التقرير الصحفي ليوم الاثنين 14/5/2012
تفاؤل بحلّ للإنفاق والحريري يردّ على نصر الله «في الانتخابات»
: توقيف «سلفي» يثير غضب الإسلاميين ويُشعل اشتباكات أوقعت عشرات الإصابات.. طرابلس ـ الضحية: الإهمال والتداعيات السورية يفجّران الشارع
لوائح سورية لمطلوبين سُلّمت إلى الأمن العام؟.. ميقاتي "يستغرب" و"الرواية الحقيقية" لم تُعلن .. مطلوب من رئيس الحكومة دعم عون والسير في الانتخاب وفق النسبية.. ايران تعلن عن الكهرباء للبنان قريباً ومصدر حكومي يعدد لـ"النهار" العقبات
مجلس الدفاع يدعم دور الأجهزة .. وميقاتي والحريري ينتقدان توقيف المولوي وإشاعة الفوضى.. حريق الشام يمتد إلى طرابلس .. وإطلاق الإسلاميين مدخل إلى التهدئة.. الشعار لـ«اللــواء»: غير مطمئن ولا أمن بلا عدالة وميرزا ينجز المطالعة هذا الأسبوع
مواقف تستنكر أحداث طرابلس وتستهجن طريقة توقيف المولوي.. السنيورة يدعو الجيش للضرب بيد من حديد كل من يستخدم السلاح
الحريري يرفض منطق الخروج عن الدولة وإشهار السلاح... ومخاوف شمالية من "نهر بارد" جديد.. فاعليات طرابلس تجمع على عدم تغطية الإخلال بالأمن
أبرز المستجدات
- السفير: توقيف «سلفي» يثير غضب الإسلاميين ويُشعل اشتباكات أوقعت عشرات الإصابات.. طرابلس ـ الضحية: الإهمال والتداعيات السورية يفجّران الشارع
لعل انفجار الوضع في طرابلس لم يكن مفاجئا للكثيرين، ذلك أن المدينة تقيم منذ فترة طويلة فوق صفيح ساخن، والمؤشرات المتراكمة كانت توحي بأن «فالقها الأمني» يتحرك على وقع مظاهر التسلح، والاحتقان السياسي والمذهبي، والتفاعل المحموم مع الأزمة السورية، بحيث يكفي لأي احتكاك في أي لحظة ان يتسبب بهزة قوية على مقياس «ريختر اللبناني». وهكذا، ما كاد «الأمن العام» يوقف شخصا ينتمي الى التيار السلفي للاشتباه بعلاقته مع تنظيم إرهابي، حتى اختلط الحابل بالنابل، في مدينة مشرّعة على الرياح من الجهات الأربع، واعتادت أن تأكل من لحمها الحي، فأُقفلت أولا الطرقات والساحات بالاعتصامات الاحتجاجية والإطارات المشتعلة، ثم كبرت كرة الثلج مع تدحرجها في الشوارع والأزقّة الفقيرة، لتأخذ في طريقها مرة أخرى منطقتي جبل محسن وباب التبانة اللتين تم استدراجهما الى مواجهة متجددة ذهب ضحيتها عشرات المواطنين، في محاولة على ما يبدو لتكبير عنوان الأحداث وإعطائها الطابع المذهبي الذي يستثير العواطف، ويستجر طاقته هذه الايام من خطوط التوتر العالي الإقليمي. وأمام تداخل عوامل التأجيج، وجدت طرابلس نفسها تدفع، مرة أخرى، ثمن وقوفها على خط التماس الإقليمي، وتحت خط الفقر، بعدما تم فرزها منذ زمن الى محميات طائفية وسياسية، مسكونة بالهواجس والأشباح، وسط غياب هيبة الدولة ومؤسساتها، على الرغم من أن المدينة ممثلة في الحكومة برئيسها ووزرائها الخمسة الذين لم يصنعوا حتى الآن الفارق المنتظر منهم، فيما المعارضة التي يقودها «تيار المستقبل» لا تبدو أفضل حالا بعدما اقتصر دورها على اقتناص الفرص والمناسبات للتصويب على الرئيس نجيب ميقاتي، من دون إطلاق أي مبادرة حقيقية للمساهمة في النهوض بالمدينة وحمايتها. وبالتأكيد، فان استعصاء الأزمة في سوريا ساهم بشكل أساسي في إنتاج بيئة ملائمة للتوتر المتفاقم في طرابلس، وربما يصح القول إن ما حصل خلال اليومين الماضيين هو التعبير الميداني الأكثر صراحة عن تأثر الداخل اللبناني بتداعيات الواقع السوري، بحيث كان يكفي لـ«ثقاب» اعتقال شادي المولوي المعروف بدعمه للمعارضين السوريين أن يُشعل حريقا واسعا، من دون ان تنجح هذه المرة إسفنجة «النأي بالنفس» في امتصاص موجة التوتر، التي سبقتها مؤخرا محاولات تهريب لكميات كبيرة من الأسلحة، عبر البحر، تمكن الجيش من ضبطها، قبل أن تستكمل طريقها الى أمكنة التسليم والتسلم. ووسط هذا المناخ الملتهب، يسعى الجيش الى فرض الأمن بما تيسر له من الإمكانات والغطاء السياسي، محاولا التوفيق بين متطلبات مهمته وبين خصوصيات المدينة، لاسيما أن هناك من يعمل جاهدا على تعطيل فعاليته وتكبيل يديه، عبر اتهامه باستهداف فئة محددة، وهو الاتهام الذي طال أيضا جهاز الأمن العام في أعقاب إلقاء القبض على المولوي بعد استدراجه الى مكتب تابع للوزير محمد الصفدي، ما أثار غضب الإسلاميين الذين اعتبروا ان هناك إهانة وُجّهت الى أهالي طرابلس بسبب قرار التوقيف وطريقته.
