تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت عدة مواضيع كان أبرزها الإشتباكات المتقطعة في مدينة طرابلس شمال لبنان..
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت عدة مواضيع كان أبرزها الإشتباكات المتقطعة في مدينة طرابلس شمال لبنان..
السفير
واشنطن قلقة من «زعزعة الاستقرار» .. وموسكو ترفض التدخل في شؤون لبنان
طرابلس ـ الضحية: الجيش يملأ الفراغ الأمني .. والسياسي!
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة السفير تقول "بات واضحاً أن زمام الوضع في طرابلس، وبالتحديد بين باب التبانة وجبل محسن، لم يعد في أيدي القوى السياسية، بل أصبح لدى من يُعرفون بالقادة الميدانيين، الذين يتحكمون ببوصلة امن السفينة الطرابلسية، بعدما فشلت القوى السياسية في احتواء الازمة، ولم يفلح الاجتماع الموسع الذي عقد مساء امس الاول، في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس، في تأمين الاستقرار الامني، بل إن جل ما توصل اليه، هو هدنة هشة، سرعان ما سقطت بنيران القناصين، من هذا الجانب او ذاك، فيما «حضرت» الدولة عبر إصدار استنابات قضائية بحق المسلحين، الذين ثبت بالصوت والصورة ارتكابهم أفعالاً من شأنها بث الفتنة في عاصمة الشمال.
على ان فلتان السلاح والمسلحين من كل رقيب او حسيب، بالإضافة الى فشل القوى السياسية في منع انزلاق المدينة نحو مزيد من النزف، واستمرار عزف بعض المجموعات على الوتر الطائفي والمذهبي، عبر استهداف لمحال وبيوت من لون مذهبي معين، كل ذلك يلقي على الجيش اللبناني مسؤولية مضاعفة في التعاطي مع الواقع الطرابلسي كما هو، ولا سيما لجهة التشدد في تنفيذ الخطة الأمنية التي بدأتها وحداته، وتحرير المدينة من العابثين بأمنها.
في هذا السياق أكدت مصادر عسكرية لـ«السفير» على الحزم في وجه المسلحين، خاصة ان الجيش يتعرض للاعتداء على وحداته من كل الجهات، والقناصون يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية، ويوجهون رصاصهم إلى العسكريين والمدنيين الأبرياء، وهذا لن يمنع الجيش من تنفيذ مهمته، لا بل يزيده تصميماً على إكمالها واستعادة الامن وسحب المسلحين. فيما تلقى الجيش دعماً سياسياً متجدداً، عبر تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ضرورة تشدد الجيش في ضبط الوضع «والرد على مصادر إطلاق النار التي تهدد أمن المدينة، وبالدرجة الأولى السكان الآمنين في منازلهم»، لافتًا الى أن كل القيادات الطرابلسية تجمع على أولوية دعم الجيش في مهمته لإنهاء الأحداث الدموية المؤسفة.
وقد تجددت الاشتباكات بعدما استهدف قناص أحد القادة الميدانيين في التبانة، ويدعى خالد البرادعي (سلفي)، في محلة البقار ما ادى الى مقتله، فدارت اشتباكات على محور البقار ـ جبل محسن، وتمددت باتجاه «الريفا» ومنطقة الشعراني وصولاً إلى «المنكوبين». تلتها حالة من الفوضى شهدتها طرابلس رافقها انتشار مكثف للمسلحين في شوارعها، في حين قامت مجموعات غاضبة ملثمة بإحراق عدد من المحالّ، ينتمي اصحابها لمذهب معين، وقد تدخل الجيش اللبناني، وعمل على لجم هذا الفلتان.
واستمرت الاشتباكات، بشكل متقطع، طيلة يوم امس، مترافقة مع اعمال قنص أدت الى مقتل وإصابة عشرات المواطنين، المدنيين والعسكريين.
