28-11-2024 12:40 PM بتوقيت القدس المحتلة

جهات سعودية سلّحت ميليشيات في البحرين ونبيل رجب أزعج الملك والأميركيين فاعتُقل

جهات سعودية سلّحت ميليشيات في البحرين ونبيل رجب أزعج الملك والأميركيين فاعتُقل

4 شباط/ فبراير 2011 كان موعد البحرين مع حلم لم يتحقق إلى اليوم، ظنوا أن المنطقة تتجه في سيرورة تاريخية لن تعود بالشعوب إلى الوراء، فعزموا الولوج بهذا الإعصار غير آبهين بكل ما يحيط بهم من ظروف وتعقيدات

دوار اللؤلؤةو14 شباط/ فبراير 2011 كان موعد البحرين مع حلم لم يتحقق إلى اليوم، ظنوا أن المنطقة تتجه في سيرورة تاريخية لن تعود بالشعوب إلى الوراء، فعزموا الولوج بهذا الإعصار غير آبهين بكل ما يحيط بهم من ظروف وتعقيدات.. العين يومها كانت على ميادين تونس والقاهرة، ومشاهد تهاوي الامبراطوريات كانت تلمع في عيون الكثيرين. لم تنتظر السلطات البحرينية مطولاً، فبعد مضي شهر على انطلاق الحراك السلمي، فتحت المملكة أبوابها أمام جحافل وآليات "درع الجزيرة".. لم تصغ حينها إلى أصوات التعقل والحكمة.. أعطت الضوء الأخضر لبدء العملية الأمنية. ففُض ميدان اللؤلؤة من الجماهير.. وتم فرض حظر التجول وخلت الساحات إلا من رجال الأمن، فمنعت التظاهرات السلمية وضاقت السجون بالمعتقلين، وصدت مؤسسات وجامعات المملكة أبوابها أمام موظفين وتلامذة شاركوا في تظاهرات لم تخرج الا للمطالبة بالإصلاح.

عام مضى، تزايد خلاله الضغط الدولي على النظام والقبضة الأمنية بدت نفسها. ثلاثة أشهر مضت على الإضراب المفتوح عن الطعام للناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة، وأسرة الخواجة تؤكد أنه بين الحياة والموت دون أن يحرك ذلك ساكناً في ضمير أهل السلطة، والنظام متعنت: لا إفراج عن الخواجة ولا استجابة للمطالبات الأوروبية بترحيله إلى الدنمارك لتلقي العلاج.. ولم يكتف النظام بذلك، فسجن ابنة الخواجة بعدما اعتقل أصهرته، ومن ثم عمد إلى اعتقال ناشط حقوقي دولي آخر، وهو نبيل رجب. وعادت لغة التهديد والوعيد لتطال هذه المرة رأس الرموز الدينية آية الله الشيخ عيسى القاسم.

أحداث تراكمت.. قد لا يفهمها المتتبع للوضع البحريني دون أن يقارب وضع المنطقة ككل، رابطاً ما يجري بمصالح الخارج قبل الداخل. ما هو دور الخارج في كل ما يجري في البحرين.. ولماذا تجد السعودية نفسها متضررة من العملية الإصلاحية في البحرين؟ وماذا عن طرح فكرة الاتحاد بين البلدين وعن السطوة الأمنية التي يمارسها النظام في البلاد؟ وأين دور ما يُسمى بـ "الجناح المعتدل" في السلطة؟ لماذا تتعمد السلطات استفزاز الشارع؟ وكيف أزعج نبيل رجب الملك البحريني والأميركيين؟ أسئلة طرحها الموقع الإلكتروني لقناة المنار على الناشط البحريني وعضو منتدى البحرين لحقوق الإنسان باقر درويش.

جهات سعودية تسلح ميليشيات مدنية تابعة للنظام

الناشط الحقوقي باقر درويشيعتبر الناشط البحريني باقر درويش أن السعودية لا يمكن أن ترضى بأي عملية إصلاحية حقيقية وجذرية في البحرين، وأن السقف الأعلى الذي قد ترتضيه هو تحقيق تحسن إقتصادي محدود على حساب الحريات والحقوق، مؤكداً أن السعودية "لن تقبل برئيس وزراء منتخب في البحرين، كونها تخشى من إنعكاسات أي تحول ديمقراطي في البحرين على الداخل السعودي".
وفي حديثه لموقع المنار، أكد درويش أن في حوزة منتدى البحرين لحقوق الانسان معلومات عن تورط جهات سعودية في "تسريب السلاح إلى ميليشيات مدنية تأتمر بأوامر النظام البحريني"، مشيراً إلى دعوات قد أطلقتها عدد من الجهات الموالية للسلطة تطالبها بشكل صريح بتسليح بعض المجموعات؛ لأغراض طائفية وجهوية.