ميقاتي: الجيش ليس ضد الاسلاميين
وفي هذا السياق، قال الرئيس ميقاتي لـ«السفير» إن البعض يحاول تصوير الجيش على أنه طرف ضد القوى الاسلامية في المدينة، بينما الواقع خلاف ذلك، والدليل انه لم يتدخل لفض الاعتصام الذي بدأ يوم السبت، لكن عندما توسعت الاشتباكات ودخلت على خطها قوى اخرى وعناصر مندسّة، اضطر الجيش الى التدخل على نحو واسع لضبط الامن في المدينة. ولئن كانت الاتصالات المكثّفة قد نجحت مساء في إقناع الإسلاميين بتعليق إعتصامهم في ساحة عبد الحميد كرامي، احتجاجا على اعتقال المولوي، إلا ان التوتر بقي سائدا على جبهة جبل محسن ـ باب التبانة ومحيطهما، حيث تواصلت الاشتباكات المتقطعة طيلة الليل، متسببة في سقوط المزيد من الضحايا.
مصادر أمنية: لا للاستثمار السياسي
وأبلغت مصادر امنية «السفير» أن الوضع اخطر مما يتصوره البعض، ولا يجوز الاستثمار السياسي في قضية خطيرة كالتي يتعاطى معها «الأمن العام»، ليس في موضوع الموقوف شادي المولوي فحسب، بل في كل ما يجري شمالا، «والتحقيقات ستظهر لاحقا حقيقة ما كان يحضّر لطرابلس والشمال، والقوى الامنية لن تتوقف عند المزايدات السياسية، بل ستكمل عملها حتى جلاء الحقائق وليتحمل الجميع مسؤولياتهم ».
مجلس الدفاع
في هذه الأثناء، انعقد المجلس الأعلى للدفاع، أمس، برئاسة الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا، حيث عُلم أن قادة الاجهزة الأمنية عرضوا معطياتهم ومعلوماتهم حول ما جرى، والمح بعض الوزراء المعنيين الى وجود شبكة ارهابية، سبق ان تم توقيف بعض اعضائها قبيل الاحداث التي اندلعت، مشيرين الى أن هناك متابعة امنية وقضائية حثيثة للموقوفين، في موازاة قرار بالتشدد في ملاحقة كل المخلّين بالأمن، على أن يُحال الموقوف شادي المــــولوي صباح اليوم الى القضاء المختص لمتابعة التحقيق معه واتخاذ القرار اللازم بحقه. وعلمت «السفير» أن مداولات المجلس الأعلى للدفاع تناولت الجهد الأمني المبذول لمنع تحويل لبنان الى ساحة متلقية للأحداث في سوريا، وللحؤول دون استغلال الانشغال العسكري والامني بتطبيق سياسة الحكومة بالنأي بالنفس عن الاحداث في سوريا، للعبث بأمن الوطن والمواطن في الداخل. ووفق المعلومات، «كانت التوجيهات الرئاسية واضحة وصارمة بعدم التهاون مع اي كان، ورفض الخضوع للضغوط مهما كانت تجلياتها، كما جرى التشديد على وجود قرار وغطاء سياسيين كاملين للاجهزة العسكرية والأمنية للقيام بمهامها الوطنية من أجل قطع دابر الفتنة ومنع استباحة الامن الوطني». واكد مصدر رسمي لـ«السفير» انه بالنسبة الى أحداث طرابلس فان القرار حازم ببسط سلطة الدولة، والتعليمات صريحة بإلقاء القبض على المسلّحين المتورطين في الاحداث وسوقهم الى القضاء المختص، ولا خيمة فوق رأس احد، خصوصا ان هناك صورا فوتوغرافية وتلفزيونية للمسلحين، اما التذرع بمسؤولية الامن العام عــــما جرى، فهذا كلام مردود على مطلقــــيه ذلك أن هذا الجهاز كان يقوم بواجباته».
شربل... والحسم
من ناحيته، قال وزير الداخلية مروان شربل لـ«السفير» بعد انتهاء اجتماع المجلس الاعلى للدفاع إن « القرارات حاسمة وسيتم التعامل بجدية مع الوضع، لكن من دون إراقة دم اذا امكن، وسنصل الى نتيجة ان شاء الله، والمهم أن اسماء المتسببين بالاحداث معروفة وموجودة لدى الاجهزة الامنية، ويفترض ان يتحرك القضاء من اجل متابعة الامور ».
الصفدي... و«الامن العام»
واعتبر الوزير محمد الصفدي «انه جرى استغلال صيتنا في مساعدة الناس ما ادى الى حصول المشكلة (توقيف المولوي)، وانا رفعت دعوى على الامن العام»، مؤكدا انه «سيكون هناك عقاب لكل من اخطأ».
اجتماع طرابلس
على خط مواز، عقد ميقاتي اجتماعا مع نواب طرابلس وفعالياتها، أسفر عن اتفاق على 4 نقاط هي:
ـ استنكار طريقة توقيف شادي المولوي، من خلال استدراجه الى مكتب تابـع للوزير محمد الصفدي.
