عقدت جمعية المبرات الخيرية مؤتمرها التربوي الثاني والعشرين بعنوان "المبرات مؤسسات إسلامية مرحبة"، بحضور فاعليات تربوية واجتماعية وأكاديمية ودينية،
عقدت جمعية المبرات الخيرية مؤتمرها التربوي الثاني والعشرين بعنوان "المبرات مؤسسات إسلامية مرحبة"، بحضور فاعليات تربوية واجتماعية وأكاديمية ودينية، وحشد من تربويّي المبرّات من مختلف مؤسساتها المنتشرة في لبنان. بداية النشيد الوطني اللبناني، ثم عرض لمقتطفات من كلام سماحة العلامة المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله في مؤتمرات سابقة، فوثائقي عن الدمج والتوظيف في مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل، ثم كلمة لوزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور قال فيها: " على مقربة من ضريح السيد نلتقي وأتذكر أنّه في يوم غيابه جاء لبنان كلّ لبنان إلى وداعه، عندما كنا في هذه القاعة كان النصاب الوطني مكتملاً في وداعه".
وتابع: "نؤكد أننا في حياتنا نلتقي برجال فكر صنعوا فكراً، ولكننا نلتقي بقلة من الرجال الذين تمكنوا من تأسيس مؤسسات بمستوى مؤسسات المبرات. ويشرفني أن أكون في حضرة واحدة من هذه المؤسسات التي نفتخر بشراكتنا معها في وزارة الشؤون الاجتماعية، لأننا نعمل مع غابة من المؤسسات فيها الجيد وفيها غير الجيد، ومن خلال خبرتي في وزارة الشؤون التي تعود إلى سنة، نفتخر بهكذا مؤسسات تقدم الخير للناس، وهي تقصد الدولة لطلب الشراكة معها في العمل الاجتماعي. إذاً نحن نلتقي بمؤسسة مرحّبة، وكم أتمنى أن تعمم الثقافة المرحبة بدل من الثقافة الرافضة لكل شيء، كم أتمنى أن تنتصر الثقافة المرحّبة على كل الثقافات المتناقضة، لأننا نعيش تناقضات كثيرة تصل إلى حد مخيف".
وشكر أبو فاعور المبرات على "كل ما قدمته مؤسساتها التعليمية والتربوية" معتبراً أن مؤسسات الإعاقة في المبرات "من أفضل المؤسسات التي تعاطينا معها والتي نشعر كوزارة وحكومة أن أصحاب الإعاقة في هذه المؤسسة يعاملون أحسن معاملة، وهم يتلقون العناية المطلوبة، وتجد عند كل واحد منهم ثقافة الوحدة والمحبة وقبول الآخر والتسامح" .
فضل الله :
بعد ذلك ألقى مدير عام جمعية المبرات الخيرية الدكتور محمد باقر فضل الله كلمة، جاء فيها: "لقد تمكنّا أن نصبح مؤسسات مرحّبة لمن ضاقت به سبل الحياة إن من حيث القدرة الجسدية أو العقلية أو العمرية، وبات الإختلاف لدينا تنوّعاً في القدرات يمكن أن نسدّ نواقصه ليصير هذا الإختلاف مفردة قبول وتحدياً للإعتراف بنظير في الخلق أو أخ في الدين". وأضاف: "من السهل أن تقتصر المؤسسات على المتفوقين من الأفراد والذين يعيشون ضمن أسر ميسورة الحال أو السالمين من النقص من ذوي الحاجات والإحتياجات الخاصة ولكن أن تأخذ على عاتقك الترحيب بمن لا يتناسب مع معايير الطلبات المفروضة في تصنيفات الفئات المرغوبة، أن تأخذ على عاتقك رفع مستويات بطيئي التعلم وإيجاد حلول ناجعة لذوي الإحتياجات الخاصة، والإهتمام بالمتفوقين لدفعهم نحو غاياتهم القصوى، فضلاً عن إصلاح اليتيم علماً وثقافة وخلقاً، فهذا مما لا يسهل تبنّيه وإنه ليغدو تحدياً للطاقات العاملة في بذل قصارى جهدها لا للنجاح فحسب بل لتقديم أنموذج في تخطّي الصعوبات، وتقديم أمثولة في مرونة الفكر والعمل تُحتذى وتُعمّم".
