"إن لبنان، الذي هو بلد عربي الانتماء والهوية، تربطه علاقات أخوية صادقة بجميع الدول العربية، وتقوم بينه وبين سورية علاقات مميزة تستمد قوتها من جذور القربى والتاريخ والمصالح الأخوية المشتركة
لم يرد هذا الكلام في خطاب أحد رموز أصدقاء سورية أو ما بات يصطلح عليهم "حلفاء سورية" أو "الموالون" لها.. الكلام جزء من نص الدستور اللبناني بعد تعديله عام 1990، وبالتحديد فإنه نص مقتبس من إتفاق الطائف الذي وقعه الأطراف اللبنانيون المجتمعون آنذاك برعاية سعودية.
يجزم مسؤولون لبنانيون وعلى رأسهم أمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين – المرابطون العميد مصطفى حمدان أن قراراً أميركياً بتحويل لبنان إلى قاعدة لوجيستية لتجهيز وتدريب مسلحين لإستهداف أمن سورية وراء ما يجري في شمال لبنان، وأن أموالاً سعودية تدفع لهذه الأغراض.
وفي حديث خاص إلى الموقع الإلكتروني لقناة المنار، يذكّر العميد حمدان بإعترافات المسلحين أنفسهم كيف أنهم تلقوا العلاج في مستشفيات الشمال اللبناني، وبكلام مدير العمليات في الصليب الأحمر اللبناني جورج كتاني عن وجود حوالي 1142 إصابة عولجت في الشمال.
وخلافاً لما نص عليه اتفاق الطائف بأن "لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً أو مستقراً لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سورية" يتحدث العميد مصطفى حمدان عن عمليات تسلل المسلحين من الحدود اللبنانية باتجاه سورية، وإلى الحواجز الثابتة التي يقيمها مسلحون تابعون لما يُعرف بـ "الجيش السوري الحر" في منطقة الشمال.
ويردف بأن الشمال اللبناني بات ساحة تنشط فيها خلايا مسلحة من جنسيات عربية وأجنبية أخرى من بينها قوات خاصة فرنسية وبريطانية تعمل حالياً في لبنان بعد أن أتمت ما أوكل إليها من مهام في ليبيا. وذكّر بعملية تهريب بول كونري من حمص التي أشرف عليها وسام الحسن، وكونري ضابط في الوحدات الخاصة البريطانية كان يدير عمليات المسلحين في حمص وتم تقديمه بصفة الإعلامي.
حزب المستقبل: عرّاب عمليات التسلح والتسليح
يعتبر العميد مصطفى حمدان أن ما أسس لبيئة فوضوية حاضنة للمجموعات المسلحة هي زيارات المسؤولين الأميركيين من فيلتمان مروراً بالسيناتور اليهودي جوزيف ليبرمان مع ضباط الـ"سي آي إي" الذين اجتمعوا مع المسلحين في عكار، وزيارة السيناتور الأميركي جون ماكين الأخيرة إلى لبنان والتي دعا فيها بشكل صريح إلى انشاء منطقة أمنية عازلة على الحدود مع سورية.
وقال إن هذه الزيارة أرهبت المسؤوليين اللبنانيين بدءاً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان مروراً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى وزير الداخلية مروان شربل، وأفرزت سياسة "النأي بالنفس".
واستغرب حمدان من أن تشكل طاولة حوار للبحث في استراتيجية دفاعية في حين يتم تجاهل القنبلة الموقوتة في شمال لبنان قاصداً بذلك عمليات التسليح والتدريب، وعمليات الإختطاف تحت قوة السلاح.
وتوقف عند ذلك متسائلاً: إذا تم القضاء على الارهابيين والمخربين في سورية فإلى أين سيهرب هؤلاء؟ مشيراً إلى أن ما حصل في سورية كان نتيجة هروب مسلحين من العراق كانوا جزءاً اساسياً من المعركة هناك. وذكر العميد مصطفى حمدان أن خمسين إرهابياً من فتح الإسلام استنزفوا الجيش وذهب ضحيتهم مئة وسبعون شهيداً وألف ومئتان مقعد وجريح.
"ما شاهدناه في الطريق الجديدة من قتل واستعمال كثيف للسلاح ألا يشكل خطراً على الكيان اللبناني؟ وما ينقل على الشاشات من إعتداء على الأملاك العامة في صيدا وقطع للطرقات العامة أليس فيه تعدٍ على الدستور الذي يكفله رئيس الجمهورية؟" يقول العميد حمدان.
وأوضح أن عمليات تسليح مجموعات وعناصر حزب المستقبل بدأت منذ حوالي أربع سنوات، ومن خلال اجهزة المخابرات المصرية والأردنية. وأشار إلى أن تقارير الأجهزة الأمنية ومديرية المخابرات وفرع المعلومات توثق عمليات تسلح حزب المستقبل.