ـ الاسراع بتحويل المولوي الى القضاء المختص لمتابعة التحقيق واجراء المقتضى.
ـ البت سريعا بلمف الموقوفين الاسلاميين لانه بمثابة قنبلة موقــوتة مرشــحة للانفجار دوما.
ـ الطلب من الجيش اتخاذ الاجراءات اللازمة والصارمة لضبط الامن ووقف التعديات، ورفع الغطاء السياسي عن كل المشاركين في الاشتباكات، ومنهم اشخاص ادعوا انهم يتبعون للرئيس ميقاتي الذين حصل على اسمائهم النائب محمد كبارة، فطلب ميقاتي فورا من مساعديه ابلاغ كل من يدعي انه محسوب عليه برفع الغطاء عنه وليتحمل مسؤولية اعماله. وإثر الاجتماع أكد ميقاتي أن «لعبة الشارع خطرة وذات حدين ويمكن ان تنقلب على الاخرين وعلى أمن البلد». وأكد انه ما من غطاء سياسي لأي مخل بالامن، واعتبر ان طريقة توقيف المولوي «مرفوضة ومستنكرة، أما في موضوع التهم الموجهة اليه، فنحن نريد من القضاء ان يكون الحكم ولا نريد ان نتدخل بعمله». واكدت اوساط المجتمعين ان كل الاطراف كانت متجاوبة مع ضرورة وقف التوتر، وخصوصا نائبي «المستقبل» سمير الجسر ومحمد كبارة، لانهما يريدان الا تخرج الامور عن السيطرة بوجود مسلحين غير معروفي الانتماء.
- السفير غسان ريفي: الرواية السياسية والميدانية لحادثة توقيف المولوي: 3 شهداء و19 جريحاً.. طرابلس تصرخ طلباً للأمن.. ولا من مجيب
دفعت طرابلس في الساعات الثماني والأربعين الماضية، أثمان جولة جديدة من العنف الذي يصيبها، «دورياً»، وتحديداً منذ العام 2005، كأنها صارت ساحة تصفية حسابات و«فواتير» سياسية، محلية وإقليمية، وفي كل مرة يخرج السياسيون والأمنيون بخطابات لا يمكن صرفها في رصيد مدينة تدفع كبير الأثمان في مجتمعها وناسها ونسيجها، على قارعة فلتان أمني أصبح خارج قدرة أحد على ضبطه. ما حصل في طرابلس، ليس مجرد تعبير احتجاجي على توقيف شاب من «التيار السلفي»، وليس نتاج اعتصامات متتالية للمطالبة بالإفراج عن الإسلاميين الموقوفين منذ خمس سنوات، بالرغم من أن هذين الأمرين ساهما في تقديم صورة متوترة عن المدينة خلال الأسابيع الماضية. ما حصل يؤشر الى أن الأزمة أعمق وأن الاحتقان أكبر مما يتصوره كثيرون، وأن الرصاص الذي استقر في أجساد الأبرياء، والقذائف التي أصابت مجدداً أملاك الناس وأضافت خراباً فوق خراب، كان الهدف منه إصابة استقرار المدينة. وإذا كانت الدولة قد حاولت أمس، كعادتها في مرات سابقة، استلحاق بعض هيبتها، فإن الخشية أن تكون اشتباكات طرابلس، مؤشراً لشيء أكبر، من حدود المدينة، إلا إذا أقنعت الدولة ناسها أنها قادرة على استرداد حضورها وأمنهم انطلاقا من طرابلس. الأسئلة كثيرة: هل توقيف «الأمن العام» أحد المواطنين، يتطلب كل هذا الكم من الحديد والنار وإزهاق أرواح الأبرياء؟ وهل توقيف شادي مولوي أو التضامن مع الشيخ طارق مرعي يستدعي كل هذا التحرك الهستيري من قطع طرقات وحبس مواطنين في سياراتهم لساعات طويلة؟ وهل ما يجري في طرابلس اليوم هو صراع أجهزة يستخدم الإسلاميون مجدداً وقوداً له؟ هل ما حصل هو تنفيس للتراكم الأمني والتوترات التي صبغت المدينة خلال السنوات الماضية، وإذا كان كذلك، هل تذهب طرابلس الى ما هو أبعد من ذلك؟ وهل من يسعى الى ضرب أبناء طرابلس بالمؤسسات العسكرية والأمنية؟ وهل يحضر مخيم نهر بارد ثان للمدينة؟ وهل المطلوب أن تتحول طرابلس الى منطقة عسكرية؟ لماذا الإصرار على تحويل طرابلس الى ساحة مفتوحة للتوترات الأمنية؟ ولماذا الإصرار على جعل العاصمة الثانية مسرحاً لتسديد الفواتير؟ ولماذا كلما أرادت جهة سياسية أن تصفي حساباتها مع جهة أخرى، لا تجد إلا مسرح طرابلس مفتوحاً لها؟ وهل ستبقى الرسائل السياسية مصبوغة بدماء الفقراء والأبرياء؟ لم تأت أحداث طرابلس من فراغ، ومن راقب أجواء المدينة في الأيام الأخيرة وما كان يجري في بعض الشوارع ليلاً ونهاراً، كان يدرك أن ثمة ما يحضر للمدنية. ولعل تكبير الحجم السياسي والأمني للحركات الإسلامية والسلفية تحديداً في المدينة في الآونة الأخيرة وإفساح المجال أمامها لأوسع تحركات في الشارع، لم يكن إلا عبارة عن رسم خارطة طريق لما هو أدهى من هذه الحركات والتحركات. ما جرى خلال اليومين الماضيين أعطى مؤشرات واضحة أن القيادات الإسلامية لم تعد تملك الأرض بشكل كامل، وأن بقاء الشارع على ما هو عليه يعني أنه بات خارج سيطرتها، وهذا ما ترجمه فشل الكثير من الاجتماعات التي عقدت والتي تعهد خلالها عدد من المشايخ بضبط الفلتان الحاصل في الشارع، فإذا بالأمور تتعقد أكثر فأكثر، بل وتتحول أحياناً إشكالات