يروي مصدر دبلوماسي فرنسي سابق يشغل حاليا منصبا مهما في إحدى الجامعات الفرنسية وملم بأوضاع رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون أن الأخير يعتبر انخراطه في المعارضة السورية مسألة مصلحة شخصية قبل كل شيء
يروي مصدر دبلوماسي فرنسي سابق يشغل حاليا منصبا مهما في إحدى الجامعات الفرنسية وملم بأوضاع رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون أن الأخير يعتبر انخراطه في المعارضة السورية مسألة مصلحة شخصية قبل كل شيء.
ويضيف المصدر الفرنسي أن تفكير غليون بسيط في هذه المسألة وهو أنه بلغ 67 عاما وأمامه فرصة أن يصبح رئيسا لسوريا أو على الأقل رئيسا للوزراء. ويقول المصدر الفرنسي أن هذا هو السبب الأساس عند غليون مضيفا انه بطلب من حركة فتح التي انتمى لها في باريس، كان غليون يحرص حتى 17 نيسان 2010 على إبقاء الجسور مفتوحة مع السلطات السورية حيث كان يدعى بانتظام لاحتفالات السفارة السورية لعيد الجلاء والمركز الثقافي السوري في باريس .
وفي السوربون التي دخلها بدعم من العراقيين وقتئذ، كان يعاني داخل الجامعة من منافس له سوري الجنسية كان يريد إزاحته والحلول مكانه لذلك كان غليون بعيدا كل البعد عن أي عمل مع المعارضة السورية حتى لا يحرك عليه منافسه السوري إدارة الجامعة وذلك بسبب قانون الجامعة الفرنسية الذي يمنع الأساتذة فيها من التحزب في السياسة آو العمل السياسي العلني. وضع غليون حاليا في الجامعة ممتاز بسبب التأييد الكبير له فيها لأنه يخدم المصالح الفرنسية يقول المصدر الدبلوماسي الفرنسي، مقرا أن آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي السابق تدخل شخصيا في الانتخابات قبل الماضية لإعادة انتخاب غليون رئيسا للمجلس الوطني وقد هددت فرنسا بالانسحاب من كامل اللعبة إذا لم يبق الثنائي برهان غليون-بسمة القضماني في رأس المجلس الوطني كونهما يمثلان فرنسا مباشرة فيه. ويستطرد الدبلوماسي قائلا لا شك أن ذهاب جوبيه من وزارة الخارجية سوف يضعف غليون في رئاسة المجلس الوطني السوري وسوف يؤدي إلى خروجه من الرئاسة .
من كلام الدبلوماسي الفرنسي الأخير تتضح معالم الرفض لإعادة انتخاب غليون، فالرجل فقد السند الفرنسي الرسمي بذهاب آلان جوبيه من وزارة الخارجية، وقد أتى انتخابه من قبل جماعة الإخوان المسلمين تحديدا وبعض من لا صوت لهم مثل بسام إسحاق و عبد الأحد صطيفو لتغطية التصويت الإخواني له بعضوين أو ثلاثة من المسيحيين، كونه ساعدهم في السيطرة على مفاصل المجلس وشكل الواجهة العلمانية التي أمنت لهم الدعم الغربي ونفت عنهم تهمة احتضان المتطرفين، غير أن إعادة الانتخاب هذه لم ترق لمؤسس حزب الشعب المعارض رياض الترك صاحب نظرية (الصفر الاستعماري) والذي يعتبر نفسه أكثر من ساعد الإخوان المسلمين فإذا به يتعرض للغدر من قبلهم ومن قبل غليون شخصيا في عملية انتقال الرئاسة دوريا كل ثلاثة في المجلس الوطني السوري.
أوساط سورية مرتبطة بالمجلس الوطني السوري تروي غضب رياض الترك وتحريكه لجان التنسيق المحلية في وجه إعادة انتخاب برهان غليون للمرة الثالثة بالقول أن رياض الترك هو الذي ضغط من أجل انتخاب غليون رئيسا للمجلس الوطني عند تأسيسه وهو الذي سحب غليون من هيئة التنسيق الوطنية بعد أن عمل ضمن تشكيلة مؤسسيها بداية الأمر، وتضيف الأوساط أن الاتفاق كان أن يأتي غليون دورة ثلاثة أشهر ومن بعدها يترك المنصب لرجل من حزب الشعب يختاره رياض الترك وبناء على هذا الاتفاق قام رياض الترك بإخراج المعارض جورج صبرا من سوريا قبل انتخابات شهر شباط الماضي تاريخ انتهاء ولاية غليون الأولى، غير أن التدخل الفرنسي القوي والمباشر أعاد غليون إلى المنصب مرة ثانية وبلع رياض الترك الهزيمة مرغما، غير أن الحال تغير في الانتخابات الأخيرة، لكن موقف الإخوان ودعمهم لغليون أثار غضب رياض الترك الذي يملك نفوذا كبيرا في لجان التنسيق المحلية عبر رزان زيتون وغيرها، كما انه يتواصل مع عمر إدلبي المنتمي سابقا لحزب العمل الشيوعي ويعمل في منطقة لسمير جعجع حسب مصادر معارضين سوريين، وبناء على موقف الإخوان هدد الترك عبر لجان التنسيق بالانسحاب من المجلس في حال لم يخرج غليون من الرئاسة ويتم انتخاب غيره..