وتابع: "إنّ الثقة التي ترسّخت بالمبرات لم تكن وليدة عاطفة ساذجة وإنما نمت شعوراً حياً حقيقياً من منطلق التأسيس الذي ابتنى على قاعدة المؤسسة المرحبة ضمن حدود وأطر مراعاة مصلحة الإنسان ووعيه حسب قدراته وإمكاناته. ولقد غدا الإسم لامعاً ومرفرفاً لا من حيث المظهر والشكل، بل لأن النماء آتى أكله، والتخطيط الواقعي المدروس قد أينع ثماراً، والحلم قد تحوّل حقيقة صارخة، ما أدّى إلى احتواء التجربة الناجحة لمزيد من تجارب يرفدها الترحيب ويشحنها حب العطاء حتى بات المجتمع بكل أطيافه ومكوّناته يستشرف هذه التجربة غداً في نجاحات مستمرة ومستقبلاً في انفتاح أوسع قد يعبر الزمن في عالميته".
ثم عرض فضل الله لبعض المشكلات والتحديات ووصولاً إلى توجهات تشكل محاور إهتمام المبرات في الآتي من الأيام، فذكر الآتي:
"أولاً: من يقرأ ويستمع إلى الإعلام يدرك التدنّي في المستوى الذي وصل إليه أسلوبنا وتفكيرنا.. مما يبعث على القلق من تفكك الأسلوب وانتشار الأخطاء النحوية واللغوية والتعبيرية وفساد النطق واختلاف مخارج الحروف ومضغ الكلام.. علماً أن اللغة العربية وثقافتها ركيزتان أساسيتان من ركائز فهم القرآن وهوية الإنسان المسلم والعربي.. ما الهدف من كل ذلك أهو التشكيك في الهوية والدين والمعتقد..؟ لقد شكّل وضع اللغة العربية وتعزيز استخدامها محوراً لمؤتمرات عديدة مؤخراً وبرعاية من منظمات محلية ودولية بما فيها اليونسكو لبحث كيفية مواجهة تحديات مواكبة اللغة العربية لما أحدثته ثورة التكنولوجيا ومواقع التواصل الإجتماعي على الشبكة العنكبوتية في إلغاء استخدام اللغة العربية أو تشويه استخدامها في أحسن الأحوال.. وها نحن اليوم نواجه مرحلة من مراحل اندثار اللغة العربية حيث جاءت المناهج الجديدة لتساهم في إضعاف المخزون اللغوي والثقافي لهذه اللغة عند التلامذة..
اللغة العربية لغة القرآن ولغة التواصل الإداري في مؤسسات المبرات المؤسسات الإسلامية المرحّبة.. مؤسسات مرحّبة بلغة القرآن حيث لا ينبغي أن نرضى بتحقيق الحد الأدنى المقبول لمستوى اللغة العربية في مدارسنا.. طموحنا الوصول إلى التميّز بإتقان هذه اللغة لدى النسبة الأكبر من تلامذتنا والعاملين في مؤسساتنا. نحن نقدّر الإضاءات التي يحققها ثلّة من تلامذتنا على صعيد المباريات الوطنية، ولكن ماذا عن الغالبية ومدى قدرتها على استخدام اللغة الأم بانسيابية.. ما هي نسبة الإبداعات الأدبية ناهيك عن القدرة على التواصل الكتابي الصحيح بل ماذا عن قدرة المعلمين والمعلمات على استخدام هذه اللغة بانسيابية، وهنا لا نقصد معلمي اللغة العربية بل أيضاً معلمي كل المواد التي تستخدم العربية كلغة للتدريس.
لقد أكّدنا في السنوات الأخيرة على أهمية اللغة الأجنبية بهدف أن يتمكن تلامذتنا من إتقانها وتخطي امتحانات الدخول إلى الجامعات بنجاح، أما وقد حققنا هذا الهدف ولكن لا ينبغي أن يكون على حساب اللغة العربية.. بل علينا أن نشكّل الحالة المتميزة الفريدة التي تمكّن تلامذتنا من اكتساب اللغة الأجنبية مع ضمان المستوى المتألق والجميل للغة العربية، وهذا يتطلب خططاً فعّالة لتدريب المعلمين والعاملين وتحديث طرائق ومحتوى التعليم بالإستناد إلى البحث والدراسة والتجربة لتحسين فرص التعلم وتحقيق جودة النتائج، وبهذا العمل الجاد تسمو حضارتنا التي يراد لها الإستكانة والتخلّف والبكاء على الأطلال.
