29-11-2024 02:43 PM بتوقيت القدس المحتلة

بلدية غزة.. تهدم التراث الفلسطيني!!

بلدية غزة.. تهدم التراث الفلسطيني!!

لمن أراد أن يتنسم عبق الماضي."الفاخورة" التراثية مهددة اليوم بالإزالة من قبل بلدية غزة، تحت حجج ومبررات إضرارها بالصالح العام!! ..

على منطقة لا تتجاوز مساحتها 300 متر مربع في حي الدرج شرق مدينة غزة, تتربع فاخورة عطالله التي تعد من أهم المرافق التراثية بقطاع غزة على مدار ستة عقود, شاركت خلالها بكل طاقتها في المعارض التراثية، ومنحتها بلدية غزة شهادة شكر لما بذلته، حتى أضحت قبلة لمن أراد أن يتنسم عبق الماضي."الفاخورة" التراثية مهددة اليوم بالإزالة من قبل بلدية غزة، تحت حجج ومبررات إضرارها بالصالح العام!! ..

تراث الأجداد :
بلدية غزة.. تهدم التراث الفلسطيني!!جلسنا في فناء الفاخورة خلال فترة عملها، لم نشعر بأنها تعمل، فلا دخان يتصاعد, ولا إزعاج يعكر صفو المكان, تحدثنا إلى صاحبها الحاج عطاالله سلمان عطاالله, الذي أخطرته البلدية بإخلاء المكان تمهيدا لإزالته، فقال: تفاجأت منذ فترة بإخطارنا من بلدية غزة بإزالة الفاخورة التي نعتاش منها, والتي تعود بجذورها لعشرات السنين"، مستنكرا قرار البلدية, ومضيفا: هذا القرار بحق تراث وطني مرفوض تمام, فبدلاً من أن يشجعوا التراث والآثار والحرف أصبحوا هم من يهدموه ".
وتابع بحرقة: إنهم بهذا القرار ينزعون روحي وروح والدي وأولادي, فهذه الحرفة تطبعنا بها, وورثناها عن أجدادنا, هي مهنتا التي نعيش منها نحن وعوائلنا, لأكثر من قرن مضى".


الحاج عطاالله الذي طرق جميع الأبواب للحفاظ على قوت عائلته ومهنة أجداده وتراث وطنه لم يدّخر جهداً إلا بذله في سبيل ذلك, فقد وجه رسائل وكتب عديدة إلى جميع الجهات الرسمية والأهلية والمؤسسات الحقوقية, ولكن جميع دعواته جوبهت بالصمت المطبق لمعاناته ومأساة عائلته.
ويؤكد عطاالله أنه في حال تمت الإزالة فهو لا يستطيع أن ينشئ فاخورة غيرها نظراً للتكلفة الباهظة, علاوة على قطعة الأرض التي تكلف الكثير, ولكنه أبدى استعداده لإزالة الفاخورة في حال تم إقامة منطقة صناعية خاصة بالفواخير أو تم تعويضه ولو بالشيء اليسير.
وعن مراعاته للصحة الوقائية في الفاخورة اصطحب عطاالله مراسل "الاستقلال" إلى مكان إحراق الفخار وهي إحدى عمليات صناعته لنجده يقوم بإشعاله بموارد طبيعة لا تضر بالصالح العام. ودعا عطاالله كافة الجهات التوجه إلى مصنع الفخار الخاص به للتحقق من الالتزام بالشروط البيئية والصحية.  الحاج الستيني والدموع تخضب جبينه ناشد جميع الجهات بالوقوف إلى جانبه ضد قرار إزالة الفاخورة".


ذرائع وحجج :
وحول الأسباب والذرائع التي تسوقها بلدية غزة يقول مدير دائرة التنظيم الحضري م. مؤنس فارس إن "سبب قرار الإزالة هو ورود شكوى من المواطنين حول المنطقة, كما أن الفاخورة توجد في مبنى سكني وفي منطقة سكنية حيوية, وتسبب مكرهة صحية, لذلك لن نرخصها، وأرسلنا إخطار إزالة" .وأضاف فارس لـ"الاستقلال": البلدية تقدّر القيمة التراثية للفاخورة، وتشيد بأدائها المتميز وسبق وتعاونت معنا بعدة مشاريع، ولكن المصلحة العامة تقدّم على الخاصة" .
أما عن الحلول التعويضية فأوضح فارس أن البلدية لا يوجد لديها أية حلول تعويضية لا مالية ولا تخصيص قسيمة أرض في مناطق صناعية أخرى ولكن في الإطار ذاته وعد بتسهيل إجراءات ترخيص الفاخورة في حال نقلها إلى مكان آخر صالح لصناعة الفخار.

شروط صحية وبيئية :
أما رئيس قسم الصحة الوقائية في بلدية غزة م. كمال الكولك, فيؤكد أن فاخورة عطالله تأخذ بعين الاعتبار كل الشروط الصحية والبيئية وتتخذ تدابير السلامة الوقائية". وقال الكولك لـ"الاستقلال" إن "صاحب الفاخورة ملتزم بالمواصفات البيئية والصحية وملتزم بوضع مدخنة أعلى من المنازل المحيطة بعشرين مترا, ويعمل على الموارد الطبيعية كجفت الزيتون والحطب". 

استياء من القرار :
وعبّر أهالي الحي الملاصقين لفاخورة عطاالله عن تعاطفهم مع صاحب الفاخورة وعن استنكارهم للقرار والذي وصفوه بالجائر.
المواطن أحمد قنن لمجاور للفاخورة، يقول: فاخورة عطاالله قائمة في المكان منذ أكثر من ستين عاما ولا تسبب لنا أي مخاطر أو أضرار، ولا نشعر حتى بوجودها هنا، بل إنها تخدم أهالي المنطقة بكل ما يحتاجونه".
ويضيف قنن وهو يقرع بقبضة يده باب الفاخورة: هذه الفاخورة خرّجت أجيالا عديدة وعلى مدار السنين كانت حاضنة لأهالي الحي من الفقراء والمساكين علاوة على ذلك هي تعيل أكثر من 15عائلة يعملون فيها".
أما جار الفاخورة سمير صبيح (55عاماً) فأبدى استنكاره لقرار الإزالة, حيث قال: قرار البلدية غير منطقي وغير صحيح, الفاخورة تعد تراثاً وطنياً ويقع في منطقة شبه صناعية وأغلب أهالي المنطقة وأجدادهم يعملون بهذه الحرفة ويجب على البلدية إعادة النظر في قرار الإزالة".


وزارة السياحة تطالب البلديات :
من جهته، قال رئيس قسم الإرشاد السياحي في وزارة السياحة والآثار حسن ابو حلبية، إن مهنة صناعة الفخار انقرضت وتخلى عنها الأغلبية العظمى, ونحن ننظر لاندثار حرفة صناعة الفخار بخطورة بالغة لقيمتها الأثرية والتراثية" .
وطالب حلبية البلديات وجهات الحكم المحلي بضرورة الوقوف إلى جانب أصحاب مصانع الفخار وتسهيل مهامهم ودعمهم وتشجيعهم بما يخدم التراث والآثار الفلسطينية .
تجدر الإشارة إلى أن حالة من التدهور المستمر تنتاب صناعة الفخار في غزة مما يجعل المهنة عرضة للاندثار، وفاخورة عطاالله واحدة من خمسة معامل لصناعة الفخار استطاعت أن تصمد من أصل أكثر من 50 "فاخورة" كانت تغطي حاجات القطاع.