تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة عدة مواضيع كان أبرزها التطورات الحاصلة في الساحة المصرية وخاصة قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب واحقية احمد شفيق بخوض انتخابات الرئاسة
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة عدة مواضيع كان أبرزها التطورات الحاصلة في الساحة المصرية وخاصة قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب واحقية احمد شفيق بخوض انتخابات الرئاسة وما تبعها من ردود...
السفير
حـل مجـلـس الشـعـب .. والـتـمـهـيـد لشـفـيـق رئيـسـاً لـنـظام مـبـارك
ثـورة مصـر إلـى نفـق: «انقـلاب» بـرداء دسـتـوري
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة السفير تقول "دخلت ثورة مصر في نفق مظلم، بعدما فجّرت المحكمة الدستورية العليا قنبلة سياسية من العيار الثقيل قبل يومين من انطلاق الجولة الحاسمة من انتخابات الرئاسة، وقبل ساعات قليلة من بدء فترة الصمت الانتخابي، بقرارها حل مجلس الشعب وإبقاء الفريق أحمد شفيق في سباق الرئاسة في مواجهة مرشح جماعة «الإخوان المسلمين» محمد مرسي، في ما بدا أنه انقلاب عسكري برداء دستوري اشير بأصابع الاتهام فيه، الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الطامح إلى الحفاظ على نفوذه السياسي والمعنوي في الحياة السياسية المصرية.
وبدا من خلال أحكام المحكمة الدستورية، أن التوتر الذي تشهده العلاقة بين المجلس العسكري و«الإخوان المسلمين» قد بلغ نقطة خطيرة، تنذر بتداعيات خطيرة على الشارع المصري، علماً بأن هذا التوتر شهد منحى تصاعدياً خلال الأشهر الستة الماضية، منذ أن تخلى المجلس العسكري عن صلاحياته التشريعية لمصلحة البرلمان المصري المنتخب، الذي هيمن عليه الإسلاميون، وذلك عقب شهر العسل الطويل بين الجانبين، أتى في نهاية المطاف على «ثورة 25 يناير» ومفجريها من الشباب المصري، وأعاد ثورة مصر إلى المربع الأول... إن لم يكن إلى نقطة الصفر.
ومن الواضح، أن ما حصل هو انقلاب عسكري مموّه بحكم قضائي، ومن شأنه أن يعيد جمع السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد المجلس العسكري، بما يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق السياسية، من خلال انتخابات رئاسية قد تنتهي بفوز مرشح العسكر أحمد شفيق، وانتخابات تشريعية جديدة تسحب من «الإخوان» غالبيتهم البرلمانية، خصوصاً في ظل تراجع شعبيتهم في الشارع المصري، جراء أخطاء عدة وقعوا فيها، لعل أبرزها تغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن والثورة، ومحاولاتهم الاستئثار بكافة مفاصل النظام الجديد ـ في ما يذكر بأداء «الحزب الوطني الديموقراطي» السيئ الذكر ـ عبر إقصاء القوى الأخرى عن مشروع بناء الدولة الجديدة، ومحاولة أخذ المجتمع المصري المعتدل نحو تشدد ديني إرضاءً للتيار السلفي، ناهيك بإخفاقهم في الأداء البرلماني وتماهيهم مع المشروع الأميركي في المنطقة العربية... الخ.
ومن غير الواضح بعد طبيعة التداعيات السياسية لتلك المغامرة الجديدة التي يقودها العسكر، والتي تشبه إلى حد ما الانقلاب الذي نفذه العسكر التركي ضد حكومة نجم الدين أربكان، في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية، وفي ظل سقوط جدار الخوف في الخامس والعشرين من كانون الثاني العام 2011، بما يمنع إعادة إنتاج نظام حسني مبارك، ولو بوجوه جديدة، وأدوات جديدة من قبيل استبدال قانون الطوارئ بقرار «الضبطية العدلية» للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية.
