24-11-2024 11:38 PM بتوقيت القدس المحتلة

فضل الله: نعمل لمواجهة الفتن المذهبيَّة والطائفيَّة في الداخل والخارج

فضل الله: نعمل لمواجهة الفتن المذهبيَّة والطائفيَّة في الداخل والخارج

‫أقامت جمعيَّة المبرات الخيريَّة في أستراليا حفل عشائها السنوي برعاية العلامة السيد علي فضل الله، وذلك لمناسبة ولادة الإمام علي(ع).

‫أقامت جمعيَّة المبرات الخيريَّة في أستراليا حفل عشائها السنوي برعاية العلامة السيد علي فضل الله، وذلك لمناسبة ولادة الإمام علي(ع). وقد حضر الحفل، الذي يعود ريعه إلى أيتام الجمعيَّة ومؤسَّساتها في لبنان، حشد كبير من الجالية اللبنانيَّة والجاليات العربيَّة والإسلاميَّة في مدينة سيدني، وكانت كلمات لكل من الحاج مصطفى حسن ممثل الجمعيَّة في أستراليا، ومدير العلاقات والتكفل في الجمعية (لبنان) الحاج جعفر عقيل، وإمام مسجد الرحمان فضيلة الشيخ يوسف نبها، وعضو مجلس النواب في ولاية "نيو ساوث ويلز" الأستاذ شوكت مسلماني.

فضل الله :
السيد علي فضل اللهوألقى العلامة السيِّد علي فضل الله كلمةً جاء فيها:
نلتقي بكم في هذا اليوم لنتابع معاً مسيرةً طويلةً من العطاء والبذل؛ مسيرةً لم تبدأ اليوم ففيها الكثير الكثير من المحطات التي جمعت بينكم وبين السيِّد(رض)، الَّذي عاش معكم كل أحلامكم وطموحاتكم وعشتم معه فكراً وعملاً وهو يسعى من أجل الإسلام؛ إسلام رسول الله(ص)، من أجل أن يبقى خط أهل البيت(ع) على أصالته ونقائه وصفائه لنصل به إلى ما يتجاوز حدود المكان والطوائف والمذاهب والأوطان من أجل أن يكون الإنسان، كلّ الإنسان، عزيزاً حراً كريماً، فكان كل هذا الهم همه وعنوان حياته...
أضاف: ‬لقد رحل‮ ‬السيّد ‬والأمانة التي نحملها وسوف نبقى نحملها معاً ‬لا تزال ‬بخيرٍ ‬وفي‮ ‬أيدٍ‮ ‬أمينة، فالمؤسَّسات مستمرة في العطاء، والأيتام والفقراء يُحفظون بأهداب العيون، ومشاريع الخير التي كان يطمح(رض) أن تشاد ها هي تُبنى...
وتابع: لقد حرص سماحة السيد(رض) طوال حياته على أن لا يجمع من حوله أتباعاً يأمرهم فينفذون، بل شركاء يتشارك معهم الرأي والخطة والهدف، ويشاركونه همّ المسؤولية ويتابعونها بالروح والهمّ والشفافية والمنطلقات نفسها...


وقال: في الدرجة الأولى، إننا نريد لهذا المسجد؛ مسجد الرحمان، أن يكون موقعاً رائداً ومميزاً للعبادة بما تمثّله العبادة من ضرورات أخرويَّة ودنيويَّة؛ أخروية توصل الإنسان إلى رضوان الله وجنته، تبعده عن أثقال الدنيا وآثامها، وما أكثرها هذه الأيام، ودنيوية توصله بالآخرين، تفتح لهم جسور التواصل، تجمعهم، يتفقد بعضهم بعضاً، ويساعد بعضهم بعضاً، ويقوّي بعضهم بعضاً، فيكونون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر...
نريد لهذا المشروع أن يزيل الحساسيات من النفوس حتى لأقل سبب، أن يجمع ولا يفرق، كما هو المسجد الذي أراده رسول الله(ص)، ونحن على ثقة بأن القائمين على شؤونه سيحملون هذه الروحية، بأن يكون مسجداً للوعي والانفتاح على الآخر كل الآخر، إذ لا نريد للمساجد أن تكون منغلقة على خصوصياتها، بل أن تبقى منفتحة على الإسلام والإنسان في الهواء الطلق.
وتابع مخاطباً الحضور: نشكر لكم كل ما تبذلونه، والذي سيبقى نقطة مضيئة ستتوارثها الأجيال تلو الأجيال، هذه سنّة الله، فالخير لن يموت ولن تنعدم الإنسانية من فاعلي الخير.. وشكرنا يكون غير مكتمل إن لم نلحظ البيئة المحتضنة لرواد الخير.. حيث أنتم ها هنا في أستراليا وطنكم الثاني الَّذي حملكم "وخير البلاد ما حملك".. قدِّموا لهذا البلد وفاءكم وحرصكم، ليس من قبيل التزام القانون والنظام فحسب، بل من قبيل رد الجميل...