الى ذلك، لوحظ تزايد القلق الدولي حيال الأحداث في طرابلس، حيث اتهمت بريطانيا، على لسان سفيرها في بيروت توم فليتشر، النظام السوري بمحاولة تصدير أزمته الى دول الجوار، فيما دعت السفارة الأميركية في بيروت، في تعليق عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» الى محاسبة المسؤولين في النظام السوري لما اعتبرته «تورطهم في محاولات زعزعة الاستقرار في لبنان».
في المقابل، رفضت موسكو أي تدخل في شؤون لبنان، وعبرت عن قلقها من تفاقم الوضع في طرابلس، مشيرة إلى أن أي تدخل أجنبي في الشؤون اللبنانية أمر غير مقبول.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان امس، إن موسكو قلقة حيال ارتفاع مستوى العنف والمواجهات في طرابلس، وتدعـو جميع الأطراف إلى الكف عن العمليات العسكرية واحترام وقف إطلاق النار الذي تم تحقيقه بمشاركة مباشرة من رئيس الوزراء اللبناني». وجددت «دعم روسيا الثابت لسيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله ورفضها لأي تدخل أجنبي في شؤونه».
النهار
طرابلس في قبضة القنص والعنف المذهبي
الجيش: الساعات المقبلة اختبار لـ "الأجندات"
وتناولت صحيفة النهار الأحداث في طرابلس وكتبت تقول "الجولة الأخيرة من الاشتباكات التي شهدتها طرابلس أمس أوقعت أربعة قتلى و17 جريحاً على الأقل منذرة بانكشاف تام للقدرة الرسمية والجهود السياسية على لجم الموجة المتصاعدة من العنف المذهبي التي انفجرت منذ فجر الثلثاء الماضي.
واتخذ انهيار وقف النار في المدينة بعداً بالغ الخطورة مع الأبعاد المباشرة وغير المباشرة لظاهرة القنص التي أدت الى اعادة اشتعال الاشتباكات بعنف، الأمر الذي أثار مخاوف متزايدة من دخول عوامل اقليمية على خط إذكاء الصراع المذهبي وإجهاض كل المساعي والمحاولات لحصر التوتر واحتوائه وتبريد المحاور واعادة الوضع في طرابلس الى طبيعته.
وأفادت مصادر شمالية بارزة معنية بالوضع المتفجر في طرابلس، استناداً الى معطيات لدى الجهات السياسية والأمنية، أن جولة القتال الأخيرة بدت بمثابة قنص سياسي وأمني مقصود على المقررات المهمة التي خرج بها الاجتماع الموسع الذي انعقد مساء الخميس في دارة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي والتي تضمنت مجموعة اجراءات كان يمكن أن تؤدي في حال استكمالها الى بداية إخراج المدينة من محنتها المتجددة. وأوضحت أن دورة العنف بدأت مع استهداف قناصة، من مكان تعمل الجهات الأمنية المختصة على تحديده وتثبيته، الشيخ السلفي خالد البرادعي الذي قتل فور إصابته برصاصة في عنقه. وعقب ذلك سجلت موجة جديدة من القتال بين باب التبانة وبعل محسن، تبعتها موجة ثأرية واسعة من احراق محال وأكشاك تجارية تولاها ملثمون في شوارع طرابلس وتعود ملكية أكثرها الى علويين. ولم يقتصر الأمر على هذا التفجير المقصود بل تعداه الى استهداف لأفراد الجيش بالقنص فجرح منهم أكثر من سبعة عسكريين.
وأدت الاشتباكات وعمليات القنص الى احتدام عنيف للغاية وخلفت أربعة قتلى و17 جريحاً واستعملت فيها الاسلحة الرشاشة الخفيفة والثقيلة وقاذفات الصواريخ متسببة بحرائق كبيرة في منطقتي النزاع خصوصاً، كما وصلت المعارك الى أمكنة لم تشهد اشتباكات سابقاً.
وعلى رغم تراجع حدة العنف مساء أمس، تخوفت المصادر الشمالية البارزة من استمرار الدوامة التي تبدو فيها المدينة تحت قبضة القنص وتفجير القتال في أي لحظة، سعياً الى إنهاك الجيش بعمليات الكرّ والفرّ وإحباط كل الجهود السياسية لوقف حرب الاستنزاف الجارية.