وفي ظل المواجهة التي بلغت نقطة اللاعودة بين «الإخوان» الذين يخوضون اليوم «معركة حياة أو موت»، وبين سلطة عسكرية تسعى لإعادة ضبط اللعبة السياسية لمصلحتها، تبدو مصر أمام مفترق خطير، ينذر بانفجار قد يخرج عن نطاق السيطرة على غرار ما حدث في أنظمة عدة دفعت ثمن مغامرات العسكر حروباً أهلية.
احكام المحكمة الدستورية
وقضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بحل مجلس الشعب، كما قضت باستمرار احمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك، في السباق الرئاسي، وذلك قبل يومين من انطلاق الجولة الثانية والحاسمة من انتخابات الرئاسة، التي يتنافس فيها الفريق أحمد شفيق ومرشح «الإخوان» محمد مرسي.
وقررت المحكمة الدستورية قبول الطعن المقدم إليها من قبل اللجنة العليا للانتخابات بشأن قانون العزل السياسي شكلاً ومضموناً، حيث اعتبرت أن من حق اللجنة الانتخابية تقديم الطعن بصفتها هيئة قضائية، كما قبلت الطعن في الأساس، مستندة في ذلك إلى أن القانون خص أشخاصاً معيّنين، وحرمهم من حقهم في تولي المناصب العامة من دون محاكمة، كما خرج عن مبدأ عدم رجعية القوانين. ويعني قبول الطعن عملياً بقاء الفريق أحمد شفيق في السباق الرئاسي.
أما بالنسبة لقانون الانتخابات التشريعية، فقررت المحكمة الدستورية قبول الطعن بعدم دستوريته مستندة في ذلك إلى انتهاك القانون لمبدأ المساواة، عبر سماحه للمنتمين إلى الأحزاب السياسية بالترشح في نظامي اللوائح والمقاعد الفردية في آن واحد، بينما حصر التنافس على المقاعد الفردية بالمستقلين. وأشارت إلى أن «العوار الدستوري» الذي أصاب القانون لا تقتصر مفاعيله على المقاعد الفردية فقط (ثلث مقاعد مجلس الشعب) بل على البرلمان ككل.
وأثار الحكم المتعلق بمجلس الشعب لغطاً قانونياً حول تطبيقه، بين من رأى انه يؤدي فقط إلى إسقاط عضوية المرشحين على المقاعد الفردية دون سواهم، وبين من رأى أنه يؤدي عملياً إلى حل البرلمان كله. كما تباينت الآراء حول حق المحكمة الدستورية والمجلس العسكري في حل مجلس الشعب وانعكاس ذلك على تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور (تفاصيل ص١٥ ).
وأكدت مصادر عسكرية أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد يعلن «استعادته السلطة التشريعية إلى حين إجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب». وكان المجلس العسكري تولى السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد فور تنحي مبارك، لكنه سلم السلطة التشريعية لمجلس الشعب بعد انتخابه في مطلع العام الحالي.
شفيق
وفي تعليقه على هذه التطورات، أشاد المرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق، خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام الحملة الانتخابية، بقرارات المحكمة الدستورية، معتبراً أن «رسالة هذا الحكم التاريخي هي انه انتهى عصر تصفية الحسابات، كما ذهب بلا رجعة أسلوب تفصيل القوانين واستخدام مؤسسات الدولة لتحقيق أهداف فئة معينة».
وتابع «سوف نعود شاء من شاء ولم يشأ من لم يشأ.. سوف تعود مصر التي نحلم بها». وأكد انه «لا يريد عزة ولا يريد سلطة او مكانة» بل يسعى إلى أن يساهم مع المصريين في بناء «بلد مستقر، بلد آمن باقتصاد يوفر الرزق للجميع».
مرسي
من جهته، قال محمد مرسي، في تصريحات لقناة «دريم» الفضائية، «نحترم أحكام المحكمة الدستورية... احترم حكم المحكمة الدستورية العليا من منطلق احــترامي مؤســسات وسلطات الدولة ومبدأ الفصل بين الســلطات وأعتبرها واجبة النفاذ»، لكنه أشار إلى أنه «غير راض» عن الحكم بعدم دسـتورية «قانون العزل».
