برزت اشكالية المثقف والسياسي لأننا ما زلنا نعيش اشكالية كبيرة في المفهوم وفي الممارسة حول العلاقة ما بين الثقافة والسياسة اذا أردنا وضع حل لهذه الأشكالية لا بد من وجود تكافل واضح بين المثقف والسياسي
لا شيء يولد من العدم ولا شيء يقوم من الفراغ , إنها معضلة عمرها عمر تاريخ البشر والعقل البشري بالذات حل للانسان القديم مشألة قيام الكون من لا شيء باختراع فكرة الالهة ثم توصل الانسان تدريجيا الي الايمان بالله الواحد القادر علي كل شيء خالق السموات والارض. اذا العقل الخلاق هو القادر علي صنع البدلئل وتجهيز الطروحات وارساء القواعد من خلال هذه الكلمات نعتقد ان المتهم دائما باستخدام العقل اكثر هو المثقف الذي يقف طويلا امام أي حدث صغر أم كبر ماضيا وحاضرا ومستقبلا موقف التأمل والتفكير ومصارحة مع الذات واصغاء للمنطق واستخدام العقل يتعقب فيه الجذور والاسباب والخلفيات ويرصد الحاضر وامكانياته وعوامله وعلاقاته وموازينه وقدراته وينظر الي المستقبل من خلال خطة استراتيجية مدروسة .
نحن اليوم أمام أحداث وتقلبات جسام القليل منها لصالحنا لذلك نريد أن نوجهها مواجهة مسئولة ويقظة وواعية وهادئة وموضوعية وكل نسهم في البحث عن حلول سلوك السبيل الأفضل وألأنسب وألأكثر عملية وفعالية نحو تحقيق الهدف والقدر الأكبر من الهدف بحيث نخفف من الأثار السلبية لهذه الاحداث قدر المستطاع.
من هنا برزت اشكالية المثقف والسياسي لأننا ما زلنا معا نعيش اشكالية كبيرة في المفهوم وفي الممارسة حول العلاقة ما بين الثقافة والسياسة اذا أردنا أن نضع حل لهذه الأشكالية لا بد لنا من وجود تكافل واضح بين المثقف الملتزم من جهة والسياسي الذي يؤمن بالثقافة والمثقفين من جهة ثانية وبمعني انه يجب اعطاء المثقف دورا مناسبا وحرية كاملة لان يقول ما لديه وعلى السياسي أن يأخذ بذلك .
وهنا أنا لا اقول انه علي المثقف أن يدير العمل السياسي لأنه قد يكون أمام السياسي معلومات وصور واضحة أكثر مما هي لدي المثقف في بعض الامور ,وليس مطلوبا من السياسي أن يكشف كل أوراقه للمثقف في قضية ما اذا قامت هذه العلاقة أعتقد أنه سيتم تفادي كثير من الاخطاء لذلك علي المثقف أن يشعر بالمسئولية كما يشعر السياسي بمسئوليته وعلي السياسي أن يفسح في المجال أمام المثقف لأن يدخل الساحة ولا يفارقه ويعطيه اطمئنانا بأنه أي السياسي يحترم أحكامه ويريد أن يسمعه .
من هنا يبرز النقد والنقد الذاتي والمجال الواسع للفكر في ابداء الرأي لذلك ما يحتاجه النقد والنقد الذاتي الي عنصرين :
الأول :- العنصر البشري , أي أشخاص لديهم القدرة والجراءة علي القيام بالنقد ومواجهة نتائجه بما في ذلك غضب الذين سيطالهم هذا النقد .
والثاني :- هو شيء من الموضوعية حتي لا يتحول النقد الي اتهامات أو تجريح بحيث يجب علي الناقد أن يتذكر دائما أن هدفه هو الوصول الي الافضل وليس الطعن بالاخرين أو المنافسين .
اننا نعتقد أن أي بنيان سيقوم سيكون فاشلا وسينهار طالما أنه ليس قائما علي أساس النقد والنقد الذاتي كما وأن أي بنيان سيكون ضعيفا وسيجني علي نفسه اذا لم يجعل للمفكرين المثقفين مكانا في ادارة العمل السياسي بحيث يكون المثقف جنبا الي جنب مع السياسي .
المعركة اليوم هي معركة العقل ,الذي يعالج المشاكل بوعي وفهم ويضع الخطط و المشاريع المجابهة بفاعلية وموضوعية ,والعقل الذي يحول التربية والتعليم من تعليم للحصول علي شهادات الي بناء الثقافة العملية الصحيحة القادرة علي مواكبة تقدم العلم في العالم وعلي الاسهام في هذا التقدم حتي نصل الي التخطيط والتفكير الذي لا يعطل ويبحث ويحلل ويعالج الأمور بشمولية وعمق ليأخذ زمام المبادرة ويطرح نفسة بحزم وعزم وثقة مع شفافية ولا يكتفي بأن تكون المواقف دائما بردود فعل عاطفية ومتسرعة لأحداث يبادر بها الاخرون .
وهنا ليس القصد من استعمال العقل والعقلانية هو أ، نعري أنفسنا وتجاربنا وشعاراتنا تعرية كاملة ونقول لا يصح الا الصحيح . ولعل الجرأة مطلوبة هنا للتخلي عن وسائل ومفاهيم سابقة ربما كانت تلائم معارك الماضي ولم تعد كذلك الان وفي المستقبل أو ربما كانت لا تناسب الماضي ولكننا مع هذا مارسناها خطأ.
من هنا يكون المربي والعالم والاستاذ والمحلل والباحث هو اساس القرار وهذا ليس ببعيد عنا وهو منغص لحياتنا ومكدرها (اسرائيل ) التي لم تتغلب علي العرب بمجرد وجود قوة نارية متفوقة ولا اموال متدفقة ولا حاضنات دولية محملقة , بل نجحت لأنها تستخدم العقل في كيفية أستعمال واستخدام ما سبق لان العقل يعرف كيف يستخدم الأموال الصداقات والقوة, أيضا في كيفية الأخذ بزمام المبادرة وما نعتقده هو أن القوة المجردة من العلم كالثروة المجردة من التخطيط كالعاطفة المجردة من الحكمة كلها قوي لا نفشل في استعمالها فقط بل هي تنقلب علينا وتستخدم ضدنا في معظم الأحيان .
لهذا فجماهير شعبنا طيبة فيها عفوية وصدق وحس سليم ولكن المهم من يحرك فيها الشر ام الخير فالذي يتقن لعبة التعامل معها وتوجيهها وتنمية مكامن الخير فيها أو تقييدها وتفريقها .هو الذي يقرر دور الجماهير في فرض حكم أصلح أو أسوأ.
علي هذا الأساس نعتقد أن التاريخ ليس دائما معنا ومقولة الانتصار للحق دائما ليست دقيقة .في بعض الاحوال يكون التاريخ والنصر للحق الي جانبنا فقط حين نعمل بالعقل والتفكير والتدبير ..
بقلم اسامه مبارك/ خاص لموقع المنار