29-11-2024 07:45 PM بتوقيت القدس المحتلة

في "الغالبون" حكاية العمالة وتفككها تروى بالدم والروح

في

في "الغالبون 2" تمكنّ الممثلون الذي أدوا هذا النوع من الأدوار من إشعارنا بمرارة الأسى الإنساني على خسارة القيم الأخلاقية. ليليان نمري، لم نتوقع لها أن تقدم لنا هذه البراعة في تقديم ذلك الحقد والإجرام

موقع للعملاء في مشهد من الغالبونعشر حلقات من مسلسل "الغالبون 2"، عرضت حتى الأن، والقصة بدأت في تعقيداتها، ولعل السؤال الأول الذي نطرحه إثر مشاهدتنا لها هو كيف يمكن للمرء أن يتحول إلى عميل يخون بلده وأبناء وطنه، في تلك الفترة التي يجسدها المسلسل، حيث كان جيش العميل انطوان لحد منبسط الوجود بين سفوح جبال الجنوب، جعل العمالة جزءا من المعاش اليومي المفروض على الأهالي، فكنت تجد العميل المنخرط طوعا والأخر المكره اضطراراً، إلا أن كل الأسباب لا تبرر للعميل عمالته.

 

 

ليليان نمري : المسلسل وثيقة تاريخية والعمالة شيء بشع
في "الغالبون 2" تمكنّ الممثلون الذي أدوا هذا النوع من الأدوار من إشعارنا بمرارة الأسى الإنساني على خسارة القيم الأخلاقية. ليليان نمري، الممثلة التي عرفت بأدوارها الكوميدية، لم نتوقع لها أن تقدم لنا هذه البراعة في تقديم ذلك الحقد والإجرام الذي يختزن شخصية العميل. تقول لنا :" كنت أسمع الكثير عن تعذيب الأسرى داخل المعتقلات، ولكن عندما دخلت في اللعبة إلى عمقها ورأيت بالفعل كيف تجري عمليات التعذيب رحت أتساءل بشكل يومي كيف كان هؤلاء العملاء ينامون ليلا، ألم يكن لديهم من ضمير يؤنبهم ؟، ففي مشهد قاس جدا كان صعب علي القيام به بقيت أبكي طوال الليل وحكمتني الرجفة وذهبت إلى الفندق وأنا أتمنى لو قبل معي المخرج ان ألغي المشهد .. ولكن من المفروض أن أعمله.. حيث أقوم بضرب أحدى الفتيات المعتقلات وهي تصلي .. هذا المشهد ما زال يؤثر في كثيراً".

ليليان نمري خلال الحفل التكريم لأسرة الغالبونولكن كيف قبلت ليليان نمري لعب الدور، ما دام هذا الأثر الكبير حاضرا فيها؟!.. هي تؤكد أن أسباب مشاركتها في المسلسل عديدة، أهمها أنه، أي المسلسل، "دخل التاريخ، وكل ممثل لم يشارك في الجزء الأول تمنى المشاركة في الجزء الثاني، وأنا واحدة منهم. وعندما عرض علي العمل فيه، وافقت على الفور حتى دون أن أعرف الدور المطلوب مني، ولكن أول ما طالبت به أني لأ أقبل بدور أحكي فيه اللغة العبرية، ممكن أن أرتدي البذلة أو غيرها ولكن التكلم باللغة العبرية أمر مرفوض عندي لأنها مسألة مبدأ وموقف وطني مني حتى في التمثيل. هو المسلسل كله رسالة اجتماعية إنسانية دراما تحكي عن المقاومة عن الشباب الذين استشهدوا ..كلنا يجب أن نعمل في مثل هكذا انتاج ضخم. فهو يعدّ وثيقة تاريخية وحتى لو كانت المشاركة بكلمة واحدة أبي علمني أنه ليس هناك من دور كبير أو صغير بل عمل مؤثر ، فعندما قيل لي أن الدور صغير لم اعترض المهم عندي أنه يقول شيئاً .. والأستاذ رضوان زاد لي تسعة مشاهد أضافية عن المكتوبة لأن دوري يتحمل ذلك".