وإذ لمحت الى ان الساعات الـ 48 المقبلة قد تشهد خطوات عسكرية نوعية جديدة كان أشار اليها وزير الداخلية مروان شربل، وخصوصاً على صعيد مكافحة عمليات القنص والانتشار على محاور جديدة تكفل تحقيق هذا الهدف، أضافت أن القضاء تحرك أمس لاصدار استنابات قضائية في حق المسلحين وكشف هوياتهم وملاحقتهم وتوقيفهم ولا سيما منهم من ظهر على شاشات التلفزيون. وأفادت أن الأجهزة الأمنية شرعت في تزويد القضاء العسكري صوراً ومعلومات ولوائح اسمية مفصلة بالمسلحين المعروفين لديها، وأن جميع الأجهزة تشارك في هذا الجهد الذي يؤمل أن يظهر جدية السلطات في تعقب المسلحين بعد رفع الغطاء السياسي عنهم.
وفيما قامت وحدات الجيش المنتشرة في طرابلس بعمليات دهم ومصادرة اسلحة وذخائر من مناطق الاميركان والريفا والبقار ومشروع الحريري، توقعت مصادر عسكرية اتصلت بها "النهار" ان يتوصل الجيش الى اعادة الهدوء وضبط الوضع "اذا كانت ثمة نيات حسنة لدى الأطراف المتنازعين على الأرض، واذا لم تكن هناك "أجندات" خارجية أو توجيهات بتفجير الوضع وابقاء التوتر". وقالت "إن الوضع حساس للغاية وبعض الاطراف أبدى بشكل واضح عدم التزامه ما تقرر سواء في الاجتماع الذي عقد في دارة الرئيس ميقاتي أم في الاجتماعات الأخرى التي سبقته حتى إن بعض هؤلاء الاطراف هو أساسي في النزاع ولم يشرك في هذه الاجتماعات". وخلصت الى "ان الساعات المقبلة ستحدد الاتجاهات لدى الاطراف المتنازعين بوضوح إما نحو التهدئة واما نحو التوتير والمضي في التصعيد على الارض".
واشنطن وموسكو
وأثار الوضع في طرابلس مزيدا من ردود الفعل الديبلوماسية والدولية. ونددت السفارة الاميركية في لبنان في بيان بموقع تويتر امس بالعنف المستمر في طرابلس وأعربت عن تعازيها الصادقة بالضحايا، داعية جميع الاطراف الى ممارسة ضبط النفس واحترام أمن لبنان واستقراره. كما دعت الى "محاسبة مسؤولي نظام (الرئيس السوري بشار) الاسد على تورطهم في محاولات مزعومة لزعزعة الاستقرار في لبنان"، واستنكرت "استمرار قصف النظام (السوري) للأراضي اللبنانية" داعية اياه الى "احترام سيادة لبنان واستقراره".
كذلك أعربت وزارة الخارجية الروسية عن "قلق موسكو البالغ من الوضع في طرابلس" ودعت جميع الاطراف الى "وقف العنف واحترام الهدنة التي تم التوصل اليها الاربعاء بدعم من رئيس الوزراء نجيب ميقاتي". وأكدت "دعم روسيا لسيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله ومعارضتها أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية اللبنانية".
زيارة البابا
وسط هذه الاجواء، أكد الفاتيكان امس مجددا ان زيارة البابا بينيديكتوس السادس عشر للبنان قائمة وفق الموعد المحدد لها من الرابع عشر من ايلول المقبل الى السادس عشر منه. ونقلت وكالة الانباء الايطالية "آكي" عن رئيس المجلس البابوي للحوار بين الاديان الكاردينال جان – لوي توران انه "يجري التحضير لهذه الزيارة والتزامها وفق المخطط" المعلن سابقا. كما ان اذاعة الفاتيكان أكدت أمس ان العمل مستمر لزيارة البابا لبيروت "على رغم مناخ التوتر المتصاعد" في لبنان.
