ففي بلد غريب مثل لبنان، لم يحدث أن جمع عمل درامي ممثلين بين مختلف طوائفه وتياراته ليقولون كلمة واحدة "نعم للمقاومة"، فما لم تستطع السياسة أن تجمع عليه، أجمع عليه ممثلو "الغالبون"، بطوائفهم المتعددة
قد تبدو السياسة أبعد ما يكون عن عملهم الفني، ولكن وهم يجسدون أدوراً تحكي عن المقاوم والأسير والعميل والمحتل، احتل انتماؤهم الوطني الصدارة وكشف عن جوهره الأبيض. ففي بلد غريب مثل لبنان، لم يحدث أن جمع عمل درامي ممثلين بين مختلف طوائفه وتياراته ليقولون كلمة واحدة "نعم للمقاومة"، فما لم تستطع السياسة أن تجمع عليه، أجمع عليه ممثلو "الغالبون"، الذين ينتمون إلى مختلف الطوائف، يعملون فيما بينهم بحماس وصدق ليقدموا إلى تاريخ الدراما العربية، وليس اللبنانية فحسب، صفحة مشرقة تحكي عن ملحمة تاريخية استطاعت أن تعيد للعالم العربي "ألق السلاح المقاوم" بعدما صوره لنا العصر الإسرائيلي أنه من مفردات "الإرهاب". هذا ما أجمع عليه جمع كبير من ممثلي الجزء الثاني من المسلسل اللبناني "الغالبون" لموقع المنار، الذي التقى بعضهم خلف كواليس التصوير في مواقع كانت للمقاومة في الجنوب اللبناني.
طوني عيسى : نجسد شخصيات مقاومة حقيقية أهمها السيد الموسوي
ما يزال الممثل طوني عيسى، على حماسه المتدفق الذي لاحظناه العام الماضي، في مقابلة سابقة لموقع المنار معه، فاستقبلنا هذا العام ببشاشة عارمة وهو يرتدي بزة المقاومة حاملا سلاحه بجدية عالية، ولولا إدركنا أنه يؤدي دورا تمثيلياً لصدقنا أننا أمام مقاوم حقيقي. وجاء قراره بالمشاركة في الجزء الثاني "عفوياُ وتلقائياً"، كما يقول، نظرا لنجاحه في الجزء الأول، وما أدته شخصية "علي بلال" في التعبير عن عظمة المجاهد والمقاومة. فيأتي دوره في الجزء الثاني مكملاً، وهو لا يعزو سبب النجاح لشخصية لوحدها، بل لتكاتف فريق العمل من ممثلين وغيرهم، "في الإضاءة على مرحلة تاريخية مهمشة نوعا ما والناس لا تعرف عنها إلا القليل، وأنا كنت واحدا منهم، فتعرفت عليها وكانت سببا أساسيا للمشاركة في الجزء الثاني". يخبرنا طوني عيسى أن الجزء الثاني حافل بالأحداث والمفاجأت والمغامرات، التي تغطي الحقبة الزمنية من العام 1986 إلى العام 1992، "وفيها كان الهجوم المباشر على مواقع للاحتلال الإسرائيلي ولعملائه من قبل رجال المقاومة الذين بيضوا وجه لبنان واستشهدوا في سبيل بقاء الوطن والشعب كله بدون تميز بين طوائفه..
في هذه الحقبة سوف نرى تقدما لعلي بلال في حياته العسكرية، حيث يصبح قائداً للعمليات، ويتابع انتقامه من الضابط الإسرائيلي "شلومو"(بيار داغر). كما يدخل على المسلسل ممثلون جدد في أدائهم لشخصيات معروفة بتاريخها، مثل مقاومين بارزين، الشهيد سمير مطوط، الذي كان مطلوبا من قبل الإسرائيليين كونه قائدا لا يستهان به، والسيد عباس الموسوي وكيف كان حاضنا لشبان المقاومة، وله الدور الأكبر في صنع تاريخ المقاومة العسكري في تلك المرحلة. إضافة إلى أننا نضوي على بعض العملاء، سوف نرى العميل عقل هاشم والجلبوط، والعميل المزدوج .. لكن أهم ما سنشهده العمليات العسكرية النوعية في موقعي علي الطاهر وسجد وغيرهما..