طلال الجردي: قسوة الحياة عندما تحول المناضل إلى عميل !!
الممثل طلال الجردي يخبرنا أنه عرض عليه المشاركة في الجزء الأول، ولكن لارتباطاته الفنية العديدة لم يتمكن من ذلك، إلا أنه وفق للعمل بالجزء الثاني. "أنا سعيد جدا في هذه المشاركة على جميع الصعد خصوصا بالتعامل مع المخرج رضوان شاهين. هو مخرج رائع وحيوي متفاعل مع الممثل إلى ابعد الحدود، المجموعة الزملاء كلهم كانوا رائعين في أدائهم رغم ضخامة العمل فمجهود جبار أن ينجز هذا العمل لأنه لم يكن سهل أبدا..". في أدائه الذي يجسد دور عميل، يبين لنا الجردي كيف ينسحق إنسان مناضل تحت متطلبات الحياة اليومية لأسرته ويصبح عميلا "


طلال الجردي خلال حديثه لموقع المناردوري في المسلسل هو رجل كان مقاوما أيام الاحتلال في السبيعينيات، ولكن مع مرور الأيام تتغير ظروفه المادية وتصبح صعبة، وزوجته من الناس الشجعين الذي يحبون المال لا فرق عندهم من أي باب أتى. ولديه ولد بحاجة لدواء مستمر فيتورط في العمل مع المخابرات الأميركية في البداية ليتضح أنه يعمل مع الموساد الإسرائيلي ويجر شيئا فشئيا إلى فخ الخيانة الوطنية .. والمخرج يتدخل في السيناريو لينهي هذا الدور بشكل فيه مفاجأة كبيرة..".

 

 

الممثل حسن فرحات : ليس أي ممثل قادر على أداء دور العمالة فكيف بدور "الجلبوط"
الممثل حسن فرحاتأبهرنا الممثل حسن فرحات في دوره في فيلم "خلة وردة" حيث أتقن دور العميل في خفة وحيوية وهو يكمل الأداء بالفاعلية ذاتها في "الغالبون" في دور الجلبوط. ولكن المفارقة أن الممثل حسن فرحات هو في الواقع أخ الشهيد القائد إبراهيم فرحات في المقاومة الإسلامية ومن البيوت الجنوبية التي اشتهرت بمساهماتها في مسيرة هذا الخط. الجلبوط العميل الجنوبي الذي أرهب أهالي القرى بإجرامه مستندا إلى وجود الاحتلال الإسرائيلي. ولكن لأداء دور الجلبوط كان لا بد من ميزة خاصة. يقول فرحات :" هناك أدوار لعشرات من العملاء، ولكن القدرة أن تنجز الفرق بين عميل وعميل وأن يحس المشاهد بهذا الفرق بشكل ملفت وهذا كاريكاتير، يفرض من الممثل أن يعمل على نفسه بشكل متواصل .. هذه الأدوار حتى عالميا ليس بمقدور كل الممثلين أن يؤدوها.. وأنا أقوم ببحث خاص قبل أن ألعب الشخصية كي أتحكم بمفاصلها وبحكم بيئتي فأنا تربيت بالجنوب أعرف تفاصيل حقيقية عشتها عن قرب هذا ساعدني كثيرا على أداء روحية الشخصية وتلبسها الدور الفاعل وكنت ممن تعرض لهم العملاء بالسوء.. فأنا بطبعي أحيا الشخصية إلى الأعلى وأنا بحكم تجربتي في العمل الدرامي في أوروبا وامستردام أكره الحكي كتير ابل الصعوبة أن تعرفي كيف تعبرين بتعابير وجهك وملامحه وحركات جسدك والسينما هي عيون من لا يعرف كيف يلعب بعيونه لا يجيد اي دور.. من هنا كنت أخضع للمكياج أكثر من ساعة يومياً ليساعدني في أداء دور الجلبوط.. وكان هذا عذابا إضافيا..".


وعما إذا كان يخشى رد فعل الناس تجاه هذا الدور:" ردة الفعل السلبية من الناس تجاهي تفرحني بالحقيقة، فهذا تقييم لي عن مدى تمكني من توصيل ذلك الإحساس الذي يثيره فيهم العميل من اشمئزاز وكراهية نسبة لأعماله الأجرامية واعتداءاته على الأهالي وتعذيبه للمعتقلين فقد تمكنت أن أوصل تفاصيل هذه الشخصية البشعة إنسانيا .."