الأخبار
طرابلس المدينة التي تموت
وكتبت صحيفة الأخبار حول الأحداث في الشمال تقول "خلف النوافذ سهرت طرابلس أول من أمس تتابع الولادة القيصرية على أيدي السلفيين لطرابلس أخرى: طرابلس الحرب الأهلية، القتل، السلاح، التشدد، الرصاص، الكره والحلم بإمارة إسلامية.
ليس جبل محسن بالجبل فعلياً، هو مجرد حيّ طرابلسي يعلو حيَّين وتعلوه أربعة. وخلافاً لما يشاع، هو ليس حصناً عسكرياً، فلا مستشفى عسكرياً فيه ولا ملاجئ أو مخازن أطعمة وينابيع مياه أو ممرات سرية تنقذ قاطنيه في اللحظات الأخيرة، في ظل إغداق السفن على خصومه بأسلحة يفترض أنها أكثر حداثة من أسلحة الجبل بكثير. لذلك، ليس في الجبل من يعتقد أن موازين القوى الحربية يمكن أن تميل في يوم من الأيام لمصلحته. لكن في الجبل من يفضل الموت على إعادة عقارب الساعة إلى زمن تحتاج الروايات عن معاناة أهل الجبل فيه ألف ليلة وليلة. فيه من ينتبه إلى غدر المقربين منه به أكثر من المبعدين، كحال الرئيس نجيب ميقاتي عندما استثنى علي عيد أول من أمس من اجتماع الفاعليات الطرابلسي وتكليفه مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار إكمال مصالحة 2008، رغم إعلان عيد مسبقاً رفضه التعاون معه. وفيه أيضاً من يحسن صيد خصومه: لم يكد الجبل يقتنص قائد مهاجميه الميداني خالد البرادعي مساء أول من أمس، حتى لامس جنون السلفيين ذروته في عاصمتهم المستحدثة في بلاد الشام ــ طرابلس.
لم ينم السلفيون منذ أول أيام العيد، يريدون اختراقاً ما، نصراً صغيراً يتيح لقادتهم إعلان إنشاء جيش السنّة الحر ومطالبة الأهالي بالبيعة. وإذ برصاصة الجبل تخترقهم قاتلة أبرز قادتهم. جُنَّ جنونهم. خرجت سيارات الدفع الرباعي من تحت الأرض، من شتى الأحياء بلا استثناء. واندفع الرصاص والقذائف مع الأدعية والرايات السوداء وبعض أعلام الثورة السورية والتكبير. وتدافع في بعض شوارع المدينة مئات تبدأ أعمارهم بالعاشرة ولا تنتهي بالخمسين. واختفت ملامح الوجوه والعيون خلف اللحى والكوفيات. واختلطت اللهجات: العكارية بالطرابلسية بالفلسطينية بالسورية على تنوعها والمصرية والتونسية. وفي ظل انقطاع الكهرباء وتشتت القوى الأمنية وانبهات الجيش، ضاعت المدينة. يمكن أبناءها أن يرووا لساعات عن ليلة الجحيم تلك. عن سيل الرصاص كالمطر في كانون وعن البرق واللمع. «كنا قد سمعنا عن اجتماع فاعليات المدينة في منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي»، و«كنا قد سمعنا عن الهدنة والخطة الأمنية وتلويح فخامة رئيس البلاد بالاستنابات القضائية للمخلين بالأمن». ثمة باختصار فرق شاسع بين ما يسمعه أهالي المدينة أنفسهم وما يحصل في مدينتهم.
