"خسارة" هي الكلمة الأبلغ والأوجز للتعليق على نبأ استشهاد جنرالات "خلية الأزمة" في سورية. رفاق سلاح المقاومة نعاهم سيدها وأمينها العام، مؤكداً انهم كانوا أيضاً رفاق درب في طريق الصراع مع العدو
"خسارة" هي الكلمة الأبلغ والأوجز للتعليق على نبأ استشهاد جنرالات "خلية الأزمة" في سورية. رفاق سلاح المقاومة نعاهم سيدها وأمينها العام، مؤكداً انهم كانوا أيضاً رفاق درب في طريق الصراع مع العدو الإسرائيلي خلال عشرات السنين، مذكراً من أخذت به الأحداث بعيداً أن سورية كانت البلد العربي الوحيد الحاضن للمقاومة والداعم لها.
بين الجنرالات الشهداء اسم لطالما تداولته الصحف، في السنوات الأخيرة الماضية، على انه من بين أعمدة النظام السوري. آصف شوكت... صهر الرئيس بشار الأسد، البعيد عن الإعلام. يصفه المقربون منه بأنه رجل دولة وموقف، قليل الكلام كثير الاصغاء.
للعماد آصف شوكت باع طويل في تنسيق العلاقات السرية للنظام، وشغل مناصب عدة أهمها شعبة الاستخبارات العسكرية التي تعنى بشكل مباشر في قضايا القوات المسلحة وكان الداعم لتوجيهات الرئيس الأسد في دعم المقاومة وكأنه أحد قادتها. وهو من أشرف على نقل بعض الأسلحة النوعية والمعدات الثقيلة في حرب تموز 2006، ليكون بذلك أحد أبطال معاركها.
مقربون من الشهيد القيادي عماد مغنية يؤكدون أن علاقة وثيقة كانت تربط ما بين القيادي الشهيد وبين العماد آصف شوكت وتعلق على نبأ استشهاده بانه "خسارة كبيرة". علاقته بالشهيد القيادي عماد مغنية تحدثت عنها صحيفة الأخبار اللبنانية مشيرة إلى أن الجنرال السوري "متواضع ينحني عند مصافحة السيد حسن نصر الله، ويسرّه في آخر الليل سماع أخبار فلسطين".
وتذكر الصحيفة أن الرجل ظل حتى "اللحظة الأخيرة معنياً، في صورة عملية، بتوفير مستلزمات ومتطلبات قوى المقاومة في لبنان وفلسطين. في ظل رعايته، تعيش قوى المقاومة وكوادرها في سورية. يلتفت إلى كل شأن يخصّهم، من أماكن العيش ووسائل التنقّل وأحوالهم المباشرة، إلى معسكرات التدريب وأعمال التجهيز، إلى توفير متطلبات وصول كوادر من داخل فلسطين وخضوعها لتدريبات بالغة الدقة والسرية".
كيف تمت عملية الاغتيال؟
ما يؤكده رئيس الدائرة السياسية في المنظمة العالمية للمغتربين العرب محمد ضرار جمّو أن التفجير لم يتم عن بُعد، وفيما يتحفظ عن ذكر ما بحوزته من معلومات، يكشف عن ان العماد آصف شوكت تمكن من كشف وتعطيل إحدى العبوتين الموجودتين في المكتب قبل أن تنفجر الأخرى.
وفي حديث مع الموقع الإلكتروني لقناة المنار، نفى جمّو ما سوقته وسائل الإعلام عن تبني ما يُسمى بـ "الجيش السوري الحر" للعملية، موضحاً أن الجريمة أكبر من أن تنفذها مجموعات غبر منظمة من قطاع الطرق، فعملية كهذه تتطلب معلومات لوجستية وصور من الأقمار عن كيفية تحرك القادة الأمنيين، لافتاً ان الاتهامات موجهة للموساد الاسرائيلي واستخبارات تابعة لدول غربية.
وعن معلومات نشرتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية حول وجود قوات خاصة قطرية لتنفيذ عمليات أمنية في سورية، لم يستبعد السياسي السوري ذلك؛ علماً أن القطريين قد لا يملكون الدهاء الاستخباراتي إلا أنهم قد يكونون متورطين في تمويل وتنفيذ العمليات التي يديرها ويخطط لها جهازا الموساد والـ "سي اي اي"، بحسب جمّو.
الكمين السوري: انشقاق طيار واسقاط المقاتلة التركية
وعما إذا كانت الصواريخ التي أطلقت من الجانب السوري مستهدفة موكب وزير الحرب الصهيوني ايهود باراك تأتي في إطار الرد على تفجير مكتب الأمن القومي، يستبعد جمّو أن يكون الرد اشعال حرب اقليمية، معتبراً أنه قد يأتي في إطار منظومة دولية، واضعاً الصواريخ التي أطلقت على الجولان في خانة الرسائل السياسية التي يوجهها النظام السوري.
وفي الحديث عن الرسائل السياسية، قال جمّو لموقع المنار إن إسقاط المقاتلة التركية الشهر الماضي أتى بعد كمين أعدته دمشق في عملية استخباراتية دقيقة نفذتها المخابرات الجوية السورية، مفسراً بأن معلومات كانت بحوزة السوريين عن خلايا لعملاء للموساد -من بينهم أتراك أردنيون- تنشط بين دمشق واللاذقية وحلب، وضعها السوريون تحت المراقبة ، وهو ما دفهم لاحقاً للتضحية بالطيار الذي هرب إلى الأردن حاملاً بحوزته داتا كان السوريون على علم مسبق بها.
وأضاف ان الأتراك تسلموا الداتا بعد هبوط الطيار السوري في قاعدة عسكرية شمال الأردن بلحظات، وبناءً على ما احتوته تم اعداد خطة لضرب أهداف سورية ظناً منهم بأن الرادار السوري لن يتعرف على مقاتلاتهم كونها تحمل "كود" الطائرات السورية، وهنا استدرجهم السوريون إلى أراضيهم ليسقطوا المقاتلة التركية، بغية توجيه رسالة سياسية لمن يعنيهم الأمر.
فيديوهات مفبركة ستعرض في الأيام العشرة المقبلة
وفي حديثه، تطرق جمو إلى الحرب النفسية التي تشن ضد سورية، مؤكداً ان الفضائيات الغربية والعربية التي تخوض حملات ترهيب وتخريب ستعرض في الأيام العشرة المقبلة فيديوهات جرى اعدادها وتصويرها مسبقاً عن عمليات عسكرية يخوضها "الجيش الحر" وعن سيطرة عصاباته على محيط القصر الجمهوري.
وذكّر محمد ضرار جمّو بما قاله هنري كيسنجر عن فشل الأميركيين في نقل الطائفية الى الجيش السوري وفي السيطرة على الرئيس الأسد، موضحاً ان الأميركيين مقرون بالهزيمة، الا أنهم لن يسلموا بذلك لأن هناك نوع من الستاتيكو تسبق اي تسوية، وهو ما تعجز عنه الولايات المتحدة اليوم التي ليس بحوزتها ما تقدمه وهي على أعتاب استحقاقات كبرى كالانتخابات الرئاسية وازمتها الاقتصادية.
وختم جمّو بأن حظوظ الحرب قد تكون قليلة الا انها تبقى احتمالاً قائماً، مبرراً ذلك بأن العالم اليوم يشهد توازناً دولياً يظهر جلياً في مجلس الأمن الذي يشهد للمرة الأولى في تاريخه استخدام الفيتو ثلاث مرات متتالية.