يشعر القطريون أن الطرح الروسي الجديد لعقد مؤتمر دولي حول سوريا سوف ينعكس خطرا عليهم ويخرجهم من اللعبة بدخول الكبار فيها،
يشعر القطريون أن الطرح الروسي الجديد لعقد مؤتمر دولي حول سوريا سوف ينعكس خطرا عليهم ويخرجهم من اللعبة بدخول الكبار فيها، و فكرة هذا المؤتمر في الحقيقة ليست روسية كما ذكرت بعض الصحف اللبنانية ولكن الفكرة طرحت من قبل معارض سوري التقى دبلوماسيا كبيرا في السفارة الروسية في باريس قبل يوم من زيارة بوتين.
الروس تلقفوا الفكرة ويسوقون لها بينما تريد تركيا إعادة صياغة المعارضة السورية بما يناسبها عبر دعوات شخصية وجهت لأكثر من طرف في المعارضة السورية لزيارة اسطنبول بين 12 و 13 حزيران الحالي لعقد مؤتمر يعيد صياغة المعارضة السورية حسب شخصية سورية معارضة وجهت لها الدعوة. وهذا سوف يكون على حساب المجلس الوطني الذي تتمتع فيه قطر بنفوذ مقرر وعلى حساب قطر الصغيرة حينما يدخل الكبار، وهذا يجعلهم يكررون دون توقف جملة (الفصل السابع) التي أصيب مشايخ إمارة قطر بهوسها. فقد ذكرها يوم أمس الخميس أكثر من مسؤول قطري في عدة أماكن في العالم بدءا من حمد بن جاسم في باريس الذي كررها وكررها بشكل ممل، في نفس الوقت كان مندوب قطر في الأمم المتحدة يكررها، ودخل الديوان الأميري على الخط في تكرار الجملة هذا إذا ما استثنينا قناة الجزيرة التي تعيد الجملة على مدار الساعة.
في باريس لم يكن حمد بن جاسم على ما يرام، كان كالطير الجريح يستجدي الفصل السابع حتى لو شكليا، ذهبت عنه ملامح العنف ولم يتطاول على السوريين في كلامه كالقول (بلا لف ولا دوران). لم يحدد مهلا كما حصل في الجامعة العربية (أسبوع ، أيام) اقتصر كلامه على المطالبة بتحديد مهل، هو يطلب من الغرب ، لم يرفع أصبعه مهددا القيادة السورية بالويل والثبور وعظائم الأمور.
صبيحة اليوم الجمعة نشرت (لوفيغارو) في صدر صفحتها الأولى تقريرا بعنوان (سوريا : الدبلوماسية الفرنسية مستعدة للعب دور الانفتاح)، ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي قوله ( الحوار مع روسيا ضروري. إما نتخذ مقاربة صدامية سوف تؤدي إلى الفيتو، أو نتخذ مقاربة بناءة بالاستماع إلى موسكو وهذا ما يؤدي إلى عمل مشترك في سوريا).
في باريس التي تستضيف مطلع الشهر القادم مؤتمرا لأصدقاء سورية، التقى حمد بن جاسم بقيادة جديدة غير تلك التي عرفها وتعاون معها حربا واقتصادا وتمويلا، هو أتى إلى باريس بعد الرفض الفرنسي لدعوة وجهها أمير قطر للرئيس الجديد لزيارة الدوحة أتى ليجد أمامه تقريرا مخابراتيا نشرته صحيفة (لوكانار انشينيه) المقربة من دوائر القرار، يتهم مشيخة قطر بدعم القاعدة في مالي والساحل الأفريقي في تهديد مباشر لفرنسا تقول الصحيفة الفرنسية (في بداية هذه السنة أرسلت المخابرات العامة أكثر من تقرير إلى قصر الإليزيه حول النشاطات العالمية لأمير قطر، قال أحد التقارير أن كرم الأمير القطري ليس له مثيل وهو لم يتوان عن تقديم المال والسلاح للثوار في مصر وليبيا وتونس). وأضافت الصحيفة المقربة من أجهزة فرنسية (أن إدارة المخابرات العسكرية (د أر أم) التي تتبع قائد الأركان الفرنسي حصلت على معلومات مفادها أن الثوار في مالي يحصلون على تمويل قطري، وقالت الصحيفة أن حركة (أنصار الدين) وجماعة القاعدة في المغرب العربي وجماعة الجهاد في غرب أفريقيا حصلوا على دولارات قطرية).
لم يجد رئيس الوزراء القطري في فرنسا من هو مستعد لخوض الحرب على سوريا فالوضع هنا مختلف عنه في ليبيا، يعرف هو السياسة الحقيقية لفرنسا في هذا الموضوع. تفاصيلها في مقابلة وزير الخارجية ( لوران فابيوس) في مقابلة أجراها مع جريدة لوموند كبرى الصحف الفرنسية وأتى ليسمعها شخصيا. ما قاله فابيوس لا يحمل تأويلا ولا تفسيرا وكل التصريحات الإعلامية للرئيس الفرنسي الجديد تقليد للذين سبقوه في محاولة إظهار قوته ونفوذه في السياسة الدولية.