أصاب السلفيون الرئيس نجيب ميقاتي، أوقعوه أرضاً في منزله الطرابلسيّ؛ إذ بدا لمختلف المتابعين أن الرئيس ووزراءه وفاعليات المدينة ومشايخها الرسميين في مكان، وأهلها في مكان وأرضها في مكان آخر. كانت الجنة في قبضة السلفيين، باتت الجنة والأرض في متناولهم. فما كادوا ينهون صلاتهم فوق جثة قائدهم ويوارونه في الثرى، حتى سرعوا خطاهم باتجاه الحرب الأهلية: ها هم يحرقون متاجر وقد اكتشفوا بعد خمسة عقود من الجيرة الحسنة أن أصحابها شيعة أو علويون. ها هم يتوعدون بمكبرات الصوت بعض الأسر العلوية المقيمة في أحياء غدت فجأة سنية. وفي ظل صمود الجبل العجيب، لا بد من ضحية: رئيس حركة التوحيد بلال شعبان هو الخصم العسكري الأقوى للسلفيين خارج الجبل، يتبعه الوزير فيصل كرامي الذي يفضل بعض قادة السلفيين تحييده الآن، فالحزب القومي وبعض العائلات، وأخيراً حركة التوحيد ــ جناح الشيخ هاشم منقارة.
خلافاً لما يشيعه الإعلام، لا علاقة للمسلحين بفقراء المدينة. لاذ أولئك بالصمت والجوع في منازلهم أمس وأول من أمس بعدما حول المسلحون أسواقهم إلى خطوط تماس، ومتاجرهم إلى ملاجئ، وعرباتهم إلى ناقلات عتاد. فقراء طرابلس أوهن من أن يحملوا بندقية، أطيب من أن يقتلوا جارهم، أبرأ من أن يحتكروا الله. لو فكر المهتاجون بالفقراء، لأحرقوا منازل حيتان المال والسلطة في المدينة. لو فكروا بالفقراء، لنهبوا خزائن هؤلاء وأتوا بأوراقها النقدية الخضراء يدفئون بها الفقراء ألف شتاء وشتاءً. لو فكروا بالفقراء، لنهبوا ربطات عنق أصحاب الوجوه النضرة ليطعموا بثمنها ألف عائلة وعائلة. لا يحرق الفقير منزل فقير آخر أو متجره أو عربة كعكه، وحدهم المتمذهبون يفعلون ذلك.
هؤلاء عمّرهم تيار الرئيس رفيق الحريري وعلمهم وكبرهم، سمّنهم الرئيس نجيب ميقاتي ظاناً أنه قادر على السيطرة عليهم، يحميهم وزير المال محمد الصفدي فيقلهم بنفسه من السجن إلى خطوط التماس، يسترضيهم الوزير فيصل كرامي، يركض أمامهم النائب روبير فاضل وزوجته، ويغازلهم يومياً مصباح الأحدب. بهم يرفع اللواء أشرف ريفي رأسه وبه يرفعون رؤوسهم.
ودعت طرابلس في العيد طرابلس قبل العيد. كانت أمس مدينة أخرى: مدينة بشعة. خرجت باب التبانة من باب التبانة إلى الأحياء الأخرى: إلى الزاهرية بطولها وعرضها، إلى القبة وأبو سمرا وإلى شوارع المئتين وعزمي والسيتي كومبلكس، وحتى المعرض. تحت أنظار القوى الأمنية التي مثلت أنها تنتشر فخبأت في بعض الزوايا مركباتها، حلّ الزعران محل الفقراء. اختفت الابتسامات خلف لحى متجهمة وأقنعة مريبة. وعمّت الوشوشات أحياءً ما كان الصخب يفارقها.
طرابلس بلا نسوة يثرثرن من شرفة بناية إلى شرفة أخرى، ليست طرابلس. طرابلس يسأل مسلحوها العابرين بسياراتهم عن مذهبهم، ليست طرابلس. طرابلس من دون مقاهيها المزدحمة بقراء الصحف والمتسولين وباعة الكولونيا الرخيصة وعصير التوت والجزر وأوراق اليانصيب، ليست طرابلس. طرابلس تختبئ فاعلياتها الثقافية والطبية والسياسية خشية صدام مع غرباء لا يعرفونهم، ليست طرابلس. تلك التي شوهدت أمس بين البحصاص والبداوي لم تكن طرابلس.