وأضاف: اربأ بأي احد أن يحاول إعادة احد ممن افسدوا» البلاد في عهد الرئيــس السابق حسني مبارك، في إشارة غير مباشــرة إلى احمد شفيق، مؤكدا أن «الشعب المصــري ضد محــاولات إعادة إنتاج النظام (السابق)... والعــزل الشعبي والرفض الشعبي أقوى من العزل القانوني».
مواقف
واثر صدور أحكام المحكمة الدستورية، أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى الحكم منذ إسقاط مبارك في 11 شباط العام 2011، أن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية «ستجرى في موعدها المقرر يومي السبت والاحد (يوم غد وبعده)»، مشدداً على أنه «ليس هناك أي تغيير في هذا الأمر».
وبينما ذكرت وسائل إعلام مصرية أن المرشد العام لـ«الإخوان» محمد بديع دعا إلى اجتماع طارئ لمكتب الإرشاد في الجماعة لبحث التداعيات السياسية الناتجة عن قرارات المحكمة الدستورية، اعتبر القيادي في «حزب الحرية والعدالة» التابع لـ«الإخوان» محمد البلتاجي أن أحكام المحكمة الدستورية «تأتي ضمن انقلاب كامل الأركان يشطب أشرف ستة عشر شهرا في تاريخ هذا الوطن». وأضاف ان «هذا الانقلاب بدأ ببراءة كل مساعدي وضباط الداخلية (المتهمين بقتل المتظاهرين إبان الانتفاضة ضد مبارك في العام الماضي)، ثم الأزمة المصطنعة مع القضاء، ثم إعطاء الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية، ثم حل البرلمان المنتخب وفقا لقانون أصدره المجلس العسكري، وإعطاء خاتم المشروعية الدستورية لترشح شفيق قبل بدء الجولة الثانية بأقل من 48 ساعة، والحديث عن تشكيل المجلس العسكري للجنة الدستور».
النهار
المجلس العسكري في مصر: الأمر لي
انقلاب قضائي أطاح برلمان "الإخوان المسلمين"
وتناولت صحيفة النهار التطورات على الساحة المصرية وكتبت تقول "بعد أقل من سنة ونصف سنة من "ثورة 25 يناير" التي اطاحت نظام الرئيس السابق حسني مبارك، شهدت مصر أمس ما يشبه انقلاباً سياسياً اسقط اهم ما تحقق في الفترة الانتقالية المضطربة التي تشهدها البلاد، وذلك بحل المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب الذي انتخب اواخر 2011 ومطلع 2012، واعادتها السلطة التشريعية عمليا الى المجلس الاعلى للقوات المسلحة الحاكم، الى تعزيزها موقع اركان النظام السابق بتأكيدها احقية المرشح احمد شفيق في خوض دورة الاعادة من الانتخابات الرئاسية المقررة السبت والاحد المقبلين.
ويشكل الحكم ضربة مزدوجة لجماعة "الاخوان المسلمين"، وبدا محاولة لاقصائها بعدما استأثرت بالغالبية في مجلس الشعب الاول ينتخب ديموقراطياً منذ عقود، وكانت تعد العدة لانتزاع الرئاسة ايضا. ص10
الى ذلك، يزيد هذا الحكم الصراع على السلطة بين "الاخوان" والمجلس العسكري الذي كان يفترض ان يسلم رئيسا مدنيا السلطة بحلول اواخر حزيران، تفاقماً. وسارع قياديون بارزون في "الاخوان"، بينهم محمد البلتاجي، الى وصف الحكم بانه "انقلاب كامل الاركان يشطب أشرف ستة عشر شهراً في تاريخ هذا الوطن"، وتعهدوا حشد الشارع ضد الحكم وضد شفيق.
