ووصف رئيس أكاديمية دراسة المشاكل الجيوسياسية إستحقاق الإنتخابات الإميركية بالخطر الأكبر على سوريا،
احمد الحاج علي- موسكو
قلل رئيس الأكاديمية الروسية لدراسات المشاكل الجيوسياسية الجنرال ليونيد إيفاشوف من خطورة بروز ازمة حكومية سورية بعد إقالة أو إنشقاق رئيس الوزراء السوري رياض الحجاب الذي لم يدم مقامه شهرين على راس الحكومة السورية.
وبحسب رأي إيفاشوف فإن حجاب لم يكن من فريق الرئيس بشار الأسد بل فرض عليه نتيجة ضغوطات، و الظاهر أن ما يسمى بأجهزة إستخباراتية غير حكومية، قامت بعملها معه. وأضاف أن أي تغيير وزاري في سوريا ليس بالأمر المستهجن بل هو أمر طبيعي في ظل الظروف التي تمر بها سوريا، و قد تتعدد الآراء لدى القيادة السورية و لكنها موحدة حول فكرة أساسية و هي القناعة بتسوية الأزمة عن طريق عملية سياسية.
إيفاشوف كشف أن دراسات أكاديمية المشاكل الجيوسياسية التي يترأسها، أفادت منذ فترة طويلة عن حملة ممنهجة ضد سوريا تتألف من أربعة مراحل جرى إستبدال المعارضة السياسية بعصابات مسلحة في مرحلتها الثالثة و هذا لا يعد خروجا عن المنهج المرسوم للمؤامرة المركزة الكونية على سوريا.
و يقيم الجنرال إيفاشوف الموقف الروسي و سياسة الإدارة الروسية تجاه سوريا بالصحيحة و لكن مع الأسف ما تزال سلبية إلى حد بعيد في تعاطيها مع أهمية و خطورة الحدث الذي دون شك له تبعات مباشرة على الأمن القومي الروسي، و المصالح الروسية، و سلبية بمعنى أنها دفاعية في الوقت الذي يجب أن تكون فيه هجومية ، ففي ظل واقع تكاثرت فيه تصريحات التدخل الخارجي في شؤون دولة ذات سيادة من قبل دول عربية و غربية عديدة، و أشكال الدعم الذي تتلقاه مجموعات معارضة من بناء "جيش" "حر" و توصيل السلاح و الخبراء من ضباط أجانب و مقاتلين من جنسيات مختلفة، و جميع اشكال الدعم المادي و الإعلامي الأخرى و تدخل السفراء الأجانب قبل أن يسحبوا إلى بلادهم بوقاحة محرضين المعارضة على عدم الدخول في حوار ، نرى الدبلوماسية الروسية خجوله في ردها.
ويقول إيفاشوف: روسيا و الصين يمسكون بالوضع في مجلس الأمن، و لكن أنظروا كيف يتم التعاطي، لا أريد أن أن أوجه الإنتقادات بحق بلدي و لكن، انظروا كيف تحاول روسيا بحذر شديد إعادة المروحيات السورية التي تم إصلاحها في روسيا إلى سوريا! و ذلك لأن نخبتنا لا تريد تعقيد العلاقات مع الغرب و إذا تذكرنا كلمات دجيرزينسكي ،" لمن تنتمي هذه النخبة؟" في الوقت الذي تحفظ نخبتكم تريليوناتها من الدولارات في حسابات البنوك الأميركية، ففي الواقع ليس الكل يريد أن يتخطى حاجز الممانعة أو المقاومة للولايات المتحدة، و كما يقال ان شاء الله بوتين ممسك بهذا الخط الممانع و لكن لا يستطيع أكثر من ذلك.