داخلية ضمن الاعتصام الواحد كما حصل في ساحة عبد الحميد كرامي أكثر من مرة. ثمة من يقول: إذا كان المشهد الذي خرج من طرابلس على مدار اليومين الماضيين يحرج نجيب ميقاتي كرئيس للحكومة أولاً وكابن طرابلس ثانياً، فإنه حتماً لا يربح خصومه، لأن السواد الأعظم من أبناء المدينة بات في حالة قرف شديد مما يجري ضمن ساحاته وأحيائه، كما أن الدفع المستمر في التحريض والشحن السياسي والمذهبي، سيؤدي خلال فترة وجيزة الى خروج الشارع حتى من أيدي السياسيين، فتصبح القيادة السياسة للمدينة مستقبلاً لأئمة المساجد، خاصة أن معظم السياسيين المحذرين من شيطان الفتنة، ما برحوا يطلقون المواقف التي تؤجج الشارع وتدفعه دفعاً الى آتون الفتنة! تقول المعلومات إن اتصالا ورد الى المدعو شادي المولوي وهو ينتمي الى «التيار السلفي» ومقرب من الشيخ سالم الرافعي، أبلغه فيه المتصل أنه يتحدث من مكتب الخدمات الاجتماعية التابع لمكتب الوزير محمد الصفدي وطلب منه الحضور الى المكتب لاستلام مساعدة مالية قدرها 750 ألف ليرة. وعلى الفور، سارع المولوي الى المكتب الكائن في ساحة عبد الحميد كرامي حيث يقام الاعتصام المفتوح لأهالي الموقوفين الإسلاميين، ولدى مراجعته مسؤول الصندوق أبلغه الأخير بأن لا، إسمه ليس موجوداً لديه، واستمهله للتحقق من الموضوع. عندها ورد اتصال ثان الى المولوي أبلغه أن الشيك بالمبلغ موجود مع شخص في مدخل المبنى، ولدى خروج المولوي من المكتب، فوجئ بعدد من عناصر الأمن العام الذين سارعوا الى إلقاء القبض عليه، ونقله بداية الى سرايا طرابلس ومنها مباشرة الى بيروت. سريعاً، نفى مكتب الصفدي، في بيان، علاقته بتوقيف المولوي، مستهجناً الطريقة التي اعتمدت في توقيفه، واستخدام اسم مكتب الخدمات الاجتماعية لاستدراجه. وطالب الصفدي بالإفراج فوراً عن المولوي، معتبراً أن «هذه التصرفات مرفوضة رفضاً تاماً وهي تشكل خرقاً للقوانين وللأعراف وللحرمات». وفور وصول خبر توقيف المولوي الى المعتصمين في ساحة كرامي، سارع المعتصمون في الساحة الذين كانوا يأخذون جانباً منها الى قطع كل الطرقات المؤدية إليها، وذلك الساعة الثانية والنصف ظهراً، لتتمدد أعمال القطع الى مستديرة نهر أبو علي والملولة والتبانة عند المدخل الشمالي لطرابلس، ومن هناك الى الزاهرية، وكورنيش النهر، صعوداً نحو القبة التي تقطعت أوصالها وصولا الى مجدليا ومنها نزولاً باتجاه أبي سمراء، حيث عمد الغاضبون الى وضع العوائق والحجارة وأشعلوا الإطارات في كل مكان، لتجتاح سماء المدينة سحابة سوداء. وتسبب ذلك بزحمة سير خانقة في المدينة وأمضى المواطنون ساعات في سياراتهم، وحاولوا سلوك طرق فرعية لكن من دون جدوى، وذلك حتى المساء حيث خلت شوارع المدينة للمحتجين الذين استمروا في حرق الإطارات. في حين رصدت بعض المظاهر المسلحة في ساحة عبد الحميد كرامي حيث حصل إشكال أمني بين عنصر من مخابرات الجيش وعدد من المعتصمين تخلله إطلاق نار، وتكسير أحد الأكشاك الذي تركز عليه كاميرات، كما أطلق محتجون النار على عامل سوري كان يحاول فتح الطريق في الزاهرية وأصابوه في قدمه. وتسارعت الاتصالات بين القيادات السياسية والأمنية والإسلامية لاحتواء الموقف والحؤول دون تطور الأمور الى ما لا تحمد عقباه، خصوصاً أن المحتجين كانوا في حالة هستيرية، وعملوا على مواجهة بعض دوريات الجيش اللبناني لا سيما عند مداخل التبانة، فيما أطلق مجهولون عيارات نارية باتجاه جبل محسن. وقد دعا مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار الى اجتماع في دار الفتوى حضره عدد من المشايخ وخلص الى استنكار الطريقة التي تم فيها توقيف المولوي، ودعوة الدولة اللبنانية لاتخاذ قرار نهائي ينصف الموقوفين الإسلاميين، ومطالبة المعتصمين بالتروي وعدم الانجرار وراء أية فتنة. لكن هذا الاجتماع لم يفض الى نتيجة إيجابية، فعقد اجتماع ثان في منزل النائب محمد كبارة ضم النائبين خالد ضاهر ومعين المرعبي، والمشايخ داعي الإسلام الشهال، كنعان ناجي، زكريا المصري، سالم الرافعي، بلال بارودي وأحمد المرعي. وانتقد المجتمعون «طريقة التوقيف، لا سيما أنها تمت في مكتب الصفدي». وأشاروا إلى «أن أهالي الموقوفين نفد صبرهم، ونفد صبرنا معهم»، وطالبوا بإطلاق سراح المولوي، واتهموا بعض الأجهزة الأمنية بأنها «تعمل لمصلحة النظام السوري». ولوحظ أن بعض المشاركين في الاجتماع زاروا المعتصمين في ساحة عبد الحميد كرامي، وأطلقوا خطابات حماسية سرعان ما أعادت الأمور إلى نقطة الصفر.