وأكثر ما يُخشى هو ألا تعود المدينة. كل المعطيات، سواء الأمنية أو السياسية، تؤكد أن ما بدأت به عاصمة الشمال أمس لن ينتهي في القريب العاجل، ويذهب بعض المتشائمين إلى حد القول إن أحداثاً دموية تفوق خيال ميقاتي الخصب تنتظر المدينة. فلا شيء يوحي بإمكان تراجع الإسلاميين، ممن بدأ ميقاتي غسل يديه منهم ونفي علاقاته بهم، عن تنظيف إمارتهم. والتنظيف بمعناه الأمني يعني اجتثاث التوحيديين المتجذرين والقوميين الذين لا يحتاجون إلى وصف والعائلات المسلحة وزعامة كرامي، فضلاً عن الجبل بعديده وعتاده. مهمة تبدو لبعض المتابعين صعبة ومكلفة جداً.
في طرابلس، دخلت مدينة أمس نفقاً سيصارع السلفيون بضراوة ليتأكدوا من بلوغ إمارتهم في نهايته، مستفيدين من تفرج الجيش ونأي الحكومة بنفسها واكتفاء الرئيس ميشال سليمان بالوعيد هنا وهناك، كما يقتضي اتفاق الدوحة البائد. يمكن السياسيين الاستمتاع بإجازة صيف شهرين، لن يموت غير مئات الفقراء المساكين والمسلحين الأغبياء ويتهشم أكثر المدينة المهشمة أصلاً.
اللواء
نيران طرابلس: مزيد من الضحايا وإخمادها يحتاج لمزيد من الوقت
تحذير أوروبي - أميركي من تمدّد الإشتباكات إلى مناطق أخرى
صحيفة اللواء تناولت اشتباكات طرابلس وكتبت تقول "لم تثمر المساعي السياسية والقرارات الحكومية والأمنية التي اتخذت وقفاً فعلياً للنار في طرابلس، ورغم انحسار القصف العشوائي نسبياً، فان الظاهرة الجديدة، تمثلت برصاص القنص الذي حصد المزيد من الضحايا من بينهم اثنان من الصحافيين اللذين كانا شاهدين على استهداف المدينة، وجعلها تحت رحمة المسلحين الذين يتحكمون بمصائر النّاس وتحركاتهم، وإبقائها ضحية للعنف وللنزاع المسلح في سوريا.
وتكهنت أوساط سياسية ومصادر أمنية لـ «اللواء» باستمرار الجرح الساخن في طرابلس فترة أخرى من الوقت، بانتظار استكمال الاتصالات من جهة، وممارسة الضغوط السياسية والأمنية اللازمة، خاصة على جماعة رفعت عيد في جبل محسن للالتزام بما يتفق عليه من قرارات لوقف النار.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن دعوة نائب طرابلس محمّد عبداللطيف كبارة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى عقد اجتماع عاجل للمجلس الأعلى للدفاع، جاءت بهدف توفير مؤازرة رسمية إضافية للمساعي الحكومية، التي تمثلت بالخطة الأمنية السياسية، والتي لم تر النور، مشيرة إلى انه لا يزال هناك أمل في أن يؤدي استكمال تنفيذ هذه الخطة في غضون الساعات الـ24 المقبلة إلى وقف لاطلاق النار بشكل نهائي، وعودة الهدوء تدريجياً الى المدينة.
ولفت النائب كبارة إلى أن طرابلس تعيش حالياً تحت رحمة عصابة مسلحة تُهدّد أمنها واستقرارها، ولم تلتزم بكل الاتفاقات التي تمّ التوصّل إليها، مشيراً إلى أن النّاس طفح الكيل عندها، ولم يعد هذا الوضع الخطير الذي وصلنا إليه مقبولاً.
وقال أن المطلوب الآن برئيس الجمهورية أن يتحرك لحماية المدينة وكرامات أهلها، طالما انه حامي الدستور والحافظ عليه، خصوصاً وأن سمعة لبنان باتت على المحك، والجماعة لم ترد حتى على رئيس الحكومة، بحيث بات الأمر يحتاج إلى حسم.
وكشف كبارة عن اجتماع سيعقد في منزله قبل ظهر اليوم لمتابعة تنفيذ ما اتفق عليه في الاجتماع الذي عقد في منزل الرئيس نجيب ميقاتي.
