لغز الحياة ولغز الموت وما بعدهما. هذا هو شكسبير الذي كلما أمعن غياباً في الرحيل ازداد تألقاً في حضوره الاحتمالي. شكسبير ومقتنياته وما يتعلق به ويدور في فلكه
لغز الحياة ولغز الموت وما بعدهما. هذا هو شكسبير الذي كلما أمعن غياباً في الرحيل ازداد تألقاً في حضوره الاحتمالي. شكسبير ومقتنياته وما يتعلق به ويدور في فلكه، أمور تحولت خرافات تستنهض نفسها بنفسها على وقع أسطورة هذا الرجل الذي لم يقوَ عليه الزمن. آخر المكتشفات، على هذا الصعيد البقايا الأثرية التي تم العثور عليها في موقع يسمّى "مسرح الستارة" شرقي العاصمة البريطانية، لندن، حيث كان شكسبير يقدم مسرحياته قبل انتقاله إلى مسرحه الدائم الذي اشتهر باسم "غلوب".
وكانت صحيفة "الاندبندنت" قد أوردت في عددها الصادر، أول من أمس، ان مجموعة من خبراء الآثار، أكدت ان الموقع المكتشف، شرقي لندن، هو المكان نفسه الذي شهد تمثيل مسرحيتين لشكسبير هما: "روميو وجولييت" و"هنري الخامس"، وسواهما، على الأرجح. ويعتزم أصحاب الأرض التي عثر في جوفها على بقايا الجدران والأعمدة، استثمار هذا الاكتشاف على النحو الأمثل. ويبدو ان الخيار الأفضل، في هذا السياق، هو الحفاظ عليها كما هي وصيانتها وتعزيزها بالدعامات الهندسية اللازمة وإبرازها كأحد أهم معالم العمارة التي كانت سائدة في العصر الاليزابيثي. ولعل العاصمة، لندن، ستزداد مهابة تاريخية وثقافية بالموقع الشكسبيري الجديد القديم. خصوصاً ان هذا البناء المسرحي الذي شهد أداء عدد من مسرحيات هذا العبقري الكبير، شكل، خلال القرون الثلاثة الماضية على الأقل، سراً غامضاً من الأسرار الأثرية التي خلفها وراءه. وغني عن القول، في هذا المجال، الجهود المضنية التي بذلها المنقبون في أمكنة كثيرة ومختلفة في لندن، بغية العثور على الموقع، أو الاستدلال، وتفاصيل صغيرة ترشدهم إلى سواء السبيل.
عمليات الحفر والتنقيب في الموقع الشكسبيري، لم تنته فصولاً بعد، والأرجح أنها لن تنتهي فصولاً في المرحلة المقبلة. فقد شكل الاكتشاف حافزاً هاماً وملحاً للتوسّع في أعمال الحفر والبحث العويص تحت الأنقاض في بيئة مكتظة بالمباني والمؤسسات والمحال التجارية وغيرها. ومع ذلك، لا يكترث الخبراء المشرفون على هذه المهمة بالصعاب التي قد تواجههم، طالما أن شكسبير هو الهدف، ولو بدا ان السعي يقتصر على أثر ضئيل من آثاره. وأغرب ما أثار دهشة المنقبين ان بقايا هذا المسرح الشكسبيري الأول قد وُجدت خلف ملهى ليلي في لندن. وتساءل عدد منهم عن طبيعة هذه المصادفة باعتبار أنّ البناء الذي يضم الملهى قد حافظ على بقايا المسرح وحماها من أي توسع عمراني كان بمقدوره الإطاحة بها وتدمير معالمها بعيداً عن الأنظار. في المقابل، في المرجح ان يستفيد الملهى من الاكتشاف الشكسبيري الذي سيتحول علامة بارزة وفارقة للمكان الذي اكتشف فيه. فالزوّار والسيّاح الذي سيرتادون الحي لمشاهدة بقايا المسرح، قد يرتادون في الوقت عينه الملهى. نعمة شكسبير ستعم على الجميع في ذلك الحي الذي لم يعد كما كان.