باسم مغنية : بمشاركتي بالغالبون أعبّر عن انتمائي لهذا الخط
هو ممثل ومخرج، يميل للتمثيل أكثر من الإخراج، كما أخبرنا، وتجربته الناجحة في فيلم "33 يوم" كانت دافعاً مهماً له للمشاركة في الجزء الثاني من الغالبون. باسم مغنية لا يخفي انتماؤه الوطني لهذا الخط، "على راس السطح"، ولا يخاف من تبعات هذه المشاركة "فكما ترين العمل يجمع بين مختلف الطوائف اللبنانية في تعاون مثير للإعجاب، علّنا نفي بعض الحق للمقاومة ورجالها. فأنا ابن هذه البيئة، وتربيت في الجنوب، وربما أتيت متاخرا على هذا النوع من الدراما، ولكن هذه الدراما هي نفسها أتت متأخرة لتبدأ ..وكان لي حظ المشاركة في الغالبون في الجزء الثاني منه، بعد فيلم "33 يوم" حيث عبرّت فيهما عن انتمائي لهذا الخط وتقديري له وأعتز بهذه المشاركة." عن دوره في الغالبون، يقول إنه يجسد شخصية مقاوم حقيقي يدعى قاسم تم اعتقاله، وطوال مدة الاعتقال لم يتمكن الجلاد الإسرائيلي أن يسحب منه اعترافات بعمله المقاوم "هي شخصية مميزة جدا، تبدأ خيوط حكايتها من بداية المسلسل إلى نهايته، وأقول للناس أن ينتظروها، وعذرا على تحفظي ولكن ما أقوله إن الأحداث المرتبطة بهذه الشخصية شيقة للغاية لأنها حقيقية".
الان الزغبي : الكولونيل خليل سوف يتحول إلى عميل فعلي للمقاومة
يضحك الممثل ألان الزغبي عندما أقول له : "الناس كرهتك في الجزء الأول ثم عادت وتعاطفت معك في الحلقات الأخيرة، كيف تكمل دورك في الجزء الثاني؟... يجسد الزغبي شخصية الكولونيل خليل الإسرائيلي، الذي تشغله المقاومة لحسابها من قبل "فارس"(مازن معضم)، يقول :" الناس تعاطفت معي في الحلقات الأخيرة من الجزء الأول بشكل كبير، لأني قدمت الترياق لأبو حسين وخلصته من الموت، وأصبحت عميلا للمقاومة. في الجزء الثاني أصبح مسؤولا عن الإدارة المدنية لقوات الاحتلال في الجنوب، وخلال هذه الحقبة في الشريط الحدودي يكمل تعامله مع المقاومة وعنده هدف واحد هو التخلص من "شلومو"(بيار داغر). لأن شلومو خانه مع امراته، لذا هناك حقد بينهما، فيحاول قدر الإمكان التخلص منه، غير عابئ لو دمرت إسرائيل عن بكرة أبيها، كل ما يهمه انتقامه الشخصي". ولا يخفى أن هذه العلاقة بين شلومو وخليل تظهر حقيقة الصراعات الخفية فيما بين الإسرائيليين أنفسهم . ويكشف الزغبي أنه في الجزء الثاني يصبح الكولونيل خليل عميلا فعليا للمقاومة مقتنعا بدروها، وذلك في عملية تصوير عودة صحوة الضمير والقيم الأصيلة للإنسانية".
فيفان أنطونيوس : الغالبون أتى ليخفف روح الطائفية في البلد
هي ممثلة شابة تعرّفنا عليها في مسلسلات لبنانية، بأدوار الفتاة الطيبة والطموحة، ولكن في الغالبون، دورها مختلف تماماً لدرجة أنها ترددت في قبول الدور، "أخاف ألا يتقبلني الناس بهذا الدور، ولكن المخرج أقنعها بأهمية الشخصية التي تؤديها لما فيها من إبداع كونه دورا مركباً وصعب تمثيلياً. فهي تؤدي دور عميلة إسرائيلية، وهي ضحية مؤامرة المال "لأن فكرها كان مريضا، والفقر كان الدافع الذي جعلها تبيع وطنها، ولكنها سرعان ما تندم بعدما تكتشف حقيقة الإسرائيليين وأنها لا يمكنها الوثوق بهم، ويكون مصيرها بشعا جدا". وهذا الدور رسالة لكل العملاء الذين يخونون وطنهم.
تؤكد فيفان بثقة عالية أنها لا تخاف أن تؤثر هذه المشاركة سلبا على مسيرتها الفنية، أو أن تحسب على فئة معينة :"فأن بصفتي فردا من المجتمع اللبناني كنت واحدة من الذين حمتهم المقاومة لتبعد عنهم خطر إسرائيل الغاصبة. أنا سعيدة بهذا الدور ولدي إيمان به. ومن الرائع أن نبعد الفن عن السياسة. فأهم ما يتميز به الغالبون أنه يجمع ممثلين من كل لبنان من كل الطوائف، سني وشيعي ومسيحي ودرزي، ومن كل الخطوط الفنية. لقد أتى الغالبون ليخفف من روح الطائفية في البلد. في المسلسل وضعنا يدنا بيد بعض وقلنا لأ للطائفية نعم للمقاومة... ولي الشرف أن أشارك بالغالبون. ولا أعتقد أن هناك لبنانياً ممكن أن يقف مع إسرائيل إذا كان لبنانيا بحق".
تصوير : محمد علوش