الا أن مرجعاً أمنياً أبلغ «اللواء» أن مسألة الحسم عسكرياً أمر بالغ الصعوبة نظراً لتكلفته الكبيرة، مشيراً إلى أن قوى الجيش والأمن الداخلي يعملان سوياً على معالجة الوضع، وهو يحتاج إلى بعض الوقت، وهذا يعني بضعة أيام لا أسابيع، مؤكداً بأن الأمن سيعود إلى المدينة تدريجياً.
وقال مصدر سياسي أن الجيش يعالج الموقف بالطريقة المناسبة، وهو يردّ على مصادر النيران لاسكاتها، إلا ان المسألة تحتاج لدى هذا الفريق الى قرار سياسي ما يزال غير مؤمن حتى الآن.
إحراق متبادل
وسجلت امس، على هذا الصعيد اتصالات متتالية ومتابعة على خط رئيس الحكومة ونواب طرابلس وقياداتها ومفتي المدينة الشيخ مالك الشعار وقيادات سياسية اخرى بهدف معالجة الموقف الامني الذي تمثل امس، بظاهرة احراق متبادل لمنازل ومؤسسات ومكتبات، لا سيما في منطقة القبة وفي شارع الراهبات، وقرب السراي العتيقة في الاسواق الداخلية، والتبانة وسوق القمح.
كما سجل ظهور سلفي مسلح في بعض الشوارع، وكان بعضهم ملثماً، بدءاً من ساحة النور، حيث حاولوا احراق كشك لبيع السجائر والقهوة، لكن وحدات الجيش سارعت الى المكان وتم اطفاء النيران، ولم تحل الاستنابات القضائية دون ظهور المسلحين أمام عدسات الاعلام في كلا المنطقتين.
وتزامن هذا الظهور مع استهداف رصاص القنص لرجال دين، بهدف المزيد من التوتير، وهو ما حصل بقنص إمام مسجد في التبانة خالد البرادعي، اثناء قيامه لتأدية صلاة الفجر، وحصد رصاص القنص امس 4 قتلى وأكثر من 10 جرحى، بعد ليلة شهدت اشتباكات عنيفة كافة المحاور من المنكوبين حتى البقار والشعراني في القبة، وصولاً الى شارع سوريا والحارة البرانية وبعل الدراويش وستاركو في التبانة.
قلق أميركي وأوروبي
وحمل استمرار الوضع المتدهور في طرابلس السفارة الاميركية في بيروت الى ابداء قلقها من العنف المستمر، وعن اسفها الشديد لسقوط ضحايا.
ودعت السفارة في تعليق لها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» جميع القوى السياسية الى ضبط النفس ودعت نظام الرئيس السوري بشار الاسد الى احترام سيادة واستقلال لبنان واستقراره، معربة عن ادانتها للقصف السوري المستمر على الاراضي اللبنانية، داعية ايضاً الى «محاسبة المسؤولين في النظام السوري لتورطهم في محاولات زعزعة الاستقرار في لبنان».
وتزامن بيان السفارة الاميركية، مع اجتماع لبعثات الدول الاوروبية في لبنان، عقد على مستوى معاوني السفراء بسبب غياب معظم السفراء في اجازات، وأبدى هؤلاء تخوفهم من تمدد كرة النار الطرابلسية إلى مناطق اخرى اذا لم يتم ايجاد تفاهم حول النزاع المزمن بين التبانة وجبل محسن، الا انهم اعتبروا ان الوضع ما يزال تحت السيطرة.
المستقبل
مكاري يدعو برّي الى ردّ طلب رفع الحصانة عن المرعبي
طرابلس: جهود التهدئة تسابق التخريب الأسدي
كما تناولت صحيفة المستقبل الشأن اللبناني وكتبت تقول "إذا صحّت توقعات مصادر أمنية رسمية وتصريحات وزير الداخلية مروان شربل، فإن الوضع المتفجّر في مدينة طرابلس يتجه نحو الضبط الجزئي بشرط نجاح وحدات الجيش في الإمساك التدريجي بمناطق الاشتباكات والتوتر، علماً أن كل المعنيين بما يحصل يجمعون على أن الحزب الأسدي في جبل محسن هو الذي يخرق قرارات وقف النار في كل مرة، وهو الذي يستمر في شن حرب بشّار الأسد على اللبنانيين وسلمهم الأهلي وتوسّل الفتننة بأي ثمن.