ثانياً: وفي سياق الحديث عن التفوق وما زال صدى صوت المرجع المؤسس يتردد: "أنا أطلب أن يبدع كل واحد منكم في دائرته، لا أطلب منكم أن تنفذوا فقط ولكن أن تبدعوا، أن تكونوا في حالة طوارئ يومية". وهنا نؤكد اليوم كما في كل عام ضمن التوجّهات الأساسية للعمل على أهمية تخطيط وتطبيق برامج للمتفوقين والمميزين حيث أن لهذه الفئة من التلاميذ احتياجات فردية خاصة تؤخذ بعين الإعتبار. لقد بادرت مدارس المبرات إلى الترحيب بذوي الإحتياجات الخاصة من الصعوبات التعلمية أو الإضطرابات النمائية المختلفة ونجحت في تأمين مسار تعليمي يلبّي احتياجاتهم ويمكّنهم من إنهاء المرحلة الدراسية بنجاح، ونحن إذ نثمّن ونقدّر كل الجهود المبذولة من الإدارات التي شجّعت وواكبت وفرق العمل في المدارس التي عملت وسعت إلى نجاح برامج الدمج التربوي لذوي الإحتياجات الخاصة فإننا ندعو الجميع إلى السعي بجدية لإطلاق برامج للمتفوقين، وفي هذا المجال نريد لتجربة الكوثر والرحمة المستندة للبحث ومراجعة الأدبيات والتجارب العالمية نريد لهذه التجربة أن تتجذر وتتمأسس ويوضع لها برامج موثّقة وآليات واضحة للتطوير المستمر بحيث تصبح من البرامج الأساسية والمعتمدة في مؤسسات المبرات والتأكيد على مواكبةِ المؤسساتِ الرعائيةِ لإنجاح هذه التجربة بالإطلاع على كل مساراتها.. مشيرين إلى أنه من ثمار المرحلة الأولى لتجربة برامج المتفوقين كتاب "في سماء التفكير" الذي ندعو الجميع للإستفادة منه والمشاركة في إعداد الكتب اللاحقة للمتفوقين.
إن مجتمعنا يحتاج إلى مبدعين ومتفوقين علماً وخلقاً وقدرة على القيادة والتأثير وإحداث التغيير ليكونوا قادة المستقبل الذين كما يقول السيد(رض): "نرى في عيونهم عيون المستقبل الذي يشرق كما تشرق الشميس نورها الكون والحياة". وإن المساهمة في إعداد الطلبة المتفوقين لهو من الصدقات الجارية التي تضاف إلى رصيد كل العاملين في مؤسسات المبرات، آملين من كلّ القيّمين على المؤسسات خوض تجارب الإحتياجات الخاصة للصعوبات التعليمية.. والتفوّق والإبداع، وأن لا يتهيّب البعض ممن لا زالت تجربته خجولة لأن مسؤوليتنا كمؤسسات إسلامية مرحّبة أن نخوض تحدّيات التفوّق لنبقى في مسار تصاعدي مع حضور فاعل من موقع التجربة والخبرة.
ثالثاً: في السنوات الأخيرة أُضيف إلى هاجس تكافؤ الفرص عنوان جديد هو "تعلّم الفتيات أو الذكور" وقد ورد في كتاب "تطوّر المؤشرات التربوية 2002-2012" الصادر عن المركز التربوي للبحوث والإنماء أن معدل الإلتحاق الصافي للذكور في الحلقتين الأولى والثانية 93% بينما عند الفتيات 95% (سنة2009) ويزيد الفرق ليصبح في الحلقة الثالثة المعدل الصافي للفتيات 99% بينما للفتيان 78% والأخطر أن هذا المعدل يصبح في المرحلة الثانوية للذكور 34.8% وللفتيات 50% وقد ورد في المرجع ذاته أن نسب الترفيع عند الإناث هي أعلى دوماً منها لدى الذكور وذلك في جميع الصفوف ولجميع السنوات وفي جميع المحافظات.. وتسجّل الإناث نسباً أدنى في الإعادة من نسب الذكور في جميع الصفوف. كما ترتفع معدلات التسرّب عند الذكور بالنسبة لمعدلات الإناث. وقد طُرح هذا الموضوع في المؤتمر الإقليمي لليونسكو "التعليم للجميع" تحت عنوان: "قضية تعليم الفتيان" حيث وجّهت اليونسكو دعوة ملحّة نتيجة المؤشرات العالمية المتراجعة بخصوص نسبة فعالية تعليم الفتيان دعوة للإستثمار في أبحاث تربوية ميدانية وأكاديمية لدراسة أسباب هذه الظاهرة وطرق معالجتها والتعامل معها..