وحول انشاء اتحاد سعودي-بحريني، رأى درويش في الفكرة، غير المعلن عن تفاصيلها بشكل رسمي حتى الآن، دليلا واضحا على فشل الخيار الأمني المعتمد في المملكة. وأضاف أن الصيغة المتوقعة -بحال إقرارها- ستفقد الدولة شخصيتها الاعتبارية، وستتسبب بأزمة في المنطقة، مؤكداً أن الفكرة لا تحظى بغطاء قانوني أو شعبي وأن كلفتها ستكون خطيرة جداً، كونها ستفقد العائلة الحاكمة، وخصوصاً الجناح المعتدل منها، الكثير من النفوذ.

الأميركيون: اللاعب الأبرز

الأسطول الأميركي الخامس في البحرينوربط درويش كل ما يجري من أحداث بالمصالح الأميركية، معتبراً أن الإدارة الأميركية اللاعب الأساسي في المنطقة هي اللاعب الأساسي في البحرين.

"البحرين منطقة نفوذ أميركي، ونحن لا نصدق الأميركيين عندما يقولون أنهم لم يكونوا على علم بقرار دخول درع الجزيرة إلى البحرين"، قال درويش. وأكد أن "المباركة الأميركية لهذا التواجد العسكري الغير قانوني في البحرين قد أعطى السلطات البحرينية الذريعة لارتكاب الانتهاكات الممنهجة بشكل مروع".

وفي إشارة إلى مدى تأثير الأميركيين على توجهات وقرارات الأنظمة الخليجية، قال الناشط البحريني أنه في السابق "لم يكن لدى دول الخليج الجرأة للإعلان بشكل صريح أن هناك أسبابا أمنية لتأسيس مجلس التعاون الخليجي. اليوم يزعمون أن هناك تدخلاً خارجياً لتبرير قمعهم للربيع البحريني، والسبب في ذلك يعود إلى ارتباط كل ذلك بالسياسة الأميركية ومصالحها في المنطقة." ولفت أن التدهور الأمني الذي تسبب به الغزو الأميركي للعراق، لم يدفع حينها أنظمة الخليج للبحث في تطوير سياساتها الأمنية الخارجية، "بل على العكس كان هناك حديث عن انهاء درع الجزيرة، وهناك تصريحات للملك السعودي بهذا المجال، ثم كان هناك اقتراح عماني باعتماد جيش مشترك وتم رفض هذا الاقتراح، وبالمحصلة فإن تجربة مجلس التعاون هي تجربة بطيئة، إذ لم تتمكن أنظمة الخليج حتى الآن من تنفيذ الكثير من قرارات المجلس".

الأمير نايف بن عبد العزيز والجناح المتشدد

المقابلة مع باقر درويشوفي توصيفه لوضع السلطة القائمة في البحرين، أوضح الناشط البحريني باقر درويش أن هناك عقلية أمنية متجذرة في النظام البحريني، مميزاً بين جناحين: معتدل ومتشدد، الأول تتحكم به عقلية سياسية، فيما تسيطر الذهنية الأمنية على الجناح الآخر. وتابع شارحاً أن "تأثير الجناح المعتدل ضعيف في السلطة، وقد فوت الكثير من الفرص"، معتبراً أن على هذا الجناح أن يبادر لإيجاد حل سياسي حقيقي وجذري وعادل، وإلا فسيفقد الشعب ما تبقى من ثقة له به.

أما الجناح المتشدد، المتمثل برئاسة الوزراء والخوالد (وزيرا الديوان الملكي والدفاع)، فهو على حد وصف درويش الأكثر ارتباطاً بالمصالح السعودية وانسجاماً مع مواقفها من قضايا المنطقة، وهو على تماس مباشر مع النظام هناك وتحديداً مع الأمير نايف بن عبد العزيز، بحسب بعض التقارير التي أوردتها مواقع إخبارية أبرزها ما جاء في موقع "مرآة البحرين".
وربط الناشط البحريني بين التصعيد الأمني الحالي والاستهداف الذي تعرض له آية الله قاسم وبين التصريحات التي أطلقها الأمير نايف بعد عودته من رحلة علاجه. وأضاف أن التصعيد الأمني يحظى بغطاء سعودي وتفويض أميركي، إذ أن هناك قراراً أميركياً بالتصعيد الأمني متعلق بالملف البحريني وجملة من الملفات الاقليمية.

المقاومة المدنية السلمية هي الخيار

وجزم الناشط الحقوقي البحريني أن المطلوب لدى الحكومة البحرينية هو جرّ الشارع "إلى انفلات أمني يوازي انفلات الأجهزة الأمنية"، موضحاً أن خيار الشارع هو المقاومة المدنية وهو خيار شعوب الربيع العربي، باستثناء ليبيا. وعلّق على قضية الميليشيات المدنية، معتبراً أنها تأتي في سياق تدويل لهذه الظاهرة التي نشطت في العراق وباتت تنتشر في مناطق عدة، لافتاً إلى أن خيار المقاومة المدنية السلمية ليس فيه أي تنازل عن حق الدفاع عن النفس الذي يكفله الدستور البحريني والقانون الدولي.

