مع أن الكاتبة الأميركية آليس ووكر أبدعت روايتها "اللون القرمزي" فى أواخر القرن العشرين، تبدو هذه الرواية وكأنها صدرت الآن، جراء الحملات الإسرائيلية الحانقة على مؤلفتها، بعد رفضهاالترجمة العبرية
مع أن الكاتبة الأميركية آليس ووكر أبدعت روايتها "اللون القرمزي" فى أواخر القرن العشرين، تبدو هذه الرواية وكأنها صدرت الآن، وباتت في بؤرة الاهتمام جراء الحملات الإسرائيلية الحانقة على مؤلفتها، بعد رفضها ترجمتها للغة العبرية، والجدل الذي احتدم حولها فى الدوائر الثقافية الغربية بسبب ذلك. ورفضت ووكر ترجمة روايتها للعبرية بسبب ما وصفته بالتمييز العنصري ضد الفلسطينيين، الذي قالت إنه أسوأ من التمييز ضد الأميركيين الأفارقة في الولايات المتحدة.
ورواية "اللون القرمزي"، التى تحولت لفيلم سينمائى للمخرج ستيفن سبيلبيرغ، وشاركت فيه بالتمثيل الإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري تعد بمثابة رحلة فى تاريخ امرأة سوداء مغتصبة، ونضالها من أجل استعادة ذاتها وكرامتها.
وإلى جانب السينما، تحولت الرواية إلى مسرحية موسيقية، عرضت على مسارح بردواي في نيويورك. ويبدو أن الرواية مرشحة بقوة لتحقق طفرة جديدة فى المبيعات فى خضم العاصفة التي تهب الآن بقوة على مؤلفتها.
محاولة لمعرفة الذات :
في مقابلات صحفية سابقة وصفت ووكر رواية "اللون القرمزي" بأنها "محاولة لمعرفة الذات" والسعى للتعرف بصورة أقضل على الأجداد والأسلاف، وأوضحت أنها عرفت المعاناة والفقر والجوع منذ كانت طفلة في الثامنة من عمرها، وأدركت معنى الفصل العنصرى والتمييز ضد الإنسان بسبب لونه.
والطريف أن ووكر -التى ولدت العام 1944- وتتعرض الآن لعواصف الغضب الإسرائيلية واجهت فور نشر هذه الرواية عاصفة انتقادات من داخل جماعات الأميركيين المنحدرين من أصول أفريقية الذين اعتبروا أن المؤلفة تحاملت على بني جلدتها، ووصفها البعض بأنها خائنة لعرقها وأصلها.
شجاعة والتزام :
واعتبر نقاد أن رفض ووكر طلب إحدى دور النشر الإسرائيلية ترجمة روايتها الشهيرة للعبرية يعبر عن موقفها ككاتبة ملتزمة بالقضايا التى تدافع عنها، ومنها قضية مناوأة انتشار الأسلحة النووية. فووكر ككاتبة لها أنشطتها فى الشأن العام، وعرف عنها مساندتها لقضايا المرأة والفئات المهمشة والمضطهدة وحماية البيئة، فيما زارت قطاع غزة العام 2010 عقب العدوان الإسرائيلي على القطاع.
ونددت هذه الكاتبة، التى أصدرت مجموعتها القصصية الأولى العام 1973 بعنوان "الحب والمشاكل.. قصص نساء زنجيات"، وصدرت لها لاحقا ست روايات، باستهداف آلة الحرب الإسرائيلية للمدنيين العزل فى قطاع غزة، وتدمير المنازل والمدارس هناك.
ولم تتردد الكاتبة الملتزمة والشجاعة فى وصف إسرائيل "بدولة الفصل العنصري"، فيما تؤكد على أن ممارسات إسرائيل على صعيد التمييز العنصرى ضد الفلسطينيين أسوأ من ممارسات الأميركيين البيض ضد الأميركيين المنحدرين من أصول أفريقية، وهي الممارسات التى عرفتها وعانت من بعضها.
وبقدر ما استحقت ووكر -التي تزوجت من قبل من يهودى أميركى- الإشادة والتحية من كل أصحاب الضمائر الحية فى العالم، أثار موقفها الرافض لترجمة "اللون القرمزى" للعبرية حملات عدائية غير مسبوقة، سواء من جانب إسرائيل أو جماعات الضغط المرتبطة بالدولة العبرية في الولايات المتحدة والغرب على وجه العموم.