفاق لم يتم (بعد)، وقلنا للإخوة نحن سنواجه هذا الاستحقاق. وبالتأكيد هناك من يراهن عند توقف الحرب على دفع الأمور باتجاه أزمات اجتماعية خانقة في البلد لمحاصرة المقاومة وإحراج المقاومة، وأنا كان وصلني معلومات من صالونات وجلسات حول هذا الموضوع  "إنه طيّب، غداً تنتهي الحرب، (نجَوا) من القتل"، لكن غداً لديهم مئات آلاف المهجرين، عشرات آلاف العوائل التي ليس لديها مأوى ولا سكن، أضرار بالغة، كيف سيواجهون هذا الموضوع؟ واستعملت تعابيرلا أريد أن أستعملها لأن أنا أخالف كل أشكال التحريض، لكن هناك أشياء يمكن للشخص أن يتحدث بها ضمن قدر معيّن.

هذا استحقاق حقيقي، كان رهاناً حقيقيّاً، وكانت المقاومة مستهدفة بشدة بعد وقف الحرب، لكن من البوابة الاجتماعية المعيشية".

هنا، في حقيقة الأمر، أنا لا أخفيكم أن سماحة الإمام القائد آية الله العظمى السيد الخامنئي (دام ظله الشريف) استجاب بكرم بالغ لهذا الأمر، وأيضا كانت هناك استجابة حقيقية من قبل السيد الرئيس الدكتور محمود احمدي نجاد. يجب أن نقول الأمور كما هي، وفي تلك الأيام، ومن بعض الطرق التي كانت تصل بعض الأمكانات وبعض الأسلحة، وصلت الأموال أيضاً.

وعندما وعدتكم في اليوم الأخير للحرب كنت متكلاً على الله سبحانه وتعالى، وواثقاً من نصرة الأخ والحليف والصديق، وكانت النصرة قد وصلت، ولذلك عندما توقفت العمليات العسكرية كانت البنية التنظيمية العامة جاهزة. نحن، وأيضاً الإخوة في حركة أمل في بقية التيارات والقوى السياسية الحليفة والصديقة التي جاءت الى الضاحية والى مختلف المناطق، هيئات المهندسين، تجمعات المهندسين، البلديات، الجمعيات، المؤسسات الأهلية إلخ.

وبدأ العمل منذ اليوم الأول. لم ننتظر الدولة أو مؤسسات الدولة لأن الدولة بمعزل عن إمكاناتها وقدراتها ولو حسنت نيتها أيضاً، ولا أريد أن أناقش النوايا الآن، هي بطيئة، ستحتاج إلى وقت، وبالنسبة إلينا كانت الساعة واليوم لها أهمية كبيرة لأنها تتصل بكرامة هؤلاء الناس.

أهم الملفات الضاغطة كان ملف عودة المهجرين، الإيواء، إيواء المهجرين، والبدء بترميم المنازل التي لم تُهدّم كليّاً، وبالتالي خلال أشهر يمكن أن تصبح جاهزة للسكن. وبالفعل بدأنا بذلك، وأنا أعتقد أن هذه التجربة ـ أنا لا أعلم، بحسب معلوماتي ـ لا سابقة لها في تاريخ الحروب. قد أكون مخطئاً، أنا لا أعلم، أتحدث بحدود معلوماتي.

أن تنتهي حرب، أكثر من مئة ألف وحدة سكنية بين تهديم كامل وجزئي، عشرات آلاف العوائل لا  أماكن لإيوائها، تأتي جهة، وخلال أيام قليلة، تتصل بالعائلات بشكل منظم، تقدّم لها مساعدة مالية لتأمين منزل على نحو الإيجار لمدة سنة، ومبلغ لتأمين أثاث مقبول ومعقول للسكن، كمقدمة لإعادة الترميم والإعمار، وهذا أدى إلى إيواء عشرات الآلاف من المهجرين، وبحسب الإمكانات التي كانت متاحة، كان من المفترض أن لا تبقى عائلة في الشارع، ولا عائلة في خيمة وتعرفون كان هناك منازل كثيرة للإيجار وكان سوق العقار في لبنان جامداً.

وفي موضوع ?