وتابع أن النظام عمل على تطييف صورة الحراك أمام الرأي العالمي منذ انطلاقته، وقد دفع أمولاً طائلة لهذا الغرض وتواصل مع عدد من الجهات الاعلامية البارزة، "حتى بتنا نقرأ توصيفات كالأغلبية الشيعية، والمعارضة الشيعية وغيرها.. وكل هذا بهدف عزل البحرين عن عمقها الخليجي والعربي والإسلامي، والحديث عن وجود خصوصية بحرينية في ظل أحداث الربيع العربي".

وبيّن درويش كذب مزاعم السلطات موضحاً أن أول "معتقل رأي سياسي على خلفية الأحداث التي جرت في البحرين كان الشاب محمد البوفلاسة، وهو ناشط سياسي سني، كذلك أمين عام جمعية وعد ابراهيم الشريف" ، وأردف أن "أصواتاً سنية وليبرالية ووطنية شاركت في دوار اللؤلؤة، وكانت تعبر عن تضامنها مع الحراك، وأن هنالك مجموعة من العوائل السنية قد أرسلت موفدا إلى ميدان اللؤلؤة من أجل بحث اعلان تضامنها مع هذا الحراك، ولكن الضربة الأمنية والتهديدات والاعتقالات تسببت بتغييب هذا الحجم من التضامن والتأييد".

ثم أضاف: "المعارضة ليست في موقف بحاجة فيه للدفاع عن وطنيتها، الشعارات وطنية والأسلوب سلمي، ونحن نتحدث عن أغلبية سياسية يجب أن يكون لها حقها في المشاركة السياسية، وان يكون لها دورها المؤثر في التحول الديمقراطي الذي يرتضيه الشعب في البحرين".

نبيل رجب أزعج الملك فهدده وزير الخارجية

تهديد وزير الخارجية البحرينية لنبيل رجبوعن قضية اعتقال الناشط الحقوقي الدولي نبيل رجب، قال درويش: "نبيل أزعج الملك مباشرة، لأنه تحدث بشكل مباشر عن تورط الملك في الأحداث بالبحرين وفضح كافة الانتهاكات. ومما أثار استياء حاكم البحرين بشكل كبير أن الحديث كان أمام وسائل اعلام أجنبية، ما دفع بوزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة إلى تهديده بشكل مباشر، في حسابه على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، قائلاً: مش كل مرة تسلم الجرة فرد نبيل: هل هذا تهديد؟"

وأوضح أن النظام يريد إخراس هذا الصوت، كونه يشكل مصدر إزعاج شديد لهم بسبب جرأته واستمراره في فضح انتهاكاتهم. وتابع أنه في التصور الأولي "فإن السلطات تريد أن ترجئ موضوع رجب إلى ما بعد المراجعة الدورية لملف البحرين في مجلس حقوق الانسان، وحتى ولو تم الإفراج عنه فمن المتوقع أن يمنع من السفر، موضحاً أن رجب يعكس حالة حقوقية متقدمة، ويزعج العائلة الحاكمة في البحرين تماماً كما يزعج الأميركيين"، نظرا للعلاقات التي تجمع رجب بجهات حقوقية دولية وأميركية، تمارس ضغوط على الإدارة الأميركية، من أجل وقف هذه الانتهاكات الممنهجة في البحرين.

وقال درويش إن الشارع البحريني يعتبر أن  الإدارة الأميركية هي المسؤول الأول عن استمرار اعتقال الخواجة، لكون البحرين تقع في منطقة نفوذ أميركي، ولأن الأميركيين يتابعون الملف عن كثب وبشكل يومي، ويمارسون دوراً داعماً للسلطات البحرينية في كافة الملفات العالقة. وأضاف أن الدبلوماسية الأوروبية لا سيما الدنماركية اهتمت بالقضية ولا زالت تلاحقها، كاشفاً أن السلطات وعدت السفير الدنماركي قبل فترة بالإفراج عن الخواجة، وقد طلب السفير من الخواجة أن يتوقف عن إضرابه عن الطعام، إلا أن الخواجة لم يمتثل لذلك مبرراً أنه لا يثق بوعود السلطات، التي سرعان ما تنكرت فيما بعد لوعدها.

واعتبر أن السلطات لا تأبه لموت الخواجة، بل أنها تتمنى موته لأنه مزعج للنظام، كاشفاً أن "الجناح المتشدد يتوقع أنه بمقدوره امتصاص ارتدادات وفاة الخواجة خلال شهرين، ما يعني أن  هناك نية لارتكاب جريمة القتل العمد".

وحول ما يعد له منتدى البحرين لحقوق الانسان، قال درويش إن تقريراً يحضر عن انتهاكات أبناء الملك حمد ناصر وخالد، بعد شكاوى عن قيامهم بتعذيب مواطنين بالتحديد في المفارز الأمنية وداخل السجون، مذكراً بأن ناصر متهم بتعذيب الشيخ محمد حبيب المقداد. وأضاف أن التقرير أخذ بإفادات وشهادات، ليتم تحريك القضية في عدد من المحاكم الدولية، مؤكداً أن المنتدى سيعمل على كسر سياسة الإفلات من العقاب التي كرسها النظام في البحرين على مدى العقود المنصرمة.