والسؤال إلى أي مدى هذه الظاهرة تنطبق على مدارسنا؟ لذلك لا بدّ من عقد حلقات تفكّر مبنية على معطيات موضوعية. لدينا بعض الإنطباعات المؤيدة بما نسمعه في المجالس التربوية الموسعة ولكنها تبقى إنطباعات تحتاج إلى دليل علمي.. لذلك نؤكّد على إدارات المؤسسات التعليمية والرعائية إجراء الإحصاءات والدراسات اللازمة مع التحليل والتفكّر لمواجهة هذه الظاهرة إذا تبيّن وجودها بشكل بارز، أما إذا تبيّن العكس فيمكن أن تكون تجربتنا أنموذجاً يمكن دراسة مقوّماته ومصدر فائدة للآخرين.
رابعاً: في ما يخصّ قياس أثر برنامج التطوير الإداري، سعت المبرات من خلال برنامج التطوير الإداري إلى التطور المستمر واستتبعته بدراسة قياس أثر برنامج التطوير الإداري، وبدأت التجربة الطيبة تؤتي أُكلها إن لجهة المهارات والمعارف التي اكتسبتها مجموعة كبيرة من العاملين في مؤسسات المبرات أو لجهة التقنيات والمنهجيات المتعلقة بالقياس والتقييم والأهم معايير ومحكّات التحكيم للتميّز إستناداً إلى أحدث معايير القياس العالمية في مجال التربية والرعاية والتعليم..
إن نتائج هذه الدراسة سوف يُبنى عليها برامج التطوير المستقبلية لمؤسسات المبرات مما سينعكس بشكل إيجابي على مستقبل المؤسسات.. ولن يتحقق ذلك إذا لم يتم التفاعل من الجميع وعلى كل مستويات الهرم الإداري للمؤسسات مع ما نتج عن هذه الدراسة من معرفة جديدة ومعلومات موضوعية حول أثر التطوير على المؤسسات ومدى تحقق أهدافه، وهنا ندعو الجميع ممن لم يعايشوا هذه الدراسة ومفاهيمها والنظريات والمبادئ العلمية التي تستند إليها لكي يبادروا للتطوّع في اللجان الفرعية في مؤسساتهم مشيرين إلى أن ذلك سوف يوسّع العمل ويجذّره.
خامساً: المبرات مؤسسات متأثرة ومؤثرة في مجتمعها ومحيطها.. وها نحن اليوم في لبنان والمنطقة نمرّ بمرحلة صعبة وحرجة أمنياً وسياسياً مع إنعكاساتها الإقتصادية والإجتماعية الضاغطة.. مرحلة توحي بعدم الوضوح وعدم الإستقرار.. وفي خضمّ هذه الظروف الصعبة تحاول الهيئة الإدارية للجمعية والإدارة العامة أن تقود سفينة المبرات وتحافظ عليها متماسكة آمنة وأن تبقى مؤسسات مرحّبة تحتضن مختلف أطياف المجتمع دونما تمييز بين اليتيم والفقير والميسورين مادياً.. أن تبقى مؤسسات محتضنة لكل العاملين فيها مهما تقلّبت الظروف.. وقد بادرت الجمعية إلى إعطاء نسبة من زيادة غلاء معيشة على الرواتب منذ عدة أشهر وعقدت اتفاقات مع أغلب العاملين للعام الذي نستقبل.. مؤكدين على رصد المتغيّرات وضمان استمرارية المؤسسات لتبقى حضناً للعاملين والمستفيدين من خدماتها وحفظ حقوقهم وتقديم المساعدات الإجتماعية لهم وأن لا تضطر لتقليص خدماتها أو إغلاق بعض مؤسساتها كما يحدث لمؤسسات عريقة في هذا البلد.