المواجهات المسلحة
وبعيد منتصف ليل السبت ـ الأحد، بدأت محاور مناطق التبانة وجبل محسن والقبة، تشهد ظهوراً مسلحاً كثيفاً في وقت كانت فيه الشتائم التي يطلقها الطرفان عبر الأجهزة اللاسلكية تشعل النفوس، وتترجم مناوشات خفيفة بالأسلحة الرشاشة. وعند الواحدة فجراً، حصل أول اشتباك بالرصاص بين أشخاص من محلة البقار وآخرين من جبل محسن، أدى إلى مقتل المواطن عيسى العلي بعدما أصيب في أذنه، الأمر الذي أثار حالة غضب عارمة في صفوف أبناء المنطقة. في المقابل، أكد مسؤول العلاقات السياسية في «الحزب العربي الديموقراطي» رفعت عيد أن العلي لم يقتل برصاص أبناء جبل محسن بل تعرض لنيران إثنين من أصدقائه عن طريق الخطأ، لتبدأ الاشتباكات تتوسع شيئاً فشيئاً حتى بلغت ذورتها الرابعة فجراً حيث شهدت محاور البقار، الريفا، الأميركان، الشعراني، حارة السيدة، الحارة البرانية، سوق القمح، وصولاً الى التبانة مواجهات عنيفة استخدمت فيها مختلف الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية (إنيرغا، ب7، ب10، وأربي جي). وتخلل ذلك أعمال قنص طالت الطريق المؤدية الى الملولة. وقد استمرت الاشتباكات حتى الساعة الثامنة صباحاً وكانت الحصيلة سقوط قتيلين هما: فيصل حسين من الجيش اللبناني، وكان عائداً من خدمته العسكرية، والمواطن محمد الدهيبي الذي أصيب خلال دخوله الى سوق الخضار قادماً من المنية، فضلاً عن إصابة عشرة أشخاص. وقد عمل الجيش قدر الإمكان للرد على مصادر النيران، لكن دائرة الاشتباكات كانت أوسع من قدرته على الاحتواء. واستمرت الاشتباكات متقطعة طيلة نهار أمس، حيث كانت تعنف تارة وتخفت تارة أخرى، وقد قام الجيش اللبناني بعدة محاولات للدخول الى المناطق الساخنة، وتعرض لإطلاق نار وبادر الى الرد على مصادر النيران، وأصيب إثنان من العسكريين. وعند الثانية عشرة ظهراً، عقد اجتماع في منزل النائب كبارة ضم عدداً من الشخصيات النيابية والعسكرية والدينية وكوادر التبانة، حيث دعا الشيخ مازن المحمد الى «ضرورة حماية الآمنين في المناطق التي تشهد اشتباكات»، مشدداً على دخول الجيش اللبناني بأسرع وقت، مؤكداً أن أهالي التبانة «على عهدهم في الرضوخ للقانون وفي مساعدة الجيش اللبناني على القيام بواجباته». كما طالب كبارة «الجيش بالتحرك السريع لوقف الفلتان الأمني الحاصل»، لافتاً إلى أن ثمة فتنة تحضر لطرابلس وعلينا أن نكون واعين وأن لا ننجر الى فتنة تقضي على البقية الباقية من العاصمة الثانية». بالتزامن، عقدت مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني اجتماعاً في مقر اللجان الأهلية في أبي سمراء ورأت «أن أوضاع طرابلس الأمنية تعيق أي حراك تنموي وتلحق أفدح الأضرار بأهلها وواقعهم الاقتصادي والاجتماعي الصعب، واعتبر المجتمعون أن ملف الموقوفين يجب أن يوضع على سكة المعالجة، وناشدوا المعتصمين إخلاء الشوارع».