الا ان مرشح الجماعة للانتخابات الرئاسية محمد مرسي أكد احترامه حكم المحكمة الدستورية العليا وتعهد تنفيذها، قائلا: "احترم حكم المحكمة الدستورية العليا من منطلق احترامي لمؤسسات وسلطات الدولة ومبدأ الفصل بين السلطات". واذ اشار الى انه "غير راض" عن الحكم بعدم دستورية قانون "العزل السياسي"، اكد ايضا انه "يحترمه" ويعتبره "واجب النفاذ".
وكان شفيق أول المرحبين بقرار المكمة الدستورية العليا الذي اتاح له الاستمرار في سباق الرئاسة، قائلا: "رسالة هذا الحكم التاريخي هي ان عصر تصفية الحسابات انتهى، كما ذهب بلا رجعة اسلوب تفصيل القوانين". واضاف ان المحكمة اكدت حقه في المشاركة في الانتخابات ودعمت شرعيتها.
ووسط أجواء من البلبلة سادت البلاد بعد صدور الحكم وتكاثر السيناريوات لما بعد قرار المحكمة الدستورية العليا وسط مخاوف من تفجر العنف، اعلن المجلس العسكري الحاكم مساء ان الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها السبت والاحد.
في واشنطن، توقعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان ينقل المجلس العسكري في مصر السلطة تماما الى حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً وفقا لما هو مخطط له.
الأخبار
الدستورية العليا تبقي على شفيق وتقضي على برلمان الإخــــوان
انقلاب ناعم على الثورة
كما تناولت صحيفة الأخبار التطورات المصرية وكتبت تقول "جنى المجلس العسكري ثمار ما خطط له منذ اندلاع الثورة. فعادت إليه السلطات كاملةً بعد حل البرلمان بانتظار تسليم الأمانة إلى الرئيس العسكري المرضي عنه. أما الإخوان المسلمون، الذين يتحملون جزءاً رئيسياً مما آلت إليه الأوضاع، فإما أن يعودوا إلى صفوف الثورة وإما أن يجنوا هم أيضاً عقاب ما صنعته أيديهم.
«المجلس العسكري استعاد السلطة». تصريح جاء على لسان عضو المجلس العسكري الحاكم، اللواء ممدوح شاهين، قبل أن يكمل «السلطة التشريعية بعد حل البرلمان». اللواء لم يقل الحقيقة كاملة. وكعادتهم ترك العسكر الأيام تقول ما تبقى. هي بالفعل قالت قبل ذلك، أعلنوا وقوفهم إلى جانب الثورة وتوقفوا. والأيام قالت إنهم وقفوا إلى جوارها حتى حققوا أهدافهم بقتلها، وتسليم البلاد مرة أخرى لنظام المخلوع مبارك. الثورة وقفت في وجوههم، فتحالفوا مع الإخوان وقالوا لهم «إننا معكم»، لكنهم أيضاً لم يكملوا «معكم حتى نقضي على الثورة ونتفرغ لكم»، بنفس حكاية «أكلت يوم أن أكل الثور الأبيض».
أمس فقط اكتملت الصورة، بدا واضحاً موقف العسكر من الثورة. الإخوان والثورة خارج الحياة السياسية، والانتخابات الرئاسية ستزوّر لمصلحة آخر رئيس وزراء مبارك، أحمد شفيق. أمس فقط صدر الحكم بحلّ مجلس الشعب. في اليوم نفسه صدر الحكم بعدم دستورية قانون العزل السياسي لرجال نظام مبارك. وبناءً على ذلك أصبح من ظنوا أنهم فازوا بالثورة وحققوا مكاسب واستولوا على مناصب، خارج اللعبة السياسية، فيما دخل إلى اللعبة من كانوا من المفترض أنهم خرجوا منها بعد الثورة، ورحيل مبارك عن كرسي الرئاسة.