إن الإجراءات التي وُضعت موضع الإجراء إن على مستوى ترشيد الإنفاق أو ترشيد الإستفادة من الطاقات البشرية من خلال إنتاجية أعلى وجودة أفضل ووقت أقل.. مما يتطلب منا تنمية قدراتنا ومهاراتنا على استخدام الوقت وابتكار أساليب حديثة لسرعة أكبر مع أخطاء أقل.. والتأكيد على استخدام التكنولوجيا الحديثة والتي فيها الكثير من الأدوات والتقنيات التي تختصر إجراءات إنجاز المهام ووقتها.. واستهلاك طاقاتنا الإيجابية في كل ما ينفع الناس".
وختم فضل الله بقوله: "إن بناء عادات جديدة في ممارسة العمل لتحقيق هذه الإنتاجية ليس بالأمر السهل، إنه نوع من جهاد النفس الجهاد الأكبر بكل ما يتطلّبه من إعادة صياغة للذات على مستوى الفكر ومنظومة القيم والمبادئ التي تحكم تصرفاتنا وقراراتنا وتحدد أولوياتنا".
الأب دكاش :
ثم كانت مداخلة رئيس جامعة القديس يوسف الأب الدكتور سليم دكاش، جاء فيها "في زمن تتزايد فيه الدعوات للإنغلاق على الذات وللاصطفاف الضيّقة وفي أيام أصبحت فيها الأرواح البشرية زهيدة الثمن، يأتي عنوان مؤتمركم وكأنّه نوع من التحدّي "المبرات مؤسسات إسلامية مرحبة" إنه تحدي الذات مع واقع الذات، قبل أي أمر آخر، حيث يطرح أهل المبرات السؤوال على انفسهم: كيف نعمل اليوم وغداً ليستمر المشروع الذي انطلق منذ اثنين وثلاثين سنة مشروعاً أمنياً على مبادئه وأهدافه؟ كيف نعمل على تحقيق هذه الكلمات الأربع والأمانة لها في هذا العنوان "المبرات مؤسسات إسلامية مرحبة؟".
وتابع: "المبرات مؤسسة مبنية على الترحيب وعلى التجدّد وعلى تجديد الأطر والأصول وعلى القبول بمبدأ النقد الذاتي، لأن فكر المؤسس هو فكر تجدّدي، تجديدي وإصلاحي مستمر وكدت أقول فكر ترحيبي وقلب واسع لكل جديد يؤتى به لخدمة الإنسان، المبرات مؤسسات إسلامية مرحبة لأن سماحة السيد محمد حسين فضل الله هو صاحب فكر روحي مجدّد ومرحّب بكل ما يخدم الإنسان".
وأضاف: "في عنوان مؤتمركم أعطيتم للمبرات صفة وهي في الواقع ملازمة لها منذ نشأتها هي الصفة الإسلامية، وعدا أن الواقع اليومي والاجتماعي يفرض تلك الصفة، فإن سماحة السيد المؤسس لم تكن له حراجة في أن يؤكد تلك الهوية لا بل إنه كان يفاخر بها حيث يقول: "إننا نعرف أن هذه المؤسسة هي إسلامية وأن إسلاميتها ليست طائفية بمعنى العصبية وبمعنى العشائرية ولكنها إسلامية فكرية تعطي فكراً إسلامياً وثقافة إسلامية تجعل هذا الجيل جيلاً إسلامياً منفتحاً على الإسلام. هذا التصريح يشكّل نقلة نوعية في التفكير حيث إن منطلق العمل الرسالي ضمن المؤسسة ومن خلالها يستند لا إلى مجموعة من المبادئ أو الغايات المبهمة بل يستند إلى هوية صريحة هي هوية دينية وإلى عقيدة هي تمدّ الفرد بالقوة التي أودعها الله كل فرد ينتمي إلى الأمة يعمل بقواه البشرية البعيدة عن الله بل إنه يعمل بالقوة التي أودعها كل فرد ينتمي إلى الأمة.