ميقاتي: طريقة مرفوضة
عند الواحدة ظهراً، وصل الرئيس ميقاتي الى طرابلس وعقد اجتماعا في منزله ضم الوزيرين أحمد كرامي وفيصل كرامي، أحمد الصفدي ممثلاً الوزير محمد الصفدي، المفتي مالك الشعار، رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الشمال العميد عامر الحسن، ثم انضم الى الاجتماع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وعدد من المشايخ، حيث جرى التأكيد على أن الأمن خط أحمر، وضرورة معالجة كل التحركات التي تجري في المدينة. إثر الاجتماع أكد ميقاتي أن «لعبة الشارع خطرة وذات حدين ويمكن ان تنقلب على الآخرين وعلى أمن البلد بكل معنى الكلمة». أضاف: «سندعم القوى الأمنية والعسكرية في كل الإجراءات التي ستتخذها، وأؤكد أن لا غطاء سياسياً لأي مخل بالأمن، وهذا ما اتفقنا عليه مع كل القوى السياسية، وستتخذ إجراءات مهمة في الساعات المقبلة. كما سألتقي وزير العدل لأن لدينا نقاطاً كثيرة متعلقة بالقضاء، ونحن كسلطة سياسية نتحاشى الدخول في عمل القضاء والضغط عليه، ولكن نريد ان نفهم اين اصبحت بعض الملفات، وهل توجد تهم حقيقية، وأين اصبح التحقيق في قضية الموقوفين الإسلاميين». ورداً على سؤال قال ميقاتي: «الطريقة التي تم فيها توقيف المولوي مرفوضة ومستنكرة، اما في موضوع التهم الموجهة اليه، فنحن نريد من القضاء ان يكون الحكم ولا نريد ان نتدخل في عمله». ثم أعطى ميقاتي الكلام الى المفتي الشعار فقال: «إن الاعتصام سيرفع اليوم (أمس)» لافتاً الانتباه الى ان «الانفجار الأمني الذي حصل في المدينة هو ناتج عن احتقان مزمن مرتبط بملف الموقوفين الإسلاميين». وقال: «اذا احيل هؤلاء الى القضاء ستعود الأمور الى الهدوء والأمن والاستقرار»، مشدداً على انه «لا يمكن ان يتحقق الأمن الا اذا تحقق العدل»، واستنكر طريقة توقيف المولوي من قبل الأمن العام «لأنها شكلت إهانة لكرامة المواطنين ولكرامة الوزير الصفدي، وهذه الطرق من قبل بعض عناصر الأجهزة الأمنية لا يمكن السكوت عنها». غير أن الحديث بهذه الإيجابية عن فك الاعتصام كان مبالغاً فيه، وبدا واضحاً أن القيادات الاسلامية التي حضرت الاجتماع لم تكن قادرة على السيطرة على المعتصمين الذين رفضوا إخلاء الساحة، وحصل هرج ومرج وإطلاق نار خصوصاً عندما اشتبه عدد من المعتصمين بشخصين واعتدوا عليهما بالضرب، ولم تثمر المساعي إلا عند الساعة التاسعة من ليل أمس، حيث أعيد فتح الطرقات في الساحة. أما على محاور التبانة، القبة وجبل محسن فاستمرت الاشتباكات المتقطعة، واشتدت الساعة السابعة لنحو نصف ساعة على محور البرانية والبقار، في وقت حاول فيه الجيش اللبناني، بعد الاجتماع في منزل ميقاتي، فرض وقف إطلاق النار بالقوة حيث رد على مصادر النيران من أي جهة أتت، ونفذ دوريات راجلة ومؤللة، واستمر في محاولاته حتى ساعة متأخرة من الليل، بينما كانت الاشتباكات تشتد وتتراجع.
- اللواء بقلم منال زعيتر: مصادر وزارية رفيعة المستوى لـ «الـلواء»: الجيش اللبناني حاسم في موضوع السلم الأهلي ولن يسمح بالعبث بالأمن بأي ذريعة
مجدداً فرضت الأحداث الامنية التي شهدتها مدينة طرابلس الكثير من التساؤلات حول حقيقة المعادلة الامنية القائمة في منطقة الشمال، وأكدت مصادر وزارية رفيعة المستوى لـ «الـلواء» أن الوضع الأمني في منطقة الشمال دقيق جداً ويستدعي هدوءاً وروية من جميع الأطراف الحريصة على أمن لبنان واستقراره، وأضافت المصادر أن المطلوب اليوم هو الإلتفاف حول الجيش الذي يقوم بمؤازرة قوى الأمن في حفظ الأمن والإستقرار في البلد، جازمة أن الجيش اللبناني حاسم وحازم في موضوع الأمن والسلم الأهلي ولن يترك المجال أمام أي مخلٍّ للعبث بالأمن والاستقرار الداخلي تحت أي ذريعة.في وقت لفتت مصادر أمنية الى ان مجلس الدفاع الاعلى قرر تعزيز عناصر قوى الأمن بـ 120 عنصراً إضافياً كما تقرر ملاحقة كافة المتورطين في الاحداث الامنية قضائياً واصدار مذكرات توقيف بحقهم، اضافة الى ترك موضوع الموقوف شادي المولوي الى القضاء للبت بقضيته سواءً باصدار قرار بتوقيفه او بالافراج عنه.الا ان مسؤولاً سياسياً بارزاً ابدى تخوفه من خطورة الوضع الأمني في الشارع الطرابلسي فخلفيات التحرك الذي شهدته المدينة وإن جاء بحجة الاعتراض على كيفية القاء القبض على شادي المولوي.ويضيف المسؤول ان الجهات الرسمية اللبنانية لديها تخوف حقيقي من تفاقم الوضع في هذه المنطقة عاجلاً او آجلاً، مشيراً الى أن رئيس الحكومة وقائد الجيش اتصلا بمسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد لاستدراك أي ردة فعل قد تؤدي الى ما لا تحمد عقباه، نظراً الى أن هذه المجموعات تريد استفزاز جبل محسن من اجل توسيع رقعة الاشتباكات لخدمة مخطط تحويل الشمال الى منطقة عسكرية وأمنية خارج سلطة الدولة.
