وأصبح العرسان اليوم يهربون عبر الأنفاق، مثلهم مثل الدواء والغذاء، وقطع السيارات والاسمنت والقطعان.
وقعت مي أحمد (26 عاماً)، وهي من الضفة الغربية، في حب محمد وردة من مخيم النصيرات في غزة، بعد أن تعارفا عبر شبكة الإنترنت، لكن سلطات الاحتلال منعتها من الدخول إلى غزة، فقررت السفر إلى الأردن، ومنها إلى مصر، لتعبر صحراء سيناء، وتدخل عبر الأنفاق إلى غزة حيث تعيش الآن. وتقول مي «سأخبر أحفادي هذه القصة يوماً ما». وأصبح العرسان اليوم يهربون عبر الأنفاق، مثلهم مثل الدواء والغذاء، وقطع السيارات والاسمنت والقطعان.
ويشير أحد حفاري الأنفاق ويدعى أبو سليم إلى ارتفاع عدد العرسان القادمين من مصر إلى غزة عبر الأنفاق، مضيفاً ان رئيـــسه اتــصل به الأسبوع الماضي وطلب منه تأمين دخول عروس مصرية إلى غزة.
ولعلّ صعوبة الحصول على تصاريح وتأشــــيرات دخول، جعلت من الأنفاق السبيل الوحــــيد للدخول إلى مصر والخروج منها. وفي وقت سابق، كان أصحاب الأنفاق ينقلون النساء والأطفال كالبضائع في عربات صغيرة، أما اليوم فإنهم يزحفون أو يمشون بحسب بنية النفق.
وتعتبر الأنفاق في مصر غير شرعية، لكنها الجزء الحيوي في الحياة التجارية بين أهل غزة والمصريين، فالفلسطينيون في غزة يعتمدون عليها كمتنفس وحيد للتجارة والتنقل في ظل الحصار الإسرائيلي. ويحتاج العرسان إلى تصاريح من حكومة حركة حماس المقالة في غزة لعبور الأنفاق، وإلا فسيغرم صاحب النفق مبلغ يصل إلى 1500 دولار.
أما عادل الأحمد (37 عاماً)، الذي كان متزوجاً من فتاة فلسطينية، فقد أجبر على الطلاق بسبب «ضغوط عائلية»، ثم عاد وتزوج مصرية تعرف إليها عن طريق شقيقته المتزوجة من مصري في العريش. واضطرت زوجته لزحف مسافة 200 متر للوصول إلى الجهة المقابلة في غزة. ويبدي عادل سعادته مع زوجته المصرية شيماء، بعدما اكتشف أنه ليس قادراً على دفع مهر فتاة غزّية. ويشرح أن «المهر في مصر أوفر نسبياً، وهناك قبول لدى الكثير من الفتيات لعيش حياة بسيطة وتقليدية».
ويقول عادل إن المبلغ الذي وفره من زواجه في مصر، جعله قادراً على تأمين أثاث لمنزله في رفح. وقد دفع مهراً قدره 30 ألـــف جنيه مـــصري (5 آلاف دولار تقريباً)، لكن شروط الزواج «أسهل بشكل كبير». وأحمد أيضاً عبر إلى مصر عبر الأنفاق والتقى بفتاة مصرية أثناء زيارة لأقاربه. وبعد أسابيع قليلة عاد وطلب يدها من أهلها، ويوضح أن «الأنفاق سهلت لي كل شيء للزواج خارج غزة»، وهو كان تقدم للزواج من إحدى الفتيات الفلسطينيات، لكن شرط أهلها الأساسي كان تأمين المنزل، ويقول «هذا الأمر لا يحصل أبداً حين نتقدم للزواج من فتاة مصرية».
أما هديل الفتاة الفلسطينية في العشرينات من عمرها، فقد ارتبطت بصداقة إحدى الفتيات المصريات خلال زيارة لمنظمة غير حكومية للقطاع. وبعد أشهر قليلة، أخبرتها صديقتها أن عائلتها ترغب في الذهاب إلى غزة عبر الأنفاق، حيث التقت هديل بشقيق صديقتها، وبعد عدة زيارات «نفقية»، طلب منها الزواج. ويخطط العروسان للزواج بعد شهرين، حيث ستنتقل هديل للعيش في مصر.
لأهل غزة، الحب والأمل، في نهاية النفق.