الصورة التي اكتملت أمس كانت تعدّ من فترة. لكن الانشغال بالمكاسب السياسية والمصالح الضيقة أعمى الجميع عن النظر إلى الوضع بشكل كامل. العسكر لن يتخلوا عن الحكم، وإن تخلوا فسيسلمون السلطة لمن هو معهم، أو على الأقل لمن لا يضر بمصالحهم. هكذا صرخ الشباب في ميدان التحرير، في أحداث شارع محمد محمود الشهيرة، في تشرين الثاني الماضي. وقتها تركت جماعة الإخوان المسلمين الثوار وحدهم يُقتلون ويصابون، ولم يتخذوا قراراً بالانضمام إليهم في التظاهرات التي كانت الداخلية ترد عليها بعنف شديد. الأحداث كانت عقب جمعة «المطلب الواحد» الداعي إلى تسليم السلطة من العسكر إلى سلطة مدنية، عبر تحديد موعد نهائي وواضح لانتخابات الرئاسة. وأعلنت مجموعة من القوى السياسية اعتصامها في الميدان، بينما كان الإخوان يرفضون ذلك، ويؤكدون أن الاعتصام سيعطّّل انتخابات مجلس الشعب. جماعة الإخوان وقتها لم يكن يهمها إلا مصالحها الضيقة عملاً بمبدأ أن «مصلحة الجماعة ستصبّ في مصلحة مصر»، وأن أي نجاح للإخوان سينعكس بطبيعة الحال على الدولة المصرية. المهم لديها وقتها أن تحصد مقاعد البرلمان، فتكرر الأمر نفسه في أحداث مجلس الوزراء. بينما كان الثوار يعترضون على تكليف كمال الجنزوري بتشكيل الحكومة الجديدة، كان الإخوان يرون أنه لا بد أن تمنح الحكومة الفرصة كاملة. وحتى مع بداية أحداث العنف، بإطلاق الشرطة العسكرية الأعيرة النارية على المعتصمين، لم يتخذ الإخوان موقفاً على أرض الواقع. وكان حلول الذكرى الأولى للثورة. الثوار أعلنوا أن الذكرى الأولى ليست للاحتفال بالثورة، ما دامت أهداف الثورة لم تتحقق بعد، ولا يزال قتلة الشهداء أحراراً ويحصلون على البراءة من القضاء، ولا يزال العسكر يحكمون رغم أنهم وعدوا بأنهم لن يستمروا في الحكم أكثر من ستة أشهر. وقد مرّ عام ولم يرحلوا عن الحكم. كان الثوار يرفعون مطالب أخرى تطالب بتطهير مؤسسات الدولة، وعزل بقايا النظام السابق «الفلول». وهتف الثوار وقتها بأن «الثورة مستمرة»، ولا بد من أن تستكمل أهدافها. لكن وقتها أيضاً كان للإخوان رأي مخالف. فقرروا النزول إلى الميادين للاحتفال بالثورة، باعتبار أن الثورة انتهت بالفعل وحققت مكاسبها، فهم ضمنوا أغلبية البرلمان، حتى وإن كان الثمن هو شق الصف الثوري الذي بدأ باستفتاء 19 آذار. يومها استغل الإسلاميون الدين لمصلحة مكاسبهم والاكتفاء بتعديل بعض مواد الدستور المعطّل، والخروج بها في إعلان دستوري، بدلاً من إعداد دستور جديد للبلاد.
البرلمان هو الآخر كان كاشفاً للإخوان. وتأكيداً لشق الصف الثوري، في بداية أعمال المجلس في 23 كانون الثاني الماضي، دعت مجموعة من القوى السياسية إلى تنظيم مسيرات إلى البرلمان لمطالبته بالسعي والضغط لتشكيل حكومة ائتلاف وطني. وقتها اعتدى شباب الإخوان على المتظاهرين، رغم أن مطالبهم تركزت على أن يكون حزب الأغلبية في البرلمان راعياً ومؤلفاً للحكومة الائتلافية.