ورأى دكاش أنّ: "الترحيب، بمعنى توسيع المكان ليشمل الأكثر وأيضاً الأبعد والمختلف لا بدّ أن تقوده مسيرة تنوير مؤسساتية تبني القيادات الإدارية والتربوية التي تؤمّن الاستمرارية عند المبرات". وأضاف "ما يلفت النظر هو تشبّث سماحة العلامة بأن صفة الإسلامية الملازمة للمبرات لا تعني الطائفية، ويتأسس على أن الإسلام منفتح على الآخرين، ولأن الإسلام يريد للإنسان أن يقوم بمسؤوليته في الدائرة التي يعيش فيها. فمبدأ الصفة الإسلامية هو ملازم لمبدأ الترحيب في هذا الإطار حيث إنّ خطاب جمعية المبرات لكل العاملين فيها والمنتمين إليها والمستفيدين من رعايتها وتربيتها وإن كانوا يتربّون على أن الإسلام هو خطّهم الحركي الديناميكي في الحياة ولكنه خطاب ترحيبي يدعو في الوقت عينه للانفتاح على الآخر والاعتراف بالآخر على مستوى الحوار وعلى مستوى اللقاء في مواقع اللقاء والحوار في مواقع الخلاف".
ولفت دكاش إلى "تشديد السيد فضل الله على فكرة أنّ لا مكان لتوسيع المكان والترحيب إذا لم نفهم ماهية الإلتزام بقضايا المجتمع ومنها قضايا الإسلام والمسلمين وغير المسلمين وكذلك إن لم نفرق بين الإلتزام وبين التعصب. وكذلك التفريق بين التعصّب والتنوّع". واضاف: "الإسلام كما يقول سماحة السيد يقبل التنوّع والتودّد إلا أنه يرفض التعصب. والإسلام كما يقول، يقود إلى اللقاء بالآخر وأراد للتنوّع البشري أن يكون سبيلاً للتعارف الذي يؤدّي إلى الحوار والتعاون وحتى ربما إلى الوحدة في جوانب يلتقي عليها الجميع".
الدكتور عويني :
وكانت مداخلة أخرى لعميد كلية التربية في الجامعة اللبنانية الأميركية د. أحمد عويني الذي تحدّث عن 10 مبادئ مهنية للشخصية المرحبة للمربي فاعتبر أن المربي المرحب يستوعب النظريات والأدوات وخصائص المادة التي يدرّسها وبقدرته على خلق فرص تعليمية مفيدة للطالب، يعرف كيف يتعلم ويتطور الطفل وكيف يخلق الفرص لنموه المعرفي والاجتماعي والشخصي، يفهم كيف يختلط الطلاب في أسلوبهم في التعلم، يشجع التفكير النقدي وحل المسائل ومهارات الأداء، يفهم مبدأ التحفيز الفردي والجماعي ويخلق فرصاً تربوية لتشجيع التواصل الإيجابي والتحفيز الذاتي".
ورش عمل :
يذكر أن المبرات ستنظم على هامش المؤتمر سبعة وأربعين ورشة عمل تستهدف أكثر من 2500 معلم ومعلمة في مختلف الحلقات الدراسية، وذلك على مدى ثلاثة أيام 7،8، و10 أيلول؛ وأبرز هذه الورش: دور القيادة التربوية في بناء المؤسسة المرحبة - الخيارات البديلة لذوي الصعوبات لمنع التسرب المدرسي- كيفية احتضان الإنسان في المؤسسات الإنسانية الإسلامية المرحبة- كيف نتعامل مع التنوع والاختلاف في الصف- التسرب المدرسي.. خطوات عملية لضبطه التحضير للامتحانات الرسمية نموذجاً- مرحباً.. أنا موظف مرحب - المرحبون وفن الحياة مع الآخرين - اضطرابات ما بعد الصدمة ... ودور المؤسسة المرحبة - مختلفون.... لكن .... قادرون - خطوات نحو المؤسسة المرحبة - خرافية التلميذ الكسول ... ودور المدرسة المرحبة - المهارات الإنسانية للمعلم في المدرسة الإنسانية المرحبة - الاستراتيجيات الخمس لدمج الموهو بين في الصفوف العادية - بين النقطة الحمراء والنقطة الخضراء - مدرسة مرحبة بعيون جديدة... خطوة لتطوير التعليم.