ووصف أمين الهيئة القيادية في حركة "المرابطون" مسلحي حزب المستقبل بأنهم شبيهون بالعصابات المسلحة التي تنتشر في الداخل السوري، فهم أصبحوا مجموعات متنافرة لا يمكن ضبطها بقيادة معينة.
الضاهر والتمويل السعودي
وتعليقاً على تسليح حزب المستقبل للمجموعات المسلحة في الشمال، قال حمدان إن هناك جماعات تأتمر بأوامر سعودية وتتلقى تمويلاً منها، مشيراً إلى أن النائب خالد الضاهر بات يزور السعودية ثلاث مرات أسبوعياً.. وسأل حمدان: هل يتم مراقبة حركة تنقل وعبور الأموال في مطار بيروت؟ وهل يجري تفتيش الطائرات الخاصة التابعة لمسؤولين لبنانيين وخليجيين؟؟
وقال: إذا كان ثمة من يلوّح اليوم بالفتنة "السنية-الشيعية" فلتكن، وسيتبين للجميع أن المعركة لن تكون على أساس مذهبي بل على أساس الولاء والعداء للمقاومة أو للكيان الصهيوني.
وأضاف أن سلاح المقاومة تمكن من تحقيق معادلة الردع أمام العقل الجرمي الإسرائيلي منذ ما قبل التحرير عام 2000. وتساءل من المستفيد من إطلاق معادلة "سلاح سني مقابل سلاح شيعي"؟ مؤكداً أنه سلاح مقاوم يقابله سلاح يأتمر بالأوامر الأميركية، التي لا تختلف سياستها عن السياسة الاسرائيلية في الشرق الأوسط لأن الأمن القومي الاسرائيلي فيهما فوق كل اعتبار. وتابع ماذا عن حملة نصرة الشعب السوري التي أطلقتها السعودية كيف سيتم توزيع هذه الأموال؟؟
وكشف حمدان أن ماكين أبلغ في زيارته الأخيرة وليد جنبلاط أن نحو 100 مليون دولار مخصصة للنازحين السوريين، ما دفع بجنبلاط لأن يكلف وائل أبو فاعور بالإمساك بملف النازحين عله يتمكن من وضع يده على المساعدات، وعلماً بأن قراراً بهذا المجال يجب أن يتخذ على صعيد مجلس الوزراء مجتمعاً، بحسب العميد حمدان.
وبرز في كلام حمدان عتب على الوزراء الوطنيين الذين لا زالوا يلتزمون الصمت إزاء ما وصفها بعملية النصب التي يرتكبها فريق جنبلاط، مشيراً إلى أن ما هو أخطر هو أن يقترح أبوفاعور إيفاد أشخاص للخارج تحت عنوان تحصيل مساعدات للنازحين، لافتاً أن هذه المساعدات تدفعها أجهزة إستخبارات دولية لها مشاريع في المنطقة وتمول الإرهابيين في سورية. وقال حمدان إنا علينا أن نسأل رئاستي للجمهورية والوزراء وأيضاً الوزراء الوطنيين: هل يتحمل لبنان زجه بالأزمة السورية؟؟
الرئيس سليمان وجوائز الترضية
وتوقف حمدان عند مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من الأزمة السورية، قارئاً فيها جوائز ترضية لفريق 14 آذار، لجرهم للعودة إلى طاولة الحوار.
وقال العميد حمدان إن مذكرة لفت النظر التي سلمتها الخارجية اللبنانية إلى السفير السوري مؤخراً كانت ترجمة لإستياء الرئيس ميشال سليمان ولخضوعه للترهيب الأميركي، مشيراً أن جوائز الترضية لم تعد تنفع مع 14 آذار بعد تعيين بندر بن سلطان كرئيس للمخابرات السعودية وابتعاد آل سعود عن المشهد السياسي لتتمحور تبعية قوى 14 آذار بالولايات المتحدة الأميركية حصراً.
وأضاف أن هناك فوضى عارمة في الممارسة السياسية في البلاد. وأوضح أن المعركة اليوم بيننا وبين "إسرائيل".. وأن أي مكاسب قد يحققها العدو الإسرائيلي ستغير معالم المنطقة لتغيب عن الخارطة السياسية الدول المتكاملة ويحل محلها إمارات ودويلات طائفية.
"هناك وقائع كانتونية على الساحة اللبناني تبرز في الخطاب المذهبي لبعض نواب الشمال. وسمير جعجع يعلم أن من المحال أن يكون رئيساً للجمهورية اللبنانية، وكذلك وليد جنبلاط يدرك انه لن يرأس دولة للموحدين الدروز تمتد من فلسطين مروراً بلبنان إلى سورية ولذلك فهما يكتفيان بالكنتونات" اعتبر حمدان.
وختم أمين الهيئة القيادية في حركة "المرابطون" العميد مصطفى حمدان حديثه لموقع المنار مؤكداً أن المعركة تكتسب أهميتها من كون سورية تشكل الضامن الأساسي لحفظ استقرار المنطقة ومواجهة مشاريع التقسيم.
تصوير: وهب زين الدين