اليوم الإخوان في حاجة إلى من يقف معهم، لكنهم لن يجدوا. فحدث ما رسم له المجلس العسكري وشق الصف. في أحداث مجلس الوزراء، خرج قادة الإخوان والسلفيين ينتقدون المتظاهرين بعبارة «إيه اللي وداهم هناك». وفي الذكرى الأولى للثورة، قالوا إن من يدعون إلى استكمال أهداف الثورة «يريدون تخريب البلاد». وفي أحداث البرلمان قالوا عنهم «بلطجية يريدون اقتحام المجلس»، واستخدموا دعايتهم المضادة ضد كل من هو ثوري، اتهمومهم بالإلحاد، والشذوذ، وممارسة الشباب الجنس مع الفتيات في الاعتصامات. كل هذا والمجلس العسكري يتابع ولا يتدخل، ويشارك من بعيد في تشويه صورة الثوار والثورة.
اليوم جاء الدور على الإسلاميين، ولا سيما الإخوان، لكنهم أصبحوا بمفردهم في وجه العسكر، وإن كان الجميع سيخسر من تبعات ما يحدث. أحكم المجلس العسكري قبضته على الحكم. عندما صدر قرار منح صفة الضبطية القضائية، أول من أمس، للاستخبارات الحربية والشرطة العسكرية، كان واضحاً الحكم الذي ستحكم به المحكمة الدستورية العليا.
وجاء الحكم بينما الشارع السياسي منقسم فعلاً. الهمّ واحد، لكن حالة العداء التي خلقها المجلس العسكري، وغباء القوى السياسية المختلفة، جعلا عدداً منهم يفرح بالحكم بحل البرلمان، واستمرار شفيق في انتخابات الرئاسة، فقط لأنها ضد الإسلاميين. لكن الواقع يقول إنها ضد الثورة، وعودة للنظام السابق في شكل أحمد شفيق، يؤكد أن الثورة سرقت. العسكر لن يؤدّوا التحية العسكرية لرئيس مدني، فما بالنا لو كان من جماعة الإخوان المسلمين. العسكر يريدون تأمين مصالحهم، ومصانعهم، وشركاتهم، التابعة للقوات المسلحة. هم يعتبرونها أمناً قومياً رغم أنها شركات لتعبئة مياه الشرب، وصناعة المعكرونة. العسكر من البداية، وهم لا يريدونها دولة مدنية، فإن تلك الدولة لا تحمي مصالحهم. الإخوان أمامهم فرصة للعودة إلى الصف من جديد. الصف الثوري الذي سيستفيد منه الإخوان أيضاً، لكن الاستفادة ستوزع على باقي القوى وعلى البلد بشكل عام. إما العودة إلى صفوف الثورة أو إتمام مخطط المجلس العسكري بانقلابه الناعم وعسكرة الدولة.
اللواء
مرسي يُعلن التحدّي ويهدّد بـ«ثورة ثانية»
القضاء يقلب الطاولة على الإخوان: الإطاحة بالبرلمان.. وتثبيت شفيق
صحيفة اللواء تناولت قرار المحكمة الدستورية في مصر وكتبت تقول "فجّر القضاء المصري أمس أكبر مفاجآته السياسية حين أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمين مدوّيين أعادت بهما خلط الأوراق وغيرت بمقتضاهما موازين القوى وخريطة المشهد الثوري كله، وقضى الحكمُ الأول بحلّ مجلس الشعب باعتباره باطلا وباعتبار انتخاباته غير دستورية، فيما قضى الحكم الثاني بعدم دستورية «قانون العزل» الذي يستهدف استبعاد الفريق أحمد شفيق من سباق رئاسة الجمهورية، ما مثّل صفعة قوية لجماعة الإخوان التي كانت تستحوذ على غالبية البرلمان وتعلق آمالها في استبعاد شفيق وفتح الباب أمام صعود مرشحها محمد مرسي إلى الكرسي الأول في البلاد، وقد دفع ذلك الجماعة إلى استنكار الحكم ووصفه بالـ «ظالم» والتحذير من «دخول نفق مظلم» معتبرة ما حصل بمثابة «انقلاب كامل» على الثورة، وأما في المعسكر المقابل فقد رحّب شفيق بنزع الدستورية عن قانون العزل واصفا ذلك بالحكم «التاريخي» ومعتبرا أنه يؤكد انتهاء وذهاب عصر تصفية الحسابات والتفرد بالسلطة، ورغم وقوع الزلزال القضائي قبل يوم من انطلاق جولة الإعادة الحاسمة لانتخابات الرئاسة، إلا أن المجلس العسكري الحاكم أصر على التمسك بالمواعيد المقررة مسبقا وتمسك بإجرائها يومي غد وبعد غد.
