بعد انتظار دام سنوات، خاضت «نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع» انتخاباتها الأولى أمس، في «قصر الأونيسكو»
بعد انتظار دام سنوات، خاضت «نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع» انتخاباتها الأولى أمس، في «قصر الأونيسكو» (بيروت). يوم انتخابي طويل، ميّزته أجواء الانقسام، إثر انسحاب أحد مؤسسي النقابة وليد عبود من المعركة، لينضمّ إليه لاحقاً منير الحافي (المستقبل)، وسعد الياس (صوت لبنان)، وميسم درزي (إذاعة الشرق).
انسحاب هؤلاء جاء احتجاجاً على تعذّر التوافق على أعضاء المجلس الـ12. وكانت مساعي اختيار المجلس بالتزكية قد تواصلت حتى صباح أمس، من دون نتيجة. عدد المرشحين لمجلس النقابة كان قد بلغ مساء أول من أمس 18، تنافس منهم 14 بعد انسحاب المقاطعين، لتغيب أجواء المنافسة الشرسة. ومع فرز الأصوات، حصد مدير العلاقات العامة في تلفزيون المنار ابراهيم فرحات العدد الأكبر منها (152 صوتاً من أصل 172 ناخباً)، يليه محمد علي مهدي (إذاعة النور)، وريندلا جبّور (صوت المدى)، وآرمين أبدليان (إذاعة فان)، واسماعيل الأمين (العالم)، ووسام طرابلسي (صوت بيروت)، ومارون ناصيف (أو. تي. في)، ورانيا حبيب (المدى)، وجاد أبو جودة (أو. تي. في)، وفاديا بزي وفراس حاطوم (الجديد)، ورضوان حمزة (صوت الشعب). هكذا، مالت دفّة مجلس الإدارة لمصلحة الإعلاميين العاملين في «المنار» والـ«أو. تي. في»، رغم حضور بسام أبو زيد (أل. بي. سي.) في المنافسة.
المجلس المنتخب سينعقد خلال أيام لاختيار نقيب من بين أعضائه، يرجّح أن يكون ابراهيم فرحات، رغم نفي الأخير ترشّحه لمنصب النقيب. وكان القرار رقم 1/16 القاضي إنشاء الهيئة التأسيسية للنقابة قد صدر مطلع عام 2010، ووقّعه وزير العمل شربل نحاس قبل أن يستقيل. وضمّت الهيئة التأسيسية الإعلاميين إيلي حرب، واسماعيل الامين، وشربل عبود، والسي مفرج، ورضوان حمزة، وفاديا بزي، وفراس حاطوم، وسعد الياس، وبسام أبو زيد، وماري نوال الشدياق، ووليد عبود. هكذا، أصبح هذا الجسم النقابي واقعاً، بعدما بقي طويلاً مجرّد حلم للعاملين في القطاع، في ظل نقابة محرّرين لم تكن قادرة على احتواء مطالب كل الصحافيين. واشتغل المجلس التأسيسي على وضع النظام الداخلي للنقابة، والتحضير لانتخابات مجلس النقابة التي انتسب إليها حوالي 200 إعلامي، وما زال الباب مفتوحاً أمام الراغبين. وكانت الانتخابات مقررة في 26 أيار (مايو)، لكن المجلس التأسيسي قرر إرجاءها، بحثاً عن التوافق الذي لم يتم.
وشهدت أول انتخابات في تاريخ النقابة الناشئة، إقبالاً كبيراً للعاملين في تلفزيون «المنار» ـ رغم الإشاعات التي أكدّت «عدم مشاركة الأخيرة في الانتخابات» ـ في حين غابت قناة «أن. بي. أن» ترشحاً واقتراعاً، ورفض رئيس مجلس إدارتها قاسم السويد التعليق على الموضوع.
المقاطعون خرجوا من المعركة الانتخابيّة إذاً، بعد تعذّر الوصول إلى تزكية «تمثّل الجميع». ويعزو وليد عبود سبب انسحابه إلى عدم «التوصُّل إلى لائحة توافقية تضمّ توازنات معينة». من جهته، يقول ابراهيم فرحات: «نحن لم نعترض على وجود أحد، حتى أن بعضنا انتخب الزملاء الذين انسحبوا، ولم نشطب أسماءهم»، مشيراً إلى أن وجود معركة انتخابية أمر صحي، كي لا «نكرّر تجربة نقابة المحرّرين بفوز المجلس دوماً بالتزكية». من جهتها، أعربت عضو مجلس الإدارة المنتخبة فاديا بزي، عن أسفها لأجواء الانقسام في النقابة، بالرغم من أنّها لا تزال حديثة الولادة. وأضافت: «لا يمكننا أن نطلب من أحد الانسحاب بعد ترشُّحه، وبالتالي لا يحق لنا منع أحد من خوض المعركة».
إذاً، وبعد تجربتها الانتخابيّة الأولى، تستعدّ «نقابة العاملين في المرئي والمسموع» لخوض تجربتها العمليّة، المليئة بتحديات صعبة. أوّل هذه التحديات، ضمان حقوق العاملين في مواجهة الصرف التعسّفي، والحصول على ضمانات للعاملين في دائرة الخطر، والنزاعات المسلّحة. ويدخل هذا الجسم الجديد على العمل النقابي، في وقت يشهد القطاع تحوّلات متسارعة في نمط العمل الإعلامي، حتّم ظهور وظائف مستجدة، خصوصاً في مجال النشر الالكتروني. وإلى جانب الإطار المطلبي، تواجه «نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع» تحدّي البحث عن قوانين تدعّم الحريّات الإعلاميّة، بعيداً من التجاذبات السياسية. هواجس يحملها المجلس النقابي الجديد الذي انتظرته فئة كبيرة من الإعلاميين في لبنان لسنوات. فهل سيكون بمستوى المرحلة، في وسط إعلامي يشهد تجييشاً سياسياً وطائفياً غير مسبوق.