كونوا أوّل الناس التزاماً بنظام هذا البلد ليس منّة بل واجباً.. لا تتهربوا من واجباتكم فهذا غير مقبول شرعاً ولا قانوناً.. ولا يُحللن أحد لنفسه أن يسيء إلى هذا البلد الذي تجدون فيه حرية التعبير عن إيمانكم وتجدون فيه استقراراً وعدلاً وأماناً، من حقه عليكم أن تحافظوا عليه وتسلّموه للأجيال القادمة بهذه الصورة الجميلة...
وتبقى نقطة نؤكدها والكثير منكم يحرص عليها، أنكم في بلاد المهجر تمثلون الإسلام فاحرصوا على صورته، فالآخرون من ناس وإعلام ومسؤولين يرون الإسلام فيكم.. قد نكون في بلداننا شوّهنا صورة الإسلام من خلال ممارسات خاطئة من سوء تنظيم وغياب عدل، فاحرصوا أنتم أن تضبطوا الصورة وتصححوها من خلال أخلاقكم العالية.. نافسوا بها غيركم وتفوّقوا عليهم.. كونوا دعاة للإسلام بغير ألسنتكم، ليروا منكم الصدق والورع، فإن ذلك داعية...


أمقام الإمام علي عليه السلاميها الأحبة: ونحن في الوقت الذي ندعو إلى الاندماج بالبيئة الحاضنة، علينا أن نتفاعل مع قضاياها ومشاكلها لا أن ننأى بأنفسنا عنها وننشغل فقط بدوائرنا الضيقة، علينا أن نعمل لنكون حاجة للآخرين، كل الآخرين، حتى نكون أقوياء وفاعلين في قضايا المسلمين الكبرى والأساسية، وعندما نتحدث عن الاندماج علينا أن نقول إن هذا الأمر سيف ذو حدّين، إننا نتحدث عن الاندماج بوعي وبالجرعات الضرورية، لأن الجرعات الزائدة قد تضر أو تودي بالشخص أحياناً، وخصوصاً إذا كان طري العود...
وتبقى أعيننا على أجيالنا الصاعدة، فالمسؤولية كبيرة ومضاعفة في حفظ هويتهم القيمية والإيمانية والثقافية.. افهموا أبناءكم، افتحوا قلوبكم لهم، لا تجعلوهم يعيشون الغربة معكم، ابقوا الحوار مفتوحاً بينكم وبينهم، فلا ينفع أن نربح حياة رخية ورزقاً ونخسر فلذات أكبادنا ببعدهم عن دينهم وإيمانهم وتاريخهم...


المطلوب تضافر الجهود في هذا الشأن، وعلى الواعين أن يفكروا بأفضل الأساليب، وأن يراجعوها باستمرار، وأن يتبادلوا النصائح والتجارب في ما بينهم لأن الانحراف لا يوفر أحداً...
وقال: أيها الأحبة، الشأن العام يعنينا جميعاً، ففي هذه الأيام تطفو على السطح مشكلة المذهبية والطائفية والفئوية، حيث نهدد بفتنٍ البعض يراها قريبة جداً.. نحن لن ندخل في الأسباب التي هي اجتماع عوامل عدّة متراكمة مظهرها ديني، ولكن جذورها تنبئ عن أنها سياسية بامتياز أو بسبب انعدام وعي وتخلّف وجهل... ما يعنينا هو كيف نتصدّى لهذه الفتنة التي لن تبقي ولن تذر.. فلننتبه إلى ردود فعلنا، إلى كلماتنا في المجتمع، وعلى مواقع الإنترنت، وفي كل مواقع التوجيه والتوعية، فلا نزيد الطين بلّة، ولتكن الكلمة المسؤولة هي الكلمة السواء، وذلك بتأكيد نقاط الالتقاء والحوار والانفتاح...


لهذا مسؤوليتنا ستبقى في بلادنا، وهنا وفي كل مكان يتواجد فيه المسلمون.. الوحدة الوحدة الوحدة.. لا تقبلوا في أن تصدّر لكم المشاكل التي نعاني منها في بلادنا، كونوا دعاة تواصل وتراحم حقيقي وليس شكلياً، فالشكل وحده لا يكفي، فالجمال إن لم يلامس الروح والجوهر فهو خادع لا بل سام ومؤذٍ.. امنعوا كل الذين يسعون للتفرقة، فالتفرقة مشكلة للحياة ومعيقة أينما حلّت، إنها مشكلة الماضي ولا نريدها أن تكون مشكلة الحاضر على مستوى الأفراد أو الطوائف أو المذاهب أو تفرعاتها.. الخلاف والاختلاف ليسا مشكلة بل قد يكونا مصدر غنى...


فلنتعلَّم من هذا البلد الآمن الهادئ المسالم والمنتج في آن، دروساً في الهدوء النفسي، لنعرف كيف نكون منتجين ومبدعين، ولنأخذ العبر من الحروب والفتن التي دمرت الحجر والبشر ولا نزال نعيش تبعاتها بكل تفاصيل حياة الإنسان في لبنان إذ لا نريد لها أن تتكرر...