وفي حكم غير متوقع قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر أمس بحل البرلمان بسبب «عدم دستورية انتخابات مجلس الشعب الاخيرة» ما يعني أن «تكوين المجلس بكامله باطل منذ انتخابه، وأن المجلس بالتالي غير قائم بقوة القانون بعد الحكم بعدم دستورية انتخابه دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراء آخر».
ومن جهة اخرى قضت المحكمة ببطلان التعديلات التي ادخلت على قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يعرف بقانون العزل السياسي ما يعني استمرار احمد شفيق في سباق الرئاسة وقالت المحكمة إن نص القانون «المطعون عليه قد أخل بالمساواة ومايز بين أصحاب الوظائف بغير معيار موضوعي (... كما أنه) رتب جزاء تمثل في حرمان من الحقوق السياسية بدون حكم قضائي... (بذلك تكون) السلطة التشريعية تدخلت في أعمال السلطة القضائية».
وفي أول رد فعل له على ما حصل شدد مرشح الإخوان للرئاسة محمد مرسي، على احترام حكم المحكمة الدستورية وقال: «الحكم واجب الاحترام من حيث المضمون، والحكم عنوان الحقيقة، ولا تعليق ولا تعقيب عليه» وجاء ذلك في مقابلة تلفزيونية. لكنّ مرسي عاد وقال في مؤتمر انتخابي ختامي إن الحكم «ظالم» متحدثا عن وجود مؤامرة لإعادة إنتج النظام. وأعلن مرسي التحدّي لمنافسه وهدد بثورة ثانية أشد من الأولى في حال تزوير الانتخابات الرئاسية، معتبرا المعارضين لخطه السياسي قلة قليلة وأذنابا للنظام السابق.
وبالنسبة لقانون العزل رأى مرسي أن الشعب المصري قادر على عزل شفيق دون الحاجة إلى قانون أو دستور بل عبر صناديق الاقتراع. كذلك رأى القيادي والنائب الإخواني محمد البلتاجي أنّ الأحكام القضائية هذه « تأتي ضمن انقلاب كامل» على الثورة.
كما اعتبر عصام العريان نائب رئيس حزب الإخوان إنه «إذا تم حل مجلس الشعب فستدخل البلاد في نفق مظلم».
في المقابل وصف الفريق أحمد شفيق نقض قانون العزل بأنه «حكم تاريخي» ورأى أن «هذا الحكم بمثابة رسالة للجميع تقول: انتهى عهد تصفية الحسابات وتفصيل القوانين واستخدام مؤسسات الدولة ضد شخص بعينه» وإنه يعَدُّ «ترسيخا لقرارات اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية ليثبت بما لا يدع مجال للشك أن مصر دولة مؤسسات ولا ينبغى لفصيل معين أن يظن أنه سيحتكر مصر والمصريون».
وفي هذا الوقت قالت مصادر عسكرية ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة سيعلن «استعادته للسلطة التشريعية الى حين اجراء انتخابات تشريعية جديدة» باعتبار بطلان المجلس.
وكرر المجلس العسكري أمس إعلانه التمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها يومي السبت والأحد المقبلين.
من جانبها صرحت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بأنّ بلادها تتوقع ان ينقل المجلس العسكري السلطة بالكامل لحكومة مدنية منتخبة بشكل ديمقراطي وقالت «لا يمكن ان يكون هناك تراجع في الانتقال الديمقراطي الذي طالب به الشعب المصري»، لكنها رفضت التعليق بشكل محدد على حكمي المحكمة الدستورية.