28-11-2024 12:48 PM بتوقيت القدس المحتلة

تطاول المرعبي على الجيش.. متى تتحرك الدولة للحفاظ على هيبتها؟

تطاول المرعبي على الجيش.. متى تتحرك الدولة للحفاظ على هيبتها؟

تنص المادة 39 من الدستور اللبناني على انه: "لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء مجلس النواب بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته".

تنص المادة 39 من الدستور اللبناني على انه: "لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء مجلس النواب بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته"، هذه المادة هي التي تسمح للنائب في لبنان ان يعبر عن افكاره بشكل جريء دونما خوف يعتريه من ملاحقة قانونية أيا كانت، وهذا ما يعرف بالحصانة التي يتمتع بها النائب امام القضاء.
 
 
ولذلك نرى النواب يتكلمون كيفما يشاؤون دون خوف من ان يحاسبوا على كلامهم ومواقفهم سواء تلك التي يطلقوها في المجلس النيابي او في المنابر الاعلامية او حتى في مهرجاناتهم السياسية وفي كل مكان امكن لهم ذلك، ولكن هل للنائب ان يتجاوز كل الخطوط الحمر وينتهك كل الحرمات ويساهم في اضعاف هيبة الدولة تحت عنوان ان لديه حصانة، صحيح ان الحكمة وفلسفة اعطاء الحصانة للنائب هي ان يمارس دوره دونما عائق يمنعه من ممارسة مهامه، لكن هذا لا يعني ان تتحول الحصانة الى سبيل كي يتهرب النائب من المسؤولية عند ارتكابه اعمالا ان لم تتخذ الصفة الجرمية، الا انها لا تصب في مصلحة الوطن او انها قد تضر به بشكل فادح وكبير.
 
 
وهنا يتبادر الى الذهن الاقوال والافعال التي قام ويقوم بها بعض النواب في لبنان من خطابات مليئة بالاستفزازات الطائفية والتحريض المذهبي وصولا الى التطاول على الدولة وضرب هيبتها وهيبة مؤسسات من الجيش اللبناني الى بقية الاجهزة الامنية، وفي سياق ذلك طلبت قيادة الجيش اللبناني من النيابة العامة الى التحرك ضد عضو كتلة "المستقبل" النيابية النائب معين المرعبي الذي لم يوفر فرصة (وزميله في الكتلة النائب خالد الضاهر) قبل هذا الادعاء من قبل قيادة الجيش وبعده الا وتهجم فيها على القيادة العسكرية وخصوصا العماد جان قهوجي.

 

هل هناك معنى لحصانة النائب إن ذهبت هيبة الدولة ومؤسساتها؟
 
 
فهل كل ما قام ويقوم به النائب المرعبي يمكن وصفه بأنه افكار وآراء في سياق ممارسته لمهامه كنائب عن الشعب؟ وهل الحصانة النيابية تمنع مساءلته رغم ان ما يقوم به قد يكون له تداعيات خطيرة على الدولة في لبنان الذي من المفروض ان يكون النائب صاحب الحصانة هو اكثر الغيورين على دورها وهيبتها، بل قد لا يكون هناك معنى لحصانة النائب إن ذهبت الدولة وهيبتها وضربت هيبة مؤسساتها وأُخذ البلد الى حضيض الانقسامات الطائفية التي توصل اليها مواقف البعض، وهل يمكن فعلا ملاحقة النائب المرعبي على مواقفه خصوصا بعد طلب قيادة الجيش ذلك من النيابة العامة وبعد تحرك النيابة العامة فعلا؟ أم ان الحصانة ستبقى عائقا امام ذلك وتحتاج الى اجراءات معينة من قبل مجلس النواب اللبناني كإعطاء الاذن بملاحقة او حتى رفع الحصانة كليا عن المرعبي؟ وماذا لو اعتبرت افعال واقوال النائبين المرعبي والضاهر حالات مشهودة في جرائم معينة فهل ستحتاج النيابة العامة الى اذن كي تلاحقهما ام ان هذا الشرط يسقط بما يجعلهما عرضة للملاحقة القانونية عملا بنص المادة 40 من الدستور اللبناني؟ 

 

سعد الله الخوري: اذا وجد ما يستوجب الملاحقة القانونية للنائب ترفع الحصانة عنه من قبل مجلس النواب
 
حول هذه التساؤلات توجهنا الى الخبير الدستوري الدكتور يوسف سعد الله الخوري الذي قال إنه "لا أحد يستطيع ان يلاحق النائب لوجود الحصانة النيابية التي تقرر له بصفته ممثلا للشعب سواء وجد نص ام لم يوجد لان هذا الامر يتعلق بالانتظام العام"، واضاف ان "النائب لا يستطيع ان يتنازل عن حصانته بقرار فردي منه لانها ليست ملكه بل هي ملك الشعب الذي يمثله وكل كلام عن تنازل النائب عن حصانته هو كلام سياسي ليس إلا".
 