- السفير داود رمال: الأعلى للدفاع يثني على دور الأجهزة.. والصفدي يدّعي على الأمن العام
شكل الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للدفاع، بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، لمناقشة أحداث طرابلس، مناسبة من أجل وضع النقاط على الحروف على معادلة ثابتة مفادها ان الأمن والاستقرار في لبنان خط احمر والمساس به «من اكبر المحرمات» على حد تعبير مصدر رسمي لبناني. وجاء الاجتماع تتويجاً لإجماع وطني لبناني على رفض تعريض الأمن والاستقرار للخطر، عُبّر عنه من خلال مواقف علنية وسلسلة اجتماعات متلاحقة، خاصة في طرابلس، لمحاصرة الفتنة في مهدها عبر رفع الغطاء عن كل المخلين بالأمن. كانت الرسالة واضحة، يقول مرجع غير مدني، «اذ ليس هناك أحد في وارد تحويل الانقسام السياسي الى حالة من عدم الاستقرار الأمني الذي اذا لم يتم لجمه والقضاء عليه في مهده سينقلب وبالاً على الجميع ومن دون استثناء». وشارك في اجتماع المجلس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وكل من وزراء المالية محمد الصفدي، الدفاع فايز غصن، الخارجية عدنان منصور، الاقتصاد نقولا نحاس، الداخلية مروان شربل والعدل شكيب قرطباوي، كما حضر الاجتماع كل من قائد الجيش العماد جان قهوجي، مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير عام أمن الدولة اللواء جورج قرعة ومدير المخابرات في الجيش العميد ادمون فاضل. ووفق المعلومات الرسمية التي تلاها أمين عام المجلس اللواء الركن عدنان مرعب، «أثنى المجلس على الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية لضبط الأمن وتوقيف الشبكات الإرهابية وتحرير المخطوفين وضبط تهريب الأسلحة في كل المناطق اللبنانية، مؤكداً حرصه على صون السلم الأهلي في البلاد. كما شدد المجلس على تأمين الحاجات الملحة للجيش والقوى الأمنية لتمكينها من تنفيذ مهامها». وأبقى المجلس على مقرراته سرية وفقاً لنص القانون. وكان سبق الاجتماع لقاء بين رئيسي الجمهورية والحكومة تناول تطورات الأوضاع العامة والمستجدات في طرابلس. وعلمت «السفير» أن «مداولات المجلس الأعلى للدفاع ركزت على استعراض كل التطورات الحاصلة، ليس فقط من زاوية احداث طرابلس، إنما تجاوزتها الى كل الجهد الأمني المبذول لمنع تحويل لبنان الى ساحة متلقية للأحداث في المحيط، لا سيما سوريا أو لاستغلال الانشغال العسكري والأمني في تطبيق سياسة الحكومة بالنأي بالنفس عن الأحداث في سوريا من قبل المجرمين والإرهابيين للعبث بأمن الوطن والمواطن في الداخل». وتضيف المعلومات «ان المجلس استمع الى شروحات وتقارير مفصّلة من قادة الأجهزة العسكرية والأمنية عن الأحداث القائمة، لا سيما في طرابلس وعمليات تهريب السلاح الى لبنان وسوريا وتحرك بعض المجموعات الارهابية والعمل الجاري على توقيفها». ووفق المعلومات نفسها، «كانت التوجيهات الرئاسية واضحة وصارمة بعدم التهاون مع اي كان ورفض الخضوع للضغوط مهما كانت تجلياتها، كما جرى التأكيد على وجود قرار وغطاء سياسيين كاملين للأجهزة العسكرية والأمنية للقيام بمهامها الوطنية من أجل قطع دابر الفتنة او استباحة الأمن الوطني، خصوصاً بعد عمليات الاختطاف التي جرت لكاهن في البقاع ولمواطن في بلدة مزيارة، وقد تمكنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من إطلاق سراحه بعد مطاردة الخاطفين في جرود القمّوعة حيث قتل احدهم وجرح آخر، كما جرح احد العسكريين». وأكد مصدر رسمي لـ«السفير» انه بالنسبة لأحداث طرابلس فإن القرار حازم ببسط سلطة الدولة، ومن اوقف من المسلحين المشاركين في هذه الأحداث قد اوقف ومن لم يتم توقيفه فالتعليمات صريحة بإلقاء القبض عليه وسوقه الى القضاء المختص ولا خيمة فوق رأس أحد، خصوصاً أن هناك صوراً فوتوغرافية وتلفزيونية للمسلحين، اما التذرع بمسؤولية الأمن العام عما جرى، فهذا كلام مردود على مطلقيه، ذلك أن هذا الجهاز كان يقوم بواجباته». ولفت المصدر الانتباه الى ان «الاجراءات القضائية ستتابع مع الموقوف المولوي وكذلك مع آخرين ممن اخلوا بالأمن لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب وفق الإثباتات والقرائن والمعطيات المتوافرة». وشدد مصدر امني على «ان الاجهزة الامنية تقوم بتنفيذ القرار السياسي للحكومة، وللدولة هيبتها، وهناك إجراءات صارمة متخذة وستتخذ ولسنا بوارد التهاون في فرض الامن». وكان اللافت للانتباه ما أعلنه الوزير محمد الصفدي بعد الاجتماع «من انه جرى استغلال صيتنا في مساعدة الناس مما ادى الى حصول المشكلة (توقيف شادي المولوي)، وأنا رفعت دعوى على الأمن العام». وقال الصفدي انه «سيكون هناك عقاب لكل من أخطأ»، مضيفاً «المطلوب ألا يعبث أحد بالأمن في طرابلس»، وقال «ما حصل بين جبل محسن وباب التبانة أن شخصاً في القبّة اطلق النار بالخطأ وأصاب شخصاً آخر وقالوا إن الرصاص جاء من جبل محسن وبدأ إطلاق النار على الجبل، وهذا لا علاقة له بالوضع الأمني القائم في طرابلس وبموضوع قطع الإسلاميين للطرقات فهذا امر مستقل». وعما كان اذا كان اللواء عباس ابراهيم قدم ايضاحات خلال الاجتماع عن توقيف المولوي، اوضح الصفدي «ان الايضاحات من قبل اللواء ابراهيم موجودة ولكن كل العمل غير قانوني».
