وقال فاضل إنّ أعداء الاسلام عرفوا «أهمية استغلال الفن لتشويه الرسول والتقليل من قدره وغسل عقول مَن لا يعرفون عنه شيئاً»، مؤكداً أن الفتوى التي تمنع تجسيد الرسول والصحابة لا تستند إلى قرآن أو سنة
رغم عرض مسلسل «الحسن والحسين» قبل أعوام فقط، متناولاً حقبة مهمة من تاريخ الاسلام، تلاه مسلسل «عمر» الذي أضاء على حياة الخليفة عمر بن الخطاب ونال شهرة واسعة بعد عرضه خلال شهر رمضان الماضي، إلا أن إنتاج فيلم عن سيرة النبي (ص) ظلّ فكرة بعيدة يخشى الكل من الاقتراب منها. لكن اليوم، صارت المسألة واردة ومطلوبة وفق الأوساط الفنية بسبب فيلم «براءة المسلمين» الاستفزازي الذي لا تزال ارتداداته مستمرة في الشارعين العربي والإسلامي.
محمد عبد الرحمن من جريدة الأخبار :
منذ أيام، خرجت إلى العلن دعوات تطالب بمواجهة هذا الفيلم بعمل فني يعرض شخصية الرسول وصفاته. هكذا، دفعت الضجة التي واكبت «براءة المسلمين» للمرة الأولى أصواتاً اسلامية وليبرالية إلى تخطّي رهاب قضية تجسيد الصحابة على الشاشة. وأول هؤلاء الداعية الاسلامي فاضل سليمان الذي كان أكثر جرأة من المخرج خالد يوسف، إذ طالب منذ أيام بتجسيد شخصية الرسول (ص). فيما ناشد المخرج المثير للجدل مؤسسة الأزهر إصدار فتوى تجيز تجسيد الصحابة في الأعمال الفنية، حتى يتمكّن من إنجاز شريط «يهدف إلى الدفاع عن الرسول، رداً على الفيلم المسيء». وتابع صاحب «دكان شحاتة» أنه يريد إنتاج فيلم «يظهر صفات الرسول الكريمة» لكنّه لم يطالب بتجسيد شخصيته، بل بتجسيد الصحابة فقط كمرحلة أولى كي «يرى العالم الصورة الحقيقية للاسلام» لأنّ عدم تجسيد الصحابة يدفع صاحب العمل إلى استخدام أسلوب الراوي الذي صار طريقة قديمة وغير مؤثرة في ظل تقدم عالم الصورة واستخدام تقنيات حديثة في الفن السينمائي.
لكن الداعية فاضل سليمان كان أكثر جرأة من خالد يوسف، إذ فاجأ الرأي العام المصري عندما طالب قبل أيام عبر حسابه على تويتر بتجسيد شخصية الرسول نفسه، بعدما كان من المعارضين لمسلسل «عمر» قبل أسابيع قليلة، بل هاجمه في عدد من التصريحات، لكن ها هو يغيّر رأيه. وقال فاضل إنّ أعداء الاسلام عرفوا «أهمية استغلال الفن لتشويه الرسول والتقليل من قدره وغسل عقول مَن لا يعرفون عنه شيئاً»، مؤكداً أن الفتوى التي تمنع تجسيد الرسول والصحابة لا تستند إلى قرآن أو سنة، لكنها تأتي من باب سد الذرائع منعاً لأن يقوم أحد ممثلي الأدوار «الخليعة» بتجسيد شخصية الصحابة، وهذا الأمر لا يتقبله أحد.
وطالب سليمان بإنتاج عمل فني ضخم يرتكز على سلسلة أفلام درامية يتناول كل واحد منها حدثاً من أحداث السيرة، على أن يرتبط ممثلو النبي والشخصيات الأساسية بعقود تمنعهم من التمثيل بعدها على حد قوله. إذاً، فتحت أزمة فيلم «براءة المسلمين» الملف الشائك مجدداً، فهل نرى قريباً أعمالاً فنية تلقي الضوء على سيرة الصحابة لتقف في وجه الأفلام الاستفزازية أولها الشريط الذي أنتجه نقولا باسيل نقولا؟..
والجدير بالذكر- خارج مقال الكاتب ( الكلام لمحرر الموقع)- أن هناك محاولة في السينما الإيرانية نشأت من سنتين تقريباً تعمل على تجسيد شخص الرسول الأعظم (ص) والهدف كما يقول المخرج الإيراني مجيد مجيدي التمكن من إبراز دوره الكبير في الحضارة الإسلامية والإنسانية .. ولكن يبقى النقاش قائماً حول الأبعاد الدينية والثقافية والنفسية لمثل هذا التجسيد وهل هو يصب في خانة الدفاع عن الإسلام ورسوله (ص) فعلا وإلى اي مدى تقتضي الضروروات الفنية تجسيد شخصه الكريم، وهل جدلية حرمة تجسيد الشخصيات المقدسة في التاريخ الإسلامي ممكن أن تدخل حيز النقاش الفقهي مجدداً لحسم الأمر نهائياً؟...