إيفاشوف الذي عمل خلال خدمته على ملف يوغوسلافيا يرى ان دور كوفي عنان شبيه بدور السيد هولبروك المبعوث الخاص لقوات التحالف الدولية في يوغوسلافيا، و لكن ممكن أن لا يكون على علم بحقيقة الدور الذي كلف به، فكان المطلوب تمويه الوضع ليبدو و كان السيدة كلينتون لا تطالب فقط بالقصف و بضرب سوريا لا بل انها أيضا تبحث عن حل سياسي ما!
و لفت إيفاشوف إلى أوجه الشبه بين تصريحات وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ و رأس حربة الإعلام النازي لدى هتلر و أمانيا الفاشية جوزيف غوبلز، و ذلك في إشارة لما ورد في كلام الوزير البريطاني عن أنه من المطلوب المزيد من القتل و لا ضير في سقوط المزيد من الضحايا، حتى تعي روسيا و الصين خطأهما.
ووصف رئيس أكاديمية المشاكل الجيوسياسية إستحقاق الإنتخابات الإميركية بالخطر الأكبر على سوريا، وقال : اليوم اوباما و مستشاروه و فريق عمله قد بدأ عمليته ضد سوريا، و هم خططوا أن يجلبوا رأس الرئيس الأسد بالمعنى السياسي و يضعوه في مصلحة حملتهم الإنتخابية ، و حظوظ أوباما قد ضعفت اليوم بعد أن خسر ورقة بن لادن التي إستعملها سابقا. و اليوم عليه اي اوباما ان يسقط نظام الاسد و يعلن عن إنتصاره السياسي، دون ان يبالي بآلاف الضحايا الذين يجب أن يضحى بهم من أجل ذلك! و هنا ما يقلق أنهم قد يذهبون إلى أية مغامرة و نحن نراقب ضغوطات قوية على المملكة السعودية و على قطر و الاردن و من يدور في الفلك الإميركي، كي يدخلوا قواتهم مباشرة في الصراع، تحت أي عنوان سواء أكان ذلك البحث عن الأسلحة الكيميائية أو بعنوان مهمة إنسانية!
و لكن من ناحية أخرى أشار إفاشوف إلى ناحية إيجابية في إستطلاعات الرأي العام الأخيرة في الولايات المتحدة التي تشير إلى 27 % فقط من الأميركان يؤيدون هكذا سيناريو عسكري ضد سوريا و قال:هنا أوباما أيضا محشور في زاوية، فهو لا يستطيع تنفيذ العدوان بنفسه بشكل مباشر و لا يستطسع إعطاء الأمر لبدء عملية عسكرية، هذا يعني أنه سوف يستمر في إستعمال من يدور في فلكه من أتباع.
من ناحية أخرى يعول الخبير الروسي آمالا على دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى السعودية لحضور القمة الإسلامية، الزيارة التي من الممكن أن تحدث خرقا بالمعنى الإيجابي في الأزمة التي تدور رحاها في سوريا حاليا كما لها تأثير على الوضع في المنطقة ككل ، و تضع حدا لما يُحَضَّر من إقتتال على خلفية مذهبية طائفية في الشرق الأوسط. علما أنه في ما تشير إليه تقديرات دراسات أكاديمية المشاكل الجيوسياسية أن الدور التالي بعد سوريا سيأتي على تركيا و المملكة السعودية و بوادر تفتت هذين الكيانين باتت قريبة للواقع، إلا أنه يوجد إحتمال يراه الخبير الروسي واقعيا و هو ان الملك عبدالله أراد بدعوته الرئيس نجاد لحضور القمة، إيجاد ركيزة يعتمد عليها في رفضه لأوامر الولايات المتحدة العسكرية.
و في الختام يرى إيفاشوف أنه توجد أرضية اليوم لإطلاق عملية سياسية صحية في سوريا، و تكلم عن تغيُّر في وعي و موقف شرائح معارضة عديدة من المجتمع السوري حتى من بين الذين كانوا يُحَسبون متشددين تجاه النظام الحالي، و ذلك عبر إقتناعهم بعملية حوار سياسية وطنية شاملة.