هو الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) إمام العدالة والحكمة وسيد الفلسفة والدين، حول هذه الشخصية العظيمة والتأسي بها عقدت ورش عمل في معهد المعارف الحكمية
تعقد ورش عمل عديدة في مختلف الميادين الاقتصادية والتربوية وغيرها، ولكن لم يحدث سابقا أن عقدت ورش تخصص لدراسة شخصية إنسان، خصوصا إذا كان هذا الإنسان تعترف أمم العالم بعظمته، فكيف إذا كان هو الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) إمام العدالة والحكمة وسيد الفلسفة والدين، وهو شخصية تاريخية عظيمة، استفاد منه وأخذ عنه عباقرة الفكر والفلسفة في العالم أجمع، حول هذه الشخصية والتأسي بها عقد القسم التعليمي في معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية ورشة عمل منظمة تحت عنوان "التأسي بنهج أمير المؤمنين عليه السلام". ومن الملفت أن هذه الورش عقدت مهمتها على الغوص في استكشاف جوانب مغفلة حتى الأن من شخصية أمير المؤمنين، مما أعاق عملية تطبيق منهج الأمير عليه السلام ويكمن أحد المعوقات الرئيسية في عدم توفر المعرفة الكافية به وفلسفته من جهة وعدم الاتباع والطبيق العملي من جهة أخرى.
الشيخ شفيق جرادي: العدو بات مقتنعاً بأن نهج علي(ع) خطير على مصالحه
افتتح هذه الورش مدير معهد المعارف الحكمية فضيلة الشيخ شفيق جرادي، الذي ألقى كلمة فيها من العمق الكثير حول أهمية دراسة فكر الإمام علي(ع)، الذي نقتدي به، وأنه هو السبب الرئيسي في مواجهة العالم لأتباع هذا الفكر. وقال الشيخ : هذه الورشة التي موضوعها الأساسي التآسي بنهج أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام. تنطلق من بعدين كلاهما عملي وميداني. البعد الأول له علاقة بجانب من الاشتغال الذي يقوم به مع المعهد المعارف الحكمية والذي يسلط فيه الضوء على بعض المناسبات من اجل التدارس بحيثياتها ما يمكننا من الاستفادة النظرية للمناسبة على المستوى المعرفي والثقافي والقيمي والتربوي وإلى ما هنالك.. ولا شك أن ولادة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام تمثل على هذا المستوى حجم مهم للغاية في حياة أي مسلم موال لمحمد وأل محمد (ص) بأن صورة أمير المؤمنين في معتقدنا هي صورة الإنسان الكامل الذي به نقتدي وبه نتأسى. والبعد الثاني له علاقة بالظرف الذي نحن فيه، فنحن نمر في أكثر المراحل حساسية ولا أتحدث عن المستوى السياسي أو الأمني والعسكري، بل على مستوى الحالة الإسلامية في الإسلام الذي قدمه علي بن أبي طالب ومن بعده الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ودافعوا عنه حتى الشهادة. نحن اليوم في الحقيقية نعيش مرحلة من مراحل الهجوم الشرس والجدي على مذهب أمير المؤمنين فقد وصل العدو إلى وقت يعتقد فيه أن هذا المذهب بات خطيرا على مصالحه وهذا يمثل بالنسبة لنا أمرا عظيما ..