وأبلغت مصادر أمنية "المستقبل" أن الوضع الأمني انفجر مجدداً غداة قنص كاتم للصوت للشيخ خالد جمال البرادعي في محلة الريفا في القبّة وحرق بيوت ومحلات تجارية عند أطراف جبل محسن تعود ملكيتها لمواطنين من باب التبّانة وغيرها. وأشارت الى أن وحدات الجيش تعمل على الإمساك بالوضع تدريجياً.
وأوضح وزير الداخلية شربل أن الخطة الأمنية في طرابلس تحتاج الى 48 ساعة لتطبيقها "حتى يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار والاستطلاع اللازم بين المنطقتين لتحديد مصادر النيران للرد عليها وإسكاتها"، مشيراً الى أن أهالي باب التبانة وجبل محسن "أبدوا رغبة في وقف هذه الاشتباكات والجيش قام بواجبه وسقط من صفوفه جرحى وأطلق النار على المخلّين بالأمن وسيتم إلقاء القبض على مفتعلي هذه الأحداث وإصدار استنابات قضائية بحق هؤلاء الذين يعبثون بأمن طرابلس".
ولفت الى أنه من غير المقبول استمرار الوضع على ما هو عليه في طرابلس "حيث يسقط عشرات الأبرياء وتهدم منازلهم علماً أن الأمور لن تنتهي بين ليلة وضحاها وتتطلب بعض الوقت".
وكان رصاص القنص تعرّض للإعلاميين في مستديرة أبو علي، ما أدى الى إصابة اثنين منهم بجروح هما مهندس البث المباشرة في قناة "سكاي نيوز" الزميل حسين نحلة والصحافية الكندية ماريا مور وتم نقلهما بواسطة ملالة عسكرية الى المستشفى الخيري الإسلامي حيث تبيّن أن نحلة مصاب في رأسه وحالته مستقرة.
وسطّر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر استنابات قضائية الى كل من الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات في الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لتحديد هويات المسلحين وملاحقتهم وتوقيفهم.
رفع الحصانة
على صعيد آخر، دعا نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري في بيان أمس الرئيس نبيه بري الى رد طلب رفع الحصانة عن النائب معين المرعبي الذي أحاله وزير العدل شكيب قرطباوي على المجلس معتبراً أن هذا الطلب "مخالف للدستور" ومتخوفاً من "أن يستغل البعض نتيجة التصويت عليه لإثارة الفتنة".
ورأى أن "أكثر من نصف نواب المجلس على الأقل يرفضون طلب رفع الحصانة، نظراً الى أنه غير دستوري ومخالف للمادة 39 من الدستور، ويشكل سابقة خطيرة لجهة ملاحقة نائب بسبب آرائه السياسية، لكن البعض سيستغل هذا الموقف لكي يصوّر الأمر وكأن مجلس النواب منقسم بين من هو مع الجيش اللبناني ومن هو ضده، ونحن لا نريد أن نعطي هذا البعض فرصة رسم هذه الصورة المغلوطة والمزيفة، لأن جميع اللبنانيين مع الجيش، وبالتالي كل القوى السياسية هي مع الجيش".
وتابع: "لقد تصرف الوزير قرطباوي باستنسابية فاضحة من المؤسف أن تصدر عن وزير آتٍ من عالم القانون، فتناسى حضّ النيابات العامة على إصدار الاستنابات التي طالب بها رئيسا الجمهورية والحكومة بحق من زرعوا الفوضى في البلد الأسبوع الفائت ومارسوا عمليات الخطف وقطع الطرق، وتناسى إصدار استنابة قضائية في حق اللواء السوري علي مملوك الذي يقف وراء قضية المتفجرات التي نقلها الوزير السابق ميشال سماحة".