- الأخبار غسان سعود: طرابلس: نحو منطقة عازلة لـ«الثورة السوريّة»
..وهنا بقية الرواية: «شادي المولوي كان مجرد ذريعة لإيصال رسالة (أذاعتها منسقية تيار المستقبل في المدينة بوضوح لاحقاً)»، يقول أحد المطلعين على ما تشهده المدينة. ويروي المصدر عن تحرك خمس مجموعات انطلاقاً من الواحدة ظهراً بطريقة منظّمة: الأولى تخص الشيخ سالم الرافعي الذي انتقل من العمل الإسلامي في ظل تيار المستقبل إلى قيادة واحدة من أكبر المجموعات الإسلامية في طرابلس وأشدها تأييداً ودعماً (معنوياً أقله) لـ«الجيش السوري الحر». مجموعة الشيخ حسين صباغ. مجموعة عميد حمود التي باتت تضم غالبية المقاتلين المحسوبين على النائب محمد كبارة. مجموعة خالد ضاهر وفيها غالبية المقاتلين العكاريين الإسلاميين المقيمين في طرابلس. ومجموعة «الجيش السوري الحر» التي تتألف من عشرات المقاتلين السوريين الذين تكرر أخيراً ظهورهم علانية مدججين بالأسلحة في شوارع المدينة وخصوصاً في منطقة أبو سمرا.كان «الاحتجاج» على توقيف المولوي «حضارياً بامتياز» بحسب وصف عضو كتلة المستقبل النائب خالد ضاهر. تعني الـ«حضاري» هنا انتشار مئات المسلحين في مختلف أنحاء المدينة مدججين بالأسلحة الحديثة وأجهزة الاتصال. أما الـ«سلمي» عند النائب العكاري فيبدأ باستعراض الشباب جهوزيتهم العالية من أكياس الرمل التي تمترسوا خلفها في نقاط تماس جديدة، إلى الإطارات في شوارع المدينة، والدراجات النارية التي أتاحت للمسلحين التنقل بين الشوارع التي عزلت عن بعضها البعض بالإطارات المحروقة. (وتأتي صورة المؤسسة اللبنانية للإرسال للطفل الحامل سلاحه لتزيد من رمزية «الحضارية» و«السلمية»). وما يثير شك بعض فاعليات المدينة بالتحضير المسبق لـ«يوم الغضب الطارئ» هو ساحة الاعتصام التي جهزت مسبقاً هي الأخرى بخيمة نصبها الشيخ عمر بكري فستق قبل نحو أسبوع بحجة المطالبة بتسوية أوضاع الإسلاميين الموقوفين الذين لم يحاكموا بعد. هكذا، قبل مغيب الشمس، كان يمكن أهالي المدينة أن يشاهدوا من نوافذ شققهم تحول مدينتهم إلى ملعب، «نظيف» نسبياً، للمسلحين وبالتالي للمعارضة السورية، بعد فشل مساعي إيجاد مناطق عازلة في مكان آخر.بعد إحكام المسلحين سيطرتهم على المدينة، مترفّعين عن ملاحقة البعثيين والقوميين والعلويين كما جرت العادة، تناسوا أن توقيف الأمن العام للمولوي هو سبب احتجاجهم «العفوي». بدأوا، يتابع أحد الطرابلسيين، معركتهم الحقيقية، مع الجيش، محاولين ضرب آخر من يقف أمام استيلائهم الكامل على المدينة. هكذا بدأت المناوشات التي، رغم تنقلها بين عدة أحياء، حافظت على هويتها: جيش ضد مسلحين يوصفون في طرابلس بالسلفيين (مع العلم بأن بين السلفيين من يدين بشدة ممارسات كهذه). يذكر هنا أن لا علاقة للجيش بالموقوفين الإسلاميين الذين يشكل حقهم بالمحاكمة العادلة جزءاً أساسياً في تعبئة الرأي العام. فالمحكمة العسكرية بتّت غالبية ملفاتها العائدة لهؤلاء. أما المشكلة فتكاد تقتصر على ملفات من أوقفوا في عهدي فؤاد السنيورة وسعد الحريري، الموجودة لدى قاضي التحقيق العدلي، والتي يفترض بالقاضي سعيد ميرزا أن يسرّع آلية بتّها.وبالتالي، فإن المبررات الجدية التي تجمعت لدى بعض المتابعين الطرابلسيين لما شهدته المدينة تقتصر على نقطتين فقط: