23-11-2024 06:13 AM بتوقيت القدس المحتلة

السعي لإسقاط سورية من سقوط بغداد 2003 إلى درعا 2011

السعي لإسقاط سورية من سقوط بغداد 2003 إلى درعا 2011

خلال سنوات الرئيس (بوش) كان لـ (بندر بن سلطان) دور، ولما يسمى بمحور الاعتدال بقيادة مبارك دور في السعي لإسقاط الأسد، واليوم يعود بقايا هؤلاء للظهور واللعب،

كتب نضال  حمادة
 
الوجوه هي نفسها، والشخصيات هي ذاتها، والوسائل لم تتبدل. أما الرواية فتتغير حسب الظروف، وهنا تغيرت المصطلحات لتتلاقى مع حملة السقوط التي تلاحق أنظمة عربية طالما عرفت بولائها لأميركا ابتداء من نظام زين العابدين بن علي، مرورا بحسني مبارك، وانتهاء بالنظامين اليمني والبحريني.


هنا تبقى سورية ورئيسها الهدف الكبير، حاليا كما في السابق، للولايات المتحدة الأميركية وما تبقى من حلفائها الإقليميين. وعندما نتهم الولايات المتحدة وبقايا حلفائها في محور الإعتدال كما يسمى، فلأننا نشاهد حاليا في الواجهة نفس الوجوه التي شهدناها منذ سقوط بغداد عام 2003 وصدور القرار الدولي 1559 الذي أريد منه أن يكون استكمالا لعملية احتلال العراق وبناء هيكل الشرق الأوسط الجديد، كما أراده بوش والمحافظون الجدد.

في العام 2003 وبعد أسبوع على سقوط بغداد أتى وزير الخارجية الأميركي يومها (كولن باول) إلى دمشق واضعا أمام القيادة السورية جملة شروط، ومما قاله (باول) لـ (فاروق الشرع) ومن ثم للأسد إن الوضع الاستراتيجي تغير وأن الولايات المتحدة أصبحت محاذية لسورية، في إشارة إلى احتلال الجيش الأميركي للعراق. (باول) طرح ورقة من سبعة عشر شرطا قائلا للشرع، الذي استنكر طريقة التعاطي الأميركية الفظة، ليس هناك من تفاوض بين قوي وضعيف.

هذا الكلام ردده على مسامعنا مصدر عسكري فرنسي قائلا إن عدد الشروط بلغت سبعة عشر شرطا وقد أكد لي هذا الكلام مصدر في المعارضة السورية في باريس وكان هذا في العام 2003.

(ريشارد لابفيير) صاحب كتاب "القصة السرية للقرار 1559" كرر لنا الحديث ذاته عن شروط أميركية تبدأ بالعراق وتنتهي بفلسطين ولبنان. مصدر أردني روى لنا أيضا واقعة عن الرئيس بشار الأسد في لقاء مع شخصيات سياسية واجتماعية أردنية. ومما قاله الأسد للوفد إن (باول) اشترط تعاونا أمنيا في العراق، وطرد فصائل المقاومة الفلسطينية من دمشق، وقطع العلاقة مع المقاومة في لبنان. غير أنه فور خروج (باول) أصدر الأسد أوامر تعاكس كل ما ورد في ورقة وزير الخارجية الأميركي من شروط.

وحدّثنا (ريشار لابفيير) أيضاً عن قرار أميركي - فرنسي بإسقاط الرئيس بشار الأسد كان قد اتخذ خلال قمة النورماندي خريف عام 2003، وذكر في كتابه تفاصيل عن كلام الرئيس الفرنسي السابق (جاك شيراك) عن حتمية سقوط الرئيس بشار الأسد في حال انسحب الجيش السوري من لبنان، وكان هذا خلال عشاء جمع الرئيسين  (جاك شيراك) و(جورج بوش) على هامش القمة المذكورة.

أنتجت قمة النورمندي عام 2003 حلفا فرنسيا أميركيا ضد سورية والمقاومة في المنطقة، تمخض عن القرار الدولي 1559 الذي بقي حبراً على ورق حتى حصول عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري لتشكل رافعة لتنفيذ هذا القرار بجانبه السوري، مما أدى إلى انسحاب سريع للجيش العربي السوري من لبنان. كما أنتج هذا القرار محورين سياسيين في لبنان وسورية أوكلت إليهما مهمة تنفيذه سياسيا على الأرض.


شكل في لبنان تحالف ما كان يسمى بقوى 14 آذار، وفي سورية شكل تحالف سمي "ربيع دمشق" ومن ثم  أطلق عليه اسم "إعلان دمشق"، فضلا عن تحالف آخر، فرض بقوة الدفع الأميركية - الفرنسية رغم غرابته، بين (عبد الحليم خدام) وجماعة الأخوان المسلمين في سورية تحت ما كان يسمى جبهة الخلاص.

في تلك الأعوام ظهرت أسماء مغمورة وأخرى معروفة جمعها التأييد للمشروع الأميركي في المنطقة والمتعطش لإسقاط سورية ونظامها، رغم أن العديد من هؤلاء كان من عتاة منظري الشيوعية وقياداتها في سورية ولبنان.

في أحداث درعا وتوابعها في سورية حاليا عادت الوجوه نفسها والأسماء ذاتها للظهور في المقدمة محتلة صدارة شاشة التلفزة، وفُتحت لها مقرات الصحافة والإعلام في الغرب، وفي فرنسا على وجه التحديد، كما تشهد مدن الغرب هذه الأيام.

في سنوات (بوش) و(شيراك) ظهر (أنس العبدة) الذي أنشئت له واشنطن قناة (بردى)، وهو اليوم عاد  للظهور بعد فترة غياب. ثم هناك (عبد الرزاق عيد) الذي يدير "إعلان دمشق" في الخارج، ولكن هذه المرة ممثلاً بابنه.

هناك أيضا جماعة (عبد الحليم خدام) وجماعة (رفعت الأسد)، وبعض هؤلاء كان من المحيطين بـ (محمد زهير الصديق) وقد عادوا كلهم إلى الظهور في وسط هذه المعمعة، وضاقت بهم ساحات العاصمة الفرنسية من جديد، ولم تتسع منتديات الإعلام والصحافة فيها إلا لهم، فنظموا مؤتمراً في نادي الصحافة الأجنبية التابع لوزارة الخارجية الفرنسية، واستقبلتهم وسائل الإعلام الفرنسية كما كانت تفعل أيام (شيراك).


وخلال الأحداث الأخيرة كان لجماعة رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية (سعد الحريري) دور كبير وإن كان مخفيا، وكان موقع المنار قد نشر تقريراً عن عودة اتصالات بين مقربين من (الحريري) وجماعة "إعلان دمشق" بعد فترة انقطاع، وكان هذا قبل اندلاع الأحداث بدرعا بعشرة أيام.
 
خلال سنوات الرئيس (بوش) كان لـ (بندر بن سلطان) دور، ولما يسمى بمحور الاعتدال بقيادة مبارك دور في السعي لإسقاط الأسد، واليوم يعود بقايا هؤلاء للظهور واللعب، ولكن هذه المرة من دون (حسني مبارك).

عاد المحور نفسه ليلعب اليوم بالأمن السوري عبر عروض للتسليح وإرسال هواتف ثريا وشرائح  هواتف إماراتية وأردنية وتعليمات بالهاتف كانت توجه لناشطين على الأرض في عملية كادت تكون مكتملة، سوف نروي تفاصيل مثيرة عنها في الأيام القليلة القادمة.