25-11-2024 01:22 PM بتوقيت القدس المحتلة

«بـراءة المسـلمـيـن» مســيء للسـيـنـما أيضـاً

«بـراءة المسـلمـيـن» مســيء للسـيـنـما أيضـاً

فعلى المستوى الفني، سقط الفيلم في فخّ الدعاية التحريضية الحاقدة، ما جعله محمَّلاً بكَمّ من الأخطاء الفادحة، تمثيلاً وحوارات ولقطات بصرية ومونتاجاً وميكساجاً. وعلى المستوى الديني، غرق في تزوير الحقائق

باختصار شديد، يُمكن وصف الفيلم الأميركي «براءة المسلمين» لسام باسيل بأنه «فيلم فتنة». إطلاق بثّه عبر «يوتيوب» تمّ، للمرّة الأولى، مطلع تموز الفائت. لكن، هناك صعوبة في معرفة سبب انتشاره الجماهيري الواسع في اليومين الفائتين. «الفيلم الفتنة» شكّل حدثاً سياسياً ودينياً لافتاً للانتباه، لأنه تحوّل إلى سبب مباشر لأحداث عنفية ودموية في ليبيا ومصر واليمن. فعلى الرغم من كونه سيئاً بالمقاييس الفنية والدرامية والجمالية كلّها، «نجح» صانعوه في تأجيج غليان شعبي كبير، في مدن شهدت انقلاباً تاريخياً، متمثّلاً بإسقاط أنظمة ديكتاتورية فاسدة.

كتب نديم جرجورة في جريدة السفير اللبنانية:

من المظاهرات التي وقعت تنديدا بالفيلم المسيء للرسول(ص)ومع أن صانعيه اعترفوا صراحة بكراهيتهم الإسلام، إلاّ أن شخصية المخرج سام باسيل أثارت جدلاً، قبل أن يُجمع صحافيون عديدون على أن اسمه الحقيقي نقولا باسيلي نقولا (55 عاماً)، المتواري عن الأنظار في كاليفورنيا. علماً أن «براءة المسلمين» يروي، على مدى ساعتين اثنتين، فصولاً من سيرة النبي محمد (صل الله عليه وأله وسلم)، ومن ولادة الإسلام وانتشاره في العالم. وفيه، يتلاعب المخرج بين زمنين اثنين: في الأول، قدّم صُوَراً عن اضطهاد الأقباط في مصر على أيدي أصوليين مسلمين ذوي لحى طويلة، وفي الثاني، يعود إلى زمن النبيّ محمد (ص)، ليؤكّد أن اضطهاداً كهذا حاصلٌ منذ تلك الفترة. أما الأخطاء التاريخية فعديدة، أبرزها أن النبي أعلن نبوّته عندما كان شاباً صغيراً، بينما الحقائق تؤكّد أنه أعلنها في عمر متقدّم نسبياً. ثم إن شخصية النبيّ نفسه قُدِّمت بشكل تهريجي نافر.


اتباع الدين الإسلام منتشرون في بقاع الأرضبعيداً عن التفاصيل المتوافرة عبر شبكة «إنترنت»، بدت المقاطع المبثوثة على «يوتيوب» مثيرة للضحك والسخرية من صانعي فيلم باهت ومُسيء للإسلام والسينما معاً. فعلى المستوى الفني، سقط الفيلم في فخّ الدعاية التحريضية الحاقدة، ما جعله محمَّلاً بكَمّ من الأخطاء الفادحة، تمثيلاً وحوارات ولقطات بصرية ومونتاجاً وميكساجاً. وعلى المستوى الديني، غرق في تزوير لحقائق، وفي تسطيح صادم لحكايات منسوجة عن الإسلام، تحوّلت في بعض الغرب العنصري إلى كليشيهات مفرّغة من أي معنى، عن دين سماوي جعله بعض المتطرّفين والأصوليين هدفاً سهلاً لمتطرّفين وأصوليين مسيحيين غربيين، ترجموا أحقادهم على الآخرين إلى نتاجات بصرية لا علاقة لها لا بالدين الإسلاميّ ولا بالعمل السينمائي.


السذاجة التمثيلية أفضت إلى ابتكار شخصيات باهتة ومسطّحة، لا تمتّ إلى الواقع التاريخي بصلة. والسذاجة الفنية جعلت الصُوَر مركّبة بطريقة مُضحكة، ولعبة الكمبيوتر فشلت في إنقاذ التصوير الغبيّ من فراغه القاتل في مقاربة الحكاية. ذلك أن الهدف الأول من صناعة «براءة المسلمين» بهذه الطريقة الفنية السيئة كامنٌ في إثارة احتجاجات وفتن لدى شعوب تمتلك حساسية كبيرة إزاء المسّ بدينها ونبيّها، تحوّلت (الاحتجاجات والفتن) إلى عمليات عنفية ودموية، تكاد تؤدّي إلى فتن حقيقية في بلدان مختلطة دينياً، كمصر تحديداً. والفيلم، إذ يُذكّر بالرسوم الكاريكاتورية الدنماركية قبل أعوام، تفوّق على ما سبقه من إثارة نعرات دينية هنا وهناك، لأنه استعان بالصورة المتحرّكة، كما جاء في كتابات صحافية فرنسية انتقدت الفيلم. بينما لم يتردّد مخرجه عن القول إن رغبته في «مساعدة إسرائيل» دافعٌ قوي لإنجاز فيلمه هذا، واصفاً الإسلام بأنه «مرض سرطانيّ».

 موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه (مع بعض التعديل)