يوسف حداد: المسلسل جعله يؤمن نحن للموت لا نخاف منه ونحن أيضا أبناء الحياة
الممثل يوسف حداد لا يخفي فرحته بالاستمرار في "الغالبون"، وهو متفاعل إلى أبعد الحدود مع ما يطرحه المسلسل من ثقافة المقاومة ورسالته الإنسانية :" استمراري في الجزء الثاني هو الانتماء الوطني وإيماني بهذه القضية، وإيماني أن الجزء الأول دفع قسما كبيرا من الجمهور العربي واللبناني وحتى الجمهور الإسرائيلي نفسه ليتعرف على حقيقة المقاومين وليحثه على تصديق مقولتهم بأن الأرص لهم وليست لليهود.. إضافة إلى المعاملة الإنسانية الرائعة من فريق عمل المنار، حيث يجعلك تكتشفين أن المقاوم ليس هو ذلك الشرس في مواجهة اليهود بل هو الأخلاقي والإنساني في معاملات الحياة.. وهذا يجعل هذه الأرض الطاهرة تحافظ على طهارتها طالما نحن متمسكون بهؤلاء الشبان العظام الذين لا ينامون الليل من أجل  أرضهم وأكيد أكيد نحن دائما الغالبون..".

الممثل يوسف حداد في حديثه لموقع المناروعن دوره في الجزء الثاني، يقول حداد :"دوري يتطور في الجزء الثاني حتى يصير أكثر عمقاً وصعوبة في التعامل مع اليهود، هو دور العميل المزدوج الذي عنده حقد كبير على اليهود وإيمان كبير بالقضية، وهو يضطر لمصافحة الصهاينة يدا بيد لمصلحة المقاومة ، المصلحة الكبرى اقتضت أن يكون عميلا مزدوجا والحمدلله "والعصر أن الإنسان لفي خسر" هذه الأية الكريمة مثل آيات كثيرة قلتها بلمسلسل تفسر إيماني الكبير بالقضية التي هي قضية موت أو حياة نحن للموت لا نخاف منه ونحن أيضا ابناء الحياة".

 

 

المخرج شاهين:  "الغالبون" حكاية أفراد وهبوا أنفسهم نفيهم حقهم
رضوان شاهين الذي يقدّم على الأقل مسلسلاً ضخماً كل عام منذ سنة 2002 هو مَن تولّى إخراج الجزء الثاني من "الغالبون". شاهين الذي نال جائزة التميز والابداع في الإخراج من مهرجان القاهرة عن مسلسل "باب الحديد" وكذلك جائزة التميز والإبداع في الإخراج عن مسلسل "لشو الحكي"، والجائزة الفضية في مهرجان تونس عن مسلسل "كوم الحجر"، والجائزة الذهبية في مهرجان تونس عن مسلسل "الحوت"، والجائزة الذهبية عن مسلسل "بوابة القدس".


المخرج رضوان شاهين في حديثه لموقع المنار"أنا عادة أعمل على أعمال مقاومة ذات انتاج ضخم الأعمال التي فيها حس وطني ومقاوم أعمال لا أتخلى عنها ..". وعن ما يميز الغالبون عن غيره من الأعمال التي أخرجها، يقول:" هنالك أكتر من اختلاف.. اختلاف الميديا اختلاف الممثلين واختلاف الطبيعة اللبنانية ومعها الحدث، فأنا لا أعمل على حدثين متكررين، فالغالبون حكاية أفراد وهبوا أنفسهم دفاعا عن وطنهم ويضيئون شمعة لبقية الناس.. وما وصلنا إليه هو ثمن جهادهم واستشهادهم فنحن نحييهم في هذا العمل ونحاول قدر الإمكان أن نفيهم حقهم..

وأحاول قدر الإمكان أن أتسامى لروح العمل الحقيقي وأأن أعطيه حقه ..". وكان لافتاً أجماع الممثلين حول قدرة المخرج رضوان شاهين في تطويع الممثل والمشهد معاً،فسألناه عن سر هذا الإجماع :" أنا من مدرسة المخرجين الذين يحبون الممثل ويتعاطون معه بحرفية وتأخذ منه أقصى طاقة فيه، الممثل ليس عندي حجر شطرنج أنقله أو أحركه كيفا أريد بل أعده عنصرا من عناصر الإبداع الفني التي تتوزع بين الديكور وألية الكاميرا ومن تشكيل وتكوين وحتى في الموسيقى. وقدرتي على كيف أثير فيهم هذه الحركة من الإبداع هذه كلها رؤية لي أنفذها خلال العمل الإخراجي. لكن يبقى الممثل عندي هو العنصر الأهم فأنا والممثل ممكن أن نستلب قلب المشاهد ونوصل الرسالة بأسرع ما يمكن ..". ولا يتردد المخرج شاهين في الإعلان عن أمله في أن يكون مخرج الجزء الثالث من الغالبون، "فأنا أعشق هذا النوع من الأعمال وأبحث عنها..".