ولفت سماحة الشيخ إلى أن "ما يسمى بتطبيق العولمة هو أحد أشكال هذه الحرب، فكان الشكل الأمني أحد وجوهها حي طبقت بين مختلف البلدان حيث يحق لهم في أي بلد أن يمارسوا سلطتهم الأمنية بالتعدي على أي منطقة هم يرونها خطرا بالنسبة إليهم وإلى مصالحهم العليا، ولا يحسبن أحد أن المعركة ضد إيران هي ذات طابع عسكري ضد السلاح النووي وفق ما يدعون بل هي معركة على المستوى السياسي بتطويق تمدد إيران في محيطها الإقليمي ولمنع أن يكون هناك سلطان علم ومعرفة. فممنوع لدولة مثل إيران أن تجمل هذا النوع من المعرفة، وهم لم تبدأ حربهم في هذا القرن بل تعود إلى أيام الاستشراق الذي يصور الإسلام والمسلمين في صورة مغايرة للواقع الحققي ويشوه معالم الحضارة الإسلامية وصور رموزها من النبي محمد(ص) إلى الأئمة (ع)، ولكنها كانت معركة بأيد أجنبية تخاض على المسلم وبالتدريج أصبحوا قادرين على خلق مجموعة من أهل البلد، من داخل المسلمين، تحمل في ذهنيتها طابع الانتماء لقناعات الغرب بمجملها، وسعوا لينقضوا على الإسلام . وأقول لكم بكل بساطة واحدة من وجوه المعركة التي تقام على الإسلام عموما وعلى أتباع أهل البيت(ع) بنحو خاص هي علمنة الإسلام وتسخيف فكرة الوحي الإلهي والنبوة والإمامة لجعلها في مقياس مادية عادية وصولا إلى تهشيم صورة النبي (ص) خاصة، وضرب العلاقة مع أئمة أهل البيت(ع) ويجب أن تقوض مرجعية ولاية الفقيه وصورة عالم الدين الذي يمتلك العلم والحضور.
واكد الشيخ جرادي أن يجب " في هذه الورش أن نستعيد في مفردات حياتنا منهج الإمام علي بن أبي طالب في كل تفاصيل حياتنا اليومية على مختلف الصعد في وجداننا وروحنا وضمائرنا وتفكيرنا يجب أن نعود للتمسك بهذا القدوة وكيف ننشد إلى فكر أمير المؤمنين. أوكد لكم أن جزءا كبيرا من مضمون ولاية الأمير غائب عن تفكيرنا وحياتنا .. هنا في هذه الورش يجب أن نفكر في عملية الاستعادة لهذا النموذج الكامل. لنقدمه على المستوى العالمي".
ورش أربع: كيفية تطابق الدعوى بالفعل
وتوزع الحضور، الذي كان مقصودا بالاقتصار، على العنصر النسائي، إلى مجموعات لتعمل في أربع ورش. الورشة الأولى اختصت في كيف تعنى بالدروس المستخلصة في حياة الأمير(ع) وكيفية النهوض بإحياء أخلاقيات وأدبيات الولاية والتبليغ وتجسيد مفهوم التولي والتبري في نهجه، عليه السلام. الورشة الثانية، تناولت الأفكار التي نحي ذكرى الأمير(ع) في ولادته الميمونة، وتفعيل المشاركة بأسلوب جديد وفعال، وإشعار كافة أفراد الأسرة والمجتمع بالواجب تجاه هذا الدور. الورشة الثالثة، ارتبطت بعملية التثقيف التي تقوم بها المؤسسات ذات الصلة، بنهج الأمبر عليه السلان، وتهتم بكيفية تشكيل إعلام موجه يبرز هذا النهح، ويهتم بإثارة القيم والمعايير المرتبطة به عليه السلام. اما الورشة الرابعة، فقد تخصصت في دراسة المنهج الذي نسترشد به في حركة تجديد البيعة يوم ولادته عليه السلام، ومن هم أصحاب الدور الأساسي في المسير المفترض.
وفي نهاية عمل الورش الذي استمر حتى الثالثة بعد الظهر، تم استخلاص النتائج وتوحديها في شكل مقررات محددة، كان من أهمها عرض أساليب وتقنيات من شانها أن تعزز فكر الإمام علي (ع) ونهجه في مسار الحياة اليومية وأشكالها المختلفة من مؤسسات تربوية وثقافية وعلمية واقتصادية وفنية وكيفية تحويل قيم الإمام ونهجه إلى مهارات ذاتية لتصبح جزءا من تشكيل هوية الطفل والكبير على حد سواء.
تصوير: زينب الطحان