الموقف السعودي الرافض لمسيحي..
وترجع الأوساط السورية المرتبطة بالمجلس الوطني موقف الإخوان المسلمين المؤيد لغليون إلى رفض سعودي كامل لتولي مسيحي منصب رئيس المجلس الوطني، وتشرح الأوساط نفسها الخضوع الكامل لجماعة الإخوان المسلمين للقرار السعودي بالقول أن السعودية هددت بوقف كل تمويل للمجلس الوطني وبسحب الاعتراف به وتغيير سياستها منه إذا لم تكن لها الكلمة المسموعة والقرار الكبير في المجلس وهذا ما فهمه برهان غليون الذي لم يخالف مواقف وزير الخارجية السعودية أبدا وحاول إظهار مسافة بينه وبين قطر مراعاة للسعودية. بل واستجدى السعودية في أكثر من مناسبة أصبحت معروفة وكان وراء إعلان شكر وتقدير للملك ونايف ولي العهد في صحيفة الحياة.
البحث عن دور المفاوض الوحيد في أية تسوية مع النظام..
لقد أظهرت الأزمة المستفحلة داخل وحول مجلس اسطنبول حجم الأخطاء السياسية التي رافقت ولادة هذا الجسم العجائبي الذي أريد له تغطية عمل عسكري يسقط النظام خلال شهرين اوثلاثة.
ولكي تصبح المعارضة السورية مثل الليبية كان من الواجب:
- التشكيك بمعارضات الداخل مهما كان لونها وطعمها وخطها، لأن هذه المعارضات لا تخضع لضغوط خارجية بل تشتكي أن ضغوط النظام عليها اكبر .
- صناعة مؤسسة مقبولة الوجه دوليا يختبئ وراءها السلفيون والإخوان.
- البحث عن اسم مقبول يشكل غطاء دوليا وقد تم تسويق غليون خلال شهرين ليلعب هذا الدور.
وضمن عملية المراوحة وعدم حماسة الغرب لخوض حرب في سوريا ، تبرز رغبة لدى جماعة الإخوان المسلمين بالتخلص من أي تأثير للعلمانيين في المجلس الوطني وغيره وذلك في سعي للإنفراد بقرار المعارضة والتواجد كطرف وحيد ممثل لها في أية تسوية قد تحصل في سوريا بعدما تأكدت الجماعة أن لا تدخل أطلسي في سوريا على الطريقة الليبية وأصبح لديها قناعة تامة بالموقف التركي الذي لن يخرج عن حدود المواقف السياسية العدائية للنظام في سوريا، خصوصا أن الجماعة تعتبر الإسلام السياسي الجسم الأكبر والأقوى على الأرض وهو الذي يدير عمليات المسلحين ويتولى كوادرها ومقاتلو السلفيين حرب العصابات ضد الجيش السوري وهو المسؤول مباشرة عن غالبية العمليات الانتحارية في سوريا وبالتالي فهو صاحب الحق الوحيد في تمثيل المعارضة في حال حصول تسوية مع النظام، وقد أتى توقيف الباخرة لطف 2 ودخول الدولة اللبنانية بقوة بعد ذلك على خط شمال لبنان ليزيد قناعة الجماعة بوجود اتفاق أمريكي روسي بمكان ما يمنع أي تدخل عسكري غربي في سوريا.
لكن المجلس الوطني الذي شكل غطاء وقبعة طيلة الفترة الماضية تمر به عاصفة وجودية قد تقضي عليه وتعيدهم سياسيا إلى اللعب في العراء دون غطاء سياسي جبهوي وعلماني ، أي كإسلاميين الأمر الذي يفقدهم كل العلمانيين والأقليات ويجعل الغرب يراجع سياسة الدعم لهم .
وبينما يقول القطريون لهم انتظروا بضعة أشهر ريثما تحصل الانتخابات الأمريكية، يترقب الإخوان المسلمون في سوريا ومعهم تركيا والسعودية نتائج مباحثات يوم 23 أيار الحالي بين إيران و دول 5+1 في بغداد حول البرنامج النووي الإيراني وبناء على نتائجه تحدد أمور كثيرة في سوريا.