 
ولفت سعد الله الخوري الى انه "اذا وجد ما يستوجب الملاحقة القانونية للنائب ترفع الحصانة عنه من قبل الهيئة العامة لمجلس النواب بعد مطالعة تفصيلية من النيابة العامة ترسل بواسطة وزير العدل الى رئيس المجلس الذي يدعو مكتب المجلس الذي يضع تقرير حول القضية ويسلمه الى رئيس المجلس الذي قد يتوسع فيه قبل ان يحيله الى الهيئة العامة للمجلس"،

وأشار سعد الله الخوري الى ان "الهيئة العامة تأخذ القرار بالاكثرية النسبية من الحاضرين بعد ان يكتمل النصاب القانوني"، واضاف ان "النصاب القانوني للجلسة يكتمل بحضور 65 نائبا اي نصف عدد النواب البالغ 128 وعندها يكون المجلس قد قرر رفع الحصانة واذا لم ترفع يكون قد سقط الطلب".
 

الخوري: الادعاء على المرعبي لا يكون من قيادة الجيش اللبناني بل من الدولة اللبنانية
 
واوضح سعد الله الخوري ان "الادعاء لا يكون من قيادة الجيش اللبناني لان الجيش ليس له الشخصية المعنوية بل الادعاء يكون من الدولة اللبنانية ممثلة بهيئة القضايا في وزارة العدل التي هي تمثل الدولة في الادعاء امام النيابة العامة"، وشدد على "ضرورة الحفاظ للنائب على حصانته كي يقوم بدوره على اكمل وجه بما يمثل الامة"، واكد ان "الحصانة تسقط حكما اذا ما وجد النائب متلبسا بالجرم المشهود(المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبنانية)"، واضاف ان "الاصل ان النائب إن تكلم فهو يتكلم خدمة للناس وللمجتمع والنفع العام وليس للاعتداء والمس بكرامات الجماعات والاشخاص وهنا يجب ان ترفع الحصانة لانه بذلك يضرر ويمس بالصفو العام الموجود في البلد".
 
 
وأكد سعد الله الخوري انه "في كل مرة يوجد فيه تجاوز يجب ان يمارس مجلس النواب صلاحياته لرفع الحصانة"، وأسف ان "هناك العديد من الحالات التي تستوجب رفع الحصانات ولكن هذا لا يحصل في لبنان"، وقال الخوري إن "الحديث عن محاسبة المسؤولين برفع الحصانة المفروض ان يطبق في الدولة الصالحة دولة القانون والمؤسسات التي يخضع فيها الجميع لسيادة القانون"، ورأى ان "في لبنان لا توجد دولة قانون"، والدليل على ذلك التطاول على سيادة وهيبة الدولة اللبنانية من دون محاسبة من قبل بعض النواب ومن ضمنهم النائب المرعبي، وختم الخوري متمنيا "الوصول في لبنان الى دولة القانون حيث يخضع الجميع من نواب ووزراء ومؤسسات للقانون".
 
 
والحقيقة ان النواب الذي يعتدون ويتطاولون على كرامة مؤسسات الدولة كالمؤسسة العسكرية هم يفتحون الباب سواء قصدوا ام لم يقصدوا للتهجم على الدولة اللبنانية بكل اجهزتها بما لا يحمد عقباه على امن البلد والناس، ولذلك يجب على المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مجلس النواب باعتباره ممثلا عن الشعب اللبناني ان يقوم بدوره التاريخي في الحفاظ على كرامة الدولة ومنع المساس بها، خاصة ان القضاء اللبناني قد يكون مقيدا بنصوص القانون والدستور التي تمنعه من ملاحقة بعض الاشخاص ممن لهم حصانات معينة.