الموقف الرسمي الفرنسي حدده فابيوس في مقابلة لوموند بالقول (لحد الآن التحركات أظهرت عقبتين الأولى ظهرت في غياب التوافق في مجلس الأمن بسبب روسيا والصين، والثانية عسكرية: الجيش السوري قوي جدا وليس هناك دولة مستعدة لتصور عملية برية اليوم، إن خطر التمدد في المنطقة كبير خصوصا في لبنان).
إذن الجيش السوري قوي جدا ويعلم حمد بن جاسم أن الغرب عندما يزيد نسبة الصراخ ويرفع الصوت عاليا بكثافة فهو يفعل كونه غير قادر على فعل شيء آخر. ليس في يد الغرب بديل عن الصراخ والضغط الدبلوماسي الذي كان آخره طرد السفراء بعد مجزرة الحولة.
في الحرب جميع الغرب ينتظر القرار الأمريكي بينما يتم تلميع صورة أي حرب بمشاركة من هنا وهناك لا تؤخر ولا تقدم سوى إعلاميا ، لا أحد في فرنسا يعتقد أن فرنسا تخوض الحرب في أفغانستان بوجود أربعة آلاف جندي بينما يتواجد 120 ألف جندي أمريكي. يقول العقيد الركن السابق في الجيش الفرنسي (آلان كورفيس) في ندوة عقدت في باريس الأسبوع الماضي حول سوريا : فرنسا بدأت الحرب في ليبيا لكن المشاركة الأهم كانت من قبل أمريكا ، كنا نعتقد أن الحرب أربعة أسابيع فإذا بنا نفاجأ بسبعة أشهر في ليبيا التي لا تملك شيئا مقارنة مع سوريا. في سوريا الأمور تختلف وليس هناك من عاقل يمكن لها المغامرة.
في سوريا القرار أمريكي أولا وأخيرا بأي تدخل عسكري وأوباما غير مستعد لخوض أية حرب قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، فضلا عن ان الذي ترك العراق ويستعد لمغادرة أفغانستان لن يغامر بحرب في سوريا لا تعرف نتائجها مع وجود إيران والموقف الروسي الصيني المتشدد والأزمة الاقتصادية الخانقة.
ليست فرنسا وحدها من تخلى عن آل ثاني بريطانيا وأمريكا أيضا ليست بوارد خوض أية حرب ، هذه صحيفة (ذي غارديان) التي كانت من يسار الوسط ومن ثم تحولت إلى أفكار المحافظين الجدد وهي الصحيفة الأكثر تشددا ضد النظام السوري والتي تدعم تدخلا عسكريا لإسقاط الأسد تقول نقلا عن مصادر عسكرية أمريكية ( مصادر عسكرية أمريكية حرصت على شرح الفروق بين ليبيا التي هاجمها التحالف الغربي بحملات جوية وسوريا، في ليبيا تمكن الثوار من السيطرة على أسلحة ثقيلة بداية الأحداث وسيطروا على مناطق شاسعة عملوا انطلاقا منها. أي تدخل عسكري في سوريا سوف يكون أكثر صعوبة ، فالمواجهات منذ عام تحصل بغالبيتها في المناطق السكنية المعقدة والمتشابكة ، كما حصل مع إسرائيل في لبنان، في سوريا من السهولة الغرق في المستنقع).
لم تنفع مجزرة الحولة في تغيير المعادلة، ولن تنفع أية مجازر تفتعل في تغييرها. لم يستطع الرئيس الفرنسي تليين مواقف بوتين الذي كان قويا في المؤتمر الصحافي المشترك بين الرئيسين وفي بعض الأحيان كان فظا في كلامه (هل تعتقدون أن السعادة سوف تغمر سوريا غداة رحيل الأسد؟ أنظروا نتائج العراق وليبيا. اذهبوا إلى مصر وحددوا من سوف يكون الرئيس هناك انتخابات في مصر). كان الرئيس الروسي واصلا لتوه من برلين شريك باريس الأكبر في أوروبا وسندها الاقتصادي للخروج من الأزمة وبرلين أيدت موقف روسيا في دعم خطة كوفي عنان وأعلنت اعتراضها الصريح على تدخل عسكري في سوريا، هذا لم يمنعها في الدخول في حفل الاستعراض عبر طرد السفير السوري لديها.
في النهاية نورد هذه الخلاصة لموقع الدفاع الفرنسي الذي يديره جنرالات فرنسيون متقاعدون : مجموعة الدول الغربية في هجومها على سوريا، تقاد بسياسة السرد في تفكيرها الذي أصبحت سجينته، إنه من المحزن الانتظار والخوف من انفجار كبير في سوريا وفي الدول المجاورة أيضا، والتي هي فعل سياسة الهوس الغير مضبوط . هذه الحال من العنف أصبحت غير مضبوطة وهي سوف تصل إلى خارج الحدود السورية، حيث ستجد الدول الغربية نفسها تجر إلى أسوأ الأوضاع دون إمكانيات للقوة وللردع في منع وصول الانفجار إلى بلدان صديقة لها ما يعرضها لهزيمة حارقة سوف تكون أمامها هزيمة إسرائيل في مواجهة حزب الله عام 2006 رحلة استجمام)...
إنها بلاد الشام.. أخلع